قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 18 تشرين1/أكتوير 2018 15:38

الإسلام و حرب التصورات

كتبه  الأستاذ محمد الأمين مقراوي الوغليسي
قيم الموضوع
(0 أصوات)
 

إن أهمية الحديث عن التصورات في الإسلام في هذا العصر بالذات تكمن في جانبين، الأول: أن الأجيال الحالية عاشت و ما زالت تعيش في ظل أنظمة لا تحتكم إلى الإسلام، و تتربى و تنشأ في ظل منظومات تربوية لا تعطي للإسلام صورته الحقيقية، كما أن أغلب التصورات التي يأخذها الشاب المسلم من المدرسة و الثانوية و الجامعة لا تخدم التصورات التي جاء بها الوحي، إنما تخدم تصورات غريبة عن هوية المسلمين، و ثقافتهم و تاريخهم، ما يعني أن مخرجاتهم التي يتخرجون بها بعد خمس عشرة سنة من التعليم لا تعطيهم حصانة ثقافية و أخلاقية أولاً، و ثانياً لا تجعل منهم نماذج صالحة للحياة و الاستخلاف بالمعنى الذي أراده الإسلام. و الجانب الثاني أن العلمانيين المهيمنين على المشهد التربوي و الثقافي و السياسي خاصة يطعنون في تصورات الإسلام للحياة.

ما يجعل الحديث عن التصورات الإسلامية لمختلف شؤون الحياة ضرورة كبرى في ظل التحول الكبير الذي يعرفه الصراع بين الإسلام و الأيدلوجيات الأخرى.

العقل و نظام التصورات:

يعمل الحاسوب من خلال برمجيات دقيقة، تخوله القيام بملايين العمليات في الثانية الواحدة، و الأمر نفسه بالنسبة للعقل البشري، فهو مصمم للعمل وفق التصورات التي زرعت فيه، و كل تصرفات الإنسان هي في الأخير نتاج تصوراته عن الحياة و دوائرها الكبرى و الصغرى، فالفرد الذي يقدس الوقت و يجتهد في استثماره يكون منطلقه في ذلك تصور صحيح لأهمية الوقت في الحياة و دوره في تحقيق المشاريع الحياتية، و الفرد الذي لا يهتم بصحته أو لا يذهب إلى الطبيب في حال أصيب بمرض ما، يكون ذلك ناتجاً عن تصور خاطئ لقيمة الصحة في حياة الإنسان، و الفرد الذي يتحمس للعمل الجماعي، و يسعى إلى العمل بروح الفريق، يكون حائزاً على تصورات تعي أهمية المصلحة العامة أمام المصلحة الخاصة، بينما تجد التصورات الخاطئة الضيقة لمفهوم التنافس هي السبب في تحول الفرد إلى الطغيان و تبني منهج الهدم داخل أي مشروع يوجد فيه، و الشعوب التي تهتم بالمطالعة تكون مستندة في ذلك إلى تصورات فردية تواترت مخرجاتها حتى صارت تُكون تصوراً جمعياً للمجتمع، و العكس صحيح، بمعنى أن كل مواقف الإنسان ناتجة عن تصوراته، و أن الطابع العام لأي مجتمع هو نتاج تصورات جمعية تسكن الوعي المجتمعي، و هنا يمكن أن نضرب مثالاً واضحاً تعيشه مختلف الشعوب العربية، و هو قضية نظافة البيوت العربية مقابل غياب النظافة في الشوارع، القضية ترجع إلى امتلاك الفرد تصوراً خاطئاً عن حقيقة الشارع؛ لذلك كان إهماله نتيجة حتمية لهذا المفهوم.

تفكيك العقل من خلال ضرب التصورات:

من هنا ندرك خطورة التصورات، و نعي أيضاً خطورة الحرب التي تشن يومياً ضد العقل المسلم، عبر صواريخ الفكر الماسحة للتصورات السليمة، و التي تعمل مثل القنابل الفراغية، التي تشتهر بتفريغ موقع الانفجار ليحل محله ضغط رهيب يؤدي إلى دمار هو الأخطر في تاريخ الحروب العسكرية، الأمر نفسه يحدث مع القنابل الفراغية الفكرية، إنها تؤدي إلى تفكيك التصورات السليمة التي يمتلكها الفرد، ثم إحلال تصورات جديدة مكانها.

