ما زادت أبو غراب الوزيرة الفرنسية ذات الأصول الجزائرية الإسلامية، و التي تجاهر بأنها لا تصوم رمضان، و تؤيد الزواج المثلي، و تساند المؤسسات التي تطرد المحجبات من العمل في فرنسا، و تصرح مؤخرا بأنه لا يوجد إسلام معتدل، هي في الأصل مسلمة!! و السيدة ممتعضة و متخوفة من فوز الإسلاميين مؤخرا و غير متفائلة بالربيع العربي، و يبدو أنها اكتفت بخريف الآخرين، و قحطهم الفكري، و ارتضت بالدور المرسوم لها، و وجدت جنة حياتها في نار الغرب و ماديته و إلحاده، و انحلاله الأخلاقي، و استعباده الخفي للإنسان تحت مسمى الرأسمالية أو الشيوعية أو الحرية الشخصية أو غير ذلك من المسميات الوهمية المدمرة للإنسانية و كما يقال في المثل العامي (نارك و لا جنة هلي)، و هي حالة رأيناها و قرأنا و سمعنا عنها كثيرا، و لم تعد مستغربة، فالذين انقلبوا على أعقابهم و مازالوا ينقلبون كثر، و لكنهم لم و لن يضرّوا الله شيئا.
و تستفيض وسائل الإعلام في شرح الحالة الغرابية، و تنشط الأقلام بين مدافع و مهاجم، و بين لاعن و عاذر، و السيدة تلقي قنبلتها و تستهين بالأمة من أقصاها إلى أقصاها، و تظهر في الصحف إلى جانب ولي نعمتها ساركوزي، ليكتمل المشهد العدائي لتلك الرواية الأبدية، التي تضم بين دفتيها حكاية العداء السافر، الذي ظلت فرنسا تحمله للإسلام، و قد أسبغت على نفسها عباءة حماية حقوق الإنسان، و قديما حماية قبر المسيح، و ترأست الحملة الصليبية لقرون، و ناضلت بكل قوتها لكي تخرج الإسلام من صدور الجزائريين بصفة خاصة، و من صدور الأمم المسلمة التي احتلتها عامة، و عندما فشلت الأساليب العسكرية، تسيدت فرنسا عرش التنصير الفكري، و الغزو الثقافي، و أقامت مدارس التشكيك و الإلحاد و التفرنج، و تظل الستارة مفتوحة على كافة الاحتمالات الممكنة، و غير الممكنة، لتلك المسرحية العدائية، و التي تقدم كل يوم مشهدا جديدا، أوضح عداء و أجلى حقدا مما سبقه، و تبقى العيون و الأقلام اليقظة، ترصد كل إشارة ماكرة، لتحذر منها و تجلي خطرها في همة لا تفتر، و عمل لا يعرف التوقف، فالأمة لا يضيرها مارقة من الدين هنا، أو مستغرب متفرنج هناك، و الإسلام لا يوقف مده تصريح غبي من هذه السياسية المتسلقة، أو ذلك الكاتب الباحث عن مجد زائف، يظن أن مهاجمة الإسلام، و إلصاق النقائص بشرعه و منهجه، هو اقرب الطرق و أقصرها و أيسرها، لإرضاء القوى الحاقدة، و المناهج المعادية، فيسلكها غير هياب و لا وجل، يتسلح بالكذب، و يدعي المعرفة بحقائق التشريع الإسلامي، و يقيم من نفسه محاميا عن المرأة و الإنسان و الحضارات و الثقافات و الأقليات، و غير ذلك مما يتخذه الغرب ذرائع للانتقاص من شرعنا، و اتهامه بضيق الأفق، و التفرقة و التمييز و التقييد و التخلف، و غير ذلك مما نبرأ إلى الله - تعالى - من زيفه و تعديه على حدود الله.
و قد يظن البعض من المشفقين على الإسلام، و الغيورين عليه، أن مثل هذه الوزيرة المتجنية على ما هو في الأصل دينها، و المجاهرة بذمه و تجريح اتباعه، أنها ستضر به أو تساهم في إقصائه عن مسيرة الأمة الواعدة، عبر ربيعها الإسلامي المؤتلق مجدا و فخارا، و المترقب الموقن بنصر الله و علو كلماته الخالدة، و ارتفاع بيارقه غدا في ربوع أعدائه، كما ارتقت بالأمس أعالي حصونهم، و أبراج قصورهم، و كما أقامت فيهم العدل قرونا، ظلت على مدى التاريخ بيرق عدل و تسامح و سمو و منارة شموخ و علم و حضارة. أيتها الوزيرة الغرابية الفكر و النعق و الهدف! نحن أهل الملة العظيمة، و الشرعة الحكيمة، و المنهج الذي نعمت بعدله الأرض من مشرقها إلى مغربها قرونا طوال، و أؤكد لكي أنا بإذن الله عائدون، فارتقبي و أسيادك الصبح: (أليس الصبح بقريب) و سواء كانت تلك الوزيرة من أصول إسلامية أو لم تكن ن فما هي إلا غيمة غبار، تلقي بها الريح فإذا هي هباء، و لن تزيد الإسلام رفعة و لن تنزله عن عرش الأستاذية الذي كرمه به ربه: (و ما زاد حنون في الإسلام سنبلة) فالإسلام دين الله، و هو وحده القادر على نصره و نشره، و إعلاءه و تسييده، و ما نحن إلا أهله و من اختصنا و شرفنا ربنا بحمله و إيصاله إلى الخلق، و الذود عنه بكل غال و نفيس، و بكل وسيلة ممكنة (و العاقبة للمتقين).