في العام المنقضي، قررت لأول مرة إعادة مشاهدة بعض البرامج التي كنت أتابعها في طفولتي و بدايات الشباب مثل بعض الرسوم المتحركة و مسلسلات و أشرطة وثائقية. كنت أرغب في المقارنة بين المشاهدة الأولي و الثانية و الفارق كبير طبعا. و أنا طفلة كنت أنتقي الرسوم المتحركة و لم تكن تستهويني تلك العنيفة أو ذات مفاهيم غريبة تماما عني.
في زمننا الحاضر ألعاب الفيديو عوضت الرسوم المتحركة و باكرا جدا يتعلم الطفل الرضيع النقر علي الأزرار.
كنت أمضي وقت ممتع و أنا أتابع قصة كل حلقة علي إنفراد، و كانت بطلاتي الصغيرات نموذج للصبر و المرح و طيبة القلب، فكنت أتعاطف معهن و أعيش قصصهن و أتخيل ما سوف يتبع.
في سن صغيرة، البال فارغ إلا من بعض الرغبات في اللعب و المرح، و بين ذلك الزمن و الحاضر بون شاسع، تملأه الكثير من المشاعر و الإنطباعات و الأحداث و التطورات و تبقي لحظات المشاهدة إحدي أجمل الأوقات في عمر الصغير. مشاهدتي لمسلسل مزج بين وقائع تاريخية و مصير أطفال ايتام أو ضائعين تضمنت عدد لا بأس به من الذكريات العزيزة، ففي المراهقة تابعت الحلقات بمعية إخواني و كان حديثنا يدور حول مجريات الحلقة القادمة و كيف كنا نترقب بفارغ الصبر الرابعة بعد الظهر لنجلس في الظلام و كأننا في قاعة سينما لنشاهد حلقة من "زهرة الحميراء".
اليوم، يبدو لي المسلسل باهت و إن كانت كل حلقة مشوقة و الموضوع جذاب، إلا أن إمكانيات التصوير و هيئة الممثلين الصغار المتواضعة غطت عليها المناظر الطبيعية و الطبع المميز لكل شخصية كانت ضمن طاقم التمثيل. هم الآن كبار و همومهم اكبر و البطلة الرئيسية أستاذة إنجليزية ناجحة و علي وشك أن تتقاعد. ما نحتفظ به في خزانة الذكريات لون يضفي علي زمن منتهي بعض الرونق و الألق و حنين جارف لأيام كانت خالية من الكدر و نحمد الله في العسر و اليسر.