قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الإثنين, 14 تشرين2/نوفمبر 2016 09:25

الزواج في زمن الضياع

كتبه  الأستاذ محمد الأمين مقراوي الوغليسي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

مع سيطرة العولمة على الكثير من دوائر الحياة، راحت الكثير من القيم تسقط تباعا من حياة المسلمين؛ بسبب الصبغة المادية الاستهلاكية التي تتسم بها العولمة، و التي تنعكس بالضرورة على المجتمعات التي تسيطر عليها، خاصة المجتمعات الضعيفة ثقافيا، و المنهزمة نفسيا في ميدان الصراع الحضاري، و قد كانت الدائرة الاجتماعية أحد أبرز دوائر الحياة تضررا، حيث ظهرت عليها آثار الانحراف و الإعياء الحضاري بصورة واضحة؛ لأنها تشمل كل فئات المجتمع، عكس الدوائر الأخرى التي قد تختص بفئة معينة من فئات المجتمع.

و إذا تحدثنا عن الحياة الاجتماعية فلابد من ذكر الأسرة؛ التي تشكل نواة المجتمع البشري، و الحديث حولها يثير مواضيع كثيرة، من بينها موضوع كيفية تأسيس و نشوء الأسر، و المعايير التي تُبنى عليها.

و قد تعرض مشروع الزواج في العالم الإسلامي إلى تغيرات عديدة، مسّت الكثير من جوانبه، و أسقطت العديد من قيمه المعروفة، حتّى وصل الأمر إلى تسيُّد القيم المادية عالم الزواج، و دخلت عليه دواخل تكاد تخرجه عن المقاصد التي من أجلها وجد.

و قد كان لهذا الأمر ما بعده، حيث ظهرت أسر ضعيفة التماسك، سريعة التفكك، نتاجها أجيال ضعيفة دينيا و ثقافيا و اجتماعيا و حتّى علميا، و سنكتفي بإلقاء الضوء على المعايير المسيطرة على مشروع الزواج، باعتبارها حجر الزاوية، و أساس بنائه.

الزواج بين المال و الجمال:

هل يستطيع مال الرجل أن يغطي على عيوبه عند المرأة؟ و هل يغطي جمال المرأة على عيوبها عند الرجل؟

أردت أن أبدا هذه الفقرة بهذين السؤالين الهامين، فأسئلة الحاضر، و البحث عن إجابتها اليوم، هي التي تحدد معالم المستقبل غالبا، و مع الاعتراف أن الأسئلة التي تحيط بمشروع الارتباط كثيرة، إلا أن السؤالين السابقين من أكثر الأسئلة غيابا و تغييبا عن أذهان الراغبين في تكوين أسرة صالحة و سليمة.

لقد صار من المعروف لدى  العام و الخاص أننا نعيش زمنا ماديا بامتياز، يتميز بتوجه الإرادة الجماعية نحو محاولة الخروج السريع من قاع الفقر، أو القفز من الطبقة المتوسطة نحو طبقة الأثرياء، بعقلية صعود السلم بخطوة واحدة، و حرق المراحل دون الاهتمام باجتيازها وفق مسارات معروفة و معقولة، الأمر الذي أثّر على ذهنية الكثير من الناس، و جعل تعاملهم مع الكثير من الأمور الهامّة و الخطيرة و الشريفة يأخذ منحىً ماديا ابتداءً و انتهاءً، و لعلّ مشروع الزواج من أبرز المشاريع الاجتماعية التي صارت تدور في عالم الأشياء، فقد صار الأساس في اختيار الشريك عند عدد لابأس به من النساء ينبني على الإجابة على التساؤل الآتي: كم يملك هذا الرجل؟ و ما مدى قدرته على تحريك الأموال بسحرية بنانه، من رصيد نحو آخر ليحقق لمن تقدم لها حياة هواءها من الأمازون، و أرضها من هايتي، و شواطئها جزر سليمان، و أثاثها من ماليزيا و مصر، و تجهيزاتها المنزلية من اليابان، و ملابسها و عطورها من فرنسا، و غذاؤها من السويد، و تكنولوجيتها من أمريكا، و أحذيتها من إيطاليا، و تسوقها في دبي، و إجازتها بإسبانيا .. إنه واقع مرير؛ جعل الكثير من الشباب المقدم على هذا الأمر الجلل؛ يشعر عندما تطأ قدماه بيت المخطوبة أنّه مقبل على تحقيق رهيب، فقد يُسأل عن ساعات العمل، و عن الراتب، و المنح و الامتيازات، و أين يقضي عطلته، و نوع سيارته، وسنتها، و نوع المنزل: شقة أم فيلا، و قد يسأل حتى عن رصيده في البنك، و غير ذلك من الأسئلة التي بتنا نسمع عنها كل يوم، فيتصبب الشاب عرقا، و يضيق نفسه، و تكون أقصى أمانيه الخروج و النجاة من هذا التحقيق الذي أتعب أعصابه، و استنزف قواه، و أشعره بالخيبة من بيت المخطوبة الذي تحول إلى مخفر شرطة بقدرة قادر، و قد لا يكون ذلك في مجلس واحد، و إنما في خضم التواصل الأسري بين أفراد العائلتين.

