قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 10 آذار/مارس 2016 07:56

التناصح الدعوي بين الحق والتعدي

كتبه  الدكتورة أم كلثوم بن يحي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

الحمد لله رب العالمين، و العاقبة للمتقين، و الصلاة و السلام على عبده و رسوله و صفوته من خلقه، و أمينه على وحيه، نبينا و إمامنا محمد، و على آله و صحبه و من سلك سبيله و اهتدى بهديه إلى يوم الدين... أما بعد :

إن النصح خلق تحلى به الأنبياء كما قال أوَّل الرُّسل نوح عليه السلام :﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ ربّي وَ أنصَحُ لَكُمْ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ماَ لاَ تَعْلَمُونَ﴾(الأعراف:62)، و اعتبره العلماء أحد أرباع الدين، في شرحهم لحديث المصطفى صلى اله عليه و سلم:(الدين النصيحة) ([2])، ذلك أن الإسلام دين  قائم على التناصح، أما التدابر و التنافر فهو عرض من أعراض المجتمعات المريضة المفككة؛ لأن الحكم على المجتمعات إنما يكون بالنظر إلى سلوكها العام.

و النصيحةُ من حيث ذاتُها فرضُ كفاية تسقط عن جمع المسلمين بقيام فرد منهم بها، بشرط أن يفقه آدابها، و يلتزم بضوابطها مراعيا فيها الزمان و المكان، حيث يتوجب على من أراد النصح للمسلمين في سبيل الله توخي القيام بذلك بألين الطرق و أسترها، أما إغفال اعتبار المآل في التناصح بين المسلمين ففيه خطر عظيم على الأمة الإسلامية، سواء تعلق الأمر بالنصيحة الدينية؛ لما قد تسببه من فتنة للمسلم في دينه خصوصا إذا كانت بين العلماء، و جبرا لهذا الخلل حاول الفقهاء ضبط أساليب التناصح بين المسلمين و بخاصة العلماء، و قد نبهوا على مخاطر مخالفة الضوابط و الشروط، و لعل أهمها:

- حصول الفرقة بين العلماء  و جعل بعضهم محلا للتهمة أمام العامة:

قد لا يسلم العالم من خطأ أو زلة يلاحظها غيره من العلماء، فيبادر بعضهم إلى النصح بحسن نية مستعملا من الأسلوب ما يجعل النصح تجريحا و تشهيرا يكون سببا في حصول الفرقة بين العلماء، بل و قد يتحول النصح على حد تعبير الشيخ فريد الأنصاري إلى تتبع للزلات و تصيد للثغرات، فتشهد الساحة موجة من الردود و الردود المضادة بين العلماء، و تتعمق الفجوة بين الدعاة و العامة بعد أن تعمقت الخلافات بين الدعاة أنفسهم، و صار شغلهم الشاغل إقناع بعضهم البعض بدل إقناع الناس.

- صرف العلماء عن قضايا الأمة الجوهرية:

فقد خلقت هذه الظاهرة جوا مشحونا بالمهاترات بين العلماء، صَرفهم عن المعضلات الخطيرة التي تمر بها  الأمة، و إذا كان هذا حالهم و هم العلماء فإن أحدا لا يلوم عامة المسلمين حين يراهم يعظمون سفاسف الأمور، و يتجاهلون عظائِمها، منشغلين بالسعي وراء غذاء الجسم و متجاهلين غذاء الروح.

- وقوع العلماء في فتنة التجريح و الهجر و التبديع:

        إن أخطر المزالق التي يمكن للعلماء الوقوع فيها، فتنة التجريح و الهجر و التبديع و التفسيق؛ ذلك أن خطرها لا يقتصر على العلماء بل يمس العامة فيلبس عليهم دينهم الذي قلدوا فيه علمائهم، و في ذلك يقول الإمام أبو نصر محمد بن عبد الله: (و قد يجرِّح المعتبرُ بعضَ أهل السنة فتنشب فتن الهجر و التمزيق و المضاربات، و قد ينشب القتال بين أهل السنة أنفسهم، فعند حصول شيء من هذا يعلم أن الجرح قد أدى إلى الفتن، فالواجب إعادة النظر في طريقة التجريح و النظر في المصالح و المفاسد، و فيما تدوم به الأخوة و تحفظ به الدعوة و تعالج به الأخطاء، و لا يصلح الإصرار على طريقة في الجرح ظهر فيها الضرر).

و يقول الإمام الذهبيُّ:" و لوأنَّا كلَّما أخطأ إمام في اجتهادهفي آحاد المسائلخطأ مغفورا له  قمنا عليه و بدَّعناه و هجرناه: لما  سلم معنا لا ابن نصر و لا ابن منده، و لا منه و  أكبر منهما".

