قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 25 حزيران/يونيو 2015 05:41

المرأة المحمدية والعمل الدعوي

كتبه  د. أم كلثوم بن يحي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

الاستشهاد المرجعي للمقال: جزء من بحث:" الهدي النبوي في علاج الإشكالات العصرية حول الدور المجتمعي للمرأة"، بحث مقدم إلى المؤتمر الدولي الأول للسيرة النبوية، تحت شعار:" تنزيل مقاصد الشرع و تعميق محبة الرسول صلى الله عليه و سلم، 29-30 صفر1434هـ الموافق: 11-12 يناير 2013م، الخرطوم، السودان.
مقدمة:
الحمد لله رب العالمين، و العاقبة للمتقين، و الصلاة و السلام على عبده و رسوله و صفوته من خلقه، و أمينه على وحيه، نبينا و إمامنا محمد، و على آله و صحبه و من سلك سبيله و اهتدى بهديه إلى يوم الدين... أما بعد :
فقد شكلت المرأة إلى جانب الرجل الركيزة الأساسية التي بنا عليها الإسلام مشروع الاستخلاف في الأرض، و حظيت بمكانة رفيعة لم تكن قد شهدتها من قبل على مر العصور، و ازدادت هذه المكانة مع ازدهار الحضارة الإسلامية و لم يتناول موضوع المرأة كموضوع مستقل عن الرجل إلا في المسائل التي تفرض طبيعتها ذلك.
إننا اليوم لنتحصر على هذا الازدهار الذي أصبح مفخرة تاريخية أكثر منه حقيقة واقعية، و لعل أكثر من عانى من هذا الواقع المرأة المسلمة التي وجدت نفسها تائهة بين التقاليد الجامدة و الأفكار الوافدة، و بين النظرية الغربية ذات الفلسفة المادية المحضة، و التي ظاهرها الحرية و الأحلام الوردية التي تتمناها كل امرأة، و النظرية الإسلامية ذات الفلسفة الروحانية و التي تعاني من حالة جمود مرضية تستدعي تدخلا من أطباء الروح و العقل من فقهاء الأمة
و تزخر القواميس الغربية بكل المغريات التي تستهوي المرأة من مصطلحات براقة كالتحرر و المساواة و الاستقلال المادي و العاطفي و الاجتماعي، إضافة إلى مصطلح جديد يضاف إلى القائمة و هو مصطلح التمكين الذي ساد في المحافل الدولية و العربية و الإسلامية شعاره: نصرة المرأة بـ:إلغاء التبعية، و وقف العنف، و تحقيق الحرية الكاملة، و فرض المساواة.
هذا المصطلح لاقى رواجا معتبرا بين الأوساط النسائية في المجتمعات الإسلامية، و ما ذاك إلا بسبب العادات و المعتقدات البعيدة كل البعد عن الإسلام من جهة، و من جهة أخرى التفسير الخاطئ و القاصر للنصوص، و الجهل بأن الفقه و التفسير و المقاصد، و علوم القرآن و الحديث و النسخ، و الترجيح، و غيرها.....علوم مكملة لبعضها لا يمكن أن ينفرد أحدها بتسير شؤون المسلمين ما لم تسانده باقي العلوم.
و إضافة إلى هذه الأسباب تظهر المرأة كسبب رئيس وراء هذا الوضع؛ ذلك أنها ما زالت تعاني من أوهام و مفاهيم خاطئة صارت ثقافة متوارثة أباً عن جد، و غدت نفسها تروج لها، رغم ما حققته من تقدم و تحرر على كافة الأصعدة الاجتماعية و الثقافية و السياسية.
أولا: العمل الدعوي و متطلباته
        
