قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 15 حزيران/يونيو 2016 09:43

إمامة المتغلب بين الشرع و التاريخ

كتبه  د. أحمد الريسوني / نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
قيم الموضوع
(0 أصوات)

من الأفكار الرائجة في الفقه الإسلامي و في الثقافة الإسلامية قديما و حديثا القول بشرعية الحكم القائم على القوة و الغلبة، بمعنى أن من استولى على الخلافة أو الإمارة بالقوة و السيف، حتى قهر خصومه و استولى على البلاد و سلّم له العباد، فهو إمام شرعي تجب طاعته و لا تجوز معصيته و لا الخروج عليه.

و هذه القضية فيها من الالتباس و التلبيس ما يستوجب تفكيكها و بيان حقيقتها، و هو ما يرمي إليه هذا المقال.

* ليست من الإسلام:

أعني أن الإسلام لم ينص على مشروعية هذه الطريقة في تولي الحكم، و لا هو أرشد إليها و لا أقر وقوعها و لو في نازلة واحدة، فلا نجد شيئا من هذا لا في القرآن الكريم، و لا في السنة الشريفة، و لا في سنة الخلفاء الراشدين.

أما المسلك الشرعي المنصوص عليه و المأمور به في باب السياسة و تولي الحكم، و في باب تدبير الشؤون العامة، فهو مسلك الشورى و ما تسفر عنه من قرار و اختيار، و هو الذي قال الله تعالى فيه {وَ أَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38].

فما جاءنا عن طريق الشورى و مؤسساتها، من اختيار و تولية و بيعة، أو من عزل و إعفاء و إلغاء، أو من "حل و عقد" فهو شرعي و مشروع، و هو من الإسلام و إليه، لكونه مأمورا به في القرآن و السنة، و معمولا به في سنة الخلفاء الراشدين.

و قد كان أول تطبيق لمسلك الشورى بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه و سلم هو التشاور في اختيار خليفة له من بعده، فكان بذلك اختيار أبي بكر و بيعته إماما للمسلمين، و هكذا مضت الأمور على عهد بقية الخلفاء الراشدين: الشورى و الاختيار، و لو بأساليب و أشكال متنوعة.

و بناء عليه، نستطيع القول بكل ثقة و اطمئنان: إن الطريقة الشرعية الوحيدة التي جاء بها الإسلام و نص عليها -لتولي الحكم و انتقاله و تدبير أموره- هي: الشورى و الاختيار، مع ترك الطرق و الوسائل التفصيلية المعتمدة في ذلك للاجتهاد و التشاور و المراجعة.

* بين التاريخ و الفقه:

مما يقرره و يردده الفقهاء و الأصوليون أن النصوص متناهية و الوقائع لامتناهية، و أنه يتعذر التنصيص على كافة الحالات و الاحتمالات و الوقائع الممكنة عبر التاريخ بكل تقلباتها و تشكلاتها التي لا تنتهي، فيبقى كثير منها -أو أكثرها- للاجتهاد و التفاعل بين الفقه و التاريخ.

و في موضوعنا نجد أن الطرق و الأساليب المتبعة في تولي الحكم و تدبير شؤونه عبر التاريخ لا تقف عند حد و لا تلتزم بقيد.

و من هنا وجد الفقهاء أنفسهم أمام دول تقوم و تسود، و ليس فيها مكان للشرعية الإسلامية، أي شرعية الشورى و الاختيار، و لكنها على كل حال دول تدين بالإسلام، و تحكم باسم الإسلام، و تنفذ كثيرا من أحكام الإسلام.

و وجدوا -من بين ما وجدوا- أن التاريخ يضعهم أمام حكام تغلبوا و تمكنوا، و استولوا على الحكم و أقاموا دولتهم، لا بالشورى و الاختيار من أهل الحل و العقد، و لكن بفضل شوكتهم و قوة عصبيتهم، و ربما بفضل سيوفهم و سيوف أنصارهم.

