و قد كانت بادية علامات الإنهاك و الإعياء و التألم علي وجوه الأخوات السوريات، للحظات عشنا أجواء المأساة السورية. كنت أرقبهن بإهتمام شديد، فقد أحاطت بهن الأخوات الإيرانيات و علي رأسهن الأخت أمينة إسلامي.
يصعب جدا علي المرء أن يقبل بما جري و يجري في سوريا. أستعرضت شريط التقاتل علي مدي خمسة سنوات كاملة، نصف الشعب السوري في الملاجيء داخل و خارج بلده و الكبار في مجلس الأمن، كل ما يحسنون فعله إصدار بيانات التشجيب و الإدانة و إسطوانة فعالية المجتمع الدولي أصبحت أكثر من مشروخة.
لم يقع تأخير زيارتنا لجامعة الفردوسي لحضور إختتام ملتقي الحوار الثقافي بين إيران و العالم العربي، فقط علمنا بأن الوفد سيلتحق بنا بعد ما يأخذ قسط من الراحة.
في الحافلة، جلست إلي جنب الدكتورة أمال شواكري، و بعد إنطلاقنا نحو الجامعة، فورا إنتبهنا إلي أمر أثار دهشتنا، الشوارع كانت شبه خالية من المارة !
و لم نلحظ أي طفل أو شاب فرادي أو جماعات علي الأرصفة أو جنب العمارات و المحلات، هذا و عدد سكان إيران يناهز ثمانين مليون نسمة. فهل نجحوا في تعليم نشأهم قيمة الوقت و العمل و فشلنا نحن ؟ من المؤكد أننا جميعا في بلدنا أسقطنا من حساباتنا طوابير الفاشلين و المتسكعين و العصابات التي حولت يوميات بعض الأحياء إلي جهنم أرضي و لا محاسب و لا رادع، هذا و يتبحج رسميينا بأننا دولة قانون !!!!!!!!!!
طوال الطريق، إستوقفتني لوحات فنية صنعتها أنامل فنانين إيرانيين، مشاهد جملت كثيرا المحيط العمراني للمدينة، فهنا تمثال أم و إبنها و هناك مجموعة متناسقة من حيوانات البرية و المواد المستعملة في صنعها كانت مرة عشب و جذوع شجر و مرات أخري خزف و حديد و علي أرصفة واسعة تصطف دراجات هوائية للكبار في مأرب مغطي، سألت المترجمة خلفي عن مغزي وجودها، فردت علي :
- "تستأجر بلدية مشهد الدراجات للمواطنين، و طبعا بأسعار معقولة و توفر لهم أمكنة لإيقافها." و هكذا نقلل من آفة التلوث و نتيح الفرصة للمواطنين ممارسة رياضة صحية. حقا بعض الأفكار البسيطة و التي لا تكلف كثيرا، تعود بالنفع علي الجميع. عند وصولنا، بدي لنا المكان واسعا جدا، لا أحد في الممرات و لا في الحدائق، و لحظة نزولنا، سمعنا صوت إحدي المترجمات يخاطبنا : من الآن ستتابعكم عدسة المصور إلي نهاية الدورة.
- لم يعجبني الخبر، فسألت الأخت منال :
- -لماذا تصوير