من أيام، أول خبر طالعني في صبيحة مشمسة باردة، عملية قتل في مدرسة أمريكية بولاية ميشغان، الحصيلة أربعة قتلي و 8 جرحي. يطاردنا الموت بإصرار و لا أمل في الأفق في قضية حظر السلاح الفردي في أمريكا تنظم ندوة الديمقراطية العالمية ! في خبر آخر ينتاب الرعب سكان أحياء خليج سان فرنسيسكو، فالأبرياء يسقطون قتلي في تناحر عصابات المخدرات و الأسلحة فيما بينهم، اين القانون و الأمن و القضاء من كل هذا ؟
إذا ما تركنا جانبا وباء كورونا كوفيد-19، سنفزع أمام أرقام و بيانات تؤكد المنحي العام في مجتمعات و يا للعجب متحضرة : نسبة الإجرام في تنامي و معها عدد الضحايا و الشعور بالخوف يصاحبنا داخل و خارج البيوت.
هل كل ما نحسنه الإنتظار و الترقب و الوضع علي ما هو في تدهور مستمر ؟
بقيت شاردة و أنا أستعرض الجرائم التي تمتلأ بهم صفحات الصحف و نشرات الأخبار، كل هذا العنف و الإجرام له مسبباته، و الحلول المقترحة إلي حد الساعة لم تكن بالنجاعة الكافية. فأطفال اليوم يولدون و العنف ديدنهم، فكيف نبطل مفعول الحقد و الشر لنمكن الجميع من العيش في أمن و سلام ؟
كأننا امام مهمة مستحيلة، في حدود علمي ليس هناك مستحيل في قاموس الإنسان. كيف تنهار المنظومة القيمية في مجتمعات نعرفها متحضرة و متقدمة ؟
السبب معلوم : حينما يختلط الحابل بالنابل و ينتشر الإستهتار بالقيم الروحية و يسلع الفرد، كل شيء يصبح مباح بما فيه إزهاق الأرواح من دون طائل. في بعض الدول غياب أفق واعد لأفراده يدفع بالفئة الشابة بالإنخراط في أعمال إرهابية و في دول التخمة يتحول الإجرام إلي هواية و عمل. أي كانت المعايير الأخلاقية هنا أو هناك، نحن امام معضلة عويصة و لا مناص من حلها.
فإما الحسم بتفعيل عقوبة الإعدام و الدراسة الرصينة لأحوال المجتمع و تقديم أجوبة نافعة و إما الفوضي و الزوال. كيف نعمل علي التحكم في وباء فيروسي و نفشل في تثبيت و تفعيل قيم التسامح و الحلم و ردع الأشرار ؟
أعد أهم إختبار لمصداقية الحكومات و النخب و المجتمعات المدنية نسبة الفاعلية في تخفيض الإحتقان و التصادم و العمل علي إرساء معالم مجتمع إنساني رحيم متراحم، هذا هو الإختبار الأهم في رأي.