قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الثلاثاء, 11 أيار 2021 03:53

المسلمون بين عيدين: أين اختفى مفهوم الأمة والدولة؟

كتبه  الأستاذ محمد الأمين مقراوي الوغليسي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

إن معاني و مقاصد العيدين في الإسلام كثيرة جليلة، استمر بعضها في الوعي الجمعي للمسلمين إلى اليوم، و نقصد بذلك: اعتبار أيام العيد مناسبة للفرح و اللهو و التضامن، و غاب أهمّها عن واقع المسلمين عقودا طويلة، و نقصد بذلك: تمزق مفهوم الأمّة الواحدة، و غياب معنى الدولة و الحضارة عن العقل الجمعي للمسلمين، و هذا الغياب هو نتيجة من نتائج التغيرات التي مسّت الكثير من الجوانب التعبدية و المعاملاتية، بعد أن دخلت عليها الرتابة و استشرت فيها روح العادات، و ابتعدت عن جوهر الإسلام، و قبل الحديث عن وجوب تجديد معاني العيدين في الإسلام بما يناسب حجم الإسلام كرسالة سماوية خاتمة، فإنّ رصد الخلل الذي طال معاني العيدين و أخرجها من حياة المسلمين خطوّة هامّة لبيان خطورة التغيّرات التي حدثت في حياة المسلمين، و لفتة أساسية للفت انتباه المسلمين إلى حقيقة و حجم دورهم في هذه الحياة.

عيد الفطر و غياب مفهوم الدولة:

بعد تربية الإنسان المسلم و تزكيته في المرحلة المكيّة، و ربطه بالخالق ربطا خالصا بعيدا عن المغريات و الملوثات و الملهيات، جاءت المرحلة المدنية لإرساء مفهوم الأمّة، و وضع حجر الأساس لمعنى الدّولة، حيث شهدت السنتان الأولى و الثانية من الهجرة تشريعات عديدة، أهمّها المؤاخاة و الصلاة و الزكاة و الصوم و عيد الفطر، و تشريع الدفاع عن المسلمين من خلال الغزوات و السرايا، و مع هذه التشريعات توسعت دائرة التعامل عند المسلم، بعد أن كانت في المرحلة المكية تحصر المسلم في دائرة التربة و التزكية و بناء العقيدة، فعرف المسلمون لأوّل مرة معنى المؤاخاة، التي رسخت لمعنى الأمة الواحدة، و الحاضر و المستقبل و المصير الواحد، كما صار المسلم يصلي في جماعة، و يصوم مع الأمّة، و يفطر معها، و له عيد يقتسمه مع المسلمين، و واجبات مالية نحو غيره من الفقراء، و واجب أعلى نحو دينه و دولته، و هو: الدفاع عنه من كل المحاولات التي تروم إفناءه و إنهاءه.

كل هذه التشريعات الربانية جاءت لتصهر مختلف المعاني الضيقة الناشئة من العصبية و القبلية و الجهوية، و تحلّ محلها مفهوم الأمّة الواحدة، التي أنشأها النّص القرآني الخالد: " كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ" (آل عمران- الآية 110)، فحلّت الرحمة و التكافل و الإيثار و المؤاخاة محلّ العصبية و الأنانية و الحسد و الثأر، و صار المجتمع المسلم على قلب رجل واحد، ينشد غاية واحدة، إرضاء الله تعالى في حله و ترحاله و عمله و راحته، و يرجو هدفا واحدا: بسط هذه الرحمة و العدل في المعمورة، ليقلّ الظلم و ينتشر الخير، و أصبح معيار التقوى أساس التعاملات، و معقد الولاء، و اختفت معه المعايير الجاهلية، ففي الجبهة الداخلية توحد المسلمون و صار التفاعل بينهم يسع مراحل الشدة و الرخاء، فكانوا كالجسد الواحد بحق؛ مجسدين التطبيق العملي لقوله عليه الصلاة و السلام: " مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم و تراحُمهم و تعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ و الحُمِّى"، و صاروا يدا واحدة على أعدائهم، لا يتأخر الواحد فيه بنفسه و ماله و أهله عن نصرة دين الأمة.

