قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 27 آب/أغسطس 2014 07:56

في الثورة والقابلية للثورة

كتبه  الدكتور عزمي بشارة
قيم الموضوع
(0 أصوات)

في مفهوم الثورة

إن ما يحتاج إلى مزيدٍ من البحث و التدقيق هو الحالات التي تؤدي إلى الثورة. متى يتحرك الشعب؟ و اذا تحرك فما الذي يحوّل الاحتجاج أو الانتفاض الشعبي إلى ثورةٍ تستهدف مجمل النظام السياسي؟ و هذه أسئلة لا نعتقد أنها تؤدي إلى نظريةٍ في الثورة.

ول ا نعتقد أن المحاولات لتأسيس نظرية في الثورة مفيدة. فالكتابات النظرية عن الموضوع مشتقة غالباً من ثورةٍ تاريخيةٍ أو ثوراتٍ بعينها. إنها تعمّم استخلاصاتها من ثوراتٍ معيّنةٍ. إنها نوع من الاستقراء القابل للدحض دائماً، أو القابل للتطوير بشكل مستمر. و يصعب من دون تعسفٍ إطلاق تسميةٍ نظريةٍ على مجمل التنظير الذي تراكم جراء دراسة الثورات المختلفة في التاريخ.

فالعوامل الخاصة التي تتحكم في حركة الناس و انتفاضهم ضد الظلم و تحول ذلك إلى ثورة شاملة ضد النظام كثيرة و يصعب حصرها، كما يصعب حصر دور العام و الخاص فيها. ول ا شك في أن في الإمكان تحليل بنية أي ثورة و استخلاص استنتاجات نظرية.

و نحن و إن كنا لا نرجح أن هذا الجهد يؤدي الى صنع نظرية شاملة تتنبأ بشكل علمي بوقوع ثورة في النهاية، فإننا لا نستبعد على الإطلاق أن يساهم هذا الجهد في مراكمة تجربة نظرية تمكن من ترجيح احتمال وقوع ثورة في بلد من البلدان، و لكن كاحتمال فحسب. و هذا لا يستثني حالات كثيرة تقع فيها ثورات حيث لم يتوقع أحد.

تبحث الورقة في العناصر و الخصائص التي تميز الثورات العربية و الأخرى التي تشترك فيها مع سابقاتها من الثورات في العالم، للوصول إلى الصياغة الفكرية لمفهوم الثورة و تفكيك بنيتها و ما ينتج عنها.

إن الكتابات النظرية عن الموضوع مشتقة غالباً من ثورةٍ تاريخيةٍ أو ثوراتٍ بعينها. و هي تعمّم استخلاصاتها من ثوراتٍ معيّنةٍ، فهي نوع من الاستقراء القابل للدحض دائماً، أو القابل للتطوير بشكل مستمر. و يصعب من دون تعسفٍ إطلاق تسميةٍ نظريةٍ على مجمل التنظير الذي تراكم جراء دراسة الثورات المختلفة في التاريخ.

لقد شملت مفهوم الثورة محاولات يصعب أن ترقى إلى مستوى التعريف العلمي. فالكلمة دارجةٌ في الاستخدام اليومي للغة، و حتى في الكتابة التاريخية أطلقت كتسميةٍ على عددٍ كبيرٍ من الظواهر المختلفة في شدّتها و التي تمتد من أيّ تحركٍ مسلّحٍ، أو حتى غير مسلّحٍ، ضد نظامٍ ما، إلى التحركات التي تطرح إسقاط النظام و استبداله، الأمر الذي يصعّب عملية تدقيق المصطلح. و في الإنتاج التراثي نفسه استخدم التعبير لوصف تحركاتٍ شعبيةٍ من أنواعٍ عدة مثل "ثورة الزنج" و"ثورة القرامطة"، مثلما استخدمها عرب القرن العشرين المتأثرون بثورات عصرهم لفهم الماضي بمفاهيم الحاضر، و أما المؤرّخون العرب القدماء فلم يستخدموا كلمة "ثورة" بل كلمات مثل "خروج" و"فتنة".

