قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
السبت, 02 حزيران/يونيو 2018 09:46

في الذكري الخمسمائة لغزو العالم الجديد (1992) و الذي ترتب عليه إبادة عشرات الملايين من سكان قارتين : سلسلة نماذج من تعامل " المتحضرين" مع جرائمهم (8)

كتبه  الأستاذ أنس سلامة من فلسطين الشقيقة
قيم الموضوع
(0 أصوات)

كنت أعرف معنى العطاء و لقد نسيت هذه النعمة منذ أن أصبحت متحضراً، كان لي نموذج حياة طبيعية، أما اليوم فقد أصبحت متكلفاً ... كل حجر جميل كانت له قيمة أمام أعيني .... كل شجرة تنمو كانت موضع إحترام

الآن أنحني مع الرجل الأبيض أمام منظر مرسوم تقدر قيمته بالدولار !

الطفل توماس مور من السكان الأصليين

" لا أظن أبداً أننا سنقهر هذا البلد ما لم نكسر عظام عموده الفقري التي هي لغته و ثقافته و تراثه الروحي " - توماس مكولاي

و هو رسول الإدارة الإستعمارية و صاحب فكرة الإستعمار الداخلي توماس مكولاي ١٨٠٠-١٨٥٩، و هي الفكرة التي أغنت الغزاة عن الجيوش و الأساطيل فكرة خلق جيل من السماسرة يغنوهم عن الغزو بالإستعمار الداخلي، و هو القائل صاحب الجملة الشهيرة أيضاً " علينا أن نربّي طبقة تترجم ما نريد للملايين الذين نحكمهم ؛ طبقة من أشخاص هنود الدم و البشرة، لكنهم إنجليزيو الذوق، و الأفكار، و التوجه، و الأخلاق و العقل. "

على مدى الأربعمائة سنة التي أباد فيها الإنجليز المنطقة التي تسمى الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من مئات الملايين من الهنود الحمر و محوهم هم و غيرهم من ذاكرة التاريخ من الأمم التي كانت تعج بالحياة فلم يغب عن بالهم أن احتلال الأرض و الإبادة الجسدية و الجنسية ليست كل شيء و أنه لا بد من كسر العامود الفقري لضحاياهم ألا و هو لغتهم و ثقافتهم الروحية و تراثهم .. هذه الإبادة الثقافية أو المحرقة الأخيرة للوجود بتعبير زعيم المقاومة الهندية المعاصرين راسيل مينز هي موضوع هذه الحلقة فالمسألة ليست محصورة بشكلها المتمثل ب ( أسلحة و جراثيم و فولاذ ) بل تعدت لتشمل كل هذه الإبادات و التي طوت صفحتها التاريخ دون ذكرها كشجرة تساقطت أوراقها فكنستها الريح إلى الأبد !

وقفت بجانب وزير الحرب و قلت له إن عليه أن يجمع كل الهنود في مكان مناسب و يذبحهم مرة و إلى الأبد ... و قلت له : إذا لم توافق على هذه الخطة فإن البديل الناجع هو الصابون و التعليم، فالصابون و التعليم أنجع من المذبحة المباشرة و أدوم و أعظم فتكاً ... إن الهنود قد يتعافون بعد مجزرة أو شبه مجزرة .. لكنك حين تُعلم الهندي و تغسله فإنك ستقضي حتماً عليه عاجلاً أم آجلاً أن سياسية التعليم و الصابون سينسفان كيانه و يدمران قواعد وجوده .. و قلت له سيدي أقصف كل هندي من هنود السهول بالصابون و التعليم و دعه يمت !هذه كانت رسالة رسول السياسة الإستعمارية مارك توين في عام 1867 بدعوة للتطهير الثقافي و الذي يكون أثره أيما أثر كيف لا و قد أكتشف أثر هذه السياسة الجنرال جورج كروك صاحب فكرة تقليب الشعب ضد بعضه البعض حتى يتمكن منهم و قد إستخدم هذا الأسلوب بعد عملية الغسيل و الصابون في اثناء فترة إستعمارهم للهنود و هو القائل : "ليس هناك أثر ضار بهم كأثر استخدام إخوتهم ضدهم، إنهم لا يقيمون وزناً للجندي الأمريكي الذي يتفوقون عليه بسهولة وفقاً لأساليب حربهم التي يفرضونها علينا، و لكن عندما نضع في أثرهم عدواً من جنسهم مثابر و مراوغ و له القدرة على التخفي و لديه اطلاع على البيئة مثلهم فإن كل هذا سيحطمهم، و المسألة ليست مجرد كفاءة حليفنا الهندي في القبض عليهم بطريقة أفضل بل هناك هدف أهم و أكثر استمرارية و هو تفتيتهم و تحطيمهم."

