كان يعلم الرئيس جون فيتزجيرالد كنيدي و قبل إعتلاءه لسدة الحكم أنه بصدد مواجهة وحش ذو رؤوس متعددة و أن أيامه معدودة و لنا دلالات عن ذلك، كتوصيته أحد اصدقاءه المقربين يوم زفافه خيرا بزوجته و الأطفال الذين سينجبونهم في حالة ما مات.
في البيت الأبيض كان علي الرئيس كنيدي أن يصمد و يقلم أظافر عدة أطراف منها المافيا الأخطبوطية، الماسونية، اللوبي العسكري الصناعي، اللوبي الإسرائيلي المتسلل إلي جميع مراكز القوة و صنع القرار في الدولة الأمريكية، النفوذ المتعاظم لمكتب التحقيقات الفيدرالي و وكالة الإستخبارات الأمريكية، لوبي العنصريين و القائمة طويلة.
كل هذا الجيش من الأعداء كان عليه لزاما أن يضع حدا لتدخلهم في صنع قراره، كان يعمل و سيف الموت مسلط علي رأسه. من الصعب جدا ان نقدر ما كان يتوجب عليه فعله، إنما لدي قناعة تقول : أنه حاول جهده أن يطهر النظام السياسي الأمريكي و يصحح الإنحرافات التي وقع فيها من جراء تأثير المال و حب السيطرة و جهده ذاك إنتهي إلي إغتياله.
اثبتت عملية إغتيال الرئيس جون كنيدي أن النظام السياسي الأمريكي ملغم من الداخل، هذا و الرئيس كنيدي كان علي علم بأنه لن ينجو بنفسه و في نفس الوقت كان مصمم علي عدم التراجع، فهو دفاعا عن المثل و المباديء فضل الموت علي التنازل او التورط.
شكلا ملفين شائكين مصدر صداع دائم للرئيس، تغلغل عصابات المافيا داخل دواليب الدولة الأمريكية و تحايل الإسرائليين في إختراق الإدارة الأمريكية و بداية تشكل اللوبي الصهيوني و السلاح النووي الإسرائيلي، كل شيء و علي خلاف ما كان يفكر فيه الجميع كان مترابط و عملية الإغتيال في ذاتها أكبر دليل علي ترابط مصالح أعداءه و التنسيق الذي كان جاري بينهم علي قدم و ساق.
كان جون كنيدي علي علم أن حياته علي كف عفريت و أن الحرب التي أعلنها علي الفساد و التدخل الخارجي الصهيوني تحديدا اخطر تحدي يواجهه إلا انه مضي فيه و إلي آخر لحظة في حياته.
في يوم ما أبدي تبرمه العميق مما كان يعانيه، فكشف علنية عن توجسه لزوجته السيدة جاكلين بوفيه كنيدي "في حالة ما مت و أنا في البيت الأبيض، أرجو منك ان تطلبي ان يجعلوا خلف تابوتي حصان أسود و علي ظهره سيف و حذاء فارس قد ترجل، قاتل و مات دفاعا عن مبادءه."
صدمت السيدة جاكلين كنيدي عندما سمعته لكن نفذت بالحرف وصيته و ما قاله تلخيص لخطه السياسي، فهو كان صاحب مباديء و أخلاق و لم يكن علي إستعداد للتنازل و هذا كلفه غاليا.
ما علمتنا إياه السياسة الوضعية أن الإستقامة الأخلاقية و السياسة خطان متوازيان لا يلتقيان و إغتيال الرئيس كنيدي أنصع دليل علي ذلك.
و هذه ترجمة لأحد أقواله الخالدة :
“A man does what he must — in spite of personal consequences, in spite of obstacles and dangers, and pressures — and that is the basis of all human morality.”
― John F. Kennedy, Profiles in Courage
علي الرجل أن يعمل ما يتوجب عليه فعله بالرغم من العواقب الشخصية، بالرغم من العوائق و المخاطر و الضغوط، لأن ذلك ذلك يمثل أسس كل الأخلاق الإنسانية.