من أهم المجالات التي يمكن للمرأة أن تبدع فيها و تساهم في نشر الرسالة المحمدية داخل المجتمعات المسلمة و خارجها مجال الدعوة إلى الله، و لها أن تقتدي بالصحابيات الجليلات في كيفية تعاملهن مع هذا الدين الجديد، و ما تطلبه ذلك من تضحية بالمال و الولد و الجهد و حتى النفس:
-
في بذل المال:
تتصدر قائمة النساء اللواتي بذلن كل غال في سبيل الدعوة الإسلامية أول أمهات المؤمنين السيدة خديجة، أول من أعانت الرسول صلى الله عليه و سلم على التحنث في غار حراء، و أول من آمنت بالله و رسوله من  النساء و الرجال، و أول من صلت معه من الرجال و النساء، و أول من شدت على يده، و أول من ناصرته بالمال و الجهد، و سهرت على تذليل العقبات التي تعترض دعوته، و هيأت له ظروف التمكين، فكانت أما رحوما و زوجة عطوفا، و صديقة وفية، و عرف عام وفاتها بعام الحزن، فأي فضل تستجديه المرأة المسلمة بعد هذا الفضل العظيم الذي كرمها الله به في شخص السيدة خديجة أمنا جميعا.
و تأتي بعد خديجة صحابيات كثيرات في بذل المال في سبيل الله، و تذكر عائشة رضي الله عنها مثالا على ذلك فتقول:" أم شريك امرأة غنية من الأنصار عظيمة النفقة في سبيل الله"([1]).
-
في الصبر و الاحتساب:
و لعل أهم ما يمكن أن يدلل به لهذا المقام مسألة هجرة الصحابيات، فقد كن سباقات في المجال الدعوي ككلثوم بنت عقبة ابن أبي معيط التي فرت بدينها و هي عذراء من مكة إلى المدينة فكانت أول امرأة قرشية هاجرت بعد الرسول صلى الله عليه و سلم إلى المدينة([2])،ثم توالت بعد ذلك هجرة النساء حتى فاق عدد المهاجرات المائة منهن من هاجرت إلى الحبشة الهجرتين الأولى و الثانية ثم هاجرت إلى المدينة، حيث عاد المسلمون من المدينة إلى الحبشة، و من هن من هاجرت إلى الحبشة فقط، أو هاجرت رأسا من مكة إلى المدينة، و كان لهن أدوار بارزة في تلك المحنة التي عاشها المسلمون في مرحلة التمكين، و لاقين من العذاب و الجزع و الجوع و التعب و النصب ما لاقاه الرجال بدون تفريق و لا تمييز مع تفوق الرجال عليهن جسديا و قدرة
على التحمل، بل كانت سببا في هجرته كما فعلت أم قيس التي رفضت الزواج من رجل تقدم لخطبتها حتى يهاجر فأصبح يسمى مهاجر أم قيس([3]).
-
في الحكمة و المشورة:
كان للمرأة المسلمة في المدرسة المحمدية دورا بارزا لا يقل أهمية عن شقيقها الرجل، و لم يقتصر دورها على ما يحاول قاصري الفهم من أمتنا حصره في أعمال بيتية و تربية للأولاد على عظم هذه الأعمال و عظم قدرها، لكن كانت إضافة إلى ذلك موضع مشورة للرسول صلى الله عليه و سلم و كانت مؤثرة في قراره السياسي، و قد وفق رسول الله صلى الله عليه و سلم عندما أخذ بمشورة أم المؤمنين أم سلمة في صلح الحديبة لما رفض الصحابة التحلل بحلق رؤوسهم و النحر حزنا على منع قريش لهم من العمرة، و أشارت عليه رضي الله عنها بأن يخرج إليهم فيبادر بحلق رأسه و نحر بدنه قائلة:" يا نبي الله أتحب ذلك أخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك و تدعو حالقك فيحلقك"، و كان لفعله صلى الله عليه و سلم أثره على نفوس الصحابة، فبادروا إلى التحلل من الإحرام([4]). 
-
في الأخذ بيد الأهل و المقربين:
لم تكن المرأة في العصر النبوي حبيسة الجدران مجرد وعاء للمتعة و الإنجاب، بل كانت تزاحم الرجل في صناعة التاريخ و تغيير مساره كما فعلت أم المؤمنين جويرية بنت الحارث التي كان لها فضل عظيم على قومها لما كانت السبب في إسلامهم و عتقهم فتحولوا بفضل امرأة من عبيد إلى أحرار، و من كفار إلى مسلمين، بل أصبحوا من سادة القوم؛ لأنهم أصهار رسول الله، و ذلك أن النبي صلى الله عليه و سلم لما تزوجها، وسمع الناس بذلك أعتقوا من كان تحتهم من قومها قائلين: أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم، و تقول عنها السيدة عائشة: " فلقد أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق فما أعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها"([5])، و كما فعلت أم سليم بن ملحان (أم أنس بن مالك) عندما اشترطت مهرها إسلام زوجها أبو طلحة الأنصاري، و شهد لها الرسول صلى الله بالجنة([6]). 
-
في سد حاجة الأمة حالة السلم و الحرب:
 
