قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 14 تشرين1/أكتوير 2015 19:20

مهمة المدرس في زمن المتغيرات

كتبه  الأستاذ بوجمعة حدوش
قيم الموضوع
(1 تصويت)

مهنة التدريس أشرف المهن و أعلاها قدرًا؛ فالتدريس و تعليم الناس أمورَ الخير و إرشادهم إلى ما فيه فلاحهم و صلاحُهم و سعادتهم، هو عمل الأنبياء و المصلحين و العظماء، لذلك لم تكن هذه المِهنة التي تَنتظِر المدرِّسين باليسيرة، بل إنها مهمة سيَسبر المدرس أغوارها، لها من الأهمية ما لا يوجد في مِهَن أو حِرَف أخرى، و تزداد أهميتها بمتغيرات الزمان و تقلُّب طباع الفئات الناشئة، و ليس زمان قد تغيرت فيه طباع الناس و تبايَنت، و تغيرت فيه حياة المجتمع و تطورت، كزماننا هذا، لذلك فهي تُعتبَر الآن مع أهميتها أصعب المِهَن و أكثرها حساسية؛ فكيف يستطيع المدرس تأدية مَهمَّته في زمن المتغيرات، زمن العولمة؟

كان فيما مضى من الزمان تقتصر مهنة المعلم على تزويد المتعلمين بمعارف و معلومات في تخصص أو تخصصات معينة، مع قيم أخلاقية و دينية تحصن المتعلم من بعض أسباب الغَواية التي تَنحصِر في مجالاتٍ ضيِّقة.

أما و قد تغيَّر الزمان و تبدَّلت الأحوال فإنَّ مهمَّة المدرس أصبح لها شأن عظيم وجب على كل المدرِّسين التفطُّن لها و العمل على تأديتها أحسن الأداء، فلا يخفى على أحد بعد اختراق العولمة لكل مجالات الحياة أنها اخترقت أيضًا عالم المتعلِّمين، و أصبحت لهم حياتهم الخاصة التي لا يستطيع المجتمع أو الأسرة أو المدرِّس الاطِّلاع عليها بسهولة؛ حيث إن الهواتف الذكية و الوسائل التكنولوجية و مواقع التواصل الاجتماعيةجعلت لهم عالمًا خاصًّا بهم صعب الاختراق، لذلك فرسالة المدرِّس تَكمن أهميتها هنا، فقد يتعسَّرُ عليه إيصالها و تأديتها في زمنِنا هذا، نعم؛ لكن مهما كان فعليه أن يقاوم من أجلها و أن يبذل الغالي و النفيس؛ من أجل اختراق عالم المتعلمين و إرشادهم إلى ما فيه مصلحتهم، حتى يبرئ ذمته أمام ربه و أمام نفسه و مجتمعه.

فالمدرِّس الذي يظن في عصرنا الحديث أن مهنته تنحصر في النقل الديداكتيكي للمعارف و المعلومات من الكتاب المدرسي إلى المتعلمين فقط دون أن يهمَّه قيَمهم و أخلاقهم و إرشادهم و توجيههم و إعدادهم للحياة، فهو حقيقةً يَجني على هذه المِهنة؛ لأن التدريس الآن عبارة عن عملية إصلاح شاملة لقاعدة مهمة من المجتمع بصلاحها يصلح مجال التعليم الذي أُنفقت من أجله ملايير الدراهم منذ الاستقلال بغية إصلاحه و لم يصلح بعد، و لو كان المدرسون يعلمون أن اتحاد قواهم و جهودهم و تضحيتهم و تفانيهم في العمل كفيل بأن يُصلح شَطرًا مهمًّا من مجال التعليم الذي يُعتبر من أكبر القضايا المغربية المؤرِّقة للشأن العام، لما خسرنا ميزانيات ضخمة من أجله.

فالمدرِّس عند قيامه بمهنته على أكمل وجه يشارك في إصلاح التعليم و الرقي ببلدِه، لذلك كان لزامًا عليه الصبر و التضحية من أجل مهنةٍ شرَّفتْه بأن يكون حاملاً للوائها بين الحمَلة، فالإصلاح ليس هيّنًا، فهو عمل العظماء، و التدريس نوع من أنواع الإصلاح؛ فالمدرِّس يُضحي بوقته كله - لا الوقت الذي يقضيه في الفصل الدراسي مع المتعلمين فقط - بل ينبغي أن يكون وقته كله خارج الفصل الدراسي تخطيطًا لإنجاح عمله، فهو في بيته يفكر كيف يمكنه أن يمسك بيد متعلم متعثر و إكسابه ما يحتاجه من معارف و مهارات، و هو كذلك يخطِّط لدرسه و يَستحضِر متعلميه بين عينيه، و يرى رأي العين الفوارق الاجتماعية و النفسية بينهم، فيَعمل على تلاشي هذه الفوارق و تلبية حاجيات كل منهم ما استطاع، فيجعل من نفسه أبًا لمن لا أب له، و أخًا لمن لا أخَ له، و يحل مشكلاتهم، و يَنصحُهم، و يُوجِّههم من خلال ما له من تجارب في الحياة، و هو في حياته العادية يَستثمِر المواقف الحياتية من أجل أن يجعل منها وضعيات يَنطلِق منها في بناء درسه و ترسيخه في أذهان متعلميه.

