قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
السبت, 26 حزيران/يونيو 2021 11:26

موسى و الخضر: الشرع و القدر (العقل في مواجهة الغيب)

كتبه  الدكتور سلمان بن فهد العودة
قيم الموضوع
(0 أصوات)

صور الأطفال و هم يموتون أو يختنقون بالغاز، أو يعانون الأمراض المستعصية كثيراً ما هزّت وجدان قلب، و حيّرت إيمان عقل، لماذا يحدث هذا؟ أين الحكمة؟ أين الرحمة؟ هل من حق الإنسان أن يسأل؟ و يسأل مَنْ؟   في قصة موسى و الخضر مفتاح الجواب! في قلوب الكثير منَّا فرعون صغير؛ يصيح كلما واتته فرصة: { أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} (24:النازعات).. و يظن أنه بكل شيء عليم، و على كل شيء قدير! و يحتاج إلى موسى ليهتف به: {هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى * وَ أَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى} (18،19:النازعات)، الخشية تواضع العبودية لكبرياء الربوبية!   و لذا كان السجود قمة التواضع، و ذروة العبادة. عزف موسى عن أبهة القصر، و عاهد الله على البُعد عنها، و قرر أن يقف مع الضعيف المغلوب، ليُحارب عنصرية الفراعنة ضد بني إسرائيل المستضعفين، بدل الاقتصار على طرح الأسئلة و التذمر والإحباط  و أدرك بفطرته طبيعة مجتمع ذكوري لا يلتفت لمعاناة امرأةٍ ضعيفةٍ فوقف في صف الفتاتين بجهده المقدور، و سقى لهما غير آبه بالعيون التي ترمقه باستغراب و تشكك..  

و خاض المعركة الكبرى ضد الطغيان إلى جوار القوم المستضعفين، و كان القائد المنقذ، كما خاض معركة الإصلاح للمستضعفين ضد نقائصهم و حماقاتهم و قابليتهم للظلم. و هو في كل مرة يبرز أن العمل الإيجابي هو الحل حتى حين تكون الكوارث واسعة النطاق. المرَّة الوحيدة التي أُثر أن موسى قال فيها (أنا)، هي حينما سأله رجل و هو على المنبر: مَنْ أعلم أهل الأرض؟ قال: أنا! و هذه الـ(أنا) لم تكن من شأن موسى؛ لأنه لا يجزم بذلك، فَعَتَبَ اللهُ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ و كان جديراً به أن يقول: لا أدري الله أعلم.   فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ.. و هو الخَضِر. موسى كان أفضل، فهو رسول من أولي العزم، و الخَضِر نبي عنده علمٌ بالقدر من عند الله لم يطَّلع عليه موسى في قراءة الأحداث، و كأن القصة أمثال ضُربت لموسى، و في طيَّاتها إشارة لسرعته في الجواب عن سؤال: مَنْ أعلم الناس.  

موسى يمثل (الشريعة) الواجبة الاتباع، و الخَضِر يمثل (القدر) الخفي؛ الذي يفسر ما وراء الأحداث من الحكم و الأسرار الربانية بما يجعل قارئ الحدث يتلمّس أبعاداً غير مرئية لما يجري في الكون من المحن و المصائب و قتل الأطفال و تسلط الظالمين، إنه السؤال عن (الشر) الواقع في حياة البشر، و الذي طالما كان سبباً في شك الناس و تساؤلهم عما وراء الحدث.  

قصة حياة موسى، و قصته مع الخَضِر تلهم المرء أن يفتش في حياته التي عاشها أو فيما حوله عن نظائر تشبه و لو بوجه ما.. بعض الأحداث الكبرى العالمية و الكونية؛ ليطمئن قلبه إلى عظمة الحكمة الإلهية حتى فيما يجهل تفصيله، دون أن يعفيه هذا من مدافعة القدر بالقدر؛ كما يعبّر الفاروق الملهم عمر. و يأتي تعريف الخَضِر بأنه عبد من عباد الله؛ إشارة إلى نمط من الأولياء رُزقوا كمال الرضا و التسليم، و أدركوا بعض أبعاد الحكمة الإلهية فيما تجري به المقادير.  

