لا يكفي أن ندفع الطفل إلى القراءة فقط، بل ينبغي دفعه وتوجيهه باتجاه النقد فالقراءة الفعالة لا تقف فقط عند عملية فهم ما يقوله الكاتب و يجب أن تستكمل** بعملية نقد القصة و الحكم عليها.
لهذا فمن باب أولى أن تغرس هذه المهارة في ذهن الطفل الصغير حتى لا يكون متلقياً و مستسلماً لكل ما هو مكتوب و الوثوق به دون تمحيص و تدقيق فتلك نظرة بدائية سطحية، و خطأ أيضاً أن ينصرف الذهن نحو الثغرات و الهفوات الموجودة في الكتاب، بل هناك النقد الواعي القائم على الوعي و البصيرة فيجب أن تجلس المعلمة مع الأطفال لنقد القصة المقروءة و البحث في الجوانب الجمالية و جوانب النقص فيها.
و النقد الذي نرمي إليه جانبان:
الأول: أن يكتشف القارئ مساحات الجمال في النص الذي يقرأه و يحلل الأفكار و الإضافات و النقاط الجديدة التي تمكن الكاتب من شرحها على نحو ممتاز.
الثاني: أن يذكر القارئ الملاحظات و الأخطاء على الكتاب و أن يضع يده على تلك الأفكار و الكليات التي أخطأ الكاتب في عرضها أو توصيفها أو الحكم عليها.
و النقد إنما يكون على هذين الجانبين، فمثلاً يتحدث الأطفال عن فكرة القصة و المعنى الإنساني و القيمي لها و أسلوب الكاتب ما إذا كان جميلا و سهلا و واضحا أو صعبا و غامضا و منفرا، النهاية و ما يتوقع الطفل من نهاية غير تلك التي كتبها الكاتب، ثم تحليل شخصية البطل و انعكاسها على الواقع و مدى تأثر الطفل بها، و من الأشخاص الذين يعتقد لهم صفات هذه الشخصية، و لو كنت مكانه ماذا كنت ستفعل، أن تضع الطفل في خيارات مفتوحة و متعددة مدعاة لتوسيع إدراكه.
ما آداب النقد و التي يفترض أن يغرسها المعلم في وجدان الطفل و بشكل مبسط:
لا يكون هَم القارئ النقد و الإكثار منه خاصة في أول الأمر لأن ذلك سيشتت الاستيعاب.
لا تبدأ بنقد الكاتب حتى تفهمه و تستكمل تفسير الكتاب لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره.
لابد أن يكون النقد قائماً على معايير و أسس موضوعية فيكون محدداً مفصلاً معللاً و هو ما يعرف بالنقد المحايد.
لا يكون النقد بشكل حاد و مشاكس دون سبب و لا بد من عرض الأسباب المقنعة لأي حكم نقدي تتقدم به.
لا ينبغي تغليب النوايا المفترضة سلفاً على المؤلف لأن هذا يقلل من قيمة الكتاب الذي بين يدي القارئ و يجعله يقرأ على نحو تلك النوايا و التصورات.
هذه الآداب حينما يتحلى بها المربي حتماً سينقلها كخبرة إلى ذات الطفل ليتعلم كيف يكون ناقداً ليس للقصة التي يقرأها فحسب بل للناس حوله و المواقف التي يمر فيها في مسيرة حياته.
الرابط :