قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 12 أيار 2016 15:01

التغيير الاجتماعي بين عالم القيم و عالم الأشياء

كتبه  الأستاذ محمد الأمين مقراوي الوغليسي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

ممارسة تزييف الوعي من أهم الأشياء التي مكنت دوائر الاستكبار العالمي و أذنابها في العالم الإسلامي من إضعاف المسلمين بدينهم، من خلال ضرب عمق الهوية الإسلامية لهم، وصولا إلى  جعلهم بلا حراك أمام الفساد بكل أنواعه، و من المسائل التي يحاول المتلاعبون بقضايا التغيير و الإصلاح، و سرقتها من أهلها، و إيصال مفاهيم خاطئة حولها للمجتمع، قضية محل التغير، فالكثير من الأطروحات التي تنتشر اليوم تشير إلى أن تغيير المجتمع يسلتزم الاهتمام بالإنتاج الاقتصادي و حسب، و بعضها يصر على أن التغيير لا يجب أن يهتم بالعنصر البشري، بل تكفي السيطرة على وسائل الحياة للتأثير عليه، و بعضها يعتقد أن التأثير على رغبات البشر يمكن أن يقود إلى ضبط توجهاتهم، بينما يقرر الإسلام بوضوح أن التغيير الحقيقي و الحاسم يبدأ من الإنسان نفسه، و أن تغيير المجتمع نحو الصلاح ينطلق أساسا من تغيير النفس البشرية، التي إن تغيرت تبدلت الحياة، و أمامنا نموذج غربي لم يهتم بالنفس البشرية في التغيير، و نموذج إسلامي نجح في تغيير المجتمع انطلاقا من إصلاح النفس و تأهيل الفرد.

المثال الأول: المشروع الأمريكي لمكافحة الكحول
حاولت أمريكا في القرن الماضي أن تحارب تعاطي الخمر، و تمنع شربه و حتى إنتاجه؛ بدعوى محاربة السبب الذي أدى إلى استفحال الجرائم، و خروجها عن سيطرة الدولة، و إلحاقها ضررا كبيرا بالمجتمع الأمريكي المولع بالحياة، فحشدت أمريكا لذلك كل أجهزتها و خبرائها، و سخّرت ملايين الدولارات لهذه الحملة المركزة، و طبعت ملايين الأوراق و الملصقات، التي تبين خطورة الخمر و عواقبه الرهيبة على الفرد و المجتمع، كما سخرت ترسانتها الإعلامية العملاقة في بث حملات توعوية، تهدف لشرعنة محاربة أم الخبائث و الجرائم، و لتفتيت جهود المناوئين للمشروع الحكومي، الذي يتصادم مع شركات الإنتاج و التوزيع و المطاعم؛ التي تجني من تجارة الكحول أموالا طائلة، أمّا في الميدان فقد ضاعفت الحكومة الأمريكية من حملات الدهم للمصانع السرية، و محلات الخمور المتخفية ،فماذا كانت النتيجة بعد ذلك؟
النتيجة هي أن المشروع الأمريكي فشل فشلا ذريعا، باعتراف صنّاع القرار أنفسهم، بل إن إقبال الأمريكيين على شرب الخمر خلال تلك المرحلة، قد فاق المستويات التي كانت معهودة قبل بدء حملة المنع و الحظر.

و مع الإعلان الرسمي عن إلغاء هذه الحملة الكبرى؛ لمنع الخمر على الأرض الأمريكية، تضاعف الأمر و تطور بشكل سريع و مفزع، فمن الخمر انتقل الأمريكي إلى الحشيش و القنب الهندي و الأفيون، ثم تطور الأمر إلى الحقن و الكوكايين و العقاقير، و تشكلت شبكات عالمية لاستيراد و تصدير المخدرات و الخمر عبر القارات الخمس، و هكذا ذهبت كل تلك الجهود في مهب الريح، و أعطت هذه الحملة  نتائج عكسية تماما، رغم كل الوسائل الضخمة و المتنوعة التي سُخِّرت لتلك الحملة الشهيرة.

المثال النبوي: التغيير الاجتماعي في العهد النبوي
و لنقلب صفحات التاريخ قليلا، و نبحر في عمقه لنصل إلى أحد أعظم الصفحات إشراقا في تاريخ الأمة الإسلامية؛ لنرى كيف قضى الإسلام المجيد على الخمر.

ثلاث آيات تغير التاريخ

ثلاث آيات قرآنية كانت كافية للقضاء على الخمرة، و على حسم المسلمين مواقفهم من أمّ الخبائث و الجرائم .. ثلاث آيات تقضي على محبوبة العرب و معشوقة الشعراء، الذين تغنوا بالخمر دهراً، و قالوا فيها الشعر و النثر مدحا و تقديسا.. ثلاث آيات تُغيّر النفوس في مدة زمنية قصيرة، فتُكسر دنان الخمر، و يستفرغ الشارب جوفه منها، ثلاث آيات نقلت الخمرة من شيء مرغوب و منشود، إلى مشروب مذموم و منبوذ.. ثلاث آيات ارتقت نهائيا بالإنسان من الانحدار في مستنقع الحيوانية و غياب العقل، إلى جو ايماني روحاني راق، يحفظ له كرامته الإنسانية ، و يصون ذاته من الابتذال، التي تلتصق به بعد أن يكون قد غاب عنه عقله كلية؛ جرّاء تعاطي المحظور.