فهذه هي إمامة المتغلب التي ذهب جمهور الفقهاء إلى التعامل معها و الإقرار بشرعيتها و نفاذ أحكامها.

و قد يكون من السهل علينا اليوم أن نرمي الفقهاء -في موقفهم هذا- بتهمة التفريط في الشرعية الإسلامية و الاستسلام أمام الأمر الواقع، و هو اتهام له -في الجملة- نصيبه من الحق و الصواب، أما تفاصيله فالكلام فيها طويل متشعب لا يحتمله المقام.

على أن للفقهاء مستندات و اعتبارات عديدة، هي معتمدهم و عذرهم في تسويغ حكم المتغلب إذا ما نزل و وقع، و أهم تلك الاعتبارات و التعليلات ما يلي:

1- إن هذه ضرورة، و الضرورات تبيح المحظورات، علما بأن ما يباح في محل الضرورة لا يمكن اعتباره مباحا في غير محلها.

2- إن البديل الشرعي الأمثل (أي الشورى و الاختيار) كثيرا ما يكون متعذرا لا سبيل إليه ضمن الممكنات المتاحة في العهود الماضية.

3- إن التغلب و الاستيلاء قد يكون في بعض الحالات هو الخيار الأصلح، كحالة الموت المفاجئ للحاكم السابق دون أن يكون له عهد أو ترتيب لمن سيخلفه، أو كحالة كون ولي عهده طفلا صغيرا لا يقدر على شيء، و كحالة أن يأتي الاستيلاء على الحكم بعد أن تكون الدولة القائمة قد غرقت في الفساد و التفكك و الانحلال، فيكون المتغلب المستولي هو المنقذ.

4- إن إبطال حكم المتغلب و شرعيته، و المناداة بإزالته بعد الغلبة و التمكن قد يعنيان الدخول في حرب أهلية تهلك الحرث و النسل، و قد تنتهي إلى تقسيم البلد.

5- إن إبطال إمامة المتغلبين يستتبع إبطال كل تصرفاتهم و كل تصرفات الدولة التابعة لهم، مما يعني تعطيل الخدمات و الأحكام القضائية و سائر المصالح و الحقوق المتوقفة على الدولة و ولاتها و مؤسساتها، و هذا فساد عريض لا يقبله شرع و لا عقل.

و مع هذه الاعتبارات القوية و الوجيهة في زمانها و ظروفها، فقد أحاط الفقهاء قبولهم لإمامة المتغلب بمزيد من الشروط و القيود:

• أن يكون تغلبه واقعا ضد حاكم متغلب، أما حاكم جاء ببيعة أو عهد، و ما زال حكمه قائما فلا تنعقد إمامة المتغلب عليه (انظر: مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج للشربيني الشافعي 5/423).

• أن يكون الزعيم المتغلب ذا أهلية في ذاته لتولي المنصب، فلا يكون فاسقا و لا ظالما، لأن الله تعالى يقول {وَ إِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِين} [البقرة: 124]. و بناء عليه "قال ابن خُوَيز منداد المالكي "الظالم لا يصلح أن يكون خليفة و لا حاكما و لا مفتيا و لا شاهدا و لا راويا". (تفسير ابن كثير 1/289).

• أن يستتب له الأمر، لا أن يكون باقيا في طور التجاذب و التنازع ما بين مؤيد له و مؤيد لغيره.

• أن يبادر إلى إقامة العدل و الحكم بالشرع، إذ من دون تحقيقه هذين الغرضين لا حاجة إليه أصلا.

* المتغلب في عصرنا:

من المعلوم أن العصر الحديث شهد تطورات هائلة في كثير من مجالات الحياة البشرية و أنماطها، و منها مجال الحكم و السياسة و تنظيم الشؤون العامة.