وقفت المرأة جنبا إلى جنب تدافع عن الدين الجديد و تبذل الغالي و الرخيص من أجله، و تتعلم ما يلزم من مهارات تحقق النصر و التمكين، و تزخر المصادر التاريخية و الدينية بما يعضض ذلك و من أمثلته: أن  السيدة فاطمة كانت تضمد جراح الرسول صلى الله عليه و سلم بعين تدمع و قلب حزين على الأذى الذي كان يتعرض له أبوها، و يذكر الواقدي أن هذا كان شأن جميع أمهات المؤمنين، فيقول:" قال كعب بن مالك: رأيت أم سليم بن ملحان و عائشة على ظهورهما القرب يحملانها يوم أحد، و كانت حمنة بنت جحش تسقي العطشى و تداوي الجرحى"([7])، و أن إمرأة عاصم بن عدي أنجبت ابنتهما سهلة و هي تشارك الرسول غزوة خيبر، و لاشك أن هذا من أروع الأمثلة على كون المرأة في صدر الإسلام مثالا يحتذى به لكل امرأة تنشد العدل مسلمة كانت أو كافرة؛ لأنه يتحدث عن إمرأة معذروة شرعا بسسب حملها و اقتراب وقت الوضع إلا أن شخصيتها المتلهفة لنصرة الله و رسوله دفعتها إلى المشاركة و لم يردها زوجها أو رسول الله صلى الله عليه و سلم أو ينكرا عليها ذلك.
كما تعتبر نسيبة بنت كعب النجارية من الصحابيات التي سطرت بطولاتها في التاريخ بماء من ذهب، و التي استماتت في الدفاع عن الرسول صلى الله عليه و سلم يوم أحد عندما تشتت المقاتلون من حوله و تعددت جروحها بين طعنة رمح و ضربة سيف، ثم أنها شهدت اليمامة ضد مسيلمة الكذاب و طعنت في المعركة اثنا عشر مرة و قطعت يدها([8]). 
-
في تولي المهام الصعبة:
يضرب لنا الواقدي و غيره مثلا غاية في القوة عن تولي المرأة في عهد الرسول مهاما قد لا يستطيع الرجال تحملها الآن فيذكر كيف أن هند بنت عمرو بن حرام الخزرجية شاركت مع زوجها عمرو بن الجموح، و أخيها عبد الله و ابنها خلاد غزوة أحد و كانوا قد استشهدوا جميعا في أرض المعركة فحملتهم جميعا على بعير و ذهبت لتدفنهم فلقيت عائشة أم المؤمنين، فسألتها عن الخبر فقالت:" خيرا أما رسول الله فصالح، و كل مصيبة بعده جلل، و اتخذ الله من المؤمنين شهداء، و رد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا و كفى الله المؤمنين القتال و كان الله عزيزا قويا([9])، إن هذا النص لهو الرد الدامغ على من يريد أن يحاصر المرأة بالفهم المغلوط للنصوص، فهند ما كانت لتكون بهذه الشجاعة و هذه القدرة النفسية على التحمل بل و المساعدة عندما حملت رجالها الثلاثة دون جزع أو هلع، بل كان في جوابها على سؤال عائشة ما يفيد أنها على استعداد لمزيد من البذل، لو كانت كما يريد الذين يريدون من المرأة أن تقصر دائرة اهتماماتها على البيت و أهله فقط، إن مثل هذه الحالة الفريدة من الجرأة لا يتأتى إلا في بيئة تساعد على الاستقلال النفسي، و تجعل الشخص ذو هدف نبيل في الحياة، و ذو رأي مسموع مؤثر، و لا يتأتي ذلك في البيئة التي تعامل المرأة على أنها عورة كاملة يجب حجبها.
و مثلها في الشجاعة و الجرأة السيدة صفية بنت عبد المطلب عمة الرسول صلى الله عليه و سلم التي قتلت اليهودي الذي تسلق الحصن الذي رفع فيه الرسول صلى الله عليه و سلم أزواجه و كانت معهن في حين رفض حسان بن ثابت قتله([10]).
ثانيا: الاستفادة من هدي الصحابة في فهمهم المقاصدي للمسائل المستجدة حول المرأة بعد الرسول صلى الله عليه و سلم
لم تختلف المكانة التي كانت عليها المرأة في عهد الخلافة الراشدة عن تلك التي كانت عليها في العهد النبوي، إن لم نقل أنها ازدادت بازدهار الدولة الإسلامية و اتساعها، و كان للمرأة أدوار مهمة في تلك الفترة الذهبية، و شاركت إلى جانب الرجل في جميع مجالات الحياة، و كانت في كثير من الأحيان صاحبة الكلمة المسموعة و القرار النافذ في وقائع حفظها التاريخ:
-      
في الحياة السياسية
 