و هو في قسمه مع متعلميه لا يَكتفي بنقل ما في الكتاب المدرسي من معارف و مهارات جافة، بل يَنقلها ممزوجةً بالقيم و الأخلاق الفاضلة، و كما هو معروف أن بعض الكتب المدرسية فيها من القيم و الأخلاق الغربية ما فيها، خصوصًا في مواد اللغات؛ كمادة اللغة الفرنسية أو الإنجليزية، فوجب على المدرِّس الذي يراقب ربه أن يبين و يوضح لهم أن هذه القيم تَتنافى مع قيم مجتمعاتنا، و أنها لا تَصلح لنا، فيُعوِّضها بقيم تتفق مع قيم المجتمع و أصالته، أو أن يغير موضوع الدرس بالكلية مع ما يتفق مع القيم الإسلامية؛ لأن من المرتكزات و الثوابت الأساسية التي جاء بها الميثاق الوطني للتربية و التكوين "التربية على القيم"، كما أن وثيقة التوجيهات و البرامج خاصة بتدريس المواد تعطي الحق للمدرس ليُغيِّر أي درس رأى أن هناك ما هو أفضل منه، مع مراعاة بعض الشروط؛ فمراعاة المدرس للقيم في تدريسه و تلقينها للمتعلمين من خصوصيات عمله، فلا يَقتصر تلقين القيم على مدرس مادة التربية الإسلامية فقط، بل وجب على كل المدرِّسين كيفما كانت المواد التي يَدرسونها أن يُراعوا فيها القيم و الأخلاق الفاضلة، و ليس الأمر متعلقًا بالقيم فقط، بل وجب على المدرسين في زمن عبَدة الشيطان و إلحاد بعض المتعلِّمين و ما يُروَّج من شبهات و أفكار مُنحرفة أن يعلم تلاميذه مبادئ العقيدة و العبادة الصحيحة، خصوصًا مدرسي مادة التربية الإسلامية.

و قد يَبدو للبعض - و خصوصًا من مارس مهنة التدريس - أن كلامي هذا مبالغ فيه، و أنه يصعب في كل الأحوال أن يجمع المدرس بين تلقين المعارف و غرس القيم و التضحية بوقته كله داخل الفصل الدراسي و خارجه، لكن أقول: إن هذه الشبهة تتبدَّد إذا قلت: إني أعرف مدرِّسين كان وقتهم كله لهذه الرسالة و تفكيرهم كله من أجلها، فلا كلام عندهم إلا في إصلاح التعليم، و لا همَّ عندهم غير همِّ إصلاح المجتمع بإصلاح المتعلِّمين، و قد رأينا دمعاتهم تحسرًا على ما وصل إليه مجال التعليم في زمننا هذا، أضف إلى ذلك أن من له رسالة في الحياة كرسالة الانخراط في إصلاح التعليم عن طريق التدريس؛ فإنه يهون عليه كل شيء، فمِهنة التدريس ليست لمن يَستسلم و يفشل و يقول: "الطريق الذي صار عليه الأولون نَسير عليه"، بل المدرس الناجح يُبدع و يجتهد و يبحث و يثابر و يزداد علمًا، و يُعَلِّم ما يعلمه و يعمل به و يُنمِّي قدراته و مهاراته، و يكوِّن نفسه، و يتواضَع لمُتعلِّميه و يسمَح لهم بتقييمه و تقويمه، و يحضر دروسًا مع غيره من زملائه و غير ذلك، فهو يقوم بكل شيء من أجل هذه الرسالة؛ إذ يدرك أن الرقيب الحقيقي على سلوكه بعد الله سبحانه هو ضمير يقظ و نفس لوامة، و أن الرقابة الخارجية مهما تنوعت أساليبها لا ترقى إلى الرقابة الذاتية، و هو كذلك صاحب رسالة يستشعر عظمتها، و يؤمن بأهميتها و يستصغر كل عقبة دون بلوغ غايته من أدائها.

إذًا نَختِم و نقول: إن مهنة التدريس هي أشرف المِهَن إذا كان صاحبها يؤديها على أكمل وجه، و يضحي بكل شيء من أجلها، و يجعل من المتعلمين الذين هم أمانة عنده أبناءه، يَنصحهم و يتابعهم و يرشدهم، أمَّا أن تكون هي مجرد مهنة عبارة عن حرفة من أجل الاسترزاق و من أجل لقمة عيش فقط، فإن صاحبها جدير به أن يبحث عن مهنة أخرى تليق به؛ فالتعليم رسالة، و رسالة التعليم هي الإصلاح، فمن أرادها فعليه أن يأخذها بهذه المواصفات حتى لا يكون ممن جنى على التعليم مع من جنى عليه في مغربنا الحبيب دون أن يعلم.


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/92764/#ixzz3oCAwPOp2

قراءة 1974 مرات آخر تعديل على الجمعة, 16 تشرين1/أكتوير 2015 05:49

أضف تعليق


كود امني
تحديث