قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 13 كانون2/يناير 2016 08:35

الطفل والمدينة (مقال في العقيدة، يعالج فكرة الحرية، وخاصية الخلود)

كتبه  الدكتور محمد بابا عمي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

فكرةٌ نزلت – مثل قطرة ماءٍ – على سفوح عقلي العطشَى، فغمرتها سُقيًا و ريًّا؛ و اهتزَّت لها تربة قلبي الجذب، فربَت و أنبتت ما كان مِن قبلُ عدما في عالم الملكوت؛ ليصير بعد حين حقيقة ماثلة، و جوهرا حاضرا...
أن أتجوَّل شوارع المدينة باحثًا عن "سبب كلِّ شيء"، لأربط بحبل مِن علاقة بين الأسباب و مسبباتها، فحملتُ زادي، و مشيت بعيدا... بعيدا... إلى أن وصلت...
*******
دخلتُ من الباب الشرقي للمدينة، فيمَّمت وجهي نحو حافلةٍ في محطة، و ركبتُها... ثم سألت السائق بهدوء: مَن صنع هذه القطعة المتحرِّكة من الحديد؟
فأجاب باختصار، و قال: لا أعرفه، و لكن أعرف أنَّه عالم مبدِع في الميكانيكا، و في فزياء المواد و الحركة...
ثم قصدتُ ناطحة سحابٍ تقع وسط البلد، مثل عروس ممشوقة القامة و القوام، و سألت بوابها: من صانع هذا الجبل المشذَّب من كلِّ جانب، الشامخ الفاره؟
فقال: لا أعرفه، و لكن أعرف يقينًا هو صاحب علم غزير في الهندسة، و في قوانين الفزياء...
*******
غادرت المدينة، و قد سألت أكثر من فيها، عن أكثر ما فيها: سألتُ عن الشوارع، و عن البنوك، و محلات البيع، و المصانع، و الأنفاق... و كان الجواب هو نفسه كلَّ مرة: لا أعرف، و لكن هو...
غادرت المدينة، و غبتُ عنها ألف عامٍ كاملة، ثم عدت على قدَر لأستكمل مهمَّة البحث مرَّة أخرى؛ فسألتُ عن الحافلة، و العمارة، و المصنع، و النفق... و غيرها...
*******
لم أجد الحافلة، و لا حتى ما يشبهها، كلُّ شيء قد تغير و تبدَّل، قلبًا و قالبًا، شكلا و مضمونا؛ أمَّا وظيفة الانتقال مِن مكان إلى مكان، فقد بقيت هي هي.. و أمَّا وسائل الانتقال، فلا شيء منها بقي على حاله... كما كان قبل ألف عام...
و بحثت عن العمارة، فقلتُ: لعلَّها تختلف عن الحافلة كونها لا تغادر المكان؛ إلاَّ أنني لم أجدها، لا هي و لا المكان؛ فلم أهتد إلى موضعها السابق؛ مَن يدر لعلها صارت تتحرك مثل وسائل النقل؟ فخاب ظني في الاهتداء إلى ذات الناطحة؛ لكنَّ وظيفة السكن، و إيواء الناس إلى بيوتهم، بقيت هي هي، كما عهدتـُها منذ ألف عام... لم تتبدَّل و لم تتغير...
*******
فجأةً، تذكَّرتُ أني في زيارتي الأولى، قبل ألف عام، كنتُ قد التقيت بطفلٍ يافعٍ في الخامسة من عمره، يلعب في حديقة غنَّاء مع أترابه، كأنهم الحمام حول الأيك؛ فسألته: عن اسمه، و عائلته، و أحاسيسه، و بعضِ قناعاته و دعاباته... فأجابني بذكاء فائق، و بلاغة غير معهودة...
قلت، و قد عدتُ: لعلِّي أجد هذا الطفل، و لعلَّه مثل فتية الكهف، لم يمرَّ عليه نهر الزمن، فلم يشِخ و لم يـمُت... لكنَّني، لم أجد ذات الحديقة، فقصدتُ أقرب حديقة مني، و إذا فيها ثلَّة من الأطفال يلعبون و يمرحون، يضحكون و يبكون... قلتُ في نفسي: لم يتغيَّر اللعب و لا المرح، و لا الضحك و لا البكاء...
ثم بحثت عن ذلك الطفل الذي لم تغادر صورته مخيِّلتي، رغم طول الوقت... فلم ألفِه بينهم، بلحمه و عظمه؛ لكنَّ جميع الأطفال كانوا شبها له، لا شيء تغيَّر فيهم: فلا رأس أكبر من العنق، و لا يد غيرت مكانها، و لا عينَ حوَّرت وظيفتها...
