قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 29 نيسان/أبريل 2015 08:36

المسألة اليهودية في فكر مالك بن نبي في أن اليهود هم عقل الحضارة الأوروربية وروحها

كتبه  د. عبد الرزاق بلعقروز
قيم الموضوع
(0 أصوات)

مُفتتح الإشكال:
ثمة أسئلة كثيرة تحوم حول النَّص الذي صدر في سنة 2012، الذي أنجزه«مالك بن نبي»في 1951 كجزء ثاني من كتاب وجهة العالم الإسلامي و لا نهتم هنا كثيرا بقضية البحث في جذور و أسباب بقاء الكتاب في الظلّ، بقدر ما سيتركّز جهدنا في استخراج الأفكار و الإشكاليات الكبرى التي قدّمها مالك بن نبي؛ و ما هي الرّهانات التي يقدمها الكتاب في زيادة فهم للإنسان اليهودي و لثقافته و لطبيعة تكوينه النّفسي و التَّاريخي، و ما هو المنهج الذي شغّله "مالك بن نبي" في مقاربة و تحليل المسألة اليهودية؟ و ما صلة الظَّاهرة اليهودية بـ: هيمنة "النّفعية الرأسمالية" و"الدُّولار" و"المرأة " في الواقع العالمي المعاصر ؟
إن اللَّفتة المركزية التي تمسك بروح تحليل «مالك بن نبي»هي ذلك الرّبط بين الحضارة الغربية و مشروع تحديثها؛ و بين دخول اليَهود إليها؛ فاليهود هنا هم روح الحضارة الغربية و هم قلبها، هذا ما اقتضى القيام بتفكيك نقدي و إعادة كتابة للتاريخ الثقافي لأوربا؛ لأن الفَاعليات التي شكَّلت الحضارة الغربية ليست فاعليات مرتبطة بجهود التَّنويريين و الذّاتيين مُعرَّاةَ عن أيَّة ألبسة هَووية؛ و إنمَّا هذه مجتمعة لا يستسيغ الحديث عنها دون الإشارة إلى المسألة اليَهودية، و هنا المَلْمَحُ الجوهري لخصوية التَّحليل و المُسَاءلة، و يستدرجنا مالك بن نبي للإمساك بتساؤلات متشعبة من أوْجَهها:
لماذا طابق «مالك بن نبي» بين روح الحضارة الغربية و بين اليهود؟ هل تحقيقا أن الحداثة الغربية بدأت منذ دخول اليهود إليها ؟ ما هو المنهج الذي توسّل به «مالك بن نبي»من أجل إنجاز الدّراسة الفاعلة للمسألة اليهودية؟ ما هي العلاقة بين قوة اليهود و بين انتباه الإنسان المسلم إلى هذه الحقيقة ضمن أفق المستقبل؟ هل ما طالعنا به «مالك بن نبي»كإستشراف للمستقبل تؤيّده شواهد الواقع ؟ إلى أي مدى يمكن للدّور الخارجي أن يمثل تحدّيا بالنّسبة إلى الإنسان بعد أن يُشفى من داء القابلية للاستعمار؟

أولاً: مبرّرات الموضوع:
إنّ الذي دفع بنا إلى تسليط الاهتمام على المسألة اليهودية في فكر «مالك بن نبي» جملة المعطيات و المبرّرات التالية:
القلق الذي يحوم حول نص كتب في سنة 1951، و لم يُنشر إلى التَّداول الفكري و المعرفي؛ لأن أغلب مؤلفات «مالك بن نبي»كانت الإحراجات حولها إحراجات قانونية حول الملكية الرمزية و القانوية؛ و كتاب المسألة اليهودية خارج عن هذه الصّراعات.
الاستشراف القوي لدى «مالك بن نبي»بخصوص المسألة اليهودية، و من أنهم سيملكون العالم و يسودون في مجالات الحياة العلمية و السياسية و الدّولية؛ في الوقت الذي كان اليهود لم يملكوا العالم بصورة كما هم عليه اليوم؛ فهو نوع من الحس المستقبلي الذي ينبني على تأويل الحاضر نحو المستقبل.
الحس المنهجي و الملاحظة الدّقيقة التي بناها «مالك بن نبي»على إشارات ضعيفة و أخرى قوية؛ بخصوص تجذُّر الهوية اليهودية في الفعل الحداثي؛ و تداخل اليهودي و الحداثي في التاريخ الأوروبي.
الأسبقية التي اختصّ «مالك بن نبي»في استشرافه للدّور اليهودي و انبعاث النّسوية الدّاعية إلى تأنيث العالم و إنهاء مركزية الذّكر؛ و هيمنة النّفعية الرّأسمالية، لأن «مالك بن نبي»ربط في استشرافه لقرننا بين ثالوث: اليهود و الدُّولار و المرأة.
القيمة التاريخية و المنهجية التّحليلة العميقة التي أتى بها «مالك بن نبي»بالمقارنة مع النّظام المعرفي لعصره؛ فهو قد طوّر نموذجا غير معهود في قراءة الذّهنية و النّفسية اليَهودية؛ و قد أثبت هذا النّموذج فاعليته في الفهم و التّفسير بدلا من الانطباعية و التّأويلية اللاّمنهجية أو بلغة "مالك بن نبي" العفوية و التَّجريبية و العاطفة النّبيلة و الغضب المقدّس؛ هذا سيتأكّد لاحقا مع الدكتور "عبد الوهاب المسيري في نماذج قراءة الظاهرة اليهودية المعاصرة باستخدام المنهج النّماذجي.

