قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 02 حزيران/يونيو 2016 14:12

في الذكرى المئوية للثورة العربية الكبرى : مواقف عربية و بريطانية ذات دلالة 1/2

كتبه  الأستاذ محمد شعبان صوان من فلسطين الشقيقة
قيم الموضوع
(1 تصويت)

"ليس من الصواب القول بأن التيارات القومية التركية و العربية و الأرمنية و الكردية، كانت وراء تضعضع الدولة العثمانية و انهيارها بعد سنة 1914، صحيح أن بعض الأرمن كانوا يدعون إلى إنشاء وطن قومي للشعب الأرمني، لكن أغلبيتهم الساحقة استمرت في رغبتها في البقاء داخل الحظيرة العثمانية، ثم إن قلة قليلة من الأكراد كانت تدعو إلى الاستقلال الذاتي، و نستطيع القول أيضاً إن غالبية العرب كانت تود البقاء ضمن الكيان العثماني بالرغم من تعالي أصوات بعض القادة و المفكرين العرب بضرورة إلغاء المركزية و منح الأقاليم شيئاً من الاستقلال الذاتي، على حين قام آخرون بالدعوة لإحياء الهوية الثقافية العربية، خلاصة القول إن معظم الرعايا العثمانيين في سنة 1914 لم يكونوا يطمحون إلى الانفصال عن الإمبراطورية بل ظلوا محافظين على هويتهم في إطار المجتمع العثماني"[1]، "و يبدو أن هناك شبه إجماع على أن معظم العرب لم يكونوا راضين عن النهاية التي آلت إليها الدولة العثمانية و لم يشاركوا طوعاً في القضاء عليها"[2].

● شرق الأردن

يقول المؤرخ يوجين روجان في كتابه "العرب من الفتوحات العثمانية إلى الحاضر" إن فيصل بن الحسين اتخذ من العقبة مركزاً للقيادة ، و انطلقت قواته لشن الغارات على المراكز العثمانية في معان و الطفيلة و سكة الحجاز، و لكن جنود الجيش العربي لم يتمكنوا قط من التغلب على دفاعات العثمانيين و الاستيلاء على معان حيث كانت المقاومة مستميتة "إضافة إلى هذا فقد واجهوا مقاومة من القبائل العربية و أهل المدن المتحالفين مع العثمانيين، و في مدينة الكرك القريبة كونت القبائل و أهل المدينة ميليشيا من خمسمائة رجل في 17 يوليو / تموز 1917، و ساروا بحماس إلى حيث ينتظرهم قتال فيصل و جماعته، خاض متطوعو الكرك حرباً استمرت ثلاث ساعات ضد القوات التي قادها الهاشميون، و أعلنوا النصر بعد قتل تسعة رجال من الجيش العربي و غنم اثنين من الخيل، كشفت هذه المعركة الصغيرة إلى أي مدى قسمت الثورة العربية ولاء أهل البلاد ما بين مؤيد للعثمانيين و مؤيد للهاشميين، و في أغسطس / آب 1917 اتفقت المخابرات البريطانية و الفرنسية على أن قبائل شرق الأردن هي في معسكر العثمانيين قطعاً، و على هذا فشلت دعوة الجهاد المضادة التي تبناها الشريف حسين في كسب تأييد العرب جميعاً"[3].

●جنوب العراق

في شهر كانون الأول 1915 حاصر الجيش العثماني الجيش البريطاني في مدينة الكوت في العراق، و ذلك ضمن أحداث الحرب الكبرى الأولى، و استمر الحصار حتى استسلام الإنجليز في نهاية نيسان 1916، و عن ذلك يقول الدكتور عبد الله فهد النفيسي"إن حصار الكوت أرغم الحكومة البريطانية على إيجاد أي وسيلة ممكنة من شأنها أن تخفف الضغط على الجيش المحاصَر و رفع معنوياته، و من الأمور التي جرى تداولها الانتفاع بالثورة العربية التي كان يتزعمها الشريف حسين، و لكن تقادير ضباط الاستخبارات العسكرية كانت أفادت أن الثورة التي نشبت في الحجاز لم يكن لها أي وقع في نفوس القبائل العراقية التي كانت في معظمها من الشيعة...حتى أن القبائل السنية الصحراوية التي كانت على اتصال بالزبير و الخميسية تلقت خبر نشوب الثورة ...بفتور و عدم مبالاة، و في مدينة البصرة ذاتها انقسم الرأي العام فكانت الأقلية تقف إلى جانب الثورة العربية، بينما اعتبرت الأكثرية ثورة الحسين ضد العهد، و هو عمل غير جائز"[4].

