قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 24 آذار/مارس 2016 07:45

الجهل و الاستبداد.. قرابة و نسب

كتبه  الأستاذ محمد الأمين مقراوي الوغليسي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

لا يخفى على المرء أن الإسلام جاء لتكريم الإنسان، و الرفع من كرامته الذاتية، و صيانة حرماته، و الحفاظ على حياته من الذلة و الهوان و الاستعباد، و قد كان هذا الأمر واضحاً منذ اللحظة الأولى لتنزل القرآن الكريم على النبي صلى الله عليه و سلم، فنزول الآيات الأولى من سورة العلق، و التي تتحدث عن القراءة و الكتابة؛ كان لرسم المنهج الأقوم للتحرر من نير الظلم و العبودية، التي كانت البشرية غارقة فيها، حتى سميت حياة العرب قبل البعثة بالجاهلية، و الذي يتأمل اسم السورة و بدايتها يجدها تربط حياة الإنسان بالعلم، فبين القراءة و الإنسان ارتباط وثيق، يدركه من ارتقى فهمه لآفاق القرآن.

إن إعلان الإسلام الحرب على الاستبداد من خلال تجريده من الأرضية التي يقف عليها؛ أمر يلهم المسلم للعودة إلى هذا الحل في مواجهته، فالأمة الجاهلة لا يمكن أن تعي مفهوم الحرية بمعناه الحقيقي، الذي هو التعبد لرب العالمين، و الخضوع له رغبة و رهبة، و السير في الاستخلاف بما يرضيه عز و جل، و من ثم كان العلم هو الوسيلة المثلى لتعبيد الناس لرب العالمين، كما أن الأمة الجاهلة لا يمكنها أن تلحظ المسخ الذي لحق بذاتها الفردية و الجماعية ما دامت بلا بصيرة و نور، فهي غارقة في الشهوات البدائية اللصيقة بعالم الأشياء، و هي بعيدة كل البعد عن عالم القيم و الأخلاق، لذلك كان العلم بأدواته الكبرى أمضى سلاح جاء به الإسلام في حربه المفتوحة ضد الجاهلية، و لذلك فإن خير الهدي هدي محمد عليه الصلاة و السلام في محاربة الاستبداد الأهوج، الذي يتغذى من القابلية للخنوع و الاستسلام المرتكزة أساساً على الفراغ المعرفي و القيمي.

الجهل أكبر الأوثان..

لقد كان الجهل يمثل الصنم الأكثر جلالة و حضوراً في حياة العرب قبل البعثة، فلولاه ما تمكن صناديد قريش من استرقاق كرامة المجتمع العربي يومها، و لولاه ما دان أفراده لهم بعد أن سلموا حريتهم، و هذا ما تفطن له المفكر المسلم مالك بن نبي رحمه الله عندما قال: «الجهل في حقيقته وثنية لأنه لا يغرس أفكاراً بل ينصّب أصناماً» و هذا ما كان متجسداً في المجتمع الجاهلي، الذي كان يعج بالأوثان المادية و المعنوية، فالهوى و التعصب و التخلف و الانتكاس الفطري و التوحش و السفالة و التقليد الأعمى، كلها حجارة ارتصفت فأعطت هذا الوثن الأكبر.

و لأن الأنبياء جاؤوا دوماً لمعالجة الانحراف الأعظم في أقوامهم، فإن الإسلام بوصفه الرسالة الخالدة؛ جاء بالعلاج الخالد لهذا الوثن المقدس المولد لكل الانحرافات البشرية المتجسدة في الحاكم و المحكوم، فكانت المعجزة الخالدة، من جنس المشكلة الكبرى التي تهدم الإنسان و تسلمه للعابثين من تجار الاستغلال، فكان قرآناً يتلى، ليخرج الناس من شر الرق السياسي و الاجتماعي إلى دوحة الحرية و التوحيد، و يخرج المجتمع من ظلمات الهوى و التعصب و الفوضى، إلى التحضر و الاستخلاف، و يغير النفوس، و ينير العقول، و يلين القلوب، و يعيد للفرد بشريته، و يرد للمجتمع رحمته و تضامنه، و هذا ما فهمته قريش و رأت فيه خطراً عليها، فراحت تستخدم كل وسيلة لمنع الصدع بالحق و العلم، كالمكاء و التصدية مع النبي عليه الصلاة و السلام، و الضرب و التعذيب في حق ابن مسعود رضي الله عنه؛ لأجل كتم أنفاس الحق التي تحيي الروح من مواتها، و تخرجها من براثن الوثنية المسقية بماء الجهل، و هو ما يتكرر اليوم، فالمستبد يحارب العلم، و يقمع أهله، بالسجن و النفي و القتل حسب ضعفه و قوته؛ لأنه يدرك أن خروج الناس من وحل وثنية التجهيل؛ كفيل بردم ما شيده الباطل و هدمه.