و قد كان المعنى الخاص للعيد واضحا في حياتهم، فهو احتفال بظهور مفهوم الأمة و الدولة في حياتهم، فالتشريعات هي العنوان الأكبر لظهور أي أمّة، و هي الخطوة البارزة لإنهاء مفهوم التشريعات المبنية على أساس قبلي أو عشائري و جهوي؛ و لبروز هذا المعنى الخاص في حياة المسلمين يومها، أثر عظيم في بناء مسلم بنفسية عالمية، و عقلية متمكنة من مفهوم الدولة، مع مشاعر تتجاوز مفهوم القومية و القطرية إلى رحابة مفهوم الأمة، الذي يشمل كل شعوب العالم على اختلافها في الألوان و الأعراق و اللغات.

لكننا نلحظ أن مفهوم الأمّة قد غاب عن مسلم العصر، الذي يعقد ولاءه لقوميته و جنسيته، و يوالي على أساس قطري و قومي ضيّق، و يضع الحدود الوهمية حاجز صد قوي ضد إخوته في الدين و التاريخ و المصير، فشاعت الفرقة، و رجع المسلمون يضرب بعضهم رقاب بعض، و شتتوا و اجتمع أعداؤهم، و تفرقوا و تكتّل خصومهم، و صار الفارق بين مسلم العصر الأول و العصر الحالي كبيرا، يلحظه حتّى صغار المسلمين.

أمّا على مستوى الدولة فقد تراجع دور الشريعة، و أٌقصيت من مؤسسات الدولة، و حلّ محلّها قوانين مستوردة من أمم تختلف معنا في: الدين و الماضي و التاريخ و المصير و البيئة، ليجد المسلم نفسه تائها في حاضره، و مستبعدا عن صياغة مستقبله، و لتسقط الدولة التي يفترض أنها كيان منظم و جامع للمسلمين في أوحال الهشاشة و اللاثقة و الفساد، بعد أن صيغت على الطراز الأوروبي المناقض لهوية المسلمين. أمّا الحديث عن الوطن الجامع لكافة المسلمين فيكاد يختفي حتّى من الأحلام، بل يعد الحديث فيها عند بعض المسلمين ضرباً من ضروب الخيال و المستحيل.



عيد الأضحى أين غاب مسلم الحضارة و البناء؟

تعلن الأمم عن نفسها وظهورها بسن تشريعات خاصة بها، تحكم مختلف دوائر الحياة فيها؛ لذلك كانت التشريعات الربانية بعد الهجرة مؤشرا على ميلاد الأمّة الإسلامية، و استمرّت حتّى اكتمل البنيان بقوله تعالى: " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا" ( المائدة/3)، فاحتفلت الأمة باكتمال المشهد الذي غيّر و سيغيّر الدنيا إلى الأبد، و احتفى المسلمون بمجتمعهم الفعّال، الذي انتقل من رعي الغنم إلى صناعة التاريخ و الحضارة و رعاية الأمم، بعد أن عمّت نفسية العمل و عقلية البناء و روح الإنجاز أفراده، و حاديهم في ذلك البحث عن أداء الواجب أكثر من الجري وراء الحقوق، و تدفعهم الرسالية و روح المبادرة إلى ترسيخ المكتسبات بالصيانة و العناية، و تغيير ما كان ضاراً و سلبياً و مشوها للنفوس و للحياة.

بينما نلحظ اليوم شيوع الروح الاتكالية، و سيطرة نفسية البحث عن الحقوق، و تمكن شهوة الهدم من النّفوس، و ذيوع الكسل، و الهروب من أداء الواجبات، و انطماس معنى الاتقان، حتى سيطر الهدّامون على المشهد العام للحياة لدى المسلمين في المجتمع الواحد.