و لم يكتف العراقيون بعدم المشاركة في الثورة ضد الدولة العثمانية بل شاركوا في القتال إلى جانب العثمانيين ضد بريطانيا، على عكس الثوار العرب، و عن حصار الكوت نفسه يقول الدكتور:"كان سكان الكوت، و غالبيتهم من الشيعة، يتعاونون سراً مع الأتراك لإبلاغهم مركز القيادة في المدينة التي كان الأتراك يحاولون قصفه كل يوم، و في السابع من شهر كانون الثاني أرسلت قوة بريطانية قوامها 9 آلاف جندي في قيادة الجنرال أيلمر الذي حاول يائساً أن يفك الحصار عن المدينة، و لكنه عجز عن إنجاز مهمته بعد أن فقد 7 آلاف إصابة بين قتيل و جريح، و لقد لعبت القبائل الشيعية دوراً بارزاً في محاربة المدد البريطاني...و حاول البريطانيون مراراً أخرى رفع الحصار عن إخوانهم في الكوت و لكن من دون جدوى، و كان السبب الرئيسي في فشل المحاولات هذه مقاومة القبائل الشيعية....و تجدر الإشارة هنا إلى أن العرب الشيعة من أهل الكوت الذين لعبوا دوراً بارزاً في الحصار كجواسيس للأتراك كان في استطاعتهم دخول المدينة و الخروج منها ليلاً...(و) كان سكان الكوت يلجئون إلى كل وسيلة في وسعهم للتعبير عن عدائهم للإنجليز...و هكذا استسلم يوم 29 نيسان 13.309 من الجنود و الضباط البريطانيين إلى الأتراك الذين أصدروا أوامرهم بأن يسيروا إلى الأسر مشياً على الأقدام مسافة تبلغ ألفاً و مئتي ميل عبر صحار و جبال، و قد مات سبعون في المئة من الإنكليز و أربعون في المئة من الكتائب الهندية، و ينبغي القول إن عرض فدية للأتراك في مقابل فك الحصار الذي تقدم به الإنكليز أفقد الإنكليز هيبتهم الدولية و سمعتهم لأن خصومهم من الدول استغلوا الحادث في العالم إلى أقصى ما تكون عليه الدعاية في التفاخر و التباهي، هذا على الرغم من أن الحكومة أخفت الخبر كلياً عن الصحافة الإنكليزية، و جعلت منه الصحف موضوعاً للصور الكاريكاتورية و للمقالات الافتتاحية"، و بعدما تباطأ القائد التركي في ملاحقة فلول الإنجليز ردوا على هزيمتهم بالاستعداد لاحتلال بغداد لترك انطباع مضاد عما خلفته هزيمتهم في الدردنيل (غاليبولي) و الكوت، و لمحو عار الفدية التي عرضوها و بلغت مليوني ليرة استرلينية، و من شأن احتلال بغداد"إحباط أي محاولة يقوم بها الأتراك و العرب في سبيل ائتلاف إسلامي تحت راية الجهاد، و كان النفوذ التركي في إيران من الأمور التي كانت تقلق خواطر أعضاء اللجنة في وزارة الحرب البريطانية"[5].

يقول المؤرخ دونالد كواترت:"و لم يهمل السلاطين العناية بشئون رعاياهم من المسلمين الشيعة، و بذلوا ما أمكنهم للحفاظ على الأماكن الشيعية و رعايتها في كل من النجف و كربلاء، و بقوا على هذا النهج إلى ما بعد القرن السادس عشر"[6].

النتيجة: شتان ما بين مسلمي الجامعة الإسلامية زمن الخلافة و مسلمي الطائفية زمن الاحتلال الأمريكي.