الإسلام يفكك الاستبداد

لم يكن من السهل التعامل مع مجتمع جاهلي، قد استمرأ أفراده طغيان الظلمة، و ألف أغلال الاسترقاق، لذلك عمل الإسلام على تفكيك منظومة الاستبداد، من خلال ضرب الدعامة التي كان يستند إليها في ترسيخ التبعية، و هي القابلية للاستغباء و الاستعباد، تلك القابلية التي أفقدت العرب بشريتهم و مسخت فطرتهم، و غيبتهم في مجاهل الرداءة و الانحطاط، فكان أول ما عمل عليه النبي عليه الصلاة و السلام، تفريغ جيل كامل من الصحابة لتعليمهم و تربيتهم، ليكونوا النواة الأولى في وجه الوثنية المستبدة، فكانت السنوات الثلاث للدعوة، جامعة إيمانية تثقيفية تربوية تعليمية، تمكن فيها رسول الله عليه الصلاة و السلام، من تخريج جيل قوي أمين عاقل بصير، غيَّر البشرية بعد عقدين من الزمن، و لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن السنوات العشر التالية لهذه الثلاث، كانت كلها بناء للإنسان المسلم الصافي من شوائب سياسة التجهيل التي مارسها صناديد الكفر بمكة، و مما يدل على هذا الأمر أن أبا ذر الغفاري رضي الله عنه لما أخطأ في حق بلال رضي الله عنه و عيَّره، قال له النبي عليه الصلاة و السلام: «إنك امرؤ فيك جاهلية»، و قد كان أبو ذر رضي الله عنه من الرعيل الأول، و من السابقين للإسلام، فكأن النبي عليه الصلاة و السلام يذكره بتلك الأيام التي رباهم فيها على ترك رواسب الجاهلية، و هذا يدل على أن العلم و تجديد طلبه يبقى الوسيلة المناسبة لمحاربة الجهل إذا حاول الظهور مجدداً و لو في شكل سلوك معزول؛ لأن الجهل يبقى دوماً المولد الأكبر للاستبداد الفردي و الجماعي، و لهذا حث الله تعالى في كتابه على الاستزادة من طلب العلم و المعرفة فقال جل شأنه:{وَ قُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا}[طه: ٤١١] فكلما زادت تعقيدات المواجهة في دنيا المكابدة، ألح المسلم على طلب العون من الله في طريق مواجهتها بنور التعلم و التبصر.

و لم يتوقف تفكيك الإسلام لمنظومة الاستبداد الناشئة في بيئة الجهل و التجهيل عند هذا الحد، بل إن النبي عليه الصلاة و السلام ربط الصحابة رضوان الله عليهم بعملية محاربة أدواته ربطاً عملياً، و يظهر هذا في تعامله عليه الصلاة و السلام مع أسرى غزوة بدر الكبرى، حيث اشترط عليهم تعليم عشرة من الصحابة مقابل حريتهم. و لا شك في أن هذا الأمر عظيم القدر و الدلالة، فقد كانت الكتابة و القراءة تعادل حياة كائن بشري في قدسيته، و في سلوك هذا الحل، إشارة واضحة للكفار بأن الحرب بين الكفر و الإسلام، بين الحرية و الطغيان لن تكون حبيسة الأرض و الميدان فحسب، بل إنها حرب ثقافية و علمية و فكرية أيضاً، أدواتها القرطاس و الكلمة، و في هذا الأمر النبوي تنبيه واضح للصحابة رضوان الله عليهم بأهمية العلم في معركتهم ضد الباطل.

و لهذا فإن أي مشروع حرب ضد المستبدين المحاربين للحق، لا تسبقه صولات و جولات ضد سياسات تعميم الغفلة الحضارية، فإنها تبقى مجرد حركات مفرغة من كل معنى، و لن تنال في الأخير إلا الفشل و تكريس الباطل و تقويته.

عن أي جهل نتحدث؟

لقائل أن يسأل و يقول: إننا نعيش في مرحلة ميزتها الأولى أن غالبية الناس تقرأ و تكتب، بل إن الملايين من المسلمين قد تخرجوا في آلاف الجامعات، و المعاهد و المراكز التعليمية المنتشرة في ربوع الوطن العربي و الإسلامي، فكيف نتحدث عن الجهل، و عن أنه السبب الرئيس للاستبداد الذي جاء الإسلام لمحاربته و إشاعة العلم و العدل و التوسعة مكانه!!

