قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 06 أيار 2015 05:41

جراثيم خفية ...

كتبه  الأستاذ جودت سعيد
قيم الموضوع
(0 أصوات)

هناك شيء مجهول مخبأ ليس في متناول البشر و غير قابل للإمساك به و يتحكم فينا ضدنا. هناك جراثيم فكرية غير مرئية تقضي علينا، لأن مجاهرنا الفكرية ما تزال عاجزة.

كانت الجراثيم العضوية الضارة مخبأة و بعيدة عن وعي الإنسان و غير مرئية. و لم يكن الإنسان يفهمها أو يراها و لم يستطع التعامل معها بوعي معرفي إلى وقت قريب. نحن كذلك في المشكلة الإنسانية. فالإنسان يكابد الآلام من الجراثيم الفكرية المخبأة عالمياً. حين يحاول الإنسان فهم الموضوعات الشائكة يشعر أنه عاجز عن إدراكها و كشفها، و لغموض الموضوع و خفاء الجراثيم الفكرية لا يتمكن الإنسان من القبض عليها و حتى لغته تعجز عن التعبير عنها. و يصطدم علماء الاجتماع و المفكرون بهذه المشكلة و يواجهون الجدار المسدود. و أنا أحاول أن أبحث المشكلة الإنسانية من جانبين: جانب الفكرة التي جاء بها الأنبياء، و جانب الفكر الذي بدأ المفكر الإنساني يصل إليه. أحاول أن أتابع الفكر الإنساني و ما وصل إليه أهل البحث، و لكن في الوقت نفسه عيني الأخرى تنظر إلى ما جاء به الأنبياء في هذا الموضوع. و بعبارة أخرى، أحاول قراءة آيات الكتاب المنزل و قراءة آيات الآفاق و الأنفس التي لها علاقة كبيرة بآيات الكتاب. أقرأ و أنا أقلب فكري في سماء المعرفة.

وجدت أن بعض الفلاسفة الغربيين بدءوا بتحسس المشكلة الإنسانية. كان فوكومهتما بموضوع الجنون، و اعتبر أن من يخرج عن خطاب الإكراه و القوة يقوم بالجنون الأعظم و بنوع من المعارضة الجذرية للثقافة الغربية. و يشعر بيير بورديو بالحاجة إلى دعم في هذا الموضوع الخفي، الصعب التناول، و لهذا يلجأ إلى ديفيد هيوم و ينقل عنه أن "لا شيء يبعث على الدهشة الأكبر لمن ينظرون إلى الشؤون الإنسانية بعين فلسفية من رؤية السهولة التي يحكم بها العدد الأكبر من العدد الأقل و ملاحظة الخضوع الضمني الذي به يلجم الناس عواطفهم الخاصة و أهوائهم لصالح حكامهم". و يقول بورديو إن الدولة لا تحتاج إلى إصدار أوامر و إلى ممارسة قسر جسدي لتحقيق عالم اجتماعي منتظم، و أن الأمر يدوم ما بقيت قادرة على إنتاج بينات معرفية موضوعية، و يكون هذا بضمان الاعتقاد الذي كان هيوم يتحدث عنه: الخضوع المعتقدي للنظام القائم. كلا من هيوم و بيير بورديو يريدان أن يبحثا وراء أدوات القمع و علاقات القوة المادية. هناك مسلمات رمزية معرفية تجعل الخضوع ممكناً. كيف يفرض المهيمنون هيمنتهم؟ كيف يمكن رؤية السهولة التي يحكم بها العدد الأكبر من قبل العدد الأقل؟ و ملاحظة الخضوع الضمني الذي يلجم الناس عواطفهم الخاصة و أهوائهم لصالح حكامهم؟ لا بد من كشف الآليات الفكرية السابقة على استخدام أدوات القمع، لأن هناك مسلمات نفسية و اعتقادات و تصورات للعالم و النفس الإنسانية.

إن ظن أن الإنسان يعطي على الإكراه أكثر مما يعطي على الإقناع نوع من الجراثيم الخفية التي تدمر المجتمعات. إن فرض الرأي بالإكراه إلغاء للإنسان و لروح الإنسان و خيانة للميثاق و نبذ العهد. إنه رفض للأمانة و للرشد و قبول بالخيانة و نقض الميثاق "و إذا أخذ الله ميثاق الذين أوتو الكتاب لتبيننه للناس و لا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم و اشتروا به ثمناً قليلاً فبئس ما يشترون"، "إنا عرضنا الأمانة على السماوات و الأرض و الجبال فأبين أن يحملنها و أشفقن منها و حملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً". نبذ الإنسان الأمانة لجهله و زين له سوء عمله فرآه حسناً، و اليوم حين تنعقد القمم العربية و الإسلامية و دول عدم الانحياز فإن خلفيتهم الفكرية مبنية على فكرة مفادها أن الإنسان ينتصر بالإكراه. إن العالم الإنساني في مرحلة جهالة و لا نقول طفولة، لأنه لا يوجد فيهم من يقبل بكلمة السواء و يلتزم بها. و بمجرد أن يشعر أنه بالقوة يمكن تخويف الناس ينبذ العهد و الميثاق و الأمانة. و لقد قال إبراهيم عليه السلام: "و كيف أخاف ما أشركتم و لا تخافون أنكم أشركتم"... "فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون". هذه ملة إبراهيم و ملة الذين قبلوا عهد الله و ميثاقه و أبوا أن يفتروا على الله الكذب.