*******
ثم سافرتُ ثانية، و غبت الغيبة الطويلة... ابتعدت فيها عن جغرافية الأرض، و عن محيط بني البشر... و عدت مرَّة أخرى، بعد مليون عام، فكانت النتيجة نفسها: عالـَم الأشياء كلُّه تطوَّر، و عالـَم الإنسان صمَد على شكله، و صورته...
الجسم، و القوام، و النبرات، و الملامح هي هي... كذا الأعراض، و العواطف، و الملامح، و نوازع الحبِّ و البغض، و الخير و الشر... جميعُها هي هي... لا شيء طرأ عليها...
*******
سألت حائرا نفسي، مرَّات و مرَّات، عن الفرق بين الحافلة و العمارة و الطفل؟
ما الذي جعل الأوليَان يتغيَّران، و جعل الثالثَ يصمُد؟
هل يمكن للعقل وحده أن يفسِّر هذا الفارق بعلم يقين؟
و هل ثمة أدلة مقنعة على ذلك؟
للجواب على السؤال، اهتديتُ إلى ثلاث عبارات، جمعتها في عبارة واحدة، جاء فيها:
"
الله و الحرية لا ينفصلان...فإذا سلَّمنا بحرية الإنسان و مسؤوليته عن أفعاله، فإننا بذلك نعترف بوجود الله، إما ضمنا، أو صراحة... و الله وحده هو القادر أن يخلق مخلوقا حرًّا، فالحرية لا يمكن أن توجد إلاَّ بفعل الخلق" (سبنسر، و بيجوفيتش).
ثم، أحسست بصوت ينبعث من عالمي الجواني، و أنا أقرأ لعلي عزت قوله:
"
إنَّ الله لا ينتِج و لا يشيِّد، إنَّ الله يخلق".
*******
رحتُ أستعرض جملة من الأسئلة تكملة للفهم:
ألم تكن الحرية فارقا بين آدم عليه السلام، قبل الامتحان، و أبينا آدم عليه السلام، بعد الامتحان؟
أو لم تكن فرقا جوهريا بينه و بين الملائكة حين أسجِدوا له؟
ألم يعترضوا على ذات الحرية، التي قد تحمله على الإفساد في الأرض، و سفك الدماء؟
أليست الحرية هي الحدُّ الفاصل بين "الإلهي" و"الإنساني"؟
و هل يمكن لإنسان أن يصنع شيئا (ماكينة، عمارة، آلة...) أو أي شيء آخر، له حرية الاختيار؟
*******
حافلة مدينتنا، ليس لها الحرية في أن تسير أو تتعطَّل، و ليس لها الحرية أن تختار مَن تحمل و من لا تحمل، و لا أن تتمرَّد أو تحتج على مالكها... و العمارة، كذلك، لا حرية لها في قبول السكَّان أو رفضهم، في أن تكون هنا أو هنالك، في أن تؤدي مهمتها أو تضرب عنها...
لذلك فقط تتهالك الحافلة، و تتقادم العمارة، شكلا و مضمونا... إنها لا تحمل وجها ميمَّما شطر السماء؛ هي أرضية بكلِّ ما فيها...
أمَّا بني الإنسان (الطفلُ هنا) فهو يختار في كلِّ شيء، و قد مُنحت له الحرية:
أن يقول: نعم، أو يقول: لا.
أن يتقدم أو يتأخر،
أن يطيع أو يعصي،
أن ينشط أو يحرن،
أن ينساق أو يتمرد...
هو حرٌّ؛ و حريته نفَس ربَّاني فيه، نزل عليه من السماء (و نفخنا فيه من روحنا)... حرية الإنسان ليست مكونا أرضيا ترابيا (مثل لحمه و عظمه)... حرية الإنسان، هي فوق التراب، و أكثر من الترابي...
*******
و لذا، فما دام الله تعالى له صفة الخلود (من ذاته سبحانه)، فهو بفضلٍ منه وهب الإنسان صفحة الخلود(من غيره)... فالإنسان لا يختار أن يوجد أو لا يوجد، أن يولد أو لا يولد... و لكنه حين يوجد و يولد (أي حين يـُخلق) يكون مصيره أبديا، دائما، خالدا... ثم، قد يتمنى أن يفنى مثل باقي الحيوانات، أو مثل التراب، فلا يُسمح له بذلك (و يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا)
الفرق ظاهر في نوع الحياة التي يحياها هنالك في الشوط الثاني من وجوده: أي في مرحلة الخلود، و الحرية، و الهبة الربانية التي بدونها لا معنى للاختيار...

http://www.veecos.net/2.0/

قراءة 1830 مرات آخر تعديل على الجمعة, 15 كانون2/يناير 2016 03:27

أضف تعليق


كود امني
تحديث