لم يصبر موسى على التعلُّم من الخَضِر كما وعد، فعاتبه على خرق السفينة؛ خيفة أن يغرق أهلها، و كأن هذا تذكير له بإلقائه في اليَمِّ و هو رضيع؛ لا ليغرق، و لكن ليسلِّم بإرادة الله و تدبيره من بطش الطاغية فرعون.. على أن موسى قاوم طغيان فرعون حتى انتصر عليه، و الخَضِر اكتفى بحماية السفينة و الحفاظ على مال المساكين، الشرع ليس نقيضاً للقدر، و محرَّم أن نحتجّ بالقدر في وجه الدعوة إلى الإصلاح و التدارك.  

لم يصبر موسى على قتل الغلام الفاسد فأنكر على الخَضِر قتله، و كأن هذا تنبيه على أن قتل فرعون لأولاد بني إسرائيل و إن كان جرماً إلا أنه قَدَرٌ إلهي له أسراره و أبعاده التي لا يُحيط بها إلا من آتاه الله من لدنه علماً، و من رحم المعاناة ينبثق النور.   و لعله تنبيه لموسى على قتل القبطي؛ الذي لم يؤمر بقتله، و أن من ورائه سراً إلهياً لا يعلمه موسى، و ربما لو عاش لأرهق من حوله طغياناً و كفراً أو كان عائقاً عن دعوة الحق، و هذا يُخفف من لوعة موسى من تلك الفعلة، و ربما يَحدُث العكس فيسبق الأجل إلى إنسان رحمةً به و لطفاً: «وَ إِذَا أَرَدْتَ بِعِبَادِكَ فِتْنَةً فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونٍ» (رواه الترمذي).  

لم يصبر موسى على إقامة الجدار بغير أجرة لغلامين يتيمين من أهل قرية أبوا أن يضيفوهما، و هذا نظير ما فعله موسى للفتاتين الضعيفتين في أرض مدين و كان أبوهما (مِنَ الصَّالِحِينَ)، حيث كان موسى غريباً طارئاً لم يجد الحفاوة، و لذا دعا ربه: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} (24:القصص).. و كان خاتمة اللقاء بينهما هذا الموقف الذي يختلف عن سابقيه بأن للنفس فيه بعض الحظ، و لذا أعلن الخضر أنه ختام الرحلة و آية الفراق!   تنجو سفينة من ظلم ظالم لعطبٍ مفتعل في طرفها، و يموت غلام بقدرٍ و هو بريء زكي في نظر العين، و يحفظ كنز لآخرين بتسخير قدري، و يظل العقل قادراً على استيعاب وجود أسرار و مقاصد لا تبدو لأول وهلة، و ربما يتأخر الإفصاح عنها لجيل كامل، و يظل العقل عاجزاً عن فهم بعض التفصيلات الخفية وراء الأحداث المؤلمة وقت حدوثها.

  تميز موسى بقدرة عالية على التوفيق بين الشرع و القدر، فحين رأى قومه صرعى قد أخذتهم الرجفة قال: {رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَ إِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا}؟ (155:الأعراف). فهم طلاقة المشيئة الإلهية، ثم لهج بالدعاء و التضرع و الاسترحام.. و هو ما يحتاجه كل مؤمن؛ ليحافظ على سكينة روحه في حلو الحياة و مرّها. حينما يحضر موسى في عقلك بأسئلته عليك أن تبحث عن الخضر في قلبك كأجوبة له.. و حينما يحضر الخضر بغيبه و تسليمه في منهجك عليك أن تبحث عن موسى في بحثه و استقصائه في حياتك.. و يوم أن تغلق الطرق في عينيك ابحث عن الآفاق بقلبك.. السجود و الدعاء و التأمل مرايا الحياة الواسعة..
الرابط : https://ar.islamway.net/article/72442/%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%89-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B6%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D8%B9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%AC%D9%87%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D9%8A%D8%A8

قراءة 634 مرات آخر تعديل على الإثنين, 28 حزيران/يونيو 2021 17:56

أضف تعليق


كود امني
تحديث