قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 24 أيلول/سبتمبر 2014 20:40

المشروع الإسلامي في سورة الحشر

كتبه  الأستاذ عبد العزيز كحيل
قيم الموضوع
(0 أصوات)

بدأت السورة بنهاية المشروع الصهيوني و لم تذكر بالاسم لا اليهود و لا بني إسرائيل رغم أنهم أبطال السوء للواقعة لكنها نسبت الغدر و الخيانة إلى '' الذين كفروا من أهل الكتاب '' ، كأن انحرافهم العقدي جعلهم يخونون المرجع السماوي الذين ينتسبون إليه ، و هي إذاً ليست قضية عرقية إثنية لكنها مسألة إفشال مخطط عدواني يستهدف الدين الإسلامي و أهله و رسالته، و ابتداء سورة الحشر بوقائع غزوة بني قريظة فيه إيماء بضرورة التصدي للمشروع الصهيوني في كل زمان كما أن فيه لطيفة تفتح كوّة أمل و تفاؤل لأهل الإيمان هي تولّي الله تعالى لقضيتهم مباشرة ليس عبر المعية فحسب و إنما عبر الحضور الإلهي في المعركة، فقد نسب سبحانه و تعالى الفعل للصّفّ المسلم '' ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله '' ، و نسب لذاته العليّة الفعل و النتيجة :

-'' هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأوّل الحشر ''

-'' فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا و قذف في قلوبهم الرعب ''.

فإذا هزم المشروعُ الإسلامي المشروع الصهيوني برزت خصائصه و مقوماته: *أوّلا :العدالة الاجتماعية : هي أوّل بند في المشروع الحياتي التحرّري، تطمئن الناس على أرزاقهم عبر شبكة اجتماعية تسودها المساواة كممارسة سياسية تتجاوز الشعار إلى التطبيق المؤسسي : '' ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله و للرسول و لذي القربى و اليتامى و المساكين و ابن السبيل ''

و هذا ردٌّ واضح على الطرح العلماني المستوحَى من القراءة الكنسية للإسلام و الذي يسحب المسائل الحياتية من الاهتمام الديني، و قد جيَّشت الدولة الإسلامية الراشدة الجيوش لمحاربة الممتنعين عن دفع الزكاة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم في سابقة تاريخية فريدة تحمل فيها الدولة السلاح من أجل استيفاء حقوق الطبقات المحرومة من الأثرياء المحتكرين للمال.

*ثانيا : التداول الحضاري : أسّس قول الله تعالى '' لكي لا يكون دُولة بين الأغنياء منكم '' , قاعدة اقتصادية تضمن التوازن الاجتماعي هي تداول المال بين أطراف متعددة في المجتمع ضمن دورات الانتاج و التوزيع و الاستهلاك و الادخار ، حتى لا يبقى حكرا على طبقة مترفة قليلة العدد تتصرف في شبكة التداول المالي و تكتسب النفوذ السياسي و الاجتماعي ، و في هذا إشارة جلية إلى التداول على السلطة، فالاحتكار هنا باسم الحق الإلهي أو السلطة أو الثورة أو نحوها شرّ على المجتمع تماما كالاحتكار هناك بذريعة الملكية الخاصة.

*ثالثا : الإحسان بعد العدل : تحقيق العدل مطلب عظيم هو من أركان الإسلام المدنية إلى جانب الحرية و الشورى لكنه ليس المقصد الأسمى إذ تعلوه الأخلاق الإيمانية الكريمة التي لا تكفلها دساتير و لا قوانين و لا تشريعات و إنما تلتزم بها القلوب المفعمة بالإيمان والنفوس التي زكتها تربية السماء : '' و يؤثرون على أنفسهم و لو كان بهم خصاصة '' .

ففي أزمنة الضائقة الاقتصادية قد يعجز العدل عن مواجهة حاجات الناس المتعدّدة و الملحّة فيكمن الحلّ في الإيثار و تواري الذات خلف الاستجابة لمطالب المحرومين ، و قد حدثت في تلك الربوع العربية معجزة اجتماعية فريدة تستعصي على الدراسات الانسانية في هذا الزمن المادي لأنها من صنع العقيدة الحيّة و الأخلاق الإيمانية، و هي التي نقلت يثرب إلى مصافّ المدينة حيث المدنيّة الحقّة و الحضارة المتكاملة و الرقيّ الانساني في ظلّ دين قيّم ، هو وحده الدين القادر على استنساخ تلك التجربة مرّة أخرى كلّما أتيح للمشروع الاسلامي أن يُثبت وجوده في دنيا الناس.

