تختلف وجهـات النظر في تحديد المسؤول عن جريمة ما، و يصعب على المرء تخيل قدر الذنب الذي يقع فيه المذنب حين يظن أن جريمته حق مشروع و هدف معلن .
حين يحدث شرخ في المجتمع و يتوزع شبابه بين تيارات مختلفة كل تيار ينازع غيره، و يقارعه الحرب في غياب كامل لحوارات عقلانية بناءة؛ تختفي مؤسسات التربية و تعود المدرسة مجرد ناد للتسلية لاعلاقة لهـا ببناء جيل واع و ناهض و قوي و رشيد، و حين يفتقد المعلم أبسط أدبيات المسؤولية؛
هل يا ترى الحرية التي يفتقدهـا شباب في مقتبل العمر هي السبب في هذا الانحراف و الانجراف نحو الفكر المتشدد أو الجنوح نحو الإلحاد
أم هي التربية المختطفة من توجهات غريبة و مشبوهة أو أن محاضن التربية أصبحت غير قادرة على الإنجاب؟!
ترى من المسؤول و من يحدد المسؤولية: هل السياسي الغافل عن أبسط حقوق المواطن أم المواطن المستهتر بحقوق الوطن؟
الأكاديمي أم التربوي أم المجتمع كله؟ هل نحن شركاء في الجريمة و في الذنب بتحول الشباب نحو فضاءات خارجية خطيرة و عميلة و مشبوهة
أم المسؤولية تقع على الإعلام المعاصر الذي نظـَّر للجريمة الأخلاقية و الجنائية ببرامج و مشاهد و أفلام موغلة في العنف و القتل و الفساد؟ هل الترويج للخلاعة و الجنس باسم الفن هي مهمة و مسؤولية الفضاء الإعلامي الحديث؟
من المسؤول عن جرائم القتل الجماعي في العالم: هل هي العولمة الحديثة أم ثقافة الاستغلال و الاتجار بالبشر و المخدرات التي تدان من مروجيهـا أم ثقافة الحقد و الكراهية؟
من المسؤول عن كل ما يحدث من خلل و صراع و انقسام و حروب و عنف في العالم اليوم سواء عالمنا العربي الصغير المستهلك و المنتهك أم العالم كله من حولنا؟
أسئلة كثيرة و كبيرة مازالت الأجيال العربية الشابة تنتظر الإجابة عنهـا في محاولة يائسة من الشباب العربي في الجيل الحديث لفهم العلاقة بين الذنب و المسؤولية .
لقد بدأ منذ قرن يفكر بعمق في مستوى ما وصلنا إليه من استعمار و استغلال و استلاب حضاري.
حضارة عربية تنهار، ثقافات تنصهر، هوية تذوب و تتلاشى .
مدن عربية كبيرة تتحول إلى ملاجئ، ملايين من النساء و الأطفال و الشيوخ العزَّل قابعة وحيدة و عارية في قارعة الطريق .
وجه طفل يخرج بين ركام الطين و البارود؛ ليسدد رمية سهم في قلب كل عربي و مسلم غيور على دماء سالت، و مازالت تسيل من أجل تسلط أنظمة، و رغبة حمقاء مجنونة في الاستئثار بالمال و الملك و السلطة.
إن الطفل العربي و الجيل الجديد القادم هو من سيحاكم هذا التاريخ المعاصر المثقل بالغبن و الألم و الجراح، و وحده من سيفسره و يتولى الإجابة عن الأسئلة الغامضة و الملحة؛ التي تدور حول تحديد المسؤولية، و تعريف الذنب، و من المذنب في حق جيل كامل من شعب عربي؛ كان يحلم بالعزة و الكرامة و العدالة و النصر في غابة عولمة متوحشة لا ترحم
http://wefaqdev.net/art4302.html