قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 06 تموز/يوليو 2016 07:31

بين صراع الحضارات و فلسفة المدينة/الجسر

كتبه  الأستاذ عبد الهادي الشيخ صالح
قيم الموضوع
(0 أصوات)

قد يلاحظ أي إنسان ذو قلب و لبٍّ يعيش في هذا العقد من الزمن، تلك الأزمات المترامية و الفتن المتطايرة كقطع من الليل المظلم في أرجاء شتى من سطح هذه المعمورة، نعم.. !! و من ظنّ يوما أنّ ما شهده العالم من حروب و فتن “عالمية” في أزمنة ماضية، قد تستتبعها يوما ما أخرى، لا تقل عنها فتكا و لا دمارا؟ كيف وصلت وتيرة نسيان الانسان للألم إلى هذه الدرجة !؟ أم أن هنالك سقفًا علويًّا لمخلفات تلك الحروب قد لا ينبري و لا يرعوي ما لم يبلغه و يدرك فتكه و خطورته !؟ أو لربما اختار حالة الأزمة “حالة صحيّة” هي نَفَسُ عيشه و شرايين جسده و روح سياسته، ذلك لأنه اعتبر حالة الاستقرار حالة استثنائية عابرة قد لا تساعده على ضبط المصالح و بلوغ المقاصد ؟ هل لجوء الإنسان لمبدأ الصراع لضيق أو قِصرٍ في فسحة التسامح و التفاهم المشترك أم أن هنالك أسبابا أخرى لذلك، تَحُول بين الإنسان و إنسانيته حينما يتعلق الأمر بالمصالح ؟ لربما أنه جَهِلَ في النهاية أنه قد يحقق بحوار الحضارات نفس الأهداف التي طرق بابها بصراع الحضارات لكن ضمن سياق يليق بإنسانيته بشكل أساسي؟ كثيرة هي تلك الأسئلة التي تترك ذا العقل حائرا و ذا القلب و اللب منبهرا… تختلط عليه الرؤى و تضطرب عنده بوصلة التّصورات و تشتبك بين ناظريه الأسباب و المسببات.
سيحاول المقال سرد بعض المفاهيم في سياق ظواهر الفتن و الصراع الحضاري المنتشر هنا و هنالك، من خلال بسط لبعض الفلسفات و طرح لرؤية بهدف الاشارة إليها و التوقف عندها للاستفادة و الاستلهام بنيّة فهمٍ و استبصار، و نداء إلى طاولة المناقشة و البناء و النقد.
عرض “المفكر” فوكوياما في التسعينيات كتابه الذي طرح فيه فلسفته و فكرته عن نهاية التاريخ و الإنسان الأخير، و الذي اجتهد أن يقدم تصنيفا لبعض الدول التى رآى أنها تعيش في مرحلة ما بعد التاريخ و أخرى لا تزال تتخبط في حبائل التاريخ المتشابكة تصارع جاهدة الخلاص منه و اللحاق بأخواتها. تلاه هينتنجتونغ حينما نشر كتابه من بعده بسنوات حول صراع الحضارات، و اللذان أحدثا ضجة كبيرة انتقدهم البعض و ساندهما و استند إليهما آخرون، كما نسج من فلسفتهما واقعا عمليا البعض من السّاسة و المفكرين، و غيرهم ممن تبصّر أنهما تزرعان سياقا خصبا و منظومة فكرية مرجعية لتبرير سياساتهم و تجسيد أفكارهم.
لم يكن الهدف من الاشارة للنظريتين التعريف بهما أو تسليط الضوء عليهما و لكن فقط لسببين، أولهما تقديما للموضوع ثانيهما الإشارة إلى بعض الأسئلة المحورية، تتعلق بسبية امتلاك المرء/ المفكر لمثل هذه الأفكار الاختزالية المشوّهة للرؤية الكونية و المعطى الإنساني المشترك بشكل عام. و كذا عن الحالة الذهنية و ما للخلفية التاريخية، الفلسفية، التربوية و العقدية من تأثير على الانسان من خلال اصطباغ افكاره و رسم نمط تفكيره و رؤيته للأمور.
جاء من بعدهما نموذج من المهم جدا أن نعرج إليه بعد سرد النظريتين في نفس السياق (صراع الحضارات و رؤية المشتركة الإنسانية)، فقط على سبيل المثال لا الحصر، بنظرة تفحصية استفسارية غير دوغماتية و لا إيديولوجية. و هو الرئيس و المفكر الراحل علي عزت بيجوفيتش حينما تكلم عن فلسفة “المدينة/الجسر”، ذلك لأن بلد البوسنة و الهرسك جمع عدة أطياف مختلفة في حيز مكاني واحد، و قد مرُّوا باختبارا عصيب ممحّص، و بثنائية سامّة قاتلة، قطعَتْ أنفاسهم و أفقدتهم إنسانيتهم ليختاروا إحداهما، و لكن مع ذلك كان الصبر حليفهم تحت راية واحدة، وراء رئيس أمين و هي حماية لحمة الوطن مهما كانت الاعتبارات، و قد رسم علي عزت لهذه الثنائية صورة إدراكية موضحة حينما