العلم محبوب لبني البشر لأنه يتماشى مع الفطرة السليمة خاصة و إن قرن بالنية الصادقة لنسعد في الدار الدنيا و ننتقل به الى الدار الآخرة حيث الجنة التي هي دار الخلود فيها ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر حيث قال بشأنها الشناقطة علماء موريتانيا " الجنة ما فيها شئ يعقر خلاقك " أي لا يوجد فيها شئ يجرح أو يسبب لك أذى. و أن أول سورة أوحى بها الله لسيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و التي تحث على العلم هي سورة العلق :ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِى خَلَقَ (١)خَلَقَ ٱلۡإِنسَـٰنَ مِنۡ عَلَقٍ (٢)ٱقۡرَأۡ وَ رَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ (٣)ٱلَّذِى عَلَّمَ بِٱلۡقَلَمِ (٤)عَلَّمَ ٱلۡإِنسَـٰنَ مَا لَمۡ يَعۡلَمۡ (٥).

العِلْـمُ هو مجموعة و منظومة من المعارف المتجانسة و المتناسقة التي يعتمد في الحصول عليها على المنهج علمي دون غيره، أو مجموعة المفاهيم المتكاملة و المترابطة التي نبحث عنها و نتوصل إليها بواسطة البحث العلمي، و هناك تعريفات أخرى للعلم.

للعلم تأثير كبير على عالمنا. العلم يؤمن أساس التقنية الجديدة مثل الآلات و المواد و التكنولوجيا و مصادر الطاقة و المعدات التي تسهل حياتنا و أعمالنا، إن العلم له دور كبير في اختراع و صنع السفن و القطارات و الطائرات و السيارات و أقمار الإصطناعية و الكمبيوترات و الإذاعة و التلفاز التي كان لها تأثير في الحياة الإنسانية، و من خلال العلم اكتشفنا الطاقة الشمسية و النووية و النفطية، و تطور الإنتاج الزراعي لما إكتشف العلماء النباتات المختلفة و الأسمدة أكثر إنتاجاً و كفاءة، و ساعد العلم في الطب كثيراً مثل اختراع الأدوية لعلاج الأمراض المُعدية، و طوّر العلم أدوات التشريح و الأعضاء مثل الرئة و الكلية و القلب.

إن أعمالنا سواء كانت مهنية أو يلتمس فيها صاحبها علما ينتفع به لابد أن ترتبط بالنية و هي أن يبتغي بها وجه الله تعالى حيث قال بهذا الخصوص سيد الأنام محمد صلى الله عليه و سلم : عن عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ:

"إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَ إِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ، وَ مَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ"[ متفق عليه ]

أما في عصرنا الذي نعيشه  تغير العلم فأصبحت الشهادات مبتغى الجميع ليقتاتوا منها و هذا ما نسميه بعاميتنا " الخبزة "  و هذا راجع الى عدة أسباب منها  نظام التخصصات المستحدث حيث أبعدت الطلبة عن التشعب في مختلف العلوم " من كل بستان زهرة "فغدى حامل الشهادة أو حتى درجة الدكتوراه إن خرجت في نقاشك معه  عن  مجاله يصبح أصم و أبكم، أما بخصوص تكليفه بتدريس مقياس آخر غير الذي كان يدرسه و يشرف عليه في السنة الجامعية المنصرمة  فيسمعك ما لم تتوقعه بكلمات خبيثة و تتخللها وقاحة مفرطة  المقام لا يستحق أن اذكرها.

أما عامة الناس فيتكلمون كلام المقاهي حيث الكل يفتي و يتفنن في الفتوى التي قال فيها  محمد صلى الله عليه و سلم : من أُفتيَ بغير علم كان إثمه على من أفتاه" رواه أبو داود و الحاكم عن أبي هريرة و حسنه الألباني في صحيح الجامع. فعلى المسلم. من أفتى بغير علم فإن كل ما يترتب على فتواه من مخالفة للشرع و مباينة للهدى فإنه يتحمل وزرها و وزر من عمل بها.

أن علماء صدر الإسلام لم يكونوا هكذا بل كانوا ملمين بجميع العلوم، الفلك، الكيمياء، الرياضيات، القضاء ....الخ و من العلماء نذكر منهم، ابن الهيثم، الخوارزمي،  ابن سينا الذي كان يدرس و يعالج المرضى، يمارس القضاء، يدير حلقات الذكر  بالإضافة الى أنه كان يكتب بيده الشريفة ما يزيد عن الخمسين صفحة في الليلة الواحدة. أين نحن منهم ؟ فانغمسنا في ملذات الدنيا و تفرقت بنا السبل حيث يقول المولى عز و جل في هذا الشأن : وَ أَنَّ هَـٰذَا صِرَٲطِى مُسۡتَقِيمً۬ا فَٱتَّبِعُوهُ‌ۖ وَ لَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦ‌ۚ ذَٲلِكُمۡ وَصَّٮٰكُم بِهِۦ لَعَلَّڪُمۡ تَتَّقُونَ (١٥٣) من سورة الأنعام.