أمّا على مستوى التعايش بين مختلف أطياف الأمّة الإسلامية فإن التمزق هو سيد المشهد و الموقف، بعد أن تمزق النسيج الأخوي بين المسلمين، و حلّت العداوات بين الشعوب المسلمة، و صار التفاعل مع القضايا خاضعا للهوى و التوجيه السياسي و الإعلامي القومي، و قد وصل التمزق إلى درجة الانصراف عن الاهتمام بأمور المسلمين، و دليل ذلك: الصمت المريب الرهيب الذي عمّ الشارع الإسلامي من طنجا إلى جاكرتا أمام الحملة العالمية ضد الشعب السوري الثائر و المطالب بحريته و حقه في تقرير مصيره، و هذا مؤشر خطير للغاية، لا يمكن أن يبرر بأي مبرر، فالشعوب التي تتسمر لمشاهدة كل ما يدخل في إطار اللهو و الملهيات ثم يدعي مدعٍ أنها مشغولة بجراجها يكون قد خالف الواقع و تناقض مع حقائقه المشهودة، كما يلحظ المتابع لمجريات الحركة اليومية للمسلمين اقبال غالبية المسلمين على طلب الدنيا و الحرص عليها، و هو سبب قويّ للهوان و السقوط، مصداقاً لقول النَّبي صلى الله عليه و سلم: " و الله ما الفقر أخشى عليكم، و لكنِّي أخشى أَنْ تُبْسَط عليكم الدُّنيا كما بُسِطَتْ على من كان قبلكم، فتَنَافَسُوها كما تَنَافَسُوها، و تهلككم كما أهلكتهم".

و لم يتوقف التمزق على المشهد العام للمسلمين، بل إن المجتمع المسلم الواحد يشهد احترابا داخليا قوياً، بسبب الاستقطابات التي ما أنزل الله بها من سلطان، و قد نبّه عليه الصلاة و السلام إلى خطورة انتشار الصراعات بين المسلمين بقوله: " إنَّ الشَّيطان قد أَيِس أن يعبده المصلُّون في جزيرة العرب، و لكن في التَّحريش بينهم "، فصار ولاء فئات و أفراد المجتمع يتعارض مع الأخوّة الإسلامية، و يتناقض مع الروابط المشتركة: الدين و اللغة و التاريخ و المصير المشترك، و وصل الأمر إلى تآمر دول و جماعات و أفراد ضد أمة الإسلام، و هو ما يشكل أرضية خصبة لانهيار المجتمعات المسلمة، و تحطم أمال النهوض في المستقبل القريب، خاصة أن أهل الإصلاح كانوا يعولون على بناء أوطان مسلمة ناضجة، و صحيّة في علاقاتها و تصوراتها و حركيّتها، كمرحلة سابقة و ممهدة لمرحلة التوحد في كيان جامع، يعيد للأمة الإسلامية مكانتاه و ريادتها و هيبتها و سيادتها بين الأمم.

أمّا على مستوى النخب: فقد غاب النموذج الذي احتفلت به الأمة الإسلامية أول ما اكتمل البنيان على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلّم، فسيطرت العقول و الأيادي الوظيفية على الحياة، و عزّت النّخب الرساليةـ، كما اصطفت الكثير من النخب وراء المصالح الشخصية أو الفئوية الضيّقة، التي لا تخدم المجتمع المسلم، و تعفن الوضع حتى صارت فئة كثيرة منهم تقف ضد مصالح المسلمين، تبيع مواقفها و دينها و تاريخها بدراهم معدودة، و قد جاء في الحديث النّبوي الشريف: "ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم؛ بأفسد لها من حرص المرء على المال و الشرف لدينه.".

خطوات في إحياء روح البناء و الإنجاز في أمّة الإسلام:

مما سبق ذكره وسرده يتضح أن الأمّة الإسلامية تعيشا واقعا معقدا بسبب تشابك المشكلات التي تحيط بها، ووضعا صعبا بسبب الضبابية التي تلّف الرؤية الجمعية للمسلمين؛ لذلك نرى طروحات كثيرة قد أخفقت في وضع الحلول الحاسمة للخروج من هذا الوضع، لعلّ أبرز سبب لفشلها عدم فهمها للتراكمات السابقة، وتخطيطها مخططات بعيدة عن السنن التاريخية والاجتماعية والكونية، بل وعدم تفريقها بين قوانين التدافع التي يجب أن تستحضر في مراحل الضعف والتي يجب أن تستحضر في مرحلة القوّة.