يقول أنها كانت تماما كمثل الاختيار بين سرطان الدم أو سرطان الدماغ و كلاهما قاتل في النهاية. نقرأ له في سيرته الذاتية يقول: ” إن محادثاتنا في البوسنة و الهرسك، تجري في سياق برنامج يطلق عليه اسم الجسر، و نشعر أن هذا هو الاسم المناسب لهذا البرنامج. لأن البوسنة و الهرسك تحتل مكانة فريدة. إنها جسر بين الحضارات و الثقافات و الأديان. فقريبا من المكان الذي نقف فيه الآن توجد الكنيسة الصربية الأرثدوكسية، و هناك معبد يهودي قريب من النهر، و الكاتدرائية تقع على بعد أقل من 100م إلى الشرق، و على بعد 200 متر منها يوجد المسجد الرئيسي. و هكذا في نصف قطر مقداره أقل من 200 متر نستطيع رؤية الدور الرمزي لمعالم البوسنة و الهرسك بوصفها مكانا لالتقاء الحضارات. و بمواجهة هذه الصورة، نتساءل فيما إذا كان أجدادنا أعقل و أفضل منا، فمن خلال هذه اللحمة النسيجية المتداخلة، تمكنت حضارات الماضي العظيمة من تحقيق مستوى رفيع من التفاهم المتبادل. و على العكس، فإن بإمكان الحضارة إيجاد جذور عامة مشتركة، و معرفة و قيم عامة مشتركة، تفوق الفروق و الاختلافات التي بينها. إن البوسنة و الهرسك تمثل المكان الذي جرى فيه اختبار هذه الاحتمالية بكل مخاطرها، و بدلا من كونها موقع نزاع فإن بإمكان البوسنة و الهرسك أن تكون مكانا يمكن أن يتم فيه بناء مجتمع و ينتصر فيه التسامح و الاحترام المتبادل” .
نلاحظ جليا أن المفكر علي عزت يرى من نظرة مختلفة تماما و بعيدة كل البعد عن نظرتي هنتجتون و فوكوياما، إذ أنه يرى أن الأساس الذي يشرّف حضارات الجنس البشري “المكرّم”، تحقيق التسامح و التفاهم و إيجاد معرفة و قيمٍ و جذور عامّة مشتركة، تسمو على كل الفروق و الاختلافات. كيف لا و هو الذي أفنى حياته في سبيل رسالة التسامح. و هنا نطرح اشكالية قد تبدو يقينية أنه كما أن لفلسفتي فوكوياما و هنتنجتون آثارا جليّة و مباشرة على الواقع الحياتي، فكذلك لهذه الرؤية أيضا آثارا و نتائجا تصطبغ بها و منها، إذا ما جسِّدت واقعا حياتيا و إذا ما وجدت أمناء يؤتمنون عليها تتوافق خلفياتهم و فحوى أفكارهم مع قيم التفاهم و التسامح.
لكن فقط في النهاية لو ننتقل إلى المقياس الفردي لكل إنسان يعيش وسط و ضمن النسيج الإنساني داخل هذه المنظومة الكونية، فليس هنالك وسيلة أفضل من إعاقة الفعل الحاضر و الحد من تأثير الفعل الذاتي الشخصي المسؤول، كتكبير مقاييس الرؤية و استحضار المعطى العالمي أمام معطيات الإسهام الشخصي، و لكن نعلم جليا أن ربنا عز و جل لا يكلف نفسا إلا وسعها، فرهان الإنسان و محور اهتمامه و اسهامه يتمركز أساسا على دائرة الوسع المرتبطة بما سخر له الله من إمكانات مادية و فكرية و معرفية…. بدءا من الدائرة العائلية و المحيط الضيق، من المدرسة و القسم، إلى أبعد حدود وسعه. فقط يجب علينا أن ننتبه إلى وتيرة جهدنا و هل بلغنا الوسع و نقدم الواجب، أم أن هنالك تقصيرا و تكاسل. و أن نسأل أنفسنا أيضا كيف هي رؤيتنا لبعضنا البعض، على ضوء كل الاختلاف الذي نعيشه داخل أوطاننا من أديان أو معتقدات أو شعائر ؟ كم من مدينة تعتبر جسرا بين عدة حضارات متفاهمة تعيش واقعا مشتركا، تحاول إيجاد قيم و معرفة مشتركة و ما هو اسهمنا نحن في هذا النسق..؟ المدينة الجسر تنشأ أساسا من أناس فهموا و استوعبوا المعنى، إنطلقوا بنية اسهام و عمل فعال ليحصدوا في النهاية نتيجة مشتركة و واقعا أسمى.

الرابط: http://tariqramadan.com/arabic/2016/01/20/%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B6%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%8A%D9%86%D8%A9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B3/

قراءة 1409 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 22 شباط/فبراير 2017 12:54

أضف تعليق


كود امني
تحديث