ثانيًا: في أن اليهود هم عقل الحضارة الأوروربية و روحها.
يُصرّحُ "مالك بن نبي" في منهجه قبل أن يُطبقه على تفحّصه للظّاهرة اليهودية؛ إلى أهمية تجاوز المظاهر السّطحية المباشرة و تعميق السؤال حول البنية العميقة للأحداث و المَظاهر؛ و هذه اللَّفة المنهجية نأخذ بها إلى المسألة اليهودية و كيف قاربها "مالك بن نبي"؛ و أكثر من هذا " العالم الحديث" بمنظومته في القيم و عناوينه التي تعبر عن هوية هذا العالم الحديث؟ هل فعلا أن الحضارة الغربية هي تلك التي جمعت بين أوربا و المسيحية ؟ ماذا لو كانت هذه الثنائية سوى عنوان نظري نجده عند المؤرّخ أكثر مما نجده عند عالم الاجتماع أو الفيلسوف؟ أي ذلك الذي ينحصر جهده في رصد الأسباب و ذلك الذي يرصد التّوقيت النّفسي و مساءلة الأحداث كيف تحدث هكذا ؟ و لماذا حدثت هكذا؟ و ما الإرادة التي تختبئ خلف الأحداث؟
يُفْصِحُ"مالك بن نبي" في نص مَضْغُوط و كثيف الدّلالة عن الهوية الفعلية للحضارة الغربية في النّص الآتي:"إن أوربا هي مهد العالم الحديث، لكن الحدث الرئيسي لكلمة أوربا في التَّاريخ هو وصول اليهود إليها كشخصية مستقلة عن الفكرة المسيحية، و هي التي سيطرت على سائر تسلسل حضارتها " [1]. و إن هذا الإقرار الخطير يصل وصلا قويا بين هوية أوربا و بين النّسق اليَهودي، هذا و يسرد بن نبي الشاهد تلو الآخر على هذه الحقيقة فثمة يهوداَ يؤثرون على المجتمع بالمال؛ و أخرون يؤثرون بالعلم كهنري برغسون أو فرويد، أو أنريه موروا، و هذه الظاهرة ليست مخصوصة بالمجتمع الفرنسي؛ و إنّما لمح "مالك بن نبي" إلى أنّها منتشرة في بريطانيا أيضا، و في أمريكا البلد الذي وجد فيه اليهود مكانهم و أمسكوا بمراكز المعرفة و المال، حيث لم تكن الكوادر السياسية إلا واجهة تنفّذ قرارات داخلية.
وبالفعل، فالملاحِظ لليهود أثناء توجُّههم إلى أوربا الشّرقية و أمريكا أنّهم وجدوا فيهما " مكانا فسيحا لترويج أفكارهم و التَّمكين لها في أوساط السادة و القادة، بحيث انتقل المركز العالمي لليهود من ألمانيا إلى أمريكا، حي سخّر اليهود المهاجرون و كثير منهم يهود ألمان، كل مؤسساتهم الدّينية و الثقافية لخدمة أغراضهم في الهيمنة على الإنتاج الفكري فضلا عن الهيمنة في مجال الاقتصاد"[2]. هذا يقودنا حسْبَ تحليل "مالك بن نبي" إلى أن هوية أوربا الفعلية صنعتها العبقرية اليهودية أكثر من العقيدة المسيحية.
بعد هذا التّوصيف لمناحي قوة اليهود في أوربا؛ يسلط «مالك بن نبي»أنوار تحليله على المُبَررّات التي جعلت الإنسان اليهودي أو يهود الشَّتات يتوجَّهون إلى أوربا و لا يتوجّهون إلى الشّرق مع أن منطق الأمور يجعلهم أكثر ارتباطا بالشّرق لارتباط جذورهم الثقافية ضمن ذلك المكان؛ إلا أنَّ«مالك بن نبي»في تعليله، يطالعنا بجملة تعليلات مركبة؛ أي تستجمع البعد الدّيني و البعد النّفسي و الأثر الثَّقافي على العُقول، فبُخصوص الأثر الثَّقافي على العُقول، فإن الارتباط الثَّقافي لليَهُود بالحضارة الآشورية و الفرعونية؛ قد جعل صورهم الذّهنية تستحضر دوما الوجود في صورة العبد أو المنبوذ؛ و هكذا، فهو لا يرغب في استعادة تجربة آبائه العبيد، بخاصة و أن تحليل المؤرّخين تطالعنا بما يشبه هذه المواصفات " ظل اليهود حتى آخر مرحلة من تاريخهم في أدنى درجة من الحضارة قريبين من دور التوحش الخالص، و لم يجاوز اليهود طبائع أمم الزراع و الرّعاة إلا قليلا جدا، و خضع اليَهُود لنظام رعائي، و لم يكادوا يدخلون دائرة التطور الاجتماعي "[3].
هذا في مستوى البيئة ألثقافية، أما في ما يخص المُبرر النّفسي، فهو أن الشرقي يختلف حسب «مالك بن نبي»عن الغربي، فإذا كان الغربي عجينة رخوة لا ماض ثقافي لها قوي، يمنحها نماذج في الرُّؤية و التّصنيف، فإن اليهود يدرك أن الشرق لا يراه إنسانا معرّى عن أيّة أغلفة ثقافية، و إنما يراه من خلال نموذج ثقافي مخصوص يعطيه دلاله و أصله الثقافي و ألاعيبه في إخفاء هذه الذّات و التّمويه عنها، يقول مالك بن نبي" فالشعب اليهودي له خصوصية معروفة جدا و لها موقعها في علم النّفس الإنساني، و خياره قد وجد مساحته كاملة في العجين الرَّخو البادي في طبيعة الأوروبي، و هذا هو السبب الأكيد في خيار لا محل له في طبيعة الشرقي على ألخصوص فالرُّجل الشَّرقي يعيش روحه و فكره و ينظر إلى علاقاته مع الآخر من فكره"[4]. و اليهودي لا يحب أن يعرف بانتمائه الدّيني بخاصة في بدايات مجيئه إلى أوربا، و السبب أنّه يعرف الكراهية الصامتة و الغريزية التي تحيط حوله.