* رابعًا : التواصل الجيلي : يؤسّس الاسلام لأفكار و مشاعر و مجتمعات لا انقطاع في خطّ سيرها ، يعيش الناس حاضرا يقيمونه بجهودهم المتضافرة مهتدين بالماضي و دروسه و تجاربه الإيجابية و السلبية و ما فيه من نجاحات و إخفاقات مع تفكير مستقبلي يخصّص مساحة كبيرة للأجيال القادمة و حاجاتها الاقتصادية و الاجتماعية ليحدث تواصل عاطفي تنسج خيوطه الأخوّة الإيمانية : " و الذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان و لا تجعل في قلوبنا غلاّ للذين آمنوا ، ربنا إنك رؤوف رحيم " ، و لن تحتفظ الأجيال اللاحقة بذكر حسن لسلفها إلاّ إذا اقتصد هؤلاء في الإنفاق و تركوا لمن بعدهم موارد تكفل لهم العيش الكريم، و هذا ما جعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه يُحجم عن توزيع الأراضي الزراعية المفتوحة في العراق على أبناء جيله كما كان متوقّعا لأنّ ذلك كان يعني حرمان مَن بعدهم من أوّل مصدر اقتصادي إذا استأثر به الجيل الحاضر وحده.

*خامسا: عود على بدء : و تعود السورة قبل نهايتها إلى اليهود و تسلّط الضوء على علاقتهم بالمنافقين الذين يمثّلون في كلّ زمان ما يسمّى " الطابور الخامس " أي تلك الفئة من المواطنين الذين يرتمون في أحضان الأعداء الخارجيّين و يقومون من أجلهم بأعمال تخريبية في الداخل أكثرها نفسي كبثّ الإشاعات المغرضة و التضليل الإعلامي و تعبئة الجماهير ضدّ قضاياها و مصالحا بطرق خبيثة و الانتصار للخصوم، كلّ ذلك من أجل المآرب المادية و لرفض قيم المجتمع افتتانا بالثقافة الوافدة ، و هي ظاهرة متجدّدة نكاد نلمسها بأيدينا كلّما تقدّم المشروع الاسلامي في طريق الانجازات الكبيرة ، و كما كان المنافقون عيونا و أسماعا لليهود في المدينة المنوّرة فهم بنفس الشكل اليوم ، يتواعدون معهم سرّا و علانية لاجتماع مصالحهم حول رفض الاسلام و وحدة الأمة و خيار المقاومة و الجهاد ، لكن ليس لهذا التحالف الشيطاني سوى وجود ظرفي تصيبه الهزيمة كلما أحيت الأمة عزماتها و التفّت بقوّة حول مشروعها التحرّري و الحضاري، و لا تكاد العين تخطيء التواجد اليهودي العلماني خلف مؤامرات إجهاض جهود الإحياء الإسلامي منذ مدّة طويلة ، لكن هل لهذا المحور الشرّير من القوّة ما يدّعيه أو يوهم به؟ تصوّر سورة الحشر الحقيقة على نحو بيّن : "ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من اهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرُجنّ معكم و لا نطيع فيكم أحدا أبدا و إن قوتلتم لننصرنّكم و الله يشهد إنهم لكاذبون ، لئن أخرجوا لا يخرجون معهم و لئن قوتلوا لا ينصرونهم و لئن نصروهم ليُوَلنّ الأدبار ثم لا ينصرون " ،

كأنّ الآيات الكريمة تصوّر واقعنا العربي الحالي و ما يميّزه من تحالف بين العرب المتصهينين و اليهود المعتدين و أوجه التناصح و التناصر بين الطرفين لتصفية قضايا الأمة الحرجة ، و لعلّ الفرق الوحيد بين الأحداث الراهنة و وقائع غزوة بني قريظة يكمن في التعاون العلني بين الطرفين و عدم تحرّج " محور الاعتدال " العربي من إعلان تأييده للعدوان الصهيوني على الاسلام و القضية الفلسطينية بذريعة محاربة الارهاب ، بل و يزايد على اليهود في تحميل الاسلاميّين مسؤولية شرور المنطقة و العمل على استئصالهم ، و النفاق من أخطر معاول الهدم التي تنخر في جسد أيّة أمّة قوية ، فكيف إذا كانت تعيش حالات الضعف و العجز و كان بيد الطابور الخامس الجيش و الإعلام و المال و التأييد الدولي ؟ لكن هل هي نهاية الأمة إذًا و مشروعها و دورها ؟