غير أن أقرب كلمة إلى مفهوم الثورة المعاصرة هي "الخروج"، بمعنى الخروج لطلب الحق. فالخروج هنا بدايةً ليس خروجا على الجماعة، ول ا حتى على السلطان بل هو "خروج إلى"، خروج إلى الناس طلبا للحق. إنه خروج إلى المجال العام، و في هذه الحالة طلبا لإحقاق حق أو دفع ظلم.

إن مفهوم المؤرّخين العرب لما يصفه المؤرخون المعاصرون بـ "الثورة" خاضع للسياق الذي حكم إنتاجه، و هو اعتبار الخروج على الجماعة تقويضاً للعمران. و الخروج على الجماعة أو الأمة هو الأصل في ذم الخوارج، أما الخروج على السلطان الغاشم فقد اختلف في شأنه، فالبعض اعتبره خروجا على الجماعة، و البعض الآخر اعتبره أمرا مشروعا، بل واجبا في بعض الحالات.

يطرح عبد الله العروي في "مجمل تاريخ المغرب" تساؤلات عن حركة عبد الكريم الخطابي كونها ثورة ريفية في إطار تقليدي على الرغم مما فيها من سمات عصرية. و هي تساؤلات في محلها و ما يقوله ينطبق على كثير مما يسمى ثورات في القرن العشرين بإلصاق المعنى الحديث المفهومي للثورة، في حين أنها كانت أقرب إلى معناها الحرفي اللغوي (الهوجة) في ذلك الحين.

لكن ما يصعب فهمه هو تساؤل تشكيكي منتشر في وسائل الإعلام عن الثورات العربية الراهنة، و يثيره بشكل خاص مثقفون عرب كانوا يساريين ذات مرة و يحتفظون ببعض عدة اليسار المصطلحية. فهم لسبب ما لا يعتبرون الثورات العربية تستحق مفردة ثورة، لأنهم لا يعرفون، أو يتجاهلون معنى هذه المفردة العربية البسيط نسبيا، و الذي تتجاوزه الثورات العربية سياسياً و حضارياً. كما أنهم لا يعرفون إلا ثورات مثل ثورة أكتوبر و الثورة الفرنسية. و منهم بالطبع من يعتقد أن برامج عملية و مخططات يجب أن تسبق الفعل الثوري، أو أحزاب ذات طابع أيديولوجي تقود الحراك الشعبي.

و ما لا يعرفه هؤلاء،  أنه حتى في الثورات الفرنسية و الأميركية لم يخطط الثوريون لما فعلوه أثناء الثورة. بل إن الجدّة أمر اكتشفه الثوريون فيما يفعلون و ينتجون، و لا شكّ في أن قسماً منهم قد طمح في تطلعاته الثورية إلى عودةٍ ما إلى ماضٍ روماني أو يوناني متخيل يجذّر فيه هويته أو أصله الأول.

و في  حالاتٍ أخرى عودة إلى مساواةٍ مسيحيةٍ قديمةٍ مفترضةٍ فطرها الله في طبيعة البشر الذين انحرفوا عنها. و لكن اكتساح الحكم و تطور حركة الاحتجاج إلى ثورة أدت إلى تغيير الملك، في حالة فرنسا مثلاً، من دون أن يكون ذلك مقصوداً في البداية، و إلى تأسيس دولةٍ في حالة الولايات المتحدة من دون أن يكون ذلك مقصوداً في البداية، و من دون أن يضطر الناس إلى التفكير بالجديد.

و ما لا يعرفه هؤلاء أيضاً، هو أن الثورات الشعبية بطبيعتها ليست ثورات أحزاب أيديولوجية تسعى إلى الحكم. بل إن هذا النوع الأخير من الثورات غالباً ما يفشل في توحيد الشعب من حوله، و يتحول إلى حروب عصابات، أو يتخذ شكل انقلاب عسكري أو غيره. الثورات الشعبية شعبية لا حزبية، لكن الأحزاب التي تسيطر على الثورة بعد تحولها إلى سلطة تنشئ تاريخاً للثورة يتسم بالتفخيم الذاتي، و يُبنى على أسطورة أو متخيل يشير  إلى أن هذه الأحزاب هي التي قادت الثورة، أو لم تقم هذه الثورة من دونها، في حين أن قوى و أحزاباً أخرى تتهمها بأنها لم تفعل إلا سرقة الثورة. فليست الثورات عملاً حزبياً منظماً بناءً على برنامج مسبق.