ثالثًا: في أن اليَهود ليسوا على صورة واحدة
يسُود التصور حول اليهود؛ أنهم جماعة واحدة لها مقالة واحدة و شكل تواجدي ثقافي واحد؛ إلا أن التَّحليل العميق يُقَرّر و يسطع بحقيقة أخرى، أنَّ اليهود هم جماعات و ليست جماعة واحدة، و الأصل في تماثل مواقفهم هو إيمانهم بالأرض الموعودة و الوطن المفقود؛ فهذا هو النّسق الضَّام لهذه الوِحدة، أما البنية و تركيبها فتتسم بالترَّكيب المُخْتلف، هذا ما ينبّهنا إليه "عبد الوهاب المسري" في مسارات إجابته عن سؤال: من هو اليهودي، فهو يحدّثنا قائلا "أن الشَّخصية " اليَهودية هي نتاج تفاعل بين مجموعة من البشر، و مركَّب من الظُّروف التَّاريخية و البيئية، على مدى زمني معقول، و هو الأمر الذي لم يتوفّر إلا للعبرانيين، و لم يتوفر للجماعات اليهودية التي انتشرت في بقاع الأرض المختلفة، و عاشت تحت ظروف اجتماعية مختلفة، و لذا، نرى أنه يجب الابتعاد عن التعميم المتعسّف، و الكف عن استخدام صيغة الشخصية اليهودية، لنتحدّث بدلا من ذلك عن الشخصيات اليهودية و الهويات اليهودية. و صيغة الجمع لا تنكر الخصوصيات اليهودية، و لكنّها لا تجمع بينا و كأن هناك صفة جوهرية أو عالمية كامنة في كل اليهود"[5]. و»مالك بن نبي»تبعا للسقف المعرفي الذي كان في زمن كتابة نصه عن اليهودية، لم يكن يتوفَّر على الأدوات التَّحليلة التي تطالعه بهذه النتيجة، أي أن اليهود ليسو وصفا واحدا، و إنّما هو أوصاف متعددّون حصرعم «مالك بن نبي»في الفئات الآتية:

