قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 11 آب/أغسطس 2016 10:03

الخيانة و هدم الأمم .. الانقلاب التركي نموذجا

كتبه  الأستاذ محمد الأمين مقراوي الوغليسي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

إنّ تناول الأحداث الكبرى التي تقع في حياة المسلمين تستلزم الغوص في أعماقها لإدراك خلفياتها و جذورها، و اكتشاف العناصر التي تتغذى منها، حتى يتضح للجميع الأرضية التي تقف عليها هذه الأحداث، و يمثل الانقلاب العسكري في تركيا محطة هامّة تستوجب التوقف عندها؛ بحثا عن أكثر الأسباب التي دفعت هذه الشرذمة الخائنة إلى بيع وطنها في السوق الدولية، مقابل دراهم معدودة و مناصب وهمية.

و لاشك أنّ الخيانة أهمّ سبب قامت عليه هذه الانقلابات الآثمة، و "الثورات المضادة "، فما دور الخيانة في تكسير وحدة الأمّة و معاناتها عبر التاريخ ؟ و ما هو أثر الخيانات على حاضر و مستقبل المسلمين؟ و هل تحدث القرآن الكريم عن نفسيات الخونة بواعث خياناتهم؟ و ما هو الحل الأمثل الواقعي لتجنّب شرّ الانقلابات و الخيانات؟  كل ذلك سنجيب عليه من خلال التعرض إلى تاريخ الإنسانية مع الخيانة، مرور باليهود و خياناتهم كأبرز مثال للخونة، دون نسيان خطورة المنافقين على الصف الداخلي، و ضرب أمثلة حيّة قديمة و معاصرة عن أبشع الخيانات التي مرّت بالمسلمين و أدت إلى معاناتهم قرونا طويلة. مع التركيز على الغوص في نفسية الخونة باعتبارها أهمّ باعث على بيع الأوطان و الشعوب.

الخيانة عبر التاريخ الإنساني

يعج التاريخ بقصص كثيرة لمشاهير الخونة في مختلف الأمم و المجتمعات، فالخيانة لا ترتبط بجنس أو عرق، بل هي خطيئة إنسانية ثابتة في التاريخ البشري، و قد كان اليهود أبرز مثال تاريخي يضرب في هذا المجال، فقد خانوا الرسالات، و قتلوا الأنبياء، و خانوا الوعود و العهود التي أُخذت منهم، فمن زمن سيدنا موسى عليه السلام إلى زمن النبي عليه الصلاة و السّلام، أثبت اليهود أنّهم قوم لا يعيشون دون خيانة، و أنّ الغدر سمة أساسية في نفوسهم، و قد ذُكر ذلك في القرآن الكريم في مواضع كثيرة، ما يُعد إشارة هامّة إلى وجوب البحث في هذا المرض النفسي و السياسي و الاجتماعي، بُغية إبعاده عن ساحة المسلمين. و لا ريب أنّ البحث عن بواعث الخيانة لدى اليهود هو ما يساعدنا على فهم سبب ظهور الخيانة في أمتنا المسلمة. فما هي بواعث الخيانة لدى اليهود ؟ و هل يعمل اليهود على نشرها ؟