يذكر العلماء مثالين عن الإجماع السكوتي على دخول المرأة المسلمة مجال السياسة وعدم اعتراض الصحابة على ذلك، ويمثلوا لذلك بمثالين في غاية الدقة:
الأول:   مجادلة المرأة لعمر رضي الله عنه في المهور حيث خطب  في المسلمين يطالبهم بعدم المغالاة في المهور، وحدد أعلاه بمهر الرسول صلى الله عليه سلم وأن من تعداه أخذت الزيادة إلى بيت المال، فقامت امرأة من الحضور تقول: "ما ذاك لك"، قال: ولم، قالت: إن الله تعالى قال: ﴿وإن آتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا ﴾، ( النساء20)، فرجع عمر عن قوله، وقال: "فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب "، وفي رواية أخرى قال: "أخطأ رجل وأصابت امرأة " ([11]).
الثاني:  خروج عائشة للمطالبة بدم عثمان يوم الجمل، ولا يخفى معنى ذلك بغض النظر عن كونها فتنة كبرى، فعائشة ما كان لها أن تخرج لو لم تكن متأولة صحة ذلك، وما كان الصحابة ليكونوا في جيشها ما لم يكونوا متأولين صحة ذلك، ولا يكون ذلك إلا إذا كانوا اعتادوا مثل تلك الأمور في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم.
وكان للأم المؤمنين صفية بنت حي دور واضح في نصرة أمير المؤمنين عثمان بن عفان في حصاره لما كانت تنقل له الطعام والماء على معبر خشب من منزلها إلى منزله، في وقت لا تذكر المصادر أن الصحابة رضوان الله عليهم نصروا عثمان كما نصرته صفية.
        