فالمقصود بالثورة إذاً، هو تحرك شعبي واسع خارج البنية الدستورية القائمة، أو خارج الشرعية، يتمثّل هدفه في تغيير نظام الحكم القائم في الدولة. و الثورة بهذا المعنى هي حركة تغييرٍ لشرعيةٍ سياسيةٍ قائمةٍ لا تعترف بها و تستبدلها بشرعيةٍ جديدةٍ. و الضرورة هنا تقتضي التعميم لاستحالة الوصول إلى صيغة عملية تحدد مراحل الثورة، لأن الثورة هي صيرورة يصعب الإشارة إلى نقطة بداية و نهاية لها، و هي تنطلق من حاجات يمكن تحديدها، و لكنها أثناء اندلاعها قد تنتج حاجات و سلاسل مطلبية لا علاقة لها بالشرارة الأولى الذي أنتجها وضع يتسم بـ"القابلية الثورية".

و "القابلية للثورة" هي الوعي بأن وضع المعاناة هو حالة من الظلم، أي الوعي بأن المعاناة ليست مبررة و لا هي حالة طبيعية معطاة، و وعي إمكانية الفعل ضده في الوقت نفسه.

الثورة والديمقراطية
"
لقد ثبت في حالة الثورات العربية أن من الصعب الاستيلاء على الحكم من دون انشقاق الطبقة الحاكمة، وانضمام الجيش أو قسم منه على الأقل إلى الثوار. 
"

رغم أن الأحزاب القائمة لم تقد الثورات العربية، إلا أنه لا يجوز أن يطمئن القارئ  إلى أن هذا الغياب يشكل في حد ذاته شرطاً كافياً لتحقيق الديمقراطية. و لا بد إذاً من وجود خطة و برنامج تتفق عليهما أوسع قوى سياسية ممكنة لضبط عملية التحول الديمقراطي و توجيهها. فللثورة الديمقراطية قواعد و أصول تميزها عن الثورات الأخرى، و هي أنها تصل إلى هدفها ليس مباشرة بل عبر عملية تحول ديمقراطي.

لقد استجابت حالة ثورية عربية قائمة في العديد من الدولة للنموذج المصري الذي قدمه الثوار في ميدان التحرير، و هو ما يعني قابلية الثورة للانتشار و التصدير كما هو الحال في الثورات الكبرى، و لكنه قد بدأ يتبين بالتجربة و الخطأ، مدى ملاءمة هذا النموذج لهذه الدولة أو تلك، و الحاجة إلى تطوير نماذج جديدة. من الضروري أن يطوّر الديمقراطيون العرب نموذجهم الخاص بعد الثورات، القائم على المواطنة و الديمقراطية و تعدد الهويّات، و بناء دولة جميع المواطنين، بدلاً من تأجيج النزعات الإثنية و الهوياتية الأخرى عندما يُفتح المجال للتطلع إلى حكومةٍ تمثيليةٍ أو لتعبيراتٍ سياسيةٍ محرّرةٍ أخرى.

و سوف تساهم الثورات الديمقراطية العربية في بلورة الهوية الوطنية التي لم تحظ بشرعيةٍ كافيةٍ حتى الآن في الكيانات التي اعتبرت دولاً قطريةً، حيثما تنجح في بناء المؤسّسات الديمقراطية، و إذا ما قامت الديمقراطيات فعلاً فلن يحصل هذا على حساب القومية العربية، بل سيتغير مفهومها إلى هويّةٍ ثقافيةٍ، و شراكةٍ وجدانيةٍ، و مصالح سياسيةٍ و اقتصاديةٍ تكمّل الهويّة الوطنية.