"إذا كانت أفريقيا اليوم هي الأكثر تخلفا و انحطاطا و فوضوية بين دول العالم و قاراته، فإنها من حيث الشرعية الدستورية و القانونية قد أصبحت أرقى من جامعة الدول العربية و أعضائها، و أرقى من منظمة التعاون الإسلامي و دولها".

ففي هذا المجال نجد على سبيل المثال انتشار فكرة الدساتير المنظمة لشؤون الحكم و إدارة الدولة، و فكرة دولة القانون، و دولة المؤسسات، و تنظيم فكرة فصل السلطات، و اعتماد أسلوب الانتخابات و الاستفتاءات، و كل هذا لم يكن ممكنا من قبل، أو لم يكن متيسرا في العصور القديمة كما هو اليوم.

على أن التطور الحاصل في هذا المجال ليس فقط سياسيا و دستوريا و فكريا، بل هو -أكثر من ذلك- تطور في التجارب و الوسائل و الأدوات و الإمكانات.

و الحقيقة أن هذه التطورات قد أسقطت جميع المسوغات و الدواعي لنهج الاستيلاء على الحكم بالقوة و الغلبة.

و حين أتأمل ما جاء به الإسلام و طبقه الخلفاء الراشدون من شرعية شورية انتخابية رفيعة -في مطلع القرن الأول- فإني أوشك أن أقول إن ذلك كان سابقا لأوانه، و كان فلتة في زمانه، و لكنه على كل حال رسم للبشرية الصورة المثلى لما ينبغي أن تكون عليه الأمور، و ترك لنا أن نتعارك مع الواقع لإقامة تلك الشرعية بعينها، أو بما يشبهها، أو ما يكون الأقرب إليها.

و ها هو الزمان قد استدار دورته، و أصبحت إقامة الشرعية الشورية الانتخابية اليوم ميسرة و في متناول أيدي المسلمين، و لا يحول بينهم و بينها إلا طبائع الاستبداد و طلائع الاستبلاد.

و لئن كان لولاية التغلب و الاستيلاء مسوغات معقولة في العصور الماضية، على الأقل في بعض حالاتها، فإنها اليوم -في ظل شيوع الدساتير و المؤسسات، و يسر تنظيم الاستفتاءات و الانتخابات- قد فقدت كل مسوغ لبقائها، بل هي اليوم تعد أسوأ من الرق و القرصنة، لأن الرق و القرصنة كانا يصيبان أفرادا و أطرافا من المجتمعات، أما الاستيلاء على الحكم بالقوة و الغلبة و بدون ضرورة ملجئة فهو استرقاق للأمم و قرصنة للدول.

فلذلك يجب القول شرعا إن تولي الحكم عن طريق القوة و الغلبة و الاستيلاء قد انتهى زمانه و تمحض بطلانه.

فالاتحاد الأفريقي قد نص في المادة الثلاثين من قانونه الأساسي المعتمد سنة 2000 على أنه "لا يُسمح للحكومات التي تصل إلى السلطة بطرق غير دستورية بالمشاركة في أنشطة الاتحاد".

ثم أصدر في يناير 2007 (الميثاق الأفريقي للديمقراطية و الانتخابات والحكم)، و نص في مادته الثانية على أهداف هذا الميثاق، فكان من بينها ما جاء في الفقرة الرابعة، و هو "رفض و حظر و إدانة التغييرات غير الدستورية للحكومات في أي دولة عضو، باعتبار ذلك تهديدا خطيرا للاستقرار و السلم و الأمن و التنمية"، و الغريب أن مصر كانت هي الدولة الوحيدة التي تحفظت على هذا الميثاق.

و منذ سنة 2000 أصبح الاتحاد الأفريقي يبادر بتلقائية إلى تجميد العضوية فيه و في منظماته و أنشطته، لكل دولة يقع فيها انقلاب عسكري.