●مصر

عندما دخلت الدولة العثمانية الحرب الكبرى إلى جانب دول الوسط دفاعاً عن وجودها ضد أطماع الحلفاء، قامت بريطانيا باتخاذ إجراءات مضادة منها إعلان الحماية على مصر و إنهاء السيادة العثمانية عليها و خلع الخديو عباس حلمي بتهمة الميل للجانب المعادي و تنصيب حسين كامل صاحب الميول البريطانية سلطاناً على مصر، كما سخرت بريطانيا إمكانات مصر لخدمة المجهود الحربي البريطاني، و في ذلك يقول المؤرخ البريطاني بيتر مانسفيلد إن "المصريين المتحمسين أرادوا المساهمة في المجهود الحربي، فشاركت القوات المصرية في الدفاع عن قناة السويس ضد الهجوم التركي الأول و الوحيد، كما خدم أكثر من عشرين ألف مصري في النقل بقوافل الجمال و هيئة العمل في فلسطين و فرنسا، و تكبدوا أثناء ذلك خسائر جسيمة"[7].

و لكن مؤرخين آخرين يعطون صورة مختلفة عن هذا "الحماس" المصري الذي يتحدث عنه مانسفيلد، فالمؤرخ البريطاني أيضاً يوجين روجان يقول:"كان البريطانيون يتطلعون إلى إضعاف نفوذ السلطان العثماني عن طريق تعزيز السلطان المصري، مثلما تطلعوا إلى إضعاف الدعوة إلى الجهاد ضد بريطانيا و فرنسا التي أطلقها السلطان (العثماني) عن طريق إطلاق الشريف حسين دعوة للثورة، غير أن هذه الحيلة لم تترك أثراً كبيراً على مسلمي مصر و لا على المسلمين عامة، إذ ظلوا يبجلون السلطان العثماني بصفته خليفة المسلمين،(و) بمجرد أن اندلعت الحرب وقع الجزء الأكبر من عبء دعم مصر للبريطانيين على الطبقة العاملة، صودرت المحاصيل لدعم المجهود الحربي، و جُند الفلاحون في فرق عمل تزود الجبهة الغربية بالدعم اللوجستي، و أدى التضخم و نقص البضائع إلى انخفاض مستوى معيشة جميع فئات الشعب، و صار كثير من المصريين في حالة عوز، امتلأت القاهرة و الاسكندرية بالجنود البريطانيين و جنود الكومنولث الذين احتشدوا في مصر...و أدى كبر عدد الجنود إلى زيادة درجة التوتر بينهم و بين أهل البلاد"[8].

و يقول المؤرخ زفي يهودا هرشلاغ إن الحرب أتت باضطرابات اقتصادية على شكل أزمات و انتعاشات متعاقبة، و إن اضطرار مصر لتقديم سلع رخيصة في بداية الحرب أدى إلى أزمة "هددت بالثورة"، فعالجت السلطات ذلك ببعض الإجراءات التي أدت إلى انتعاش مؤقت "لكن الوضع تدهور مرة أخرى قرب نهاية الحرب عندما بدأت مصادرة المحاصيل و الماشية و الاستيلاء عليها تؤثر أيضاً على الطبقات الأفقر و صغار المنتجين، و تحولت التعبئة ...إلى نوع من السخرة أدى إلى الهرب من القرى تخلصاً من الاستدعاء، أو إلى الفرار من معسكرات الجيش بعد التجنيد"[9].

و تقول الدكتورة تهاني شوقي عبد الرحمن إن مصر انقسمت في نظرتها للدولة العثمانية بعد اندلاع الحرب الكبرى "فنجد رجال خفر السواحل المصريين ينضمون إلى قوات الجيش الرابع التركي، و انضم آخرون إلى السنوسيين في هجومهم على القوات البريطانية في الغرب، بينما وقف الجيش المصري كي يدافع عن القناة ضد عبور العثمانيين، و كان لهذا الانقسام بين صفوف العرب أثره في الحركة العربية فيما بعد" [10].

