إن الدليل الآخر علي ضرورة إقامة الحكومة هو كيفية القوانين الإسلامية-أحكام الشرع-التي شرعت من أجل تكوين الدولة و إدارة المجتمع سياسيا و إقتصاديا و ثقافيا، فأحكام الشرع تحوي قوانين و مقررات تشكل نظاما إجتماعيا كاملا. و إذا دققنا النظر فيها وجدنا أن تنفيذها يستلزم إقامة الحكومة، و لا يمكن تأدية و إجراء الأحكام الإلهية دون تأسيس جهاز عظيم و واسع لإجراءها.
-مأخوذ من كتاب منهجية الثورة الإسلامية مقتطفات من افكار و آراء الإمام الخميني رحمه الله-
مؤسسة تنظيم و نشر تراث الإمام الخميني الشؤون الدولية الطبعة الأولي لعام 1996
أولا و قبل كل شيء تأسست الدولة الإسلامية بعد إستفتاء الشعب الإيراني : نعم أم لا تريد قيام دولة تعمل بشرع الله ؟
كان رد الشعب الإيراني بنعم بالأغلبية.
هنا في هذه العجالة إستعراض تجربة دولة إيران في تحكيم شرع الله و القانون في زمن التحولات و تدافع المناهج و الطروحات السياسية الإقتصادية.
بعد إستفتاء الشعب الإيراني أسس الإمام الخميني بمعية آلاف من كوادر إيران الدينية و السياسية و العلمية الجمهورية الإسلامية.
إستغرق العمل الأولي في نظري حوالي 30 سنة، فالفترة الإنتقالية عرفت إضطرابات كثيرة و الدور التدميري للقوي الرافضة للخيار السيادي للشعب الإيراني....
لننزع من رأسنا أن الإمام الخميني جاء من المنفي مباشرة إلي إيران ليقيم دولة شر فعوض إستبداد الشاهنشاهية و فسادها بمنظومة حكم شريرة أخري.
وحده من عاش في إيران في بدايات الثورة و رجوع الإمام الخميني من المنفي و إجراء الإستفتاء و ما تبعه من عملية مخاض عسيرة و مؤامرات الخارج لإجهاض تجرية فريدة ولدت في أرض فارس العريقة من يحق له الحكم...
كانت فترة خوف و توجس و عمل حثيث و تضحيات عظام و خلافات بين شركاء الثورة و صراع المصالح في الداخل و الخارج.
لكن في النهاية قامت هذه الدولة هذا الجهاز العظيم الذي كان يطمح إليه الإمام الخميني....
طبعا الحكم بالسلب أو الإيجاب علي أداء الدولة و مؤساستها منذ إنتصار الثورة الإسلامية في إيران ليس مكانه هنا إنما ما أردت إيصاله للقاريء الكريم أن تجربة إيران إجتهاد إنساني أراد للإسلام دور أكبر مما كان منذ عصر الإنحطاط و هذه التجربة بشهادة الأعداء تجربة فذة غير قابلة للنسخ أي غير قابلة للتصدير و لها خصوصيتها التي توافق المكانة الجيوإستراتيجية لإيران في منطقة حساسة من العالم العربي الإسلامي...