ماذا عن معيار العلم والصلاح؟

لم يعد من الهام عند الكثير من الأسر المسلمة قدرات الإنسان العلمية، أو سلوكاته الاجتماعية الراقية، أو أخلاقه المشهودة، و غدت الكثير من الأسر تُهمل السؤال عن حسب الرجل و نداوة أصله، و أصالة معشره، و شهامته و نبله و شرفه، بل لم يعد من المؤثر سلبا ما تسمع عن المتقدم من تهم الاختلاس و الرشاوى، و التعامل الربوي، و سوء الأخلاق، فتلك من لوازم الحياة العصرية. بل أهم شيء عندهم هو ما يملكه من ماديات، أمّا غير ذلك فلا يهمهم، فهم يريدون تأمين حياة ابنتهم و فقط، و تحقيق التفاخر الاجتماعي، بعد أن صار الزواج سبيلا للتنافس على الافتخار الاجتماعي، و لو كان الأمر بيدهم لتمنوا و سعوا إلى أن تأكل ابنتهم: ذهبا و تشرب ماسا، و لا يهمهم حين يفصلون عن القضية البعد الآخر لهذه الحياة.

و بالمقابل نجد أن السفيه الغني و الغبي الثري، صاحب حظ و مكانة لدى الكثير من الناس، فيكفي أن تُشاهد سيارته الفارهة المركونة بالشارع، و انتفاخ جيبه من سماكة المبالغ التي حشا بها جيبه، و نفاسة هداياه ، و بريق ساعته؛ حتى تقبل به الفتاة المغبونة بتصورها السطحي لقضايا الحياة.

حين يغلب المال الأخلاق:

فعلا لقد صار المال أقوى من الأخلاق، و غلبت سطوته المبادئ و القيم لدى مجتمعاتنا، فصارت الكثير من العائلات لا تهتم حقا و فعلا بصلاة الرجل و أخلاقه، فالأمر صار حسابات رياضية، تبتديء بحساب الأرصدة المرصودة، و تنتهي بعرفة مقدار الغنى و الترف الذي ستستفيد منه أسرة الفتاة.

هل ضيّع عالم الجسد مروءة الرجال؟

أما الرجال فَهَمُّ الكثير منهم جمال المظهر و الجسد، و أول شيء يؤكد عليه و يصر عليه جمالها و رشاقتها، بل إن الكثير ممن يكلف غيره في البحث عنها يضع لها سيرة ذاتية افتراضية، تبدأ بالجمال و تنتهي بالجمال، و لم يعد يهم الكثير منهم أخلاق المرأة و معدنها الأصيل، و منبتها الكريم و شرفها الشامخ، و سمعتها الباهرة.

المرأة بين جمالها و عيوبها:

لقد صار الجمال يغطي عيوب المرأة الجميلة الغبية؛ التي تنطلق و تنتهي في كل تعاملاتها في الحياة انطلاقا من نعومة شعرها، و طراوة خدها، و رشاقة قامتها، و جمال عيونها، لا تعرف معنى للثقافة، و لا سببا يجعلها تعترف بالعلم و المعرفة و نظريات الأخلاق، فكيف تهتم لذلك، و الكل يجري وراءها، و يخطب ودها و يبغي وصالها.

