كانت عقارب الساعة تشير إلي الثانية عشر إلا خمس دقائق من ليلة الحادي و الثلاثون من ديسمبر أسرعت الأم بخطوات سريعة نحو مفتاح الكهرباء و أغلقته .. ليعم البيت ظلام دامس .. فجأة أضاء هذا الظلام شعلة صغيرة في يد الأب اتجه بها نحو الشمعة التي في منتصف الكعكة التي قضت الأم فيها الساعات لتزين و جهها بالكريم و لم تنسي أن تخط عليها كلمة Happy New Year بدأ ضوء الشمعة يزيل شيئاً من الظلام ليظهر وجه أحمد الطفل الصغير الذي كان يجلس بجوار الكعكة . كانت الأم تنظر إلي الشمعة و هي تفكر في أيام شبابها و زواجها و كان الأب ينظر إلي الشمعة و هو يفكر في مشاريعه التي بدأها أما أحمد فكان ينظر إلي الشمعة و هي تحترق لتضيء لهم المكان و تدور في رأسه كثير من الأسئلة. قطعت أجراس الساعة و هي تعلن تمام الثانية عشر بعد منتصف الليل أفكار الجميع. أخذت الأم بيد أحمد و أخذ الأب بيده الأخري ثم إتجه الجميع نحو الشمعة ثم هوووووووف كانت كفيلة أن تطفيء الشمعة ليصفق الجميع بما فيهم أحمد بيديه الصغيرتين ... قفز الأب نحو مفتاح النور و ضغط عليه ليظهر النور تلك الزينة التي امتلأ بها البيت .. أحمد : ماما الأم : نعم ياحبيبي أحمد : هل سوف نذهب غداً للكنيسة ؟؟ الأم بإستغراب : لماذا ؟ !! أحمد : معنا طالب نصراني قال إنهم سوف يذهبون غداً للكنيسة. الأم : نحن مسلمون نذهب إلي المسجد. سكت أحمد برهة ثم قال : هل سيحتفلون في المسجد غداً ؟؟ الأم : لا أحمد : لماذا ؟ احتارت الأم في إجابة هذا السؤال ففضلت الصمت. و لكن أحمد واصل قائلاً: بالتأكيد أن رسول الله صلي الله عليه و سلم احتفل بهذا العيد. إنتفض الأب في مكانه ثم قال : لا لم يحتفل. نظر أحمد إلي أبيه بإستغراب و قال : أنا أحب رسول الله صلي الله عليه و سلم و أنتم قلتم لي يجب أن تفعل ما كان يفعله و تترك مالم يفعه, فلماذا إذن نحتفل بهذا العيد طالما أن رسول الله صلي الله عليه و سلم لم يحتفل به ؟ تلاقت نظرات الأم و الأب مع بعضهما عسي أن يجدوا مخرج من هذا المأزق الذي تسببه لهم أسئلة أحمد. ضمت الأم أحمد و قالت له : نحن نفرح و نحتفل و غداً سوف نذهب بك إلي الحديقة فلا داعي لهذه الأسئلة الكثيرة. سكت أحمد علي الرغم من تلك الأسئلة التي تدور في رأسه الصغير حتي يرضي والدته. قام الأب و فتح التلفاز عسي أن يجد برنامج ينسي أحمد أسئلته و لكن .. تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن .. ما أن ظهرت الصورة إلا و إنطلق صوت الشيخ و هو يتحدث في إحدي القنوات الفضائية : إن من مظاهر التغريب التي ظهرت في العالم الإسلامي الإحتفال بأعياد الكريسمس و رأس السنة في حين أن رسول الله صلي الله عليه و سلم شرع لنا الإحتفال في الإسلام بعيدين فقط عيد الأضحي و عيد الفطر و الدليل ما رواه أبو داود عن أنس رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة و لهم يومان يلعبون فيهما فقال:ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال: أن الله قد أبدلكم خيرا منهما (( يوم الأضحى و يوم الفطر )). و الدلالة من الحديث أن النبي صلى الله عليه و سلم لم يقرهما على العيدين الجاهلين فنبذهما و جعل بدلهما عيدين شرعيين. هذا بالإضافة إلي يوم الجمعة و دليل أخر ما رواه أبو داود عن ثابت بن الضحاك قال: نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم أن ينحر إبلاً ببوانة فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال (إني نذرت أن أنحر إبلاً ببوانة) فقال النبي صلى الله عليه و سلم (هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد ؟) قالوا (لا) قال (فهل كان فيها عيد من أعيادهم ؟) قالوا (لا) قال: فقال النبي صلى الله عليه و سلم (أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله و لا فيما لا يملك ابن آدم) فالرسول حرم الوفاء بالنذر في مكان كان به عيد من أعياد الجاهلية و سمى ذلك معصية فكيف بمن يحضر أعياد الكفار. فلا يجوز لنا أن نحتفل بأعياد النصاري لأن العيد له علاقة بالعقائد و لكل أهل دين أعياد يحتفلون بها و قد تحدث العلماء قديماً و حديثاً عن حكم مشاركة النصاري أعيادهم و إليكم فتوي الشيخ العثيمين رحمه الله في هذا الموضوع .. كان أحمد يراقب كلام الشيخ كلمة كلمة .. واصل الشيخ قائلاً : سُئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (رحمه الله ) : س : ما حكم تهنئة الكفار بعيد الكرسمس؛ لأنهم يعملون معنا ؟ و كيف نرد عليهم إذا حيونا بها ؟ و هل يجوز الذهاب إلى أماكن الحفلات التي يقيمونها بهذه المناسبة، و هل يأثم الإنسان إذا فعل شيئاً مما ذكر بغير قصد و إنما فعله إما مجاملة أو حياء أو إحراجاً أو غير ذلك من الأسباب، و هل يجوز التشبه بهم في ذلك ؟ أفتونا مأجورين. جـ : تهنئة الكفار بعيد الكريسمس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق كما نقل ذلك ابن القيم رحمه الله في كتابه ( أحكام أهل الذمة) . حيث قال: ( و أما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق مثل أن يهنئهم بأعيادهم و صومهم فيقول: عيد مبارك عليك أو تهنأ بهذا العيد و نحوه؛ فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات و هو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب؛ بل ذلك أعظم إثماً عند الله و أشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر و قتل النفس و ارتكاب الفرج الحرام و نحوه . و كثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك و لا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر؛ فقد تعرض لمقت الله و سخطه). انتهى كلامه رحمه الله. و إنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حراماً و بهذه المثابة التي ذكرها ابن القيم؛ لأن فيها إقراراً لما هم عليه من شعائر الكفر و رضى به لهم، و إن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه، لكن يحرم على المسلم أن يرضى بشعائر الكفر أو يهنيء بها غيره؛ لأن الله تعالى لا يرضى بذلك كما قال الله تعالى: { إن تكفروا فإن الله غني عنكم و لايرضى لعباده الكفر و إن تشكروا يرضه لكم } و قال تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام ديناً }. و تهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا. و إذا هنؤنا بأعيادهم، فإننا لا نجيبهم على ذلك لأنها ليست بأعياد لنا، و لأنها أعياد لا يرضاها الله تعالى؛ لأنها إما مبتدعة في دينهم و إما مشروعة لكن نُسِخت بدين الإسلام الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه و سلم إلى جميع الخلق و قال فيه: { و من يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه و هو في الآخرة من الخاسرين }. و إجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة حرام؛ لأن هذا أعظم من تهنئتهم لها لما في ذلك من مشاركتهم فيها. و كذلك يحرم على المسلمين التشبه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة أو تبادل الهدايا أو توزيع الحلوى أو أطباق الطعام أو تعطيل الأعمال و نحو ذلك لقول النبي صلى الله عليه و سلم: (( من تشبه بقوم فهو منهم)). قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه ( اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ) : مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل، و ربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص و استذلال الضعفاء . انتهى كلامه. و من فعل شيئاً من ذلك فهو آثم سواء فعله مجاملة أو تودداً أو حياء أو لغير ذلك من الأسباب؛ لأنه من المداهنة في دين الله، و من أسباب تقوية نفوس الكفار و فخرهم بدينهم. و الله المسؤول أن يعز المسلمين بدينهم و يرزقهم الثبات عليه و ينصرهم على أعدائهم إنه قوي عزيز. و الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين . المذيع : فضيلة الشيخ جزاك الله خيراً جرت دمعة صغيرة علي خد أحمد مسحتها الأم بسرعة و هي تربت علي كتفيه .. أحمد : ماما هل عليّ أنا ذنب ؟ الأم و قد حاولت جاهده أن تحبس دموعها و لكن ما استطاعت لتهرب منها دمعتين و هي تقول : لا أنت ليس عليك ذنب أنت مازلت صغيراً. الأب بصوت حنون: أحمد نحن الذين أخطأنا و لكن نعدك أن لا نحتفل بعد اليوم إلا بعيد الأضحي و عيد الفطر. أحمد ببراءة الطفولة : ماما هل ستعملين لنا كعكة و زينة و نذهب إلي الحديقة في عيد الأضحى!! |
http://www.saaid.net/mktarat/aayadalkoffar/58.htm?print_it=1