و لعل جملة المؤرخ جيمس راولس التي تدعوا إلى مسخ الضحية الهندية و ثقافته و ذلك لأنها ملوثة و مؤذية للإنسان و الطبيعة فلا بد من تطهيرها أو التطهر منها لأنها بتعبيره " قذارة من كل القذارات و حثالات دميمة تدب مع الهوام و الحشرات و لا بد لها من صابون الحضارة " و هذه التعرية الثقافية هي التجلي الأمثل عن برامج التعليم التي فرضتها فكرة أميركا فكرة إحتلال أرض الغير و إستبدال شعب بشعب و ثقافة بثقافة، و هذا ما تمثل بمدارس الهنود الداخلية حيث تزرع في طفل الهندي ذاكرة الغزاة و لغتهم و ملكة حكمهم و مزاجهم و أخلاقهم و دينهم و هناك يتدرب هذا الطفل الشقي الهمجي على الإشمئزاز من نفسه و من أبيه و أمه و أخته و أخيه و قومه و لغته و دينه و يشحن بالخوف من هنديته و ينظر إلى نفسه و إلى عالمه بعيون جلاديه !

و في سياق هذه الجراحة الدماغية تركز حرب الإبادة على الأطفال الهنود و عقولهم، فيُحقن الطفل بإحترام الدولة الأميركية و علمها و رموزها و بضرورة أن يحارب من أجلها، و يدرب على الإيمان بفكرة " القدر المتجلي " الذي قضى بها الرب بحسب تعبيرهم بزحف الحضارة فوق كل أراضي و أرواح الهنود. و هناك يتعلم الطفل أن ما جرى لأهله و بلده كان مواجهة بين (بربرية و حضارة) و أن لا خيار أمامه و لا أمل لديه إلا بالإذعان .. فقد نشرت مجلة أتلانتك الشهرية في عام 1882 مقالاً بعنوان " كيف يمكن للهمج الأميركيين أن يتحضروا " و ذكرت فيه أن هدف تعليم الهنود هو أن ينظروا بمشاعر الإشمئزاز إلى هنديتهم!

و مما يتعلمه الطفل الهندي في هذه المدارس أن ما جرى لبلاده التي سُلبت و قومه الذين أبيدوا كان من نعم الله فعليه التعلم " أن البلاد أميركا وطن أسسه حجاج قديسون ورعون مسالمون تجشموا مخاطر الإبحار في المحيط ابتغاء مرضاة الله و نزولاً على إرادته و أن هذه البلاد لم تكن قبل مجيء الإنسان الأبيض إلا مجاهل تسكنها الوحوش و كائنات ما دون البشر لا تختلف عن تلك الوحوش. لهذا أعتدت رسل الحضارة الذين تميزوا النبل و الخير و الشجاعة و كانوا مثالاً يحتذى في تنفيذ إرادة الله."

و هذا ما يبينه مفوض الشؤون الهندية بعجرفة تامة توماس مورغن لا بل يتابع عجرفته هذه بأن الطفل الهندي حتى يصبح متمدناً عليه أن يتعلم " غرس محبة الدولة الأميركية في عقله و قلبه، عليه أن ينظر إلى الولايات المتحدة كوطن صديق ضحى من أجله و أعطاه الكثير. عليه أن ينسى ما يقوله أهله عن البيض و يعرف أن كل ما حصل كان لمصلحته، عليه أن يتخذ من أبطال التاريخ الأمريكي و عظمائه مثالاً يحتذى، و أن يشعر بالفخر بما أنجزوه و عليه أن لا يسمع أو يعرف شيئاً عما جرى للهنود أو عما يسمى بظلم الإنسان الأبيض للهنود . فإذا كان تاريخه التعيس يشير إلى شيء مما جرى فإن من الواجب نفي ذلك كلياً و إفهامه أن ما حصل كان لمصلحته و أن مستقبلاً باهراً ينتظره"!

فيما برر مفوض الشؤون الهندية وليم دول قضية السلخ و القتل الثقافي بقوله " أنهما ضروريان لإنقاذ أطفال الهنود من العادات الكريهة لآبائهم و من لا أخلاقيتهم" و تابع واصفاً تعلق الطفل الهندي بآبائه بأنه مثل " علاقة الخنزير بقطيعه" !