-      الوقوع في ذنب الغيبة بدعوى الجرح و التعديل:

    يعد علم الجرح و التعديل من أدق العلوم الشرعية، و قد تاه فيه جهابذة علماء السلف الذين عرف عنهم الاحتياط  و التثبت، ذلك أن الفرق بينه و بين الغيبة خفي دقيق مرتبط بالنية ارتباطا وثيقا، يقول ابن الجوزي في كتابه صيد الخاطر: "و لقد لقيت جماعة من علماء الحديث يحفظون و يعرفون، و لكنَّهم كانوا يتسامح و نب غيبة! و يخرجونها مخرج جرح و تعديل، و لقد لقيت عبد الوهَّاب الأنماطي، فكان على قانون السلف، و لم يسمع في مجلسه غيبة".  

أما في زماننا فقد صار التجريح مقصودا لذاته إلا من رحم ربي، و زين الشيطان للبعض التعرض للمسلمين بالغيبة و النميمة، و أشاعها لهم في قالب النصح، ففرق بينهم و جعلهم يتناوبون على مطحنة النقد و التقريع، يقول ابن الجوزي في كتابه تلبيس إبليس:" و من تلبيس إبليس على أصحاب الحديث قدح بعضهم في بعض طلباً للتشفي، و يُخرجون ذلك مخرج الجرح و التعديل الذي استعمله قدماء هذه الأمة للذب عن الشرع، و الله أعلم بالمقاصد".

- التشويش على الطلبة العلم:

و مما يأسف له أنه و بدلا من أن يسارع طلبة العلم إلى التعلم و التخلق بأخلاق الإسلام، يسارعون إلى تخطف الجديد من أقوال العلماء و ردود العلماء عليها، ثم بيان موقفهم منها حتى صاروا يتعاملون مع باقي الطلبة بناء على مواقف هؤلاء من هذه الأقوال و الردود، ثم يعقدون الولاء و البراء – و الذي يكون في الأساس مع الكفار- للعالم أو منه، و مما يدعو إلى للأسف أن كثيرا من طلبة العلم هجروا شيوخهم في العلم بسبب هذه الفتنة، من ذلك ما ذكره الشيخ عبد المحسن بن حمد:" ... و مما يؤسف له أنه حصل أخيراً زيادة الطين بلة بتوجيه السهام لبعض أهل السنة تجريحاً و تبديعاً و ما تبع ذلك من تهاجر، فتتكرر الأسئلة: ما رأيك في فلان بدَّعه فلان؟ و هل أقرأ الكتاب الفلاني لفلان الذي بدَّعة فلان؟ و يقول بعض صغار الطلبة لأمثالهم: ما موقفك من فلان الذي بدَّعه فلان؟ و لابد أن يكون لك موقف منه و إلا تركناك".

فكثير من الطلبة حكموا على شيوخهم عبر نقول مقصوصة و كتابات مشبوهة، دون تثبت أو تأكد و قد قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌبِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَافَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾، (الحجرات:06).

- زعزعة الثقة بين العلماء و العامة:

عندما يتساهل بعض العلماء في مراعاة ضوابط الخلاف و النصح، أولا يقبل البعض الآخر أن يوجه إليه النصح لغرور أصابه، تفتح على الأمة ثغرات تملأها شياطين الجن و الإنس، من خلال الترويج لخلافات العلماء و زخرفة مواقع الانترنت بالعديد من النصائح التي ضلت طريقها و انحرفت عن جادة الصواب، و الردود عليها، مما يؤدي إلى التشويش على العامة و زعزعة الثقة بينهم و بين علمائهم، و إلى الانشقاقات و الانقسامات التي يستغلها أصحاب النفوس المريضة لإحداث الوقيعة في الأمة بين علمائها و عامتها.

- فتنة عامة المسلمين في دينهم:

حيث أن كثيرا من العامة يقعون في فتنة الشك في أصول الدين بسبب اطلاعهم على ما لا تدركه عقولهم من الكتب التي تحوي النصح و الردود عليه، بل الأخطر من ذلك التفسيق و التبديع لعلماء يعتبرونهم أجلاء و يعملون على إتباعهم في العبادات و العادات، فيجدون أنفسهم في حيرة من أمرهم قد تدفعهم إلى الشك في أصول الدين، مع كثرة الفتن و الشهوات التي تحف حياتهم.


([2])  أخرجه مسلم عن تميم الداري، كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، برقم:( 56)، ص:(55).

قراءة 1526 مرات آخر تعديل على الجمعة, 11 آذار/مارس 2016 06:49

أضف تعليق


كود امني
تحديث