تضع الآيات اليد على الحقيقة المحورية حين تشير إلى انّ القضية نفسية قبل كلّ شيء ، و ليست العبرة بما يتراءى من قوّة هائلة و استعداد جبّار في صفّ العدوّ ، فوراء ذلك خوف متجذّر في النفوس من الاسلام و المسلمين حين يأخذون بأسباب المنعة و الوجود الفعلي و يتجاوزون تهيّبهم و عوائقهم الوجدانية : " لأنتم أشدّ رهبة في صدورهم من الله ، ذلك بأنهم قوم لا يفقهون ، لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصّنة أو من وراء جدر ، بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميع و قلوبهم شتّى، ذلك بأنهم قوم لا يعقلون " ، اعتمد اليهود في الماضي على تحصّنهم و إشرافهم على المعارك من بعيد ، و هم يفعلون ذلك اليوم ، و خشيتهم من المنازلة الميدانية لم تتغيّر ، ثمّ هم يحملون في طيات تواجدهم غير الشرعي في فلسطين عوامل التفرّق و التقاطع بناء على أصولهم الإثنية ، و كان من الممكن الولوج من هذه الثغرة لتشتيت جمعهم من خلال عمل إعلامي سياسي ممنهج لو كان لقضايانا من يحمل همَّها و يتفانى في خدمتها من حكّام و مثقفين و صحفيّين ، فإذا تحوّل كثير من هؤلاء إلى خدَمَة للمشروع الصهيوني و ناصبوا المشروع الاسلامي العداء السافر المستحكم كانت المعادلة عرضة لخلل عضوي قاتل يصيب الأمة في عوامل حياتها و بقائها ، و مع ذلك يمكن للشعوب الاعتماد على القلّة النزيهة من نُخَبها لاستثمار الوهن النفسي عند الأعداء لقلب المعادلة وتحقيق الأهداف المبتغاة ، مع العلم أن الوهن قد انتقل في المدّة الأخيرة إلى الصفّ العربي الاسلامي فأنتج المهرولين و المطبّعين ودعاة استئصال " الارهاب " أي المشروع الاسلامي الذي يطلقون عليه " الاسلام السياسي " و هم يقصدون الدين الاسلامي ذاته ، و هذا شأن المنافقين دائما : " و إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا و إذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنّا معكم إنما نحن مستهزئون " .

و قد تغلّب الرعيل الأوّل على أعداء الخارج و فضح أعداء الداخل و قضى على تأثيرهم ، و هذا الذي سيحدث على أيدي المؤمنين المستمسكين بحقّهم و مشروعهم الواثقين في وعد ربّهم.

* سادسا : مرجعية و ربانية : يقيم الاسلام التوازن الايجابي بين الربانية و الإنسانية لإقامة مشروع حضاري يمتزج فيه الدنيوي بالأخروي و المادي بالروحي و السياسي بالأخلاقي ، لذلك اختتمت السورة بلفت الانتباه إلى مرجعية القرآن الكريم ، دستور الدنيا و الآخرة و المادة و الروح و السياسة و الأخلاق ، هو موجِّه الانسان و الأمة لكلّ خير عاجل و آجل ، و منزله سبحانه و تعالى هو المتفرّد بصفات الجمال و الجلال و الكمال التي حوى منها آخر السورة ما لم يجتمع في غيرها ، أسماءٌ حسنى و صفاتٌ عليا تصحب الانسان في محراب الصلاة و ساحات النشاط الانساني للدعوة إلى الله و إقامة العدل في أرضه و تسيير شؤون خلقه بموازين القسط ، و القرآن مرجع شامل متكامل للحياة بجميع شُعبها و مجالاتها تنتفع منه كلُّ مقاربة واعية تُحسن التفكير و التنزيل المبصر ، و الله تعالى له الخلق و الأمر في البدء و النهاية ، يُجري مشيئته وفق سنن ثابتة و نواميس ماضية ، يكون حملة المشروع الاسلامي أقرب إلى التوفيق و الإنجاز كلّما وعوها و فقهوها في خضمّ المعترك السياسي والمجتمعي و الحضاري و احتكموا إليها بمزيج من العواطف الايمانية الدافقة و النظر العقلي الصارم ، بها ينتصرون لا محالة على كلّ معتدٍ أثيم و تكون لهم الغلبة ويتمّ لهم التمكين.

http://www.odabasham.net/show.php?sid=78011

قراءة 1802 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 07 تموز/يوليو 2015 21:28
المزيد في هذه الفئة : « العمر الشريف حجة الوداع »

أضف تعليق


كود امني
تحديث