صورة اليهودي في الحضارة الغربية
اليهودي المثقف
لماذا هو بهذه الصورة
البدء مع عصر النّهضة للإسهام في حضارة أوربا و الخروج من العزلة المعنوية و إدارة الحياة الفكرية في أوربا مستقلا، و تزويد أوربا بفكرة الاستعمار.

اليهودي المواطن
لماذا هو بهذه الصورة
صناعة الثورة الفرنسية و إعلان حقوق الانسان و المواطن في إطار خطة عمل اليهودي في العالم للتخلّص من الصورة النّمطية " العبيد ".

اليهودي المودرن
لماذا هو بهذه الصورة
التحوُّل إلى أرباب عمل تحت قناع النظام الاجتماعي الأوروبي، و من تهويد الديمقراطية للمساواة إلى الطموح على رأس التراتبية.

اليهودي المذهبي المتزمّت
لماذا هو بهذه الصورة
الحاجة إلى إيديولوجية متزمتة مثل الماركسية، لأن نتائج الرَّأسمالية اتجهت بما ليس في خطتهم.

اليهودي العالمي
لماذا هو بهذه الصورة
استلام شعلة الحضارة من أوربا و التذكير بالدَّور اليهودي في بناء الإمبراطوريات الاستعمارية

اليهودي الذي رمى القناع
لماذا هو بهذه الصورة
خروج اليهودي من الجيتو، من الظل، من الخيال، من التخفي، و إعلان الجنسية الإسرائيلية و أنه متلمذ العصر الحديث.

إن ّهذه التّصنيفات التي يأتي على تفصيلها مالك بن نبي؛ هي تصنيفات تمثل الحلقة التطورية للنّفسية اليهودية، و هي حلقة تاريخية فيما يبدو، فالتَّاريخ اليهودي خرج من انتمائه الدّيني الذي يعبّر عن صورة منبوذة في مخيّلة ألإنسانية إلى فعل التَّهويد لأوربا كلّها، و هو فهل يجد تعليله في الطّبيعة الرخوة للإنسان الأوروبي و فقدانه الارتكار على هوية ثقافية واضحة، لأنّ ما يريده الأوروربي هو المفيد و الجميل، و أدرك اليهودي هذه الحاجات فعمل على توفيرها و تكوين الهوية الأوروبية تكوينا يهوديا، هذا التَّكوين ليس تبليغا ثقافيا أو إدخال الأوروبية إلى الملَّة اليهودية، و إنّما الإمساك بمراكز الحركة بخاصة المراكز الاقتصادية و العلمية و السياسية من أجل التأثير في كبرى القرارات الرُّوحية و المصيرية لأوربا. كما تعكس فكرة ذات أهمية قصوى؛ هي تلون اليهودي و تشكيل ذاته تبعا للسياق الثقافي الذي يكون فيه، و مثال ذلك أن " المفكرون و المبدعون اليهود أو ذووا الأصل اليهودي الذين ظهروا طوال التاريخ كانوا جزءا من التَّشكيل الثَّقافي أو الحضاري للبيئات التي ظهروا فيها بدءا بفيلون اليهودي في القرن الأول قبل الميلاد، الذي جمع المصدرين اليوناني و اليهودي، و حتى جاك دريدا في القرن العشرين، الذي ولد في الجزائر و انتمى إلى الثقافة الفرنسية، تترى الأمثلة على تعددية الإنتماءات و المشارب، و إذا كان ذا سمة لكثير من الثقافات القديمة و الحديثة فإن الوضع اليهودي يختلف في حدة تماهيه مع السياقات الثقافية المختلفة إذ إنه لا يكاد يكون هناك من يماثلهم في معدّل ذلك التماهي في التاريخ "[6]. و هذا الإقرار قد يجد تبريرا لتعددية الهوية اليهودية و تلامسها وفقا للسياق الثقافي الذي تتحرّك فيه.
هذا، و لم تعرف الظَّاهرة اليهودية اعتراضا أكبر كالذي واجهته من الزعيم الألماني الذي أيقظ في نفوس شعبه إرادة الحركة والانتقام جاءته من معاهدة فرساي 1919 التي كانت جائرة على ألمانيا، و كان المتسبب فيها برأي هتلر هم اليهود، فاندفع هتلر إلى اللّجوء إلى التَّصفية للظاهرة اليهودية في أوربا، حيث رفض أموال اليَهُود التي تقدّموا بها دعما لحزبه، و برأي «مالك بن نبي»أن أحد المُبررات الحضارية التي كانت خلف فشل هتلر في حربه على اليَهود، هو أنّه استخدم الشعارات التي كانت بحوزتهم، أي شعار العنصرية و الفكرة الاستعمارية بما هي فكرة يهودية في جوهرها.