و قد أدرك خصوم الإسلام نجاعة هذه الخطة، حيث عملوا على تفريغ العقل المسلم من التصورات الصحيحة التي ينطلق منها في حياته، و يمكن تسمية هذه العملية بعملية التفكيك الممنهج، ليتم بعدها تركيب تصورات جديدة نحو مختلف القضايا و المسائل الحياتية، و لنضرب لذلك مثلاًفبعد أن كان تصور المسلم للرجولة يعني الصرامة و الانضباط و الاستعداد لمشاق الحياة، تغيّر تصوره لها بشكل مخيف، و هذا ما يفسر مثلاً إقبال الشباب على التزين بالكيراتين و صبغ الشعر، و وضع الكريمات على الوجه، أو لبس ألبسة تتنافى مع الرجولة، المثال هنا يتحدث عن المظاهر، لكن البحث في ما وراء هذه السلوكيات هو الذي يكشف أسبابها، و هي التفكيك الممنهج للتصورات المختلفة، بدءاً من طريقة الحديث و الكتابة، وصولاً إلى زعزعته في أسئلة الوجود.

و قد يرى البعض أن ذلك قد أصاب عقول العامة فقط، غير أن الواقع يثبت أن القنابل الفراغية الفكرية قد ضربت الجميع، بدليل تغيّر معاني الأخوة داخل الحقل العملي و صفوف المصلحين، حتى صار الانضباط يرفض مثلاً باسم رفض الأبوية، و صارت الصداقة تعني الارتباط بالشخص وفق قدرته على تحقيق المصالح وفق معيار «اخدمني أخدمك»و الأمثلة كثيرة تفوق الحصر، فليتأملها من يريد التوسع أكثر.

هل يقبل الإسلام تصورات الآخر؟

قبل الجواب على هذا السؤال، تتداعى على العقل المسلم ضجة عجيبة هي: لماذا ترفضون الآخر؟ لا يمكن الإطالة في هذا الأمر لكن ليسأل المسلم نفسه لماذا يرفض العالم الغربي ارتفاع الأذان في سمائه؟ الجواب سهل و لا يحتاج كثير تأمللأنه يوحي لهم أن وجوده يغير تصور الغربي للحياة، ما يفسر حرصهم على حماية تصوراتهم الخاصةإذن حماية التصورات في دنيا البشر أمر معقول.

الإسلام واضح في جوابه عن هذا السؤالإنه لا يقبل وجود تصورات أخرى في حياة المسلمين، لسببين مهمين، هما:

الأولأن الإسلام يملك تصورات واضحة و نهائية لكل قضايا الحياة، في مجال الإنسان، و الكون، و المعتقدات، و المعاملات المختلفة، فتصوره مثلاً عن حقيقة الأسرة، و حقيقة الوجود، و دور الإنسان في الحياة، و تصوره لمسائل العدالة و الحرية، و الحقوق و الواجبات.. تصورات ربانية المصدر، مثالية شاملة لكل تفاصيل الحياة؛ لذلك لا يحتاج المسلم إلى تصور جديد مثلاً في مجال الأحوال الشخصية فهي مسألة محسومة تصوراً.

الثانيأن قبول الإسلام بتصورات أخرى يعني موافقته على وجود أيدلوجيات مناقضة للتصورات التي يمتلكها المسلمون، و هذا الأمر يؤدي إلى زعزعة المجتمع الإسلامي، و تفكيكه و انهياره، و الواقع الحالي يعج بأمثلة لا حصر لها.