خيانات اليهود في ضوء آي القرآن الكريم

يتحدث القرآن الكريم عن أنّ سبب خيانة إبليس و الجبابرة و الفراعنة لربهم هو: الاستكبار و الطغيان، أمّا عند الحديث عن سبب خيانة اليهود للنبوات و الرسل و الأنبياء، فإنّ القرآن الكريم يتحدث عن أسباب نفسية مغايرة للأسباب التي أدت بإبليس و فرعون إلى الخيانة و الاستكبار و العصيان، و هي شعورهم بالذلة و الاحتقار، لذلك ذكر القرآن الكريم أنّ من صفاتهم: البخل و هو أرذل طبع و أحط خلق، و الغدر و هو صفة نفسية يتصف بها عادة من يشعر بالاحتقار، الجبن و لذلك كانت مجالسهم بأقوالها تختلف عن أقوالهم في مجالس يختلطون فيها بغيرهم، خيانة الأمانة، الحسد، المسخ، التيه، الذلّة و المسكنة، قساوة القلب، الكذب، نشر الفساد الأخلاقي، الاستعلاء على الغير بادعاء أنهم شعب الله المختار، و كل ذلك لتغطية شعورهم بالدناءة و الاحتقار، و الحديث في هذا الباب يطول، غير أنّنا ندعو إلى التعمق فيه و البحث فيه، فهو مبحث عظيم الفائدة، يكشف حقيقة الإنسان و تصرفاته عندما يتحول إلى نفسية محطمة ذليلة حقيرة، خاصّة أن القرآن الكريم بسط الحديث فيه في مواضع كثيرة، و هي صفات لا تختص باليهود فقط، بل قد تنتقل إلى غيرهم، و قد تتواجد في جماعة أو فئة استمرأت الظلم و الغدر، لو ذهبنا ننزل هذه السمات و الصفات على الخائنين من زمن النبوة إلى الانقلاب العسكري في تركيا لوجدنا أنّ أهم صفات الخونة نفسياتهم الحقيرة  المحطمة، و شعورهم بالدونية، فالشعور بذلك كله يبعث على فعل أبشع الأفعال، و لذلك يسعى الأعداء دوما إلى اختراق صفوف المسؤولين المسلمين بتوثيق ملفات فساد مالي و أخلاقي و تهديدهم بها؛ حتى يصنعوا منهم نماذج خيانية غير عادية، بعد أن ينجحوا في إغراقهم في أوحال الشعور بالدناءة و المهانة.

المنافقون و الخيانة

إن كانت هناك فئة تتفوق على اليهود في الخيانة فلاشك أنّها فئة المنافقين؛ لأنّ كشفها أمر صعب، فهي تظهر الالتزام بالأخلاق، و توحي أفعالها بالوفاء، و تتكلم بلسان المجتمع، و تلبس ثيابه، و تعيش بين أفراده، ما يجعلها بعيدة عن المراقبة و التتبع و الاحتراز؛ لهذا كانت ضرباتها أكثر إيلاماً، و أشدّ وقعا، فالظهور محل الطعن المفضل لديها، و الخديعة أهم صفات غدرها، فهي تغرس خنجر الغدر على حين غرّة، و تختار الوقت و المكان المناسبين لذلك، و قد تعرّض النبي عليه الصلاة و السلام لخياناتهم، ففي غزوة أُحد خرج النبي عليه الصلاة و السلام في ألف من الصحابة، حتّى إذا كان بالشوط بين المدينة و أُحد انشق عنه رأس المنافقين عبد الله بن أُبي بن سلول بثلث النّاس، و قال: " أطاعهم و عصاني" ثم يقول محرضا ضد المسلمين و ناصرا لكفار قريش: "ما ندري علام نقتل أنفسنا ها هنا أيّها النّاس ". و قد تكرر هذا المشهد في مواقع كثيرة حفظها لنا التاريخ الإسلامي، منها خيانتهم للمسلمين في تبوك عندما حاولوا تخويف المسلمين و تثبيطهم بالقول: " أتحسبون جلاد بني الأصفر – الروم – كقتال العرب بعضهم بعضا؟ ! وا لله لكأنّا بكم غدا مقرنين في الحبال"؛ لذلك وجب الحذر من هذه الفئة باستمرار؛ لأنّ ذلك مطلب شرعيّ، فقد حث القرآن المسلمين على الحذر الدائم من أعدائهم، و الاستعداد باستمرار لمواجهة غدرهم بالتعرف عليهم و على وسائلهم، و على الوسائل التي يواجهون بها، يقول الله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ " [النساء: 71]، يقول الراغب : "الحذر - بالتحريك - احتراز عن مخيف، و قال - عز و جل - : خذوا حذركم، أي : ما فيه الحذر من السلاح و غيره"، و يقول محمد رشيد رضا: " و ظاهره التفرقة بين الحذر بالتحريك و الحذر بكسر فسكون، و في لسان العرب أن الحذر و الحذر الخيفة، و من خاف شيئا اتقاه بالاحتراس من أسبابه".

أمثلة تاريخية لخيانات كبرى جرت في الأمة الإسلامية

يشهد التاريخ الإسلامي أنّ الخيانة كانت سببا مباشرا في  هزائم كثيرة لحقت بالمسلمين، و أدت إلى معاناتهم عقودا و سنوات طويلة، نذكر منها: خيانة نصير الدين الطوسي للخلافة العباسية و تسببه في جريمة حضارية رهيبة بحق المسلمين، يقول ابن كثير رحمه الله: " الخواجا نصير الدين الطوسي وزر لأصحاب قلاع الألموت من الإسماعيلية، ثم وزر لهولاكو، و كان معه في واقعة بغداد"، و خيانة أمراء الشام الذين ساندوا التتر الغزاة، و من ذلك خيانة الأمراء لمدينة ميافارقين الباسلة، التي صمدت في وجه الحصار التتري الذي قاده ابن هولاكو ثمانية عشر شهرا، كما يذكر التاريخ خيانات ملوك الطوائف بالأندلس، خيانات تسببت في اختفاء الأندلس و مقتل وتشريد آلاف المسلمين.