لهذا فالانتقال عقب نجاح الثورة إلى الديمقراطية ضرورة ملحة، لأنه في الدول التي لا تنجح فيها الثورة في تحويل التوق إلى الحرية إلى ديمقراطيةٍ، قد تنهار الكيانات الوطنية، و لا سيما إذا كانت الدولة متعدّدة الهويّات، و لا تنشئ أمّةً مواطنيةً، و هو أمر حصل في العراق بعد الاحتلال الأميركي.

لهذا يجب فهم الفارق بين التوق إلى الحرية و عملية بناء الديمقراطية بعد الثورة، و بين النجاح في بناء المؤسّسات الوطنية للديمقراطية في ظل الهويّة العربية الجامعة لهذه الدول كشرط استمرار وجودها ككياناتٍ بعد انهيار النظام القائم.

نموذج عربي للثورة

إن إيجابيات حركة التغيير الراهنة في الوطن العربي و سلبياتها ناجمة كلها عن عدم نخبويتها، أي عن خروج قطاعات واسعة جداً من الشعب الى الحيز العام، أي إلى السياسة، و هي بالتالي أقرب إلى الثورة الفرنسية، و مع أنها أكثر شعبية منها، إلا أنها أقل شعبوية.

"
إن مفهوم المؤرّخين العرب لما يصفه المؤرخون المعاصرون بـ "الثورة" خاضع للسياق الذي حكم إنتاجه، وهو اعتبار الخروج على الجماعة تقويضاً للعمران. والخروج على الجماعة أو الأمة هو الأصل في ذم الخوارج، أما الخروج على السلطان الغاشم فقد اختلف بشأنه، فالبعض اعتبره خروجا على الجماعة، والبعض الآخر اعتبره أمرا مشروعا، بل واجبا في بعض الحالات.  
"

لقد ثبت في حالة الثورات العربية أن من الصعب الاستيلاء على الحكم من دون انشقاق الطبقة الحاكمة، و انضمام الجيش أو قسم منه على الأقل إلى الثوار. و حيث لم يحصل ذلك ظلت السلطة قلعة حصينة مسلحة و عصية على الاختراق، مهما غادرها بعض موظفيها و مسؤوليها، و أدى ذلك الى تحول الثورة الى حركة مسلحة و الاستعانة بالتدخل الخارجي في حالة ليبيا.

من هنا فإن الخيارات هي بين أن تؤدي الثورة إلى شق الطبقة الحاكمة و اختراق النظام فإما أن ينهار حينها أو يبدأ الإصلاح، أو تؤدي إلى الدخول في مساومة طويلة المدى تؤدي إلى إصلاح متدرج بضغط مستمر من ثورة الشارع، أو قد تؤدي للاستعانة بالتدخل الأجنبي و هي استعانة محفوفة بمخاطر كبيرة جدا على مستقبل البلد و سيادته و وحدة شعبه.

و يستنتج من ذلك أن الثورات العربية قدّمت نموذجاً جديداً  لم يكتمل بعد. و هو ينقض حتى محاولات بحثية مصرية متأخرة نسبياً لتحديد مواصفاتٍ الظروف المؤديّة إلى اندلاع الثورة. و لم تنشب الثورة بواسطة حزب سياسي منظّم يسعى للوصول إلى السلطة و يبحث عن اللحظة الملائمة.

كما أن يوم نشوب الثورة تبيّن لاحقاً أنه كان "اللحظة الملائمة" للثورة، إذ لم تكن الدعوة أصلا دعوة لثورة بل ليوم غضب في مصر. أما في تونس فقد تنظمت الانتفاضة للتضامن و الاحتجاج في ناحية سيدي بو زيد ثم تحولت بالتدريج إلى ثورة عارمة. و طبعاً هذا لا ينفي أن الثورات العربية أفسحت و سوف تفسح في المجال للأحزاب السياسية المنظمة كي تتنافس على السلطة.

الرابط:
قراءة 1646 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 21 تموز/يوليو 2015 16:37

أضف تعليق


كود امني
تحديث