جاءت العروس إلى بيت أبيها زائرة...
و تساءلت و هي جالسة على حافَّة سرير غرفتها المتواضعة تتأمَّل تقاسيم الجدران التي احتضنتها سنوات قبل أن تخرج من بيت أبيها إلى بيت الزَّوجية...
قالت: أين أحلامي التي نسجتُها ها هنا و عطَّرتُ بها أركان غرفتي الصَّغيرة ؟
قلتُ: أحلامك! يا له من مصطلح فضفاض يا عزيزتي!
الحلم يبقى حلمًا إذا لم يتحوَّل لهدف نسعى لتحقيقه و نبذل من أجله الأسباب، الحلم هو تلك الأمنية التي ندعو الله لترى نور الحياة و نسعد بها، ابحثي عن أهدافك إذن...
قالت: حتى أهدافي التي سطَّرتها بوَحْي أقلامي الملوَّنة و أسكنتُها دفاتري، أين هي؟
قلتُ: تسألين الآن عن أهدافك؟ راجعيها أوَّلا.. لعلَّ ذهنك مشوَّشٌ و اختلطت عليك الأهداف و أشباهها و غاب عنك الهدف الصَّحيح أو ربما توارت أمامك كيفية تحقيقه و أنت زوجة، أو ربما أسأْتِ التَّخطيط لتحقيقه، أعيدي حساباتك مجدَّدا و ستعرفين أين الخلل.
قالت: و أين هِمَّتي التي علتْ يوما ها هنا؟ و أين النَّفس التوَّاقة لتحقيق تلك الأهداف؟
قلتُ: هِمَّتك هي تلك الطَّاقة الكامنة في ذاتك فابحثي عنها لتتَّقد من جديد و عليك بالإخلاص و مرافقة أصحاب الهمم العالية لدفع الكسل و الفتور، فكلُّ قرينٍ بالمقارن يقتَدي، فانظري من تخالطين!
قالت: و أين شخصيتي؟
قلتُ: شخصيتك هي أنتِ، هي كل ما يعبِّر عمَّا بداخلك، انظري في أحوالك، لعلَّك فقدْتِ حُبَّك و احترامك لذاتك بعد الزَّواج، و ربما ذابت شخصيتك في شخصيات مَن حولك مِن أهلك الجُدد!
خذي الجيِّد من محيطك لتُنمِّي شخصيتك و اطرحي فكرة المقارنة السّلبية، فبقاء قَبولك لذاتك كما هي بعد الزواج و حُسن إدارتك لها، و زيادة الثِّقة بنفسك و قدراتك هي السُّبل الآمنة للرُّجوع مرَّة أخرى لتلوين التَّفاصيل التي بهتَتْ من شخصيتك، و أنتِ لها، فلا تتردَّدي...
قالت: أين أنا بعد الزَّواج؟
قلتُ: في بيت الزَّوجية...!
عذراً... لستُ بصدد المزاح، لكنَّ هذا هو المكان الذي حمل التغيِير الجميل في حياتك، و الذي يجب أن تندمجي معه و بكل تفاصيله و تتكيَّفي مع ظروفه كيفما كانت، و على قدر أهل العزم تأتي العزائم!
إلى القارئات الكريمات اللَّواتي دخلن عشَّ الزَّوجية حديثاً، و لهن مثل تلك التساؤلات أقول:
نعم لذوبان الحبِّ و الودِّ و الصَّفاء و الصِّدق بينكِ وبين زوجك، لا لذوبان الإلغاء و التَّهميش و الإقصاء لأحدكما على حساب الآخر.
نعم للتآلف و التآخي و التأقلم مع محيطك الجديد، لا لإلغاء أهدافك السَّابقة و التخلي عنها.
نعم للمشورة و قَبول النُّصح، لا لإلغاء اختياراتك و التَّقليل من شأنك.
نعم للجدِّ و المضيِّ أماماً، لا للكسل و التَّسويف و ربط الإخفاقات بالظُّروف الجديدة.
و قبل كل ما ذكرتُ استعيني بالله و اسأليه أن ييسِّر أمركِ، و يوفِّقكِ لخيري الدين و الدنيا.
و أخيرا... تذكَّري أن زوجكِ اختاركِ أنتِ لتبقي أنتِ و ربما لتكوني أفضل ممَّا أنتِ.
فهل وصلت الرسالة أيَّتها الزوجة الكريمة؟
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/74473/#ixzz3A3limKec