علمت بإجلاء بعض المدنيين المحاصرين في الغوطة الشرقية، يتكرر المشهد، هكذا كان خروج المدنيين السوريين من حلب و الفلسطينيين من بيروت في 1982 و هروب بعض سكان سراييفو منذ بدايات الحصار الذي عرفته عاصمة البوسنة و في كل مرة نحن مفعول بنا و لا يد لنا فيما يحدث.
هكذا هو الحال و رغم ما يقال عن خيانة البعض و تنكر البقية، فلا مناص من البحث عن مخرج نهائي لكل الإنهيارات المتتالية.
لا نستطيع العيش علي أمل أن الآخر، دائما ما يملك الحل. الحل موجود و هو البقاء حيث ولدنا و كبرنا، لماذا مغادرة حلب ؟ لماذا ترك الموصل ؟ لماذا يتنازل المظلوم عوض أن يتراجع الشرير عن شره و كيف لا ندفع عن أنفسنا همجية الآخر بالإصرار علي حقوقنا ؟
كثيرين لجئوا إلي ديار الغربة، إختاروا النفي الإرادي و تناسوا أن ما هربوا منه سيتكرر مرة و مرات ما لم نتحد و ما لم نعي أن الهزيمة تبدأ بإدارة ظهورنا لم حصل.
كيف نبحث علي منافي لأناس قضيتهم في إسكات السلاح و القبول بفترة إنتقالية ينسي كل أحد مطالبه ليحقق ما هو أسمي مصلحة عموم مواطنيه المجروحين ؟
لا أعتبر الرحيل حلا و لا خيارا ظرفيا، ليس هناك اسوأ من الحكم سلبيا علي أي محاولة توافق علي حد أدني من القواسم المشتركة و ليس تصالح حتي...
التوافق إلي حين ما تتوفر فرص موضوعية للوقوف بحزم و سلميا لكل محاولات تدجيننا و إستعبادنا و ظلمنا. البحث عن التوافق بدون التنازل عن السبب الذي أخرجنا إلي الشوراع و الإعتصام إحتجاجا علي ظلم سياسيينا و فسادهم.
التوافق من أجل حقن الدماء، من أجل الحفاظ علي إنسانيتنا، من أجل أن نعمل لمصير مختلف لا تطبعه إملاءات و لا مجازر و لا زنزانات السجون و لا تعذيب الجلادين و لا معسكرات لاجئين...