قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 13 كانون2/يناير 2013 09:16

معرفة الآخر : العدو

كتبه  عفاف عنيبة


أقر ملتون فيروست مبدأ الصراع بين العالم العربي و الغرب المسيحي في كتابه " عاصفة من الشرق".   يفترض الصراع  وجود غريمان، هذا في مواجهة الآخر. نحن نعيش سماءا مفتوحة و عصر ثورة رقمية مذهلة. فالإعلام المرئي و المقروء حول كوكبنا إلي بيت أجنحته مفتوحة و متداخلة. لكن المفزع أننا كعرب و مسلمين لازلنا نجهل كل شيء عن العدو الرابض في الأرض المحتلة و الذي يسير العالم من  واشنطن بجهاز التحكم عن بعد؟؟؟!!!

في كتابه الإسلام و الغرب طبعة 1993  و في الفصلين الخاصين ب"الهاجس العثماني" و "جيبون  و محمد صلي الله عليه و سلم"، أكد برنارد لويس هذه الحقيقة المحزنة بقوله : "بادر الغربيين  بمعرفة عدوهم بتخصيص أموال و رحلات و رجال للتعرف عن قرب عن مكامن قوة و ضعف عدوهم الشرق الإسلامي." و أما نحن فقد كانت تحكمنا عقدة التفوق التي يعاني منها اليوم بدوره الغرب المتغطرس.

كان الإعتقاد السائد في ربوع الإمبراطورية العثمانية أن ما من شيء قادر علي زعزعة الباب العالي و أن كل ما هو وراء الحدود العثمانية هو خارج كوكب الأرض!!  و النتيجة أننا أمهلنا بما فيه الكفاية العدو لينهض بنفسه فيطلق هيمنة الكنيسة و ينفض عنه غبار التحجر و التخلف لينطلق بكامل قوته و ملىء أطماعه نحو غزو العالم. حمل الغزو في حد ذاته كما هائلا من التصورات و المفاهيم التي قلبت رأسا علي عقب كيان العالم. فأصبح هذا الغريب الأبيض مثار كراهية كل الأجناس و معها العرب و المسلمين من أقصي الشرق الي أقصي الغرب. علي خلاف الفتوحات الإسلامية التي جاءت بدين سماوي عالمي و حافظت علي كيانات الشعوب عارضة عليهم الإسلام، الجزية أو الحرب و تميز سلوك الفاتحين بمستوي راق من التحضر و التسامح و الإنسانية. إختلف الغربيين في تعاطيهم مع الشعوب فكانت حركة الرق التي حولت ملايين من الناس إلي عبيد و سخرت شعوب المستعمرات إلي يد عاملة رخيصة ينظر لها بإحتقار و إزدراء. فأمثال مونتسكيو الذي كتب ما يلي في مؤلفه " روح القوانين": ( إن شعوب أروبا بعد ما أبادت سكان أمريكا الأصليين و هم الهنود الحمر، لم تري بدا من إستعباد شعوب إفريقيا لكي تستخدمها في إستغلال هذه الأقطار الشاسعة، فإن هذه الشعوب سود البشرة من أقدامهم الي رؤوسهم، و لا يمكن أن يتصور أحد أن الله   - ذو الحكمة البالغة -  قد خلق  روحا، و علي الأخص روحا طيبا في أجسام حالكة السواد!! ) هكذا نظر لنا كبار مفكري أوربا التنوير! و نحن في المقابل لم نكن نراهم إلا بصفتهم أهل كتاب مشركون برابرة، فأي محاولة في التعرف علي العدو، كنا نراها مهينة.

 و قد ذهب العثمانيون بعيدا في مقاطعتهم للغرب، فكانوا لا يسمحون للعثمانيين من المسلمين أن يتعاملوا  التعامل المباشر مع الأروبيين ! يسمح للأروبي بزيارة عاصمة الخلافة العثمانية  و الإمبراطورية برمتها غير أنه يمنع أبناء الإمبراطورية من تخطي حدود بلادهم لسبب بسيط في عرف العثمانيين، لا يختلط المسلم بمن هو أقل منه شأنا  و البيئة المشركة لا تصلح بالموحد المؤمن ! و المفارقة أنه كان مسموحا  للعثمانيين من الذميين بالخروج من الدولة العثمانية و زيارة دار الكفر و التعامل مع أهلها.

 هونت هذه النظرة الإستعلائية  من تقدم و تطور الغرب المسيحي و بتوالي هزائم الإمبراطورية العثمانية بداية بمعركة " ليبانت" الثانية البحرية في 7 أكتوبر 1571م  و التي إنهزم فيها الباب العالي و هذا بالرغم من العدد الكبير لجنوده أمام قوي مسيحية متحالفة هي البابوية، فرسان مالطا، النمسا و إسبانيا و جمهورية البندقية، جاءت الإستفاقة المتأخرة للعثمانيين و التي لم تمنحهم فرصة تدارك الأوضاع. فالسفارات الغربية  في إستطنول كانت تعمل كمقدمة جيوش أروبا في أرض معادية و عندما وضع نابليون أقدامه في مصر في جويلية 1798 بأمر من أعلي سلطة في بلاده  كان قد سبقه الي مصر عدد كبير من علماء و مغامري فرنسا الإمبراطورية أمثال عالم الآثار جان فرانسوا شامبوليون.