إن هذا التساؤل مشروع، و لعل أنسب جواب عن ذلك، هو أن القرآن عندما أعلن محاربة الجهل، لم يحاربه في صورته التقليدية–الأمية-فحسب، بل حاربه في صوره المتطورة، فهو صنم قابل للتمدد و التقلص، و التطور و التدهور، و من تجليات الجهل في صوره المتقدمة، فقدان العلم لأخص خصائصه و هي الفاعلية، و قد روي في الحديث«إن من العلم لجهلاً»فالعلم إذ لم يؤد وظيفته صار كالجهل، بل صار أشد خطراً منه و فتكاً، و قد وردت الإشارة إلى هذا في قوله تعالى في حق اليهود:{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْـحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِـمِينَ}[الجمعة:٥].في هذا الآية يتحدث القرآن عن فقدان العلم لفاعليته، حيث يصبح العلم ميتاً، غير منتج و لا محرك للفرد و المجتمع، و هو ما نعيشه اليوم فعلى كثرة الجامعات و المعاهد العلمية و المراكز التعليمية، و على ما في المجتمع من ملايين الطلبة و المثقفين، إلا أن كل هذا الكم الهائل من الشهادات و الألقاب العلمية، مجرد غثاء لا يستطيع الوقوف في وجه تيار التوثين الجارف، بسبب فقدانه لفاعليته، و حياده عن غايته، التي تهدف إلى رفع الجهل عن النفس و عن الواقع، و عندما يفشل في أداء هذا الدور الحضاري، فإنه يرتد بالشر في وجه الفرد و المجتمع، بسبب صعوبة التعاطي مع مجتمع متعلم لكنه فاقد لملكة العمل و التغيير، فالجاهل جهلاً بسيطاً يسهل تغييره، أما الجاهل بسبب فقدان علمه لفاعليته فإنه من الصعب علاجه، و قد يجلب أمثال هؤلاء الدمار و الخراب للمجتمع، و يمكن تشبيه هذه الأجيال المتعلمة تعليماً مجانباً للفعالية و الفاعلية و الجمالية و الإحسان، بالعيس التي تموت في الفيافي من شدة العطش لعدم معرفتها بقيمة ما تحمله فوق ظهرها، و لله در القائل:

كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ

و الماء فوق ظهورها محمول

لذلك يمكن وصف هذه الكتل و الصروح العلمية بالمباني الخاوية، فهي تدرس التاريخ و لا تخرِّج مؤرخاً يعيد الأمة لذاكرتها، و تدرس علم الاجتماع، و تعجز عن تخريج من يجيدون توصيف المعضلات و حلها، فهي مبان مشيدة و مجرد أشياء لم تلتصق بعالم الأفكار، و لم تذق من معين الفاعلية و الفعالية الحضارية، و لهذا لم تؤد دورها في محاربة الاستبداد، المنافي للتوحيد و عبودية الإنسان لخالقه.

مسارات التجهيل و تمديد الاستبداد

يظن الكثيرون أن منظومات الاستبداد غبية، و هذا الحكم يكشف عن سطحية في التصور و النظر، و لا أدل على ذلك من اختيار دعامة تغييب المعرفة و تعطيل فواعلها، كأرضية خصبة لزرع موبقات الاستغلال و الاستعباد، و قد نبه القرآن إلى هذا الأمر عندما وصى بمجاهدة هذه المنظومات بالعلم و العلماء، قال عز من قائل:{وَ جَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}[الفرقان:52] .و في هذا النص إشارة واضحة إلى أن تتبع مسارات التجهيل المتشبعة يحتاج إلى بذل جهد عظيم، و تفريغ نخبة الأمة الصادقة في إحراقه بشهب التثقيف و التعليم.

و من المسارات التي يعمد إليها المستبدون، للقضاء على فاعلية العلم و صروحه و رموزه:

-قطع الأمة عن مرجعيتها: و يعمدون في ذلك إلى إلهاء العالم بالجري وراء المناصب و الألقاب و تصدر المجالس، و الإغداق عليهم بالامتيازات التي تنسيهم حقيقة دورهم و رسالتهم، و إغرائهم بالبحوث التي لا صلة لها بواجب الوقت، بل هي من الملهيات المبكيات، و جرهم إلى محاضرات و ندوات و ملتقيات بشعارات براقة تعقد تحت رعايتهم، لكنها مجرد فرص للكلام و لتحصيل شهادات و درجات تفيد المشارك في مساره المهني، و هو ما يجعل كل تلك الامتيازات مجرد أصنام تحول بين المسلم و وظيفته الرسالية.

و هي السياسة نفسها التي أرادت قريش سلوكها مع معلم البشرية الخير عليه الصلاة و السلام، عندما عرضت عليه المال و المناصب و النساء و الجاه، و قابلها عليه الصلاة و السلام بالترفع و الثبات على طريق الحق.