و في الحقيقة، لقد أصبح الاتحاد الأفريقي أكثر تمثلا و تمسكا بالشرعية الإسلامية النيرة من عدد من المشايخ المحسوبين أزهريين أو سلفيين أو من هيئة كبار العلماء ممن يدافعون عن الاستبداد و يشكلون طلائع الاستبلاد.

* الانقلابات العسكرية:

الحكام المتغلبون -الذين كانوا يستولون على الحكم قديما- كانوا عادة ما ينبثقون من بين الشخصيات ذات الشعبية و المكانة و الزعامة في الأمة، و من ذوي النخوة و الشهامة و النجدة، و من ذوي المؤهلات القيادية و القدرات التأسيسية، فكان هذا مما يسهل نجاحهم و يغري الفقهاء و الوجهاء بمبايعتهم و التعاون معهم.

أما الانقلابيون العسكريون في هذا العصر فينبتون في الظلام و التكتم، و يتسلقون بمكر و خداع، و مؤهلاتهم الأساسية عادة لا تتجاوز ثلاثة عناصر، هي:

- الرتبة العسكرية و المنصب العسكري.

- القابلية للخيانة و الغدر.

- القدرة على المناورة و المغامرة.

فلذلك لا يمكن أن يكون استيلاؤهم على الحكم سوى سلسلة من الجرائم و الكوارث و النكبات، و العرب بالباب كما يقال.

أضف إلى هذا أن الجنود و الضباط اليوم في دول الاستبداد و الاستبلاد قد أصبحوا يُنشّؤون على فلسفة الغباء و الطاعة العمياء، يقتلون و لا يعرفون من يقتلون، و لا لماذا يقتلون، و لا لفائدة من يقتلون.

و منذ حوالي ثمانين سنة تفطن العلامة السيد رشيد رضا لهذه الحقيقة المرة، فكتب في تفسيره يقول "و لكن الحكام في هذا الزمان مؤيدون بقوة الجند الذين تربيهم الحكومة على الطاعة العمياء، حتى لو أمرتهم أن يهدموا المساجد، و يقتلوا أولي الأمر الموثوق بهم عند أمتهم لفعلوا، فلا يشعر الحاكم بالحاجة إلى أولي الأمر إلا لإفسادهم و إفساد الناس بهم، و لا يريدون أن يقرب إليه منهم إلا المتملق المدهن".

على أن من أخبث الحيل التي بدأ بعض الانقلابيين يتّبعونها هروبا من تطورات العصر و استحقاقاته أنهم بعد تنفيذ انقلابهم و استيلائهم على الحكم، و بعد إحكام قبضتهم على الدولة و المجتمع يعمدون إلى إعداد طبخة ديمقراطية انتخابية، لكسب رداء الشرعية، فإذا بالزعيم الانقلابي يصبح "رئيسا شرعيا منتخبا".

هكذا وقع مرارا في مصر و سوريا و العراق و الجزائر و موريتانيا و السودان و الصومال و تشاد.

و لذلك وجب القول إن كل انقلابي متغلب يتمسك بالحكم بعد الانقلاب، و يوطد أقدامه ليستمر فيه، بأي حيلة أو خدعة، فهو غاصب ظالم: بانقلابه أولا، و باستمراره فيه ثانيا، و بكافة جرائمه في حق البلاد و العباد.

و يبقى أن الانقلاب العسكري يكون جائزا و محمودا في حالة واحدة، هي عندما يكون ضد انقلابي سابق، بشرط أن يتم تسليم الحكم بعد الانقلاب للمدنيين المنتخبين في أقرب وقت ممكن، و هذا ما فعله السيدان الفاضلان: المشير عبد الرحمن سوار الذهب في السودان، و العقيد اعل ولد محمد ولد فال في موريتانيا.

المصدر: الجزيرة نت

قراءة 2207 مرات آخر تعديل على الجمعة, 17 حزيران/يونيو 2016 08:36

أضف تعليق


كود امني
تحديث