الفتاة المستقيمة وسوق الأخلاق الراكدة:

أما الفتاة التي قضت حياتها في طلب العلم، و في خدمة أمتها و نصرة دينها، و تجاهد لأجل حجابها، و تسأل ربها أن يرزقها فارس الحضارة و التقدم، فارس الأخلاق الحسنة، و الشمائل المحمودة، فإنها فتاة غير محظوظة؛ لأنها لا تتوفر على المواصفات التي طبعتها مذيعات القنوات و راقصات المسارح، و بطلات المسلسلات، و عارضات الأزياء، و ملكات الجمال في مخيال شباب اليوم.

بل لم يعد لمتوسطة الجمال أو مقبولة الشكل نصيب لدى  الكثيرين؛ لأنهم صاروا يضعون مقاييس خاصة، استجلبوها من تافهات يقدمهن " الفن" على أنهن قدوات و معايير في الاختيار، لم يعد يهمهم دين الفتاة و شرفها و أخلاقها..بل إن الوقاحة الجماعية بلغت حد الاستهتار بالشريفات، فيقولون إنها لا تحقق لنا العفة بتدينها، بل إن الجميلة و إن قلّ حياؤها، فإنها الأجدر بغمسنا في بحر العفة كما يزعمون، و قد كذبوا.

إلى أين يمضي قطار الزواج في العالم الإسلامي؟

لقد كانت نتيجة هذا الانقلاب الرهيب في عالم القيم، تكدس الملايين من الشريفات اللاتي ينتظرن فرصة بناء أسرة صالحة سعيدة دون زواج؛ خاصة أنّ قطار الزمن السريع لا يرحمهن؛ لأنه لا يتوقف في محطاتهن؛ لعدم توفرهن على المطلوب عند ركابه، و لأن رجل اليوم يدرك أن أمامه سيلا بشريا هائلا من المسلمات المغبونات، فإنّه يطلب الأصغر فالأصغر، ما يعني توسيع رقعة العنوسة في حق عدد هائل من النساء، و كلما مر عام إلّا و تضاءلت فرص الملايين منهن في الظفر بفرصة تأسيس حياة أسرية لطالما حلمن بها و عشن لأجلها.

و ماذا بعد؟

إن هذه الكلمات هي صرخة اختنق بكتمانها الكثيرون و الكثيرات، ممن أرادوا البوح بها  في وجه المجتمع، لعله يغير دفة السفينة نحو بحار مرساها الاستقرار و السعادة، بعد أن توجهت إلى شواطئ الوهم و التعاسة، و ما لم يتدارك المسلمون هذا الواقع البئيس التعيس الذي بات يردح فيه مشروع الزواج في العالم العربي و الإسلامي، فإن العجز عن احتوائه و التخفيف من وطأته سيكون سمة السنوات العشر القادمة، و ما معدلات الطلاق المرتفعة، و الخراب الأسري المطرد، و سوء تربية الأسر، و انهيار القيم في المجتمع بشكل عمودي و أفقي لم يسبق له مثيل، إلا مؤشر من المؤشرات على أن سياسة التمادي في محاربة القيم الإسلامية لأجل عادات راكدة أو وافدة سوف تجعل المجتمعات المسلمة محلا لمشاكل كثيرة، لن تنجو منها أي دائرة من دوائر الحياة، و ستنخرم الكليات الخمس الذي جاءت الشريعة الإسلامية لحفظها؛ لأنّ انهيار القمة يبدأ من انهيار القاعدة التي تقف عليها، .. فهلا رشادُ يغمس مجتمعاتنا في بحاره؟ و هلّا شمّر المصلحون عن سواعد الجدّ لإصلاح ما خربته يد العولمة في عالم الأسرة و الزواج قبل أن تغرق بنا السفينة؟

قراءة 1911 مرات آخر تعديل على الخميس, 17 تشرين2/نوفمبر 2016 10:00

أضف تعليق


كود امني
تحديث