إن هذه المسارات الذكية تمكنت من وظفنة العلم، و جعلت المتعلم أو العالم مجرد موظف مخير إما أن يمضي في سياسة الظالم، و خيانة الأمانة، و إما أن يتآكل في ردهات التهميش و الإقصاء، و هذا هو واقع الحال اليوم، فهناك كثير ممن كانت تظن الأمة أن زوال ليل الهوان الحضاري سيكون على أيديهم، و ليت شرهم نال منهم و توقف، بل إن مآل مسايرتهم لهذه المنظومات المفسدة، أدى إلى ظهور جيل يعاني من تشوه في تصوره للحياة كما يراها الإسلام، و من ذلك عدم فهمه للغايات التي لأجلها يتعلم، فالجيل المنتكس من المسايرين، أخرج جيلاً لا يرى في سنوات الدراسة سوى طريق للشهادة ثم العمل ثم الحياة البيولوجية، و يعجز بعد تخرجه عن ممارسة النقد و تلمس مواطن الخلل في حياته و واقع المجتمع، و هذا منطقي، فإن كان المربي فاقداً لعقلية النقد فإن المتخرج أعجز عن تصور معنى النقد و المساءلة التي كان الإسلام يعلم أتباعه على تعشقها.

و من المسارات التي يمدد بها المستبد سيطرته على مصير من تحت يديه، كسر رموز المجتمع من أهل المعرفة و الثقافة الخيرين، و ذلك برفع أهل التفاهة و الفساد، و التضييق عليهم، و هذا هو السبب الذي جعل جذوة الإصلاح تخفت في قلوب كثير منهم، خاصة أن الناس كما أخبر النبي عليه الصلاة و السلام«كإبل مئة”.

إن خلق هذه المسارات الذكية في حياة الأفراد الذين كانوا يوماً مشاريع للخير، جعل رقعة الجهل تتسع، و هو ما سهل استغباء المجتمع، و مصادرة الحقوق، و قتل روح المقاومة المغروسة في فطرة الإنسان.

علم يتلفت ..ذلك ما نبغيه

إن العلم الحقيقي هو ذلك الذي يتحرك و يتقدم، و لا يعرف النكوص و التأخر في الصراع مع أعداء الحرية و الوحدة و التوحيد، ذلك العلم الذي يتلفت و يلفت يميناً و شمالاً باحثاً عن سياسات التجهيل و الاستبداد؛ فيزيلها و يحاربها بفاعليته و فعاليته و جماله، و لهذا وجب الحرص على إعادة تصليح ما خربته سياسات تفريغ المحتويات من مضامينها الشريفة، و التي استهدفت من بين ما استهدفته الفاعلية، التي تحدث عنها القرآن كثيراً، حين قرن في مواضع شتى بين العلم و العمل كقوله سبحانه{الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِـحَاتِ}.

إن العمل لصيق بالعلم، و هذا الأخير حقيق بالنفع إن تلبس بما يخرجه من دائرة القول و التنظير إلى دائرة العمل و التجسيد، و الفعالية هي الإصلاح و الإحسان في التغيير، و أهل الفاعلية هم الذين أشار إليهم النبيصلى الله عليه و سلم في قوله: «بدأ الإسلام غريباً، و سيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء، قيل: و من الغرباء يا رسول الله ؟ قال:الذين يصلحون إذا فسد الناس»رواه أحمد.

إن غياب فاعلية العلم في أمتنا لن تجلب للمسلمين إلا الظلم و الاستبداد و الطغيان، فإن كانت أمة مرحومة، إلا أنها لن تنجو من هذا الغياب في واقعها، و ما رواه ابن أبي الدنيا يفيد هذا (بلغني، أن ملكاً، أمر أن يخسف بقرية، فقال: يا رب! فيها فلان العابد، فأوحى الله إليه: أن به فابدأ، فإنه لم يتمعر وجهه فيَّ ساعة قط). و لذلك فإن الركون بالعلم إلى المستوى الذي يتساوى فيه مع الجهل، مؤذن بمعيشة بائسة تعيسة، و إن قوله تعالى:{ وَ لا تَرْكَنُوا إلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ }[هود:113]أصل في هذا.

و من أجل صلاح حياة الناس فإنه لا خيار للمسلمين من إشاعة العلم و إحياء فاعليته الحضارية، التي جاءت عشرات النصوص تتحدث عنها و ترشد إلى وجوب إيجادها في الأمة.

:: مجلة البيان العدد  339 ذو القعدة  1436هـ، أغسطس  - سبتمبر  2015م.

قراءة 1852 مرات آخر تعديل على الجمعة, 25 آذار/مارس 2016 06:00

أضف تعليق


كود امني
تحديث