فالحملة الفرنسية علي مصر لم تكن إرتجالية  بل جاءت كرد علي توغل الإنجليز في قلب العالم العربي الإسلامي و كمحاولة إضعاف الإمبراطورية العثمانية و كرغبة فرنسية جامحة في  أن يكون لها موطأ قدم في أهم جزء من الشرق الإسلامي : مصر. غير أن الوجود الفرنسي القصير الذي إنتهي  بإنسحاب آخر الجنود الفرنسيين في سبتمبر 1801 أحدث زلزالا في أوساط الوجهاء و القادة و رجال الدين المصريين. بحيث برزت للعيان حاجة المسلمين إلي التعرف علي هذا الغرب المتقدم و منذ ذلك التاريخ تمخض هذا الإهتمام عن إنتظام رحلات دراسية إلي الدول الأروبية و علي رأسها فرنسا و بريطانيا. لكن هذا الإهتمام من الشرق الإسلامي بالغرب و حضارته إتخذ مظهرا و محتوي خاطئيين. لم يكن مطلوبا من الوافدين المسلمين إلي الغرب الأخذ بالمرجعية العلمانية للحضارة المادية و المتعارضة مع شريعتنا. نأخذ عنهم إعتمادهم الطرق الرياضية في الإكتشاف لكن غير مسموح لنا أن ننسخ تجربتهم في التخلي عن الأخلاق الدينية مثلا أو تبني العلمانية كنظام حكم.

ثم كنا و لازلنا مطالبين بمعرفة العدو الصهيوني بشقيه اليهودي و المسيحي و هذا بغية تحقيق أهدافنا في تحرير أرض فلسطين المحتلة. معرفة هؤلاء الصهاينة عن قرب مهمتنا الرئيسية في ظرف زمني نحن منهزمين علي مستوي الجيوش النظامية و أما علي مستوي المقاومة الشعبية في لبنان و فلسطين و العراق و أفغانستان فنحن منتصرين. أذكر بالمناسبة محاولة متواضعة قمت بها من سبعة سنوات في ولاية ميسوري الأمريكية عندما إستجبت لدعوة عشاء لزوجين يهوديان أمريكيان  مع أعضاء وفد عربي في إطار برنامج حوار ديانات.  توجهنا إلي بيتهما في ليلة باردة  و قد عبرنا نصف مدينة كنساس سيتي و علي طول الطريق أمضيت الوقت في  تأمل  البيوت المتلألئة بأنوار كريسماس. كوني أنفقت جزأ من عمري في محاربة الصهيونية، فقد كنت أعلم مسبقا أننا سنقابل يهوديان صهيونيان،  فالأمريكيون اليهود فئة صغيرة منهم غير متصهينة  و طبعا ما دام برنامج حوار الديانات مسطر من طرف مؤسسة ميرديان و وزارة الخاريجية الأمريكية فحتما  سنقابل صهاينة!!                                                                                                             

 يقطن الزوجان حيا راقيا  و هذا طبيعي بالنظر لعملهما، فالزوج طبيب  و الزوجة  أستاذة و ناشطة كبيرة في الأعمال الخيرية و التربوية و الحوار مع الثقافات و الديانات الأخري!!! هكذا هم الصهاينة أناس عاديون ممتلئين بشعور التفوق و مؤمنين أشد الإيمان بالصهيونية و تواقون للمعرفة و إحتلال المناصب الحساسة في دولة أمريكية تعطي الأولوية للأذكياء و الأثرياء الغير المتخلقين!                                                                                                          

عند وصولنا إلي البيت الأنيق و عند دق جرس البيت، إنفتح الباب أمامنا و تفاجئنا بالزوجين صحبة أبناءهما الثلاث علي عتبة بيتهم يستقبلوننا بترحاب. و قد إعتذرت لنا كارين.ش الزوجة عن عدم حضور إبنها البكر :"لأنه يلعب حاليا مقابلة باسكيت بول مع أقرانه في المدرسة لكنه وعدني حالما ينتهي من المقابلة أنه سيأتي و يحييكم." إستغربت الأمر حقا ! ما هذا الإستقبال و الأدب الجم  مع وفد عربي ثلاثة أعضاء منه  يمثلون دولا عربية لا تقيم علاقات ديبلوماسية مع الكيان الغاصب إسرائيل أم هي محاولة ذكية منهما في كسب قلوبنا و عقولنا ؟ فهذه هي إستراتيجيتهم المعهودة.

