إذا كنا تحدثنا في الأجزاء السابقة عن ظاهرة خطيرة تفتك بالمجتمع المسلم و تضربه في مقتل، ألا و هي ظاهرة التطرف الديني و الإرهاب، فإننا اليوم نتحدث عن ظاهرة لا تقل خطورة عن سابقتها و لا تتوانى عن الفتك بشباب الأمة و شيبها، إنها ظاهرة الإلحاد..
إنها تلك الظاهرة الغريبة عن المجتمع المسلم و عن عاداته و أعرافه يتم التسويق من خلالها لثقافة اللا دين و اللا إله، عن طريق فلسفة مبنية على المادية البحتة و قبول الملموس من الأدلة فقط بدعوى أن العقل هو الفيصل و هو المنجي الوحيد من خرافة الدين و سلطته التي حجرت العقول و قيدت القلوب بربطها بغيبيات كانت السبب في تأخر العرب عن ركب التقدم و الحضارة.
إن لهذه الظاهرة التي أصبحت ظاهرة للعيان لا تخطئها العين المجردة مجموعة أسباب لعل أهمها:
1- الانفتاح الثقافي و الإعلامي على المجتمعات الملحدة، من خلال القنوات الإعلامية و مواقع التواصل الاجتماعي، هذه الأخيرة لعبت دورا خطيرا في نشر ثقافة غربية فاسدة مفسدة، و اتخذت من الشعارات ذات الظاهر المغري و الباطن المخزي وسيلتها و سلاحها الذي فتك بشريحة واسعة من أبناء المجتمع المسلم، شريحة تسممت ثم انسلخت ثم انطلقت في مجتمعاتها تبث سموما تشربتها من فكر ضال فضلت و أضلت متخذة من وسائل التواصل الاجتماعي و المواقع الإلكترونية وسيلتها لنشر ثقافة الإلحاد و الحرية المطلقة من المجتمع و العادات و الدين.
2- ضعف الوازع الديني الذي يعتبر الحصن الحصين الذي تتكسر عنده أمواج التطرف و الإلحاد على حد السواء لدى طوائف من المجتمع المسلم، إن المجتمع المسلم يعيش غربة من نوع خاص لا الغربة التي مدحها الحبيب المصطفى إنها غربة الدين و قلة الوعي بمقاصد الشريعة الغراء، هذا الضعف و هذه الغربة قابلها حملة محمومة لضرب الدين بمعاول أبنائه الناطقين بلغته ممن أسماؤهم محمد و عزيز و سلمان و ناصر و غيرها ممن أخذت من صفات الإسلام جزءا في أسمائها، فتقابل الضعف و الحملة الشرسة لتنتج شريحة ملحدة مغترة بانتصارها على سلطة الدين، دين لم يفهم منه إلا ما سوق له من افتراءات و إشاعات بعيدة كل البعد عنه.
3- الاستقالة الوالدية:
في زمن الركض وراء الماديات و الابتعاد عن الروحانيات و ما خلفه من استقالة والدية مست الأسر المسلمة بشكل كبير ليجد الأبناء أنفسهم يواجهون الحياة بفتنها و شهواتها، و مع سهولة الوصول إلى المعلومة و سهولة الوصول إلى المواقع المشبوهة أصبح أبنائنا صيدا سهلا طيعا لمواقع الإلحاد و التطرف على حد السواء بدون حام يحمي و لا ناصح ينصح و لا مربي يربي.........إلا من رحم ربي