بين النجاح و الفشل قصة

يعزا فشل النموذج الأمريكي في تغيير موقف الإنسان الأمريكي من الخمر، إلى غياب العقيدة المحركة الباعثة على التفكير و التغير، و اعتماد هذا المشروع على الأدوات المادية البحتة، و عدم فهمه للمعادلة الاجتماعية للإنسان، بل و مفاجأة الناس بقرار الحظر، و عدم مراعاة التدرج.

أما النموذج الإسلامي، فقد حقق ذلك النجاح التاريخي الباهر و المستمر إلى اليوم، بفضل ذلك الإيمان الذي سعى إلى غرسه في قلوب المجتمع النبوي منذ بدايات الدعوة الإسلامية، فالإيمان  أهم محرك و حافز للإنسان على التغيُّر، و أقوى باعث و دافع على الانتفاض ضد السفالة البشرية، كما أن الإسلام راعى الضعف البشري، لذلك لم يأت النهي مرة واحدة، و لا مفاجئا لجموع المسلمين، بل إن عنصر التهيئة النفسية المرتبط بالزمن، كان حاضرا منذ اللحظة الأولى التي جاء فيها الإسلام، حيث تقررت كليات حفظ العقل و النفس و المال و الدين و النسل في النفوس بشكل واضح.

و ماذا بعد..؟

إذاً من خلال هذه  المقاربة و المقارنة بين النموذج الأمريكي المعاصر المادي، و بين النموذج الإسلامي، نصل إلى تقرير حقيقة خالدة ساطعة، و هي أن الإنسان بلا إيمان أو عقيدة سليمة؛ ترتقي به إلى وصف التكريم الذي أعطاه الله إياه، يصبح مجرد كتلة من غريزة متغولة، و شهوة متوحشة، لن ينفع في ضبطها قانون جنائي، و لا قوة مرسوم ملكي أو رئاسي، و لا حملات إعلام و لا مطاردات رجال الأمن، لأن غياب الوازع الديني الحقيقي عن الإنسان يجعله يرفض الانصياع لصوت الحق، بل إنه ينتقل من الرفض إلى العناد و التحدي ، و هذا ما لا تدركه المادية الغربية و الشرقية المفلسة من قيم الخير، بل و المنتكسة الفطرة.

إن الإيمان الصحيح هو المحفز الأقوى للمجتمعات على التغيٍّر و تبني قضايا إيجابية، و الضامن الأفضل لطهرها و رقيّها؛ فهو المحرك الأقوى نحو الفضيلة، بفضل حركيته التي تحيي ضمير الإنسان، و تجعله يستشعر دوما مراقبة الله لأفعاله و حركاته و سكناته.

أخيراً..

لقد أثبتت القوانين الوضعية- المنفصلة عن الوازع الديني و الأخلاقي- أنها وبال على المسلمين، و سبب قوي لضياع أبناء الأمة، بعد أن مسخت فطرة الكثيرين، و محقت هوية عدد لا يستهان به من شباب الأمة، و من أثار ذلك الارتفاع المطرد و المذهل  لمعدلات الجريمة و العنوسة، و التفكك الأسري و التشرد و العقوق، و الانهيار الأخلاقي عموما، بالشكل الذي لا يتقبله عقل مسلم سوي.

إن أمة لا يزال القرءان حاضرا في حياتها، و لا تزال أحاديث نبيها –عليه الصلاة و السلام-لم يجف حبرها، و تاريخها ناصع ساطع، لا يعقل أن يصل بها الحال إلى هذا النكوص الحضاري البائس، الذي يرجع جزء منه إلى تلك القوانين المصادمة لحقيقة الإسلام، و طبيعة المسلم و وظيفته في الحياة.

إن الخطب جلل، و إن السكوت عن هذا الوضع الخطير، لن يزيد أمتنا إلا تعاسة و تخلفا، إن استمر الحال على  ما هو عليه، من اعتماد قوانين لا علاقة لها لا بماضي و لا بحاضر المسلمين، و لا بخصوصياتهم.

لذلك وجب تنبيه المسؤولين في جلسات جدية إلى خطورة المنظومات الوضعية التي لا تتوافق مع فطرة المجتمع و هويته، و أيضا بتوعية المجتمع بخطورتها على حاضره و مستقبله، و ارتباط سعادته و استقراره بنبذ القوانين الوضعية المصادمة لهويته، و التي تنظر للإنسان على أنه كتلة غرائز، و مشروع استهلاك لا أقل و لا أكثر، و الرجوع إلى التشريع الإلهي الذي فيه خيرهم و صلاحهم.

أما الانشغال وراء كسر المخلفات التي يلقيها صنم التغريب، بدل كسر القابلية للتغريب في العقول و النفوس، فإنه مضيعة للوقت،  و استنزاف للجهد.

و لقد علّم الإسلام المسلمين ترتيب المشكلات، و ترتيب الحلول، حسب القاعدة الكبرى، و هي البدء بالمفسدة الكبرى، و السعي نحو المصلحة الكبرى.

إن هذا الموضوع يحتاج إلى وقفات كثيرة، و جهود و وقت أكبر؛ من أجل ترسيخه في الأذهان، و هو خطوة و وسيلة هامة نحو إقناع الناس بجدوى الرجوع إلى شرعة ربهم، فلطالما ارتبطت سعادة البشر  بالنور الذي جاءهم من ربهم، و لطالما ارتبطت تعاستهم بالمنظومات المصادمة لفطرتهم و حقيقة الاستخلاف الرباني للإنسان على هذه البسيطة.

الرابط: http://www.islamtoday.net/nawafeth/artshow-43-228806.htm

قراءة 1772 مرات آخر تعديل على الجمعة, 13 أيار 2016 07:08

أضف تعليق


كود امني
تحديث