و لكن موقف الجيش المصري لم يكن معبراً عن موقف الشعب المصري، فقد كانت حربه تحت لواء بريطانيا ضد السودان الذي كان جزءاً من الوطن المصري (وادي النيل) قبل أن تقسمه بريطانيا (1899) و قتله آلاف السودانيين موقفاً آخر يؤكد أنه لا يعبر عن موقف مصر (كيف يمكن أن تقتل مصر أبناءها و تطعن ذاتها؟) لاسيما عندما نقرأ عن التجنيد الإجباري و الفرار من الجندية، و يؤكد ذلك أيضاً موقف شعب مصر السلبي جداً من تنصيب حسين كامل سلطاناً و إعلان الحماية البريطانية.

●موقف مصر من السلطان حسين كامل

يقول المؤرخ السوفييتي فلاديمير لوتسكي في كتابه تاريخ الأقطار العربية الحديث إن بريطانيا قامت بعد اندلاع الحرب الكبرى و فرض الحماية على مصر بإجراءات تعسفية فيها كمصادرة القمح و الماشية و الابتزازات القسرية و التجنيد و نهب الريف المصري و فرض نظام الإرهاب و الديكتاتورية العسكرية، مما أدى إلى إثارة سخط عميق في البلاد، و لكن كبار الملاك و البورجوازية الكبيرة راكموا الثروات و دافعوا عن بريطانيا و هادنت صحفهم و أحزابهم السياسية السيادة البريطانية و امتنعت عن أي كفاح ضد المحتلين، و لم تحاول الحكومة أو أعضاء المجلس التشريعي الاعتراض على فرض الحماية[11]، و لعل هذا هو الجانب المظلم الذي عممه المؤرخ البريطاني بيتر مانسفيلد على مصر دون تمحيص ، كما سبق ذكره، و وصفه بالحماس المصري لمشاركة بريطانيا في المجهود الحربي، و هو ليس سوى حماس الطبقة العميلة المستفيدة من الاحتلال كما في جميع البلاد المستعمَرة.

و يكمل لوتسكي إن نظام الإرهاب العسكري و التوقيفات و الإبعادات و غلق الصحف ضيق من إمكانات الوطنيين إلى درجة كبيرة، فحصروا خياراتهم بالدعاية من الخارج و أعمال العنف في الداخل، فقاموا بمحاولتين لاغتيال السلطان حسين كامل و محاولة لاغتيال رئيس وزرائه حسين رشدي ومحاولة لاغتيال وزير الأوقاف[12].

و تشير الدكتورة أمل فهمي إلى جوانب أخرى فتقول إنه "بإعلان الحماية على مصر دخلت في مرحلة جديدة أعلن الوطنيون في مصر استياءهم من حسين رشدي و عدوه مسئولاً عن إعلان الحماية البريطانية، كما استاء المصريون من عزل عباس، و اعتبروا تنصيب رجل آخر طعنة في حقوق مصر، لذلك كتب (زعيم الحزب الوطني و خليفة مصطفى كامل باشا) محمد فريد مقالاً في صحيفة توران باستنبول ضد حسين رشدي و حسين كامل طلب في ختامها إصدار فتوى بأنه خارج على الخليفة و أن دمه أصبح مهدراً (و لعل هذا يفسر محاولات الاغتيال آنفة الذكر)، كما ارتدى طلبة المدارس الثانوية أربطة سوداء يوم الاحتفال بعيد الجلوس السلطاني، و لم يرفع الأهالي العلم المصري الجديد، كذلك امتنع العلماء عن إصدار فتوى بعزل الخديو عباس، كما ذكر محمد فريد أنه بإعلان الحماية تعلقت قلوب المصريين انتظاراً لقدوم الجيش العثماني لتخليص مصر من الوجود البريطاني"[13]، و ربما كانت هذه الأحداث غير مرتبطة بثورة الشريف حسين مباشرة إلا أنها عبرت عن موقف مغاير لها من الدولة العثمانية آنذاك و لا يمكن فصل هذه الحوادث عن بعضها البعض.

يقول الدكتور محمد محمد حسين إنه بعد إعلان الحماية على مصر و خلع الخديو عباس اجتمع مجلس الوزراء المصري برئاسة السلطان حسين كامل و قرر إلغاء وظيفة قاضي قضاة مصر العثماني، و انقطعت بذلك آخر علاقة بالخليفة،

و لكن....