كما تبرز شخصية الشفاء بنت عبد الله كشخصية مؤثرة في خلافة الفاروق عمر بن الخطاب، حيث تذكر المصادر أنه كان يقدمها في الرأي، ويرعاها ويفضلها، وربما ولاها شيئا من أمور السوق.([12])
ومثلها زينب بنت علي ابن أبي طالب عندما قتل الحسين شهيدا، عندما وقفت في وجه يزيد، وتميزت بمواقفها التي دافعت فيها عن الإسلام، ولها شعر في رثاء أخيها المغدور، ولها خطب وردود فعل قوية أفحمت فيها يزيد بن معاوية،([13]) ومثلهما في الشجاعة أسماء بنت يزيد بن السكن التي قتلت بعمود خيمتها تسعة من الروم في معركة اليرموك سنة13هـ([14]).
-
في حفظ القرآن والسنة النبوية:
كانت المرأة في عهد الراشدي مرجعا مهما يعتد به في رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت أكثرهن رواية للحديث السيدة عائشة التي بقيت قرابة نصف قرن بعد الحبيب المصطفى تروي أحاديثه وتنقيها من المكذوب والضعيف، فقد روت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألفين ومائتين وعشرة أحاديث، يقول فيها أبو موسى:" ما أشكل علينا أصحاب محمد حديثا قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علما"([15]).
وقد وقع تعمد الكذب في الحديث عن الرسول صلى الله عليه من الكثير من الرجال الذين حصرتهم كتب الجرح والتعديل، بينما لم يقع ذلك من النساء على كثرتهن بشهادة إمام الجرح والتعديل شمس الدين الذهبي:" وما علمت من النساء- أي من اتهمت بالكذب- ولا من تركوها"([16]).
وكذلك روت أم سلمة رضي الله عنها ثلائمائة وثمانية وسبعين حديثا، وكذلك فعلت السيدة حفصة وأم حبيبة، وغيرهن من أمهات المؤمنين، وغيرهن من الصحابيات، وقد أحصاهن الذهبي بأربعمائة وإحدى عشر راوية حديث .([17])
        
أما بالنسبة لحفظ القرآن الكريم فكان شرف ذلك من نصيب أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها، فهي صاحبة النسخة الورقية للقرآن التي استنسخ منها سيدنا عثمان النسخ التي وزعت على الأمصار، وقد تعلمت حفصة الكتابة على يد الشفاء بنت عبد الله بحرص منه صلى الله عليه وسلم، فقد روي عن الشفاء بنت عبد الله قالت: "دخل علي النبي وأنا عند حفصة فقال لي: "ألا تعّلمين هذه رقية النملة كما علمتها الكتابة"،  والمقصود برقية النملة تحسين الخط وتزيينه([18]).
الخاتمة:
بعد هذا العرض المختصر للمنهج النبوي في التعامل مع المرأة يحق للمرأة المسلمة بأن تفتخر بكونها امتداد للمرأة الصحابية زوجة الرسول وابنته وعمته، وامتداد لشقيقة الصحابي وأمه وزوجته وابنته، وأن تكون على يقين بأن ديننا الحنيف كرمها وأعزها، فليست مضطرة لاستجداء الكرامة من أحد، ويكفيها فخرا أنها كانت حاضرة بقوة في آخر وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع.
النتائج:
1-
لقد كان للمرأة دور لا يُغفل قدره في المدرسة المحمدية وفي رسالته العالمية، فكانت المساندة والراعية له كزوجة، وكانت محط رحمته وحنانه كابنة، ومحل تقديره واحترامه ومشورته وحمل رسالته ونشرها كعالمة وفقيهة ومجاهدة وراوية للحديث، ومربية للأجيال، ولنا أن نفتخر بكتب السير التي خلدت صحابيات كن مصدر عزة للإسلام في فترات التمكين الصعبة حيث سطرت الصحابيات إلى جانب الصحابة ملاحم بطولية خالدة، وحفظن حديث الرسول وكن مرجعا لا يمكن تجاهله في ذلك.
2-
إن كون المرأة أضعف من الرجل حقيقة علمية لا ينكرها إلا مكابر، لكن ذلك لا ينفي أبدا أن المرأة أذكى وأحذق من الرجل في كثير من الأعمال التي تتطلب جسدا كجسدها وصبرا كصبرها.
3-
يزيد الجهل بحقيقة تكريم الإسلام للمرأة كلما ابتعدنا عن عصر الرسالة والخلافة الراشدة، واقتربنا من عصور التطور العلمي والتدهور الخلقي والفكري
التوصيات:
-
إن ما سبق ذكره يفرض على مفكروا الأمة وعلمائها أن ينبروا لتنقية الإسلام من الشوائب التي لا تمت له بصلة لا من قريب ولا من بعيد، والتي جعلت من الفهم القاصر والعقيم للنصوص الشرعية مستندها وسلطتها التنفيذية على العقول والقلوب، وتصحيح النظرة الخاطئة والتصدي لحملات التشويه المزدوجة من الغرب ومن مدعي العلم بالإسلام.

