كعادته المألوفة، يقوم اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، بدعوة العديد من علماء الأمة الإسلامية للمشاركة في مؤتمراته و نشاطاته المتعلقة بمسلمي فرنسا، و هو ما يساعد المسلمين المغتربين أو المسلمين الجدد، على تنمية معارفهم و مدركاتهم الفقهية و السلوكية، و هو أيضاً ما يمد جسور التواصل المثمر بين أبناء الأمة الواحدة، و قد فرّقتهم ظروف الحياة في كل أصقاع الأرض، فكان منهم الدعاة الذين أقاموا أنفسهم حراساً على العقيدة و الفضيلة، في بلاد لا يجد الإسلام فيها على [المستوى الرسمي] ترحيباً و لا تسهيلاً، و هؤلاء يجدون في إخوانهم العلماء الضيوف سنداً و دعماً علمياً و دعوياً، و فيها المسلمون الذين شغلتهم صعوبات العمل و شقاء الكد وراء لقمة العيش، عن مراجعتهم لأنفسهم، و بناء الشخصية الإسلامية لديهم، و هؤلاء يجدون في مثل هذه اللقاءات الطيبة مع العلماء، الذين طالما أناروا المنتديات الفقهية و الشرعية، بحسن فهمهم و رحابة إدراكهم، يجدون في لقاءهم فرصة المعرفة و السؤال و الاستفتاء، و التصحيح للكثير من المفاهيم و السلوكيات، و الإجابة على كثير من الإشكاليات، التي تطرأ لهم في كل مطلع يوم جديد.
و هناك النساء المسلمات المغتربات منهن و المعتنقات حديثاً للإسلام، كلّهن بحاجة للتواصل الدائم مع المسلمين في البلد الذي يحيون فيه، من أجل الشعور بالألفة و الأخوة، و القضاء على مخاوف الغربة الثقافية و الفكرية، وسط بحر من المتاهات المنحرفة، في بلدان طواها ظلام الانحلال و أوهن أخلاقها، و أضاعها ركب المادية، و العولمة النفعية، و حول إنسانها إلى آلة عجماء تدور و تدور في فلك المال و السلعة و الشهوات، و هنا تبرز أهمية تلك المؤتمرات الفكرية الإسلامية، لأولئك النسوة المسلمات، و هن يجاهدن رياح ساركوزي السامة، و علمانية و فرانكفونية بلده القاسية، و افتئاته و زمرته الكذب، و التهم الجزاف على شرع طالما اعتبر و سيظل موئلاً لكل طالب للعدل و الرحمة، و السعادة و الإبداع.
و هكذا تنطلق فعاليات هذه المؤتمرات الشرعية لتنير لمغتربي الأمة مسلكهم، و توضح لهم منهجهم، و تبين لهم سعة شرعهم، و رحابة العدالة الربانية فيه، و تعينهم على الاندماج و التعايش في مجتمعاتهم، دون ذوبان فيها و لا إخفاء لحقيقة تشريعهم السامي، و دون أدنى حرج مما قضى الله و رسوله لهم في دينهم، بطريقة رفيقة و هادية و جاذبة للآخر، طمعاً في هدايته و استنقاذه من غمرة السهو، و حياة اللهو، و شقاء الإلحاد، و ربقة العقائد المنحرفة عن الحق و الفضائل. و لأن [ساركوزي]يدرك خطر الإسلام الحق على باطل ضلالاته، و يعرف تلك الطاقة الهائلة التي تسكن أتباع شرع الله، فإنه يخشى أن تجتاح أوروبا بنورها الرباني، و هو أمر يحاربه الغرب بكل قوّته، و بدعاوى شتّى لا ترتكز على أساس، و يحاول دعاة الترهيب من الإسلام، تشويه حقائقه الجليّة، و الإساءة إلى رموزه، مستغلين بعض الأحداث التي تفسر على هواهم، و ينصبون المحاكم و المحارق لكتاب الله، و يتصدّون