رابعًا: خاتمة أو أنَّ عُمْقُ المسألة هو حضاري في جوهره:
يؤكد «مالك بن نبي»أن الأفق الزمني الذي ينتمي إليه هو؛ يُظهر قيما متحالفة هي النّزعة اليهودية، و الرّأسمالية و الاستعمارية؛ و المسلك الآمن الذي يراه «مالك بن نبي»هو الإسلام كرسالة عالمية يمكن أن تساهم في العلاج لمشكلات العالم، ذلك أن شرط الإسلام "أنه دين قادر في تكوينه على تصحيح الرأسمالية و تَعْديلها، و كذلك الشُّيوعية و محور العنصرية و الاستعمار ليأخذ على يد اليهود في إدارة العالم، و هكذا نرى دور الاسلام في عالم جديد؛ يعتمد على قيمته الدّاخلية بقدر ماللقيمة الرُّوحية و فاعليتها من قدرة على استيعاب مخلفات عصر مضى في تجدد الحضارة الانسانية "[7]. و الهَدَفُ من هذا كُلّه هو تحقيق السَّلام العالمي، لأن الرُّوح في مرحة جراحها تبحث عن الفكرة التي تواسيها أكثر من أي شيء آخر، و يربط «مالك بن نبي» هذه الغاية؛ بـ: التَّخْطيط بنوعيه، الدّاخلي و الخارجي، الأولى تُفَتّت القابلية للاستعمار، و تَعمل على إعداد نخبة مختارة، تعكس جوانب البناء التكاملي: العقدية في بنية الإيمان، و الأخلاقية في معايير السُّلوك، و الاجتماعية في شبكة التَّواصل، ثم العالمية في المدى الإنساني.
هذا و يشير «مالك بن نبي»إلى مسألة الإسلام الخارجي، بخاصة مع الأوروربي، حيث يبصر فيه أي الأوربي طبيعة عفوية جميلة، تتجلىَّ في سرعة المبادرة، و براءة الطفل "إنّها طبيعة جميلة لولا أن اليهود شوهوها"[8]. من هنا يتَّصف المشروع بالسّعي نحو العودة بالأوروبي إلى أصالته و عفويته.

______________________________
(*)
د. عبد الرزاق بلعقروز: دكتوراه في فلسفة القيم، أستاذ محاضر بجامعة  سطيف 2. الجزائر.



الهوامش:
__________
[1]
مالك بن نبي، وجهة العالم الإسلامي - المسألة اليهودية، سوريا : دار الفكر، 2012، ص 42.
[2]
طه عبد الرحمن، الحق العربي في الاختلاف الفلسفي، المغرب، بيروت: المركز الثقافي العربي، 2006، ص 62.
[3]
غوستاف لوبون، اليهود في تاريخ الحضارات الأولى، ترجمة عادل زعيتر، مصر: مكتبة النافذة، 2009، 95.
[4]
مالك بن نبي، المسألة اليهودية، مرجع سابق، ص 50.
[5]
عبد الوهاب المسيري، من هو اليهودي، مصر : دار الشروق، 2002، ص 11.
[6]
سعد البازعي، المكون اليهودي في الحضارة الغربية، المغرب، بيروت : المركز الثقافي العربي، 2007، ص 41.
[7]
مالك بن نبي، المسألة اليهودية، مرجع سابق، ص 130.
[8]
المرجع السابق، ص 140.

http://www.binnabi.net/infos/detail/

قراءة 3544 مرات آخر تعديل على الأحد, 30 آب/أغسطس 2015 11:41

التعليقات   

0 #1 نصرالدين عمار 2015-05-12 11:43
نود لو يتم العمل على نشر نص المقالة المسماة بـ: المسالة اليهودية حتى يتسنى لمحبي الاستاذ م ب ن الاطلاع عليها فهي مفقودة
اقتباس

أضف تعليق


كود امني
تحديث