و بشأن العلم قال سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم  : " مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَطْلُبُ فِيهِ عِلْماً سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقاً إِلَى الْجَنَّةِ، وَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِهِ، وَ إِنَّهُ يَسْتَغْفِرُ لِطَالِبِ الْعِلْمِ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ حَتَّى الْحُوتِ فِي الْبَحْرِ، وَ فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ النُّجُومِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَ إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَاراً وَ لَا دِرْهَماً وَ لَكِنْ وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ "

حضرتني في هذا المقام قصة مؤثرة لطالب علم : نال البكالوريا ثم ذهب ليدرس في الجامعة بولاية مستغانم، في شهر أبريل من سنة 2012، ارتفعت درجة الحرارة في هذه الولاية الشاطئية،  ذهب هذا الطالب لممارسة السباحة هو و زملاء له، بعد فترة من السباحة غاص تحت الماء و بدأ أصدقاؤه ينتظرون خروجه لكن للأسف تيقنوا من ضم البحر له و أنه غرق و لم يظهر الى السطح، قاموا بإشعار الأجهزة الأمنية و الحماية المدنية بدأوا يبحثون عنه في المكان الذي أختفى فيه لكنهم لم يعثروا على الجثة، أخبروا والده بحادث غرق أبنه حيت انتقل الى ولاية مستغانم لعله يتمكن من الإتيان بجثته ليواريها التراب في بلدته بولاية بشار، إلا انه رجع بدونها ليستقبل المعزين، أي إبتلاء هذا!.

بعد مضي  أسبوع أخبروه بأنهم وجدوا الجثة سليمة، أقترب منه أحد أعوان الحماية فقال له أبشر أن الجثة لم تتحلل و في مثل هذه الحالات أول ما يبدأ الحوت بالتهام الجثة العيون،  فالعينان سليمتان. ففرح الوالد بهذه البشرى بشرى الشهادة أن شاء الله تعالى لأن ابنه كان طالب علم، اللهم أرحمه و تقبله مع زمرة الشهداء، و اللهم  و أرحم موتى المسلمين أجمعين.

في ختام هذا المقال الذي وددت من خلاله أن أنبه اخواني القراء، و حاملي الشهادات بأن يخرجوا من قواقعهم و ينصهروا مع أفراد مجتمعهم في بوتقة واحدة  من خلال تأطيرهم لأعمال تطوعية تخدم مجتمعهم في اطار جمعيات : تهتم بالبيئة، التشجير، التدريس المجاني للغات الأجنبية، توضيح خطورة تعاطي المضادات الحيوية –السرطان القادم - اقامة ندوات علمية حول مختلف المجالات على سبيل المثال ايجاد آليات للحد من التصحر، تلقين المقبلين على الزواج و تعريفهم بأمور دينهم الشرعية، ......القائمة لا تنتهي.

و في اطار هذا المقال المتعلق بالعلم و التعلم، يسعدني أن أمد إخواني القراء يهذه  التغريدات و النداءات التي ارتأيت بأنها تخدم الإنسانية بكافة أطيافها و دياناتها ......................

• يا من زادهم الله بسطة في العلم و الجسم و لكم من المهارة مايكفي ففكروا مع اخوانكم الأغنياء لإنشاء مشاريع وقفية تخدمون بها مجتمعكم#ساعد_بماتستطع
• يا حرفيين لا تبخلوا على من يتعلمون الصنعة في ورشاتكم و أعطوهم كل ما لديكم، تابعوهم و أطروهم حتى بعد اتمامهم للتربص، كونوا سندهم#ساعد_بماتستطع.
• #شاركناتصدق بصدقة كل يوم حتى و إن صغرت في نظرك فهي عند الله عز و جل عظيمة، و إن لم تجد فأبتسم في وجه أخيك فهي مجانية و يعدها الله لك صدقة.
• يا خلفاء الله في الأرض، يا من حباهم الله الفكر، أنيروا الطريق لمن أراد أن يحقق مشاريعه الربحية أو التطوعية و لا تبخلوا عليهم#ساعد_بماتستطيع.
• يا أطباء و ممرضين ساعدوا إخوانكم المرضى بتقديم العون لهم من خلال: معالجتهم، رفع معنوياتهم و تطبيبهم. خاصة في العطل الأسبوعية#ساعد_بماتستطيع.
• يا من تحصلتم على أعلى الدرجات العلمية لا تبقوا بعيدين عن مجتمعكم، اندمجوا في فرق عمل تطوعية خدماتية يستفيد منها أفراد أمتكم#ساعد_بماتستطيع

وفقكم الله و سدد خطاكم.

المراجع : موضوع أكبر موقع عربي بالعالم .

             موقع اسلام ويب.