و كما برر غيره من رسل الحضارة يقول فرانسيس باركمن مؤرخ إنجليزي من القرن التاسع عشر " طبيعة الهنود غير مؤهلة لفن الحضارة و لا بد من تلاشيهم هم و غاباتهم .. إنهم سيلاقون هذا المصير المشؤوم عاجلاً أم آجلاً و لا خيار لهم إلا بالفناء أو التمدين " و يرى المؤرخ العنصري الأميركي جيمس أكستل أن الإنجليز " وضعوا أنجلزة الهنود و الشعوب الهمجية أساساً ضرورياً لتبشيرهم باعتبار أن تمدينهم أو إخضاعهم للهيمنة الإنجليزية تجلعهم أكثر قبولاً للمسيحية."

فكانت اللغة و الدين بحد تعبير مؤسس مدارس الهنود الكابتن برات 1840 - 1924 هما خط الدفاع الأخير للهنود و كان لا بد من القضاء عليهما و ليس لذلك سلاح أفضل من تمدين أطفالهم في أصغر سن ممكنة في مدارس داخلية بعيدة عن معازل أهلهم الهنود، هذا " التمدين " الذي تسلح بالتشنيع و الغطرسة و العنف ثم وظف المدرسة لتدور فيها آخر فصول الإبادة لأكثر من 400 أمة و شعب كانوا يعيشون في المنطق التي تسمى اليوم بالولايات المتحدة، هي من عبقرية الكابتن ريتشارد هنري برات أحد جنرالات ثروة الأمم الذي أختارته الإدارة الأميركية لإنشاء هذه المدارس و وضع نظامها و برنامجها التعليمي تحت مظلة " مكتبة الشؤون الهندية " و الهدف كان كما أعلنه برات بنفسه " قتل هندية الهنود " أما طاووس المكتب وليم جونس فقد عبر عن هذا الهدف بلغة أكثر وضوحاً " إن الهدف من إنشاء هذه المدارس هو إبادة الهندي، و لكن لخلقه إنساناً آخر " بينما النظير الكندي دانكن كامبل سكوت " إن الهدف هو القضاء نهائياً على القضية الهندية، مهمتنا التمدين ستستمر حتى لا يبقى هندي واحد يفكر في ما يسمى بقضية هندية" و كذلك سار السياسي و القانوني المتنفذ هنري بانكوست في بيانه قائلاً " نذبحهم أو نمدنهم و علينا ألا نضيع الوقت " و لحقه الرئيس غرانت فأطلق ما يعرف بسياسة السلام و التي اقتضت فيما اقتضت اجتثاث هندية الهنود بالتعليم و التبشير فيقول " لقد انقضى عهد الحرب مع الهنود، ما نحتاج له اليوم هو جيش مسيحي من المعلمين. هذا هو الجيش الذي سيربح الحرب. إننا سنقضي على البربرية و لكننا سنفعل ذلك بالقضاء عليهم بربرياً بعد بربري، سنغزو عقل كل فرد منهم، كل ذكر، و كل أنثى، و كل طفل، و سنعلمهم الحضارة الحق، إننا سنقهر الهنود و نسحق هنديتهم بجيش من المعلمين المسلحين بالأفكار و نحقق أنتصاراتنا بالتدريب الصناعي و بإنجيل المحبة و إنجيل العمل" !

هكذا أرادت " سياسة السلام " أن تكون الآلة المثالية لسحق هندية الهنود و خلق جيل من السماسرة الذين لا يرضون عن فكرة أميركا الإستعمارية  و لا يقرون بما حدث لأهلهم و حسب بل يتبنون ذلك كله و يعترفون بشرعيته و أخلاقيته و يدافعون عنه و يقاتلون أهلهم في سبيله ..

و لهذا أطلق الهنود على هؤلاء المتشبهين من أبناء جلدتهم بالبيض لقب التفاح الأحمر و ذلك لأنهم رؤوا أن أثر هذه الإبادة كان فتاكاً حقاً فقد قلب كيانهم و لبهم إلى أبيض الذوق و الأفكار  و التوجه و الأخلاق و العقل و لم يبقى له سوى بشرته الحمراء !

قراءة 2342 مرات آخر تعديل على الأحد, 10 حزيران/يونيو 2018 09:38

أضف تعليق


كود امني
تحديث