أمّا في العصر الحديث فقد كانت خيانة مصطفى كمال أتاتورك مثالا بارزا، أدّى إلى الكثير من المآسي التي تعيشها الأمة الإسلامية اليوم، و قبله شهدت الجزائر أثناء الاحتلال الفرنسي 160 ثورة شعبية، فشل الكثير منها بسبب الخيانة، بل إن نجاح الاحتلال الفرنسي في النزول و الدخول إلى الجزائر سنة 1830 ميلادية كان بسبب خيانة حكام الولايات، الذي وعدوا الداي حسين بإرسال آلاف المقاتلين لمساندته ضد فرنسا، لكنهم خانوا الوعود، و لم يرسلوا إلا بضع عشرات من الجنود، فدفع أهل الجزائر الثمن: مئة و ثلاثين سنة احتلالا بشعا أتى على الأخضر و اليابس، فهل نعتبر مما سبق أم سنظل على سذاجتنا الحضارية قائمين و ثابتين؟

الانقلاب التركي و الخيانة الكبرى

لم يتصور أحد أن تفاجأ تركيا المسلمة بطعنة مسمومة و غادرة في ظهرها في هذا الوقت بالذات، فالدولة التركية في عصر حزب العدالة و التنمية قد حققت الكثير من الوعود التي قطعتها لشعبها، فنهضت علميا و اقتصاديا و ماليا، و حقق قطاع الخدمات فيها وثبة كبرى، فشقت الطرق، و أُنشئت الجسور  و الأنفاق، و تحققت مشاريع التنمية المحلية، و ازدهرت خطوط النّقل، و ارتفعت الرواتب فيها، و عمّ الخير مواطنيها و اللاجئين إليها و ضيوف الدولة و الشعب، فماذا كان هدف الخونة الانقلابيين و الحال على ما ذكرنا؟ ! و من جهة ثانية: تعيش تركيا لحظات سنوات صعبة بسبب الضغوط الغربية عليها، و التربص الروسي بها، و عودة قسم من الاكراد إلى حمل السلاح و محاربة الشعب و الدولة، و وجود مخطط عالمي لكسر تركيا و تمزيقها و إنهائها، و محاولة تحقيق ما لم يتحقق في معرق جنق قلعة الشهيرة، التي لولا لطف الله لكانت تركيا في خبر كان الآن، كما أن الغرب يدرك أن سقوط روسيا مع وجود تركيا قوية يعني تمكن الإسلام في الجمهوريات الإسلامية التي تحررت شكليا من الهيمنة الروسية في جنوب روسيا، فهل كانت المحاولة الانقلابية التي وفق الله مسلمي تركيا إلى إفشالها إلاّ خيانة كبرى، تستهدف التكامل مع المخطط الخارجي لضرب تركيا العدالة و التنمية و الضيافة و الجوار؟.

نعم لاشك أن الخونة قد باعوا ضمائرهم و وطنهم و دينهم و مبادئهم، مقابل أغراض شخصية دنيئة و ضيّقة، لا ترقى حتّى إلى ما كانوا ينعمون به من خيرات و أجور و مناصب، و لكنّها النفسية الحقيرة عندما تمسخ فطرتها، فالنّفوس  المريضة لا يمكن الاطمئنان إليها و لو كانت في رغد من العيش، قد مكنها منه حاكم عادل، لهذا وجب الأخذ بكل الإشارات التي تدل على الطبائع الخسيسة، و الأخلاق الذميمة في صفوف المسؤولين، فالأخذ بها و اعتبارها إنذارا لقادم محدق خطير حلّ وقائي يجنّب المسلمين مآسي و ويلات قد تحل بهم لإهمالهم هذا الجانب، و هنا نوصي بدراسة نفسيات أهل المناصب العليا في الدولة، حتّى يتبين من يبيع الوطن و المصير ممن لا يبيع.

قراءة 1588 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 22 شباط/فبراير 2017 12:53

أضف تعليق


كود امني
تحديث