ولذلك نقول إننا أمامنا معركة حضارية حقيقة، تستهدف استعادة مسروقات أربع وهي: قطاع التربية والشؤون الدينية، والإعلام والثقافة، لأن مجالها الحيوي هو: الإنسان، أما القطاعات الأخرى فهي قطاعات وظيفية إجرائية إدارية تنظيمية. ولن نتمكن من تغيير واقعنا مادامت هذه القطاعات تحت سيطرة: أنظمة فاشلة، وتخدم أجندات مناقضة لهويّة المسلمين، وتحرص قوى الاستكبار العالمي على تطويعها لصالحها، كما أنّها تحولت من مجالات تستقطب أهل الإبداع والأخلاق والعلم والفكر، إلى مجالات تستقطب أهل الأشكال والأهواء والجهل – غالبا- ثم تحوّلت في المدة الأخيرة إلى قطاعات لتوظيف البطالين، وإسكات الأفواه المطالبة بفرص العمل، فصارت خارج إطارها الحضاري والإسلامي والإنساني والحياتي.

قطاع الثقافة مسؤول عن الأنماط الثقافية التي تحكم شبكة العلاقات الاجتماعية، وصحة هذا القطاع تعني صحة النسيج الثقافي للمجتمع، أما ما نراه اليوم فهو عبارة عن مهرجانات وأمسيات وحفلات تلتهم أموالا طائلة، وتضيع أوقاتا هائلة، وتشوّه معاني الثقافة،  وتحصرها في الرقص واللهو والسهر.

أما قطاع التربية فهو المسؤول عن إعداد الناشئة، وهو القلب النابض للأمم، فإن كان سليما في بنائه وأهدافه العامة وفلسفته المستمدة من هوية الأمة، ومستقلا في وضع منظومته التربوية، مسيّرا من الخبراء وأهل الميدان والتخصص، ومحاطا بالإبداع بدل خنقه بالقوانين والمناشير الإدارية، فهو يتوجه بالمجتمع حتما نحو إيجاد مجتمع سليم.

أمّا قطاع الشؤون الدينية: فهو القطاع المنوط به إعادة تصحيح المسار العام للمجتمع سلوكيا وعقديا وروحيا، وهو المكلف بشحن همم المسلمين نحو تجديد روح البناء والإبداع كل أسبوع، فهو يرافق المسلمين في مسيرتهم الأسبوعية والسنوية، لذلك يجب أن يهتم به اهتماما صادقا بعيدا عن الاستغلال السياسي السلطاني الخانق فهي بيوت الله تعالى، وحق لها أن تنال مكانتها الحقيقية.

أمّا قطاع الإعلام فيلعب دور الصانع للإقناع داخل المجتمع، ويلعب دورا هاما في تلطيف الجو العام للمجتمع وبث الأمن الاجتماعي والنفسي، وهو الكابح للظواهر السلبية والآفات الملوِّثة للبيئة الاجتماعية، فوجب استعادته بعد أن سرقه أهل المال والقوة.

إنّ استعادة هذه القطاعات وإحاطتها بالاهتمام والرعاية خطوة عملاقة نحو إصلاح المجتمع واستعادة زمام الأمور، فهي معركة حقيقية الفائز فيها يحدد مستقبل الأمّة الإسلامية، ولو فاز بها أهل الخير والصدق والبناء لتغيّرت الأمة في سنوات معدودة. أمّا كيفية استعادة هذه المنظومات فهذا يحتاج بالفعل إلى جلسات مطوّلة يعقدها أهل الدراية والشأن حسب كل قطاع؛ حتّى تكون البداية سليمة فمن صحت بدايته صحت نهايته عادة.

الرابط : https://www.islamtoday.net/nawafeth/artshow-130-236409.htm

قراءة 648 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 11 أيار 2021 04:31

أضف تعليق


كود امني
تحديث