و لقد انتبه هبرماس، الفيلسوف الألماني، في كتابه (خطاب الحداثة الفلسفي) إلى مفهوم الميثاق عند الأنبياء فقال: " نجد في فكرة الميثاق الديني بذرة جدلية الخيانة و القدرة المنتقمة … احترام الميثاق مع الله رمز الأمانة و تحطيم هذا الميثاق رمز الخيانة … الوفاء لله يعني الوفاء عبر الذات و الآخرين و في جميع ميادين الكائن و إنكاره في أي ميدان يعني فسخ الميثاق مع الله و خيانة أساسه ذاته…و لذلك فإن خيانة الآخرين ذاته…و لذلك فإن خيانة الآخرين هي في الوقت نفسه خيانة للذات و لذلك فإن احتجاج المرء على الخيانة ليس فقط احتجاجاً باسمه الخاص بل هو أيضاً احتجاج باسم الآخرين…و في فكرة أن كل كائن حليف بالقوة في النضال ضد الخيانة-و في جميع ميادين الكائن- و إنكاره في أي ميدان يعني فسخ الميثاق مع الله و خيانة أساسه ذاته…و لذلك فإن خيانة الآخرين هي في الوقت نفسه خيانة للذات و لذلك فإن احتجاج المرء على خيانة ليس فقط احتجاجاً باسمه الخاص بل هو أيضاً احتجاج باسم الآخرين…و في فكرة أن كل كائن حليف بالقوة في النضال ضد الخيانة-بمن فيهم من يخونني و يخون نفسه- إنه يفرق بذلك بين الذين يعلمون و جمهور الجهلة إن مفهوم الأنوار المألوف لدينا لا يمكن التفكير فيه دون ميثاق شامل بالقوة ضد الخيانة". لم يتجرأ فوكو و لا بورديو أن يشيروا إلى ميثاق الله مع الإنسان كما دعا إليه الأنبياء و لكن هابرماس تمكن من الإشارة إلى هذا و استطاع أن يلمح الميثاق ضد الخيانة و يلمح معنى الأمانة و كيف نبذنا الأمانة و الميثاق، ميثاق الأمانة في ضوء هذه المعاناة الفلسفية المعرفية، و التاريخ الذي يطلب فاتورة خيانة الميثاق.

لعلنا نكشف مكان الخلل. لعلنا نكشف الجراثيم الفكرية.

نعم إننا لم نختبر إيماننا و لم نجرب عليه التجارب الدقيقة. و ما دمنا لم نتوضح باقتناع فاضح بأن الإنسان يعطي على الإقناع ما لا يعطى على الإكراه و مادمنا مترددين في هذا و الأمر مشتبه علينا فإننا لن ندخل إلى سنة تغيير الإنسان و لن نكون عرفنا معنى تزكية الإنسان و لا دخلنا عالم التربية و لا فتحنا باب العلم و المعرفة، لأننا نكون خسرنا الرأسمال الأولي في العالم كله. ألا إنه الإنسان المودع فيه سر الله في العطاء و الكرم، و من خسر هذا خسر كل شيء. و نحن في العالم العربي الإسلامي لا قدرة لنا على فهم هذا الموضوع و تناوله، و لا مجرد إمكان فهمه.

إني أعاني من محاولة لفت الأنظار إلى عالم آخر غير الإكراه فأبوء بالفشل و الاستنكار و الريبة فأنقلب و كأني المخطئ الجاهل العاجز الذي لا يكاد يبين. و أحسنهم طريقة ينظر إلي بأني لا أفهم سنة الله و لا قانون الوجود و أن الأمر مشتبه علي. إن الإكراه ثمرة الكراهية، و لا يمكن أن تدخل إلى الإنسان و أنت تكرهه. إن الكراهية عقيدة و تصور لشيء مكروه مضر لا نفع فيه و لا يمكن تغيره. يا أخي العزيز القارئ إن التغيير ليس عند الآخر. التغيير عندي، و لكننا نعجز عن كشف السنة و القانون البشري. و حين نخرج من ملة الاستضعاف سنفهم صنع مجتمع اللاإكراه بدون إكراه. إن بلدا عربيا واحدا يفهم هذا و يصنع مجتمع اللاإكراه يمكن أن يصل إلى قمة العالم فيصنع عالماً لا إكراه فيه، يتنافسون على الإحسان و على أيهم أحسن عملاً. عالم آخر أحلم به، إن ملكوت الله لا يصنعه ملة الاستكبار و الاستضعاف و قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتهم.

http://jawdatsaid.net/index.php?title=%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%AB%D9%8A%D9%85_%D8%AE%D9%81%D9%8A%D8%A9

 

 

قراءة 1482 مرات آخر تعديل على الجمعة, 08 أيار 2015 05:07

أضف تعليق


كود امني
تحديث