مشكلة الفقر و البطالة أرّقت الحكومات المتعاقبة التي حاولت من خلال مختلف البرامج التي تبنتها أن تجد حلا جذريا لهاتين الظاهرتين الخطيرتين غير أنها عجزت عن القضاء عليها، و كانت الإمكانات المالية ناقصة آنذاك خاصة في فترة الثمانينات و التسعينات، مع ضعف القطاع الخاص الذي بقي إلى نهاية التسعينات محدودا نتيجة عدة عوامل، أبرزها القوانين التي كانت تكبح الاستثمار عوض أن تشجعه.
و نظرا لكون الظاهرة ما تزال تطرح بقوة في البرامج الحكومية المختلفة و قبلها في الحملات الانتخابية وجب تسخير الجهود الفكرية و العلمية و المادية لمواجهتها بقوة، فلا يكفي أن ننشئ وكالات لدعم تشغيل الشباب و صندوق لمكافحة البطالة و نعطي لهؤلاء الشباب أموالا و أدوات دون أن نتابعهم و دون أن نجعل منهم جزءا لا يتجزأ من مشروع مكافحة الفقر و البطالة في بلادنا، ذلك أن مكافحة البطالة ليست مشاريع اسثمارية تأكل المليارات دون نتيجة ملموسة قوية تتوافق و حجم الأموال التي رصدت، و إنما يجب أن نفكر بمنطق محاسبي دقيق يقول: عندما أعطك ماذا ستعطيني؟
عندما أقدم لك أموالا لمشروعك بقرض خال من الربا و إعفاءات جبائية و شبه جبائية و تحفيزات أخرى، ماذا ستقدم لي؟ ماذا سيستفيد المجتمع و الاقتصاد الوطني من التحفيزات التي سنقدمها لك أيها الشاب؟
يمكن بعد سنوات أن تصبح مكلَّفا جبائيا و تدفع الضرائب و الرسوم بالتزام كامل دون تهرب و لا غش ول ا تزوير، كما يمكن أن يكون المقابل عبارة عن اشتراكات اجتماعية موجهة مباشرة لمؤسسات المجتمع المدني لمكافحة الفقر و الآفات الاجتماعية الخطيرة، كما يمكن أن يكون المقابل توظيف و تكوين عددا من العمال و الموظفين و تهيئتهم ليستقلوا بمشاريعهم.
كل هذه الأفكار قد تكون شرطا لحصول الشاب على التسهيلات التي تساعده في مشروعه، لكن يمكن أن تكون الاستفادة بشكل آخر، و ذلك من خلال ما يلي:
يتم استحداث رسما لمكافحة الفقر و البطالة، و يكون رسما ثابتا، يدفع شهريا من طرف الشركات و المؤسسات الصغيرة و المتوسطة التي استفادت من التسهيلات المقدمة من مختلف الهيئات، و التي تقول الحكومة أن عددها وصل إلى ما لا يقل عن 600.000 مؤسسة، و عليه يمكن أن يكون هذا الرسم الثابت سنويا على كل مؤسسة بما لا يقل عن 10.000 دج، و لنتخيل أن كل المؤسسات الموجودة في بلادنا تدفع هذا الرسم بما فيها تلك التي لا علاقة لها بالوكالات المستحدثة لمكافحة البطالة و تشغيل الشباب، حتما ستكون الأموال طائلة، و لنوسع هذا الرسم ليشمل كل تاجر حاصل على السجل التجاري حتى و لو كان المبلغ بالنسبة لصغار التجار بسيطا المهم أن المبالغ تذهب مباشرة و دون أيه بيروقراطية لتمويل الفقراء و المساكين، و توفير مناصب شغل حتى و لو كان ذلك في الخدمة العمومية التي تحفظ كرامة العامل.
و أتعجب كيف أن الحكومة لديها السلطة و القدرة على فرض مثل هذه الرسوم و الضرائب و لا تُقبل على ذلك و كأن الأمر بسيط يمكن التعامل معه بسهولة، و الواقع أن الحكومات المتعاقبة سابقا تعاملت باستهانة مع خطورة هذين الموضوعين، و النتيجة هو تفاقم الظاهرة و عجزنا عن علاجها أن تعالج بشكل جذري.
و الفائدة من استحداث رسم مكافحة الفقر و البطالة، أن كل فئات المجتمع يمكن تسهم به و تكون منفعته دائمة، عوض أن نبقى نستهلك في الموارد المالية التي كان يمكن أن تتحول إلى مراكز تدريب عملي راق.
http://www1.albassair.org/modules.php?name=News&file=article&sid=3962