 




([1]) الطبقات الكبرى، ابن سعد: محمد بن منيع،  دار التحرير للطبع والنشر، القاهرة، 1967م/ 1970م: (8/110).

([2]) الطبقات الكبرى، ابن سعد: (8/167).

([3])  محمد صلى الله عليه وسلم والمرأة، سامية منيسي، المكتبة الأكاديمية، القاهرة، ط(1)، 1996م، ص:54، وينظر: أسد الغابة، ابن الأثير: عز الدين أبي الحسن، تحـ: محمد إبراهيم ومحمد عاشور، دار الشعب، القاهرة،1970م: (7/380).

([4]) البداية والنهاية، ابن كثير: عماد الدين، مكتبة المعارف، القاهرة، دت: (4/176)، البخاري،  صحيح البخاري، كتاب المغازي، دار الشعب، القاهرة دت.

([5]) تاريخ الملوك والرسل، الطبري، تحـ: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، القاهرة، ط4، 1977:(2/610).

([6]) الطبقات الكبرى، ابن سعد:(8/310).

([7]) المغازي، الواقدي، محمد بن عمر، تحـ: مارسدن جونس، عالم الكتب بيروت، 1984م :(1/249).

([8]) المغازي، الواقدي:(1/268).

([9]) المغازي، الواقدي :(1/264).

([10]) الطبقات الكبرى، ابن سعد:(8/27).

([11]) قال الهيثمي: في سنده مجالد بن سعيد وفيه ضعف، ينظر: مجمع الزوائد، الهيتمي، علي بن أبي بكر، دار الريان للتراث، دار الكتاب العربي، القاهرة، بيروت، 1407هـ: (4/284).

([12]) الإصابة في تمييز الصحابة، العسقلاني:  ابن حجر، المطبعة الشرقية، دط، دت:(5/  333).

([13]) محمد صلى الله عليه وسلم والمرأة، سامية منيسي، ص:110.

([14]) الطبقات الكبرى، ابن سعد:(8/233).

([15])طبقات الحفاظ، السيوطي،  جلال الدين، تحـ: محمد عمر، مكتبة وهبة، القاهرة، 1973م، ص:8 .

([16]) إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، الألباني، المكتب الإسلامي ،  بيروت، ط (2)،1405هـ، 1985م: (2/256).

([17]) الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة، الذهبي: شمس الدين محمد بن أحمد، تحـ: عزة علي عبيد موسى محمد الوشي، دار الكتب الحديثة، القاهرة، 1972: (3/468- 483).

([18]) أخرجه أبو داوود في سننه، كتاب الطب، باب ما جاء في الرقي، برقم3887، وصححه الألباني، ينظر: سنن أبي داوود، دار الفكر، بيروت، لبنان :(3/393)،  الألباني، صحيح سنن أبي داوود، مكتبة المعارف- الرياض، ط (2)، 1421هـ:(2/468). 

 http://wefaqdev.net/st_ch569.html

قراءة 1519 مرات آخر تعديل على الجمعة, 26 حزيران/يونيو 2015 07:03

أضف تعليق


كود امني
تحديث