رغم مرور آلاف السنين على خلق آدم و حواء, إلا أن الإتهامات المتبادلة بين الطرفين لم تتوقف لحظةً. و يكمن السبب الرئيسي في هذه الإتهامات لعدم تفهُّم أحدهما لعقلية الآخر, فالرجل يتوقَّع من المرأة أن تفكِّر مثله و نفس الأمر بالنسبة للمرأة, لكن العلم الحديث أثبت إختلاف بعض التركبيات داخل الرجل و المرأة مما يؤثر بشكل مباشر على طريقة تفكير و تصرُّف كل منهما, و سنقوم في هذا المقال بأخذ جولة داخل عقل الرجل لمحاولة فهم كيفية عمله ..

عملي :

عندما تُدخِلي مشكلة إلى جهاز الكمبيوتر ليقوم بحلها فلا تتوقعي منه أن يُخرِج لكِ رسالة يعبر فيها عن تضامنه معكِ و يُربِّت على كتفِك بل سيقوم بمحاولة حل المشكلة فوراً, كذلك يعمل عقل الرجل عندما تواجهه مشكلة أو يحكي له شخص عن مشكلته فهو يعتبر إخباركِ له بمشكلِتك أنه طلب كي يساعدك في حلها فهو بالفعل يتضامن معكِ لكنه يعبِر عن هذا التضامن بمحاولة حل مشكلتِك.

لديه مشاعر :

رجل طويل القامة, مفتول العضلات, جهوري الصوت, يمشي كالجُندي, يخضع له الجميع, هل تظن أن رجل بمثل هذه المواصفات يمكن أن يبكي؟!  نعم إنه يبكي بل لديه خطين أسودين في وجنتيه من شدة البكاء من خشية الله, إنه عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- .

المظاهر كثيراً ما تخدع, فالرجل لديه مشاعر قد تكون بقوة مشاعر المرأة. لكن لا تتوقعي منه البكاء كثيراً

لا تتعجَّب من حديثي عن المشاعر بينما المقال عن العقل, فالمشاعر تنبع من العقل و القلب معاً.

مهتم بالتفاصيل ... و لكن :

عندما يدخل الرجل مكتبه ليتابع النموذج (الماكيت) الخاص بمشروعه فإنه سوف يلاحظ أن شخصاً ما قد حرَّك أحد القِطع إنشاً واحداً, في حين أنه قد لا يلاحظ أن أحد الكراسي في المكتب قد تغيّر مكانه.

الرجل يلاحظ التفاصيل التي يهتم بها (مثل مشروعه) في حين أنه قد لا يلاحظ تفاصيل أخرى لمجرد أنها لا تهمه (مثل النقش الموجود على السجاد), لذلك فمن الأفضل ألا تختبريه بأسئلة تعجيزية بالنسبة له مثل (هل تذكر ماذا أكلنا في أول يوم خرجنا فيه بعد الزواج؟), تأكّدي أنه يحبك حتى لو لم يكن يتذكّر.

الإنسحاب :

(عندما يراك الجميع قوياً, لا تريد أن تخذلهم و تبدو ضعيفاً ), الرجل مُحاط دائماً بأشخاص يعتمدون عليه : والداه خاصة في الكِبر , زوجته و أطفاله في البيت, رئيسه في العمل, لذلك يريد الرجل دائماً أن يبدو قوياً أمامهم حتى لا يخذلهم, لذلك عندما يتعرّض الرجل لضغوط شديدة يميل للإنسحاب و العزلة حتى لا يبدو ضعيفاً أمامهم و أيضاً حتى يفكّر جيّداً في تصحيح الأوضاع, و من الحكمة الإبتعاد عن الرجل في هذه الحالة إلى أن يهدأ تدريجياً لأنه قد ينفجر في هذه اللحظة إذا ضغط أحدهم عليه ليعرف ما به, فقط أخبروه أنكم بجانبه و إتركوه و سيعود وحده.

نعم تعني نعم :

عندما يقول الرجل كلمة فهو يعنيها إلا إذا كان مازحاً بالطبع, فعندما تعرضين عليه شيئاً و يقول (لا شكراً) فهو بالفعل يعني (لا) و كذلك إذا قال نعم, المرأة قد تقول كلمة و تعني عكسها بغرض التمنُّع أو الدلال, أما الرجل فهو يعني ما يقول.

كرة القدم :

إذا تخيّلنا عقل الرجل دائرة فإن كرة القدم تحتل نصف مساحة هذه الدائرة, و لم يتوصّل العلم لسبب هذا حتى الآن.

يحتاج الإنسان إلى الترفيه و الخروج من أجواء المسئولية, فمن الناس من يلجأ للسفر و منهم من يلجأ إلى النوم و غيرهم, لكن جرت العادة أن المرأة تلجأ للتسوّق و الرجل يلجأ لكرة القدم.

بالتأكيد هناك أشياء أخرى كثيرة في عقل الرجل لكن لا أريد الإطالة.

و قبل إنهاء مقالي يجب الإشارة لثلاثة أمور هامة :

أولهما : أن العلم قد أثبت إختلاف التركيبة الهرمونية للرجل و المرأة و أيضاً إختلاف طريقة عمل المخ, و هو ما يوضّح سبب هذه الإختلافات العميقة بينهما, لذلك فلا داعي أن تحاول المرأة أن تغيّر أسلوب تفكير الرجل أو العكس لأن هذا لأن الأمر يتعلّق بتركيب الجسم, هل بإمكان الصيني أن يوسِّع عينيه ؟! أو بإمكان الطويل أن يقصِّر نفسه ؟!

الأفضل أن يتقبّل كل منا الآخر و يحتويه و يُراعيه.

و ثانياً : ليس معنى مقالي هذا أن جميع الرجال نسخة واحدة, بل كل شخص لديه شخصية خاصة به, لكن هذه الصفات بمثابة الخطوط العريضة عند معظم الرجال لكن التفاصيل تختلف من رجل لآخر.

و أخيراً : أن الله خلقنا مختلفين حتى يكمّل بعضنا الآخر و ليس للصراع كما يظهر بشدّة هذه الأيام, فالرجل و المرأة كلاهما لديه إمكانيات هائلة إذا إنسجمت هذه الإمكانيات معا فسنحصل على مجتمع رائع, و إذا تصارعا فسيكون الدمار كبيراً. 

الرابط: http://www.natharatmouchrika.net/administrator/index.php?option=com_k2&view=item