بأقلامهم المفترية، و أقلام غيرهم المأجورة المنحرفة، المستغربة و المستشرقة على حد سواء، و يستمر مسلسل الحرب على الإسلام و رموزه الكريمة حتى يصل مداه، و بالأمس فقط يوجه ساركوزي سهم حماقته الجديد، إلى عالم الأمة، و حبرها الجليل "الشيخ يوسف القرضاوي" فيمنعه من دخول فرنسا، و المشاركة في مؤتمر اتحاد المنظمات الإسلامية و يقول لوسائل الإعلام " لقد أبلغت أمير قطر بأن القرضاوي غير مرحب به في فرنسا" و يبرر لهذا الأمر، بدعوى أن الشيخ القرضاوي لديه أفكار و يتحدث بأمور لا تتقبلها و لا تقرها فرنسا.، و بالطبع فما دام الشيخ يتحدث بالإسلام، و يدعو إلى الإسلام، و يدافع عن الإسلام، فإن ساركوزي و من حوله لن يتقبلوا أفكاره، و لن يسمحوا له بأن يقولها في بلادهم، و نذكّر ساركوزي و طغمته بتلك الحقبة السوداء من تاريخ فرنسا، و هي تحتل الشّرق الإسلامي بدعوى نشر التحضر و العلم و العدالة!! و تشرق على الجزائر " شمس فرنسا" و حدّ النّصل يبرق في يد جلاديها، فتقيم المذابح للأبرياء العزل الضعفاء، و تحتل البلاد و تنهب الخيرات و تشجع هجرة اليهود إلى الجزائر، و تحارب القرآن و اللغة العربية، و تلغيها، و مازالت صفحات الكتب ملأ باعترافات الجنود و الضباط، و هم يسجلون شهاداتهم للأيام، و يشهدون التاريخ على بطشهم و حقدهم: " يقول لامورييسير:النساء و الأطفال اللاجئون إلى الأعشاب الكثيفة كانوا يسلمون لنا أنفسهم، فنقتل و نذبح و صراخ الضحايا اللاقطين لأنفاسهم الأخيرة يختلط بأصوات الحيوانات، و كنا نتعامل معها بلا مبالاة جافة تثير الرجفة في الأبدان" و يقول آخر: " إن هذا يتم تحت القيادة المباشرة للقائد بوجو الذي راح جنوده يذبحون اثنتي عشرة امرأة عجوز بلا دفاع" إن على من يطالبون علماءنا بعدم دخول بلادهم و هم يحملون الخير و الهدى و الرحمة و الصلاح و الفضيلة، عليهم أن لا يقيسوا دوافعنا على دوافعهم من دخول بلادنا، و على من يتهم علماءنا بأنهم يتبنون أفكارا خطيرة و ضارة بالإنسانية و الحضارات، أن يتوقفوا هم عن التمييز العنصري بين رعاياهم، لمجرد أنهم يخالفونهم المعتقد، و أن يتوقفوا عن محاربة عقيدتنا و مظهرنا الذي فرضه علينا ديننا، و ألا يتعرضوا لحرية المسلمين من مواطنيهم، و اضطهادهم، بينما يلوحون بسراب الحرية الخادع و يتلاعبون بالألفاظ، تحت مسمى مصلحة بلادهم و هم يرمون إلى مصالح شخصية و دعايات انتخابية، على حساب المسلمين و مصالحهم و معتقداتهم في فرنسا و لتعلم أيها المتصهين أنك لم و لن تكون أهلاً للترحيب عند أي مسلم و في أي شبر من أرض الإسلام كما لم تكن جيوش الاحتلال التي جردتموها على الشرق الإسلامي موضعاً للترحيب، و إذا طولبنا بالكف عن مثل هذا الخطاب، الذي يقدم حقائق ثابتة للدنيا بأسرها، عن وحشية أنظمتكم و بربرية جيوشكم، و تجنّيكم على علماءنا فإن أمة الإسلام بأسرها تطالب الآخر بالكفّ عن خطابه العدائي الاستفزازي لمشاعر المسلمين، و التحيز الكامل لأعدائهم دون وجه حق. " و تظل النسور نسورا و البغاث بغاث"