أما أنا  فبمجرد ما تجاوزت عتبة ذلك البيت في كنساس سيتي إنشغلت بأمر مهم جدا : رصد كل ما يتميز به بيت أمريكيين يهود صهاينة. فلاحظت الرموز الدينية المنتشرة هنا و هناك  و علي الجدران . هذا شمعدان، هذه نجمة داوود متدلية في شكل مصباح، هذه صورة من حائط المبكي في القدس الشريف و هذه لوحة لما يسمونه بهيكل سليمان. و قدر الله لنا أن نزورهم يوم الشابات أي يوم السبت فحرصا الزوجين علي تعريفنا بعادات الشابات لديهم. فأبديت إهتماما كبيرا بمعرفة مراسم الشابات و عندما قال لي الزوج دافيد.ش بأنه يحرص علي ذكر دعاء ربة البيت لشكرها رغم رفض زوجته لذلك. إنتبهت الي  أننا نحن المسلمين نادرا ما يتذكر الأزواج كد و جد الزوجات فلا يدعو لهن بالصحة و الجزاء الأوفر عند الله. أليس هذا سبب من أسباب هزيمتنا أمام هؤلاء الصهاينة اليهود ؟ ثم أثار إنتباهي تصحيح الإبن شون لصلاة نطقها أباه دافيد.ش بالعبرية، فإنتبهت لعامل التنشئة الذي يخلف لنا جيل صغير يهودي  مسكون بهاجس صهيونيته ! بعدما جلسنا إلي طاولة العشاء و تناولنا قدر كبير من الأكل نظرت إلينا كارين،  فأبتسمت في وجهي و هي تسأل:

- هل أستطيع أنا و زوجي أن نسألكم سؤالا سيبدو لكم مزعجا ؟                                                                         

نظرت إلي أعضاء الوفد، ثم قلت لها مرحبة :

- طبعا نحن مستعدين للرد حتي و لو كان السؤال مزعجا كما تقولين.                                                                                                       

- لماذا لا تعترفون بحق اليهود الإسرائيليين في بناء دولة لهم في إسرائيل؟         

فأستأذنت أنا و أخ  عربي من بقية أعضاء الوفد  لنتولي الرد، فأذنوا لنا بذلك، فبادرت بأخذ الكلمة :

- شخصيا أتعاطف مع اليهود ممن كانوا ضحايا النازية، فما جري لكم فظيع و لا يقبله عاقل لكن هذا ليس مبررا لكم لإحتلال أرض فلسطين و طرد و ذبح شعبها الفلسطيني؟ أجبتها بإبتسامة خافتة.         


سكتت كارين و أكتفت بالنظر الي زوجها الذي تولي أخذ الكلمة منها قائلا:
           

- لم يكن لدينا خيار، كان لا بد أن نفعل ذلك ثم إن الأمريكيين أبادوا القبائل الهندية ليستوطنوا أرض أمريكا. لما لا تحتجون عليهم؟                     

- لا نحتج عليهم لسبب بسيط  جدا، أنتم اليهود أبناء الإضطهاد النازي في أروبا من تحتلوا أرضنا في فلسطين. لهذا لا نعترف بإسرائيل ! أجبته و قد إكتست ملامحي ملامح الجد.                                                                            

 و تلا ردي دفاع أخي العربي  عن حق إخواننا الفلسطينيين و قد أبلي البلاء الحسن في ذلك. غير أن الجو تكهرب قليلا، فتدخلت زميلتي العربية و التي تقيم بلادها علاقات ديبولماسية مع الكيان العدو لتطلب منا الكف عن الخوض في هذا الموضوع .

فلم يشأ الزوجين اليهوديان أن يخلا بآداب الضيافة و أعتبرا الموضوع منتهيا. إلا أنني بقيت أراقبهما و أتابع سلوكهما هما و أبناءهم لأتأكد في قرارة نفسي من أنهما شعرا بنوع من الإحباط أمام تمسكنا بأرض فلسطين و عدم إعترافنا بحق إسرائيل في الوجود غير أن ما أدهشني أنهما أخفيا بذكاء ذلك و أصرا علي أن نأخذ صورة جماعية معهم. و عند إنتهاء زيارتنا لهم و خروجنا من بيتهم الأنيق و قد صفعتنا رياح باردة تنذر بقرب سقوط ثلوج الشتاء إضطررت للإقرار بكل مرارة : أن إحباط هذين الزوجين عابر، فالصهاينة هم قوم يثبتون بشكل عجيب علي باطلهم!!! المصيبة فينا نحن : لم يثبت فلسطينيو أوسلو علي الحق و أما العرب فهم الآن معسكران معسكر عربي صهيوني و معسكر لم يحسم أمره بعد فلا هو مع الحق الناصع و المتمثل في إسترجاع كل أرض فلسطين و بقوة السلاح و لا هو مع الحل الإستسلامي الذي تمثله إتفاقيات اوسلو و خارطة الطريق، حقا نحن في مأزق!! إلا أنني غادرت بيت كارين و دافيد. ش في تلك الليلة مع الوفد العربي برضي نسبي فقد إزددت معرفة بالعدو الأبدي اليهودية الصهيونية .

قراءة 2393 مرات آخر تعديل على الإثنين, 12 تشرين2/نوفمبر 2018 15:04

أضف تعليق


كود امني
تحديث