"ظل الرأي العام في مصر مع ذلك على ولائه للخلافة، و إن كان إعلان الأحكام العرفية و وضع الصحف تحت الرقابة، ثم إغراق مصر بجيوش الاحتلال بمصر، قد كمم الأفواه و كبت هذا الشعور، و يستطيع المراقب لتطورات الأمور في مصر في ذلك الوقت أن يلاحظ كثيراً من الأمارات التي تدل على ضيق المصريين بالإنجليز ضيقاً يوشك على الانفجار...و قد تجاوز سخط المصريين الإنجليز إلى السلطان حسين لاستمداده ولايته من سلطة مسيحية بعد أن كان يستمدها من الخليفة، و لقبوله منصبه بخطاب من القائم بأعمال الوكالة البريطانية بعد أن كان الخديويون يرتقون العرش بفرمان سلطاني يحمله مندوب خاص من عند الخليفة، و عبر المصريون عن هذا السخط حين امتنع طلبة الحقوق عن الذهاب إلى كليتهم لاستقباله في اليوم الذي حدد لزيارته "18 فبراير (شباط/ فيفري) سنة 1915"، و حين أطلق عليه النار شاب يدعى "محمد خليل"-و هو تاجر خرداوات بالمنصورة- و ذلك عند مرور موكبه بشارع عابدين في 8 أبريل (نيسان/ أفريل) سنة 1915، ثم لم يمض على هذا الاعتداء شهران حتى وقع عليه اعتداء آخر في الإسكندرية حين ألقيت قنبلة من نوافذ أحد المنازل في شارع رأس التين على مركبته و هو في طريقه لصلاة الجمعة، و لم يمض وقت طويل حتى وقع اعتداء على وزير الأوقاف فطعن بسكين في محطة القاهرة في 5 ديسمبر (كانون الأول) سنة 1915، و يستطيع المتأمل في تاريخ هذه الفترة أن يجد كثيراً من المظاهر التي تصور هذا السخط، فمنها مثلاً ما يروى من أن أحد الخدم القدماء بقصر عابدين قد حاول أن يحرقه، و منها أن النشرات التي تهدد السلطان حسين قد استطاعت أن تجد طريقها داخل القصر، و منها أن بعض قبائل العربان قد رفضوا أن يقسموا يمين الطاعة للإنجليز، و أن الضباط و الجنود المصريين في الإسماعيلية رفضوا إطلاق النار على إخوانهم الأتراك، و احتجبت صحيفة "الشعب" عن الظهور احتجاجاً على إعلان الحماية، و رفض أمين الرافعي إصدارها حين طلب منه السلطان حسين ذلك، و قد كانت السلطات المحتلة تعرف من مصر هذا العطف على تركيا، و لذلك فقد اعترفوا بذلك و أعلنوه منذ اللحظة الأولى في تبليغهم الأول إلى السلطان حسين كامل، فأوهموا المصريين بأنهم لا يحاربون الخليفة المغلوب على أمره (فلماذا ناوءوا منصب السلطنة العثمانية نفسه بمنصب السلطنة المصرية ؟!)، و لكنهم يحاربون حكومة الاتحاديين التي استأثرت بالسلطة دونه (فلماذا حاول الإنجليز الاستئثار بمنصب السلطنة دونه أيضاً؟!)، فقد جاء في هذا التبليغ: و لا أرى لزوماً لأن أؤكد لسموكم بأن تحرير حكومته (أي حكومة الملك البريطاني) لمصر من ربقة أولئك الذين اغتصبوا السلطة السياسية في الآستانة لم يكن ناتجاً عن أي عداء للخلافة (و هو نفس تبرير الشريف حسين فيما بعد لثورته بأنها ليست ضد الخليفة بل ضد الاتحاديين)" [14]، و الكتاب مشحون بتفاصيل أخرى من مظاهر سخط مصر على الإنجليز و السلطان حسين و بمظاهر النفاق التي قام بها المنتفعون من الاحتلال و التي أدت لوهم "الحماس"المصري في المجهود الحربي البريطاني الذي تكلم عنه المؤرخ البريطاني بيتر مانسفيلد.

قراءة 2112 مرات آخر تعديل على الجمعة, 10 حزيران/يونيو 2016 17:32

أضف تعليق


كود امني
تحديث