فمثلاً مسألة الحرية المطلقة مرفوضة في التصور الإسلامي؛ لأنها تتناقض مع قضايا كبرى كالاستقرار، و الوحدة، و رفض الفوضى. و التصور الإسلامي لحرية المعتقد واضح، يحترم الأديان السماوية، يجيز التعامل معها، يجيز الزواج بين المسلم و النصرانية و اليهودية، و لا يجبر غير المسلم على اعتناق الإسلام، لكنه يرفض الردة بشكل واضح، لا يفهمه من يقول ما ذنب من يعتنق غير الإسلام، و كيف يعتبر الإسلام المسلم المرتد مجرماً، و هل ذنبه أنه ولد مسلماً. الحقيقة أن هذه الاعتراضات لم تكن تُقال لو كان قائلها قد سبر أغوار المقاصد الكبرى للإسلام، بالتوازي مع معرفة حقيقة النفس البشرية المتمردة الرافضة للانضباط إذا ترك لها الحبل على الغارب، فالإسلام عندما يحسم أمر حرية المعتقد إنما يروم الحفاظ على استقرار المجتمع الإسلامي، و الاستقرار أحد ركائز الحياة، و غيابه يعني انهياراً حاداًو هذا معروف و تتقبله العقول السليمة.

و حتى نقارب هذا المفهوم بالواقع، نضرب مثالاً بالانضمام إلى جهاز الاستخبارات في كل دول العالم، فالفرد يبقى غير مسؤول أمام هذا الجهاز ما لم ينضم إليه، فإن انضم إليه طواعية، فإنه يعترف ابتداءً أن الخروج من الجهاز يعني الموت، لسبب واضح و معقولو هو أن الخروج يعني تسريب معلومات حساسة و خطيرة يؤدي تسربها للعدو إلى انهيار الأمن القومي للبلد، و ليتخيل المرء جهازاً يعد العقل المفكر و المدبر لإستراتيجية الأمن، و صمام الاستقرار العسكري، ليتخيل أنه يبيح لأفراده الخروج من الخدمة و الانضمام إلى جهاز بلد آخر معاد له، هذا يعني تعريض الأمن و السيادة إلى الخطر المحتوم، ما يجعل رفض الاستقالة و التوقف عن العمل أمراً معقولاً مشروعاً، لا يعترض عليه حتى أرباب المذاهب الليبرالية.

الأمر نفسه يقال في قضية الردة، فالإسلام ينظر إليها على أن السماح بوقوعها يعني تقويض استقرار المجتمع، و تفكيكه، و خلق طوائف، و بؤر صراع داخله، و الإسلام ليس ديناً باهتاً حتى يتقبل هذا الأمر، لذلك يرفض هذا الأمر قطعاً، فمصلحة المجتمع تقتضي حماية عقيدته و فكره.

لهذا يجب أن يفهم العقل المسلم أن التصورات الإسلامية في القضايا الكبرى و الحساسة، كالعقيدة و الأخلاق و المعاملات و الكون و الحياة و الإنسان و الزمان و العلم و الحريات و العدالة و القيم، إلخ، محسومة بل و يعتبرها نظاماً عاماً غير قابل للمساس، بينما يقبل الاستفادة طبعاً من الأمور التي تدخل في نطاق الوسائل، و لا يرفضها إطلاقاً.

و هنا نستذكر حادثة حدثت في العهد النبوي، تؤكد على صرامة الإسلام في الحفاظ على تصوراته للحياة، فعندما استعمل اليهود في المدينة لفظ «راعنا» بمعنى سيء، نزل الوحي يحذر و ينهى عن استخدام هذا اللفظ{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ل ا تَقُولُوا رَاعِنَا وَ قُولُوا انظُرْنَا وَ اسْمَعُوا وَ لِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة104]، هذا هو موقف الإسلام مع كلمة واحدة، لذا فإن موقفه من التصورات المصادمة له بات واضحاً.

التصورات و علاقتها بالهزيمة النفسية:

 لا يمكن هزيمة أمة تعتز بانتمائها، و تثق في ما تملكه من رصيد ثقافي و حضاري حتى و إن كانت ضعيفة عسكرياً، بالمقابل يمكن إلحاق الهزيمة بأي أمة تمكنت منها الروح الانهزامية، ما يدلل على أفضلية الحروب النفسية عبر التاريخ، و الخنوع و الركود الذي يعيشه المسلم اليوم في مواجهة خصومه يرجع إلى هزيمته نفسياً.

و قد كانت الطعون و الاتهامات المتدفقة يومياً على عقل المسلم من الأسباب المباشرة في ذلك، و من جملة طعون خصوم الإسلام في حقيقتههدم تصوراته بعد تشويهها، و ربط أي حادثة سلبية به مباشرة، بل و ربط الظواهر السلبية به، كربط حالة التخلف بالإسلام صراحة، و أن أحكامه سبب الرجعية و عدم التقدم في المجالات المدنية، بل يعتبرونه أكبر عائق في طريق البناء الحضاري، و قد نجحوا في التشويش على الأجيال الحالية، خاصة عند عقدهم لمقارنات ماكرة، فيصورون الهند مثلاً كدولة متطورة مع وثنيتها، و يصورون المسلمين شعوباً بربرية همجية، إلى أن يصلوا بالعقل المسلم إلى حالة من الشك، متسائلاً عن حقيقة دور الدين في حياة المسلمين.

التصورات و الحوارات الملغومة:

 إن المتابع للمنشورات التي تنشر في شبكات التواصل الاجتماعي يرصد كمّاً هائلاً من الصور التي تقف وراءها عادة مخابر غربية و حتى محلية، توجه العقل المسلم نحو تبني تصورات تعادي الإسلام، فعلى سبيل المثالتنشر صور كثيرة تحمل مقولات تستهزئ بالمسلمين، ثم يكتب في أسفلها «يا أمة ضحكت من جهلها الأمم»، ثم يسوّقون بعد ذلك بعض الفتاوى و الأحكام ليمعنوا في الاستهزاء بالإسلام، و الهدف هنا هوبث الهزيمة النفسية في المسلمين، و جعلهم يخجلون من الدفاع عن هويتهم الإسلامية؛ و لذلك تجد الكثير من الحوارات التي تجري بين من يناصر استئناف الحياة بالإسلام و بين من يريد العلمانية، تجد العلماني يقول للأولإن الغرب قد وصل إلى القمر و لا يزال المسلمون يتحدثون عن التراث و الماضي، و السيف و الخيمة.

قد تبدو هذه الحوارات عادية، لكنها حوارات خطيرة، و مؤشر على الضعف المعنوي الذي أصاب المسلمين، بسبب التشويش الذي طال تصوراتهم، و لا يستغرب المرء اليوم أن يحاور مثقفاً مسلماً صاحب شهادات كثيرة و من أرقى الجامعات الغربية، ثم يكتشف ضحالة تصوره عن الإسلام، و سطحية معلوماته عن حقيقة الرسالة الخاتمة، بل إن أسباب تغير الكثير من المهاجرين و المبتعثين ترجع في الأساس إلى انبهارهم بالآخر، و سبب ذلك غياب تصورات واضحة لدى المسلم عن الكون، و الحياة، و الإنسان، و العلاقة بين هذا الثلاثي.

كيف نحمي تصوراتنا:

لا يحتاج الجواب هنا إلى الذهاب بالفكر إلى آفاق بعيدة، بل كل ما في الأمر هو الإصرار على الحديث عن ثوابت الإسلام و قطعياته، و المتأمل في واقعنا يجدنا نجري وراء الصراع مع مخلفات العولمة - الأمركة - مطاردين كل ما ينتج عنها، و الصحيح هو العودة إلى تحصين التصورات الإسلامية و حمايتها، عن طريق الحديث في الأركان و المقاصد الكبرى للإسلام و الأخلاق و القيم في كل المجالات، و أهمها مجال التربية و التعليم؛ لأنه أساساً محور صراع التصورات.

 و ليتيقن المسلم أن الإسلام لم ينتصر على كل المؤامرات التي حيكت ضده عبر خمسة عشر قرناً، إلا بالدوران حول أركانه و مبادئه و تصوراته للحياة و الكون و الإنسان.

الرابط : http://www.albayan.co.uk/MGZarticle2.aspx?ID=5859

قراءة 1377 مرات آخر تعديل على الخميس, 25 تشرين1/أكتوير 2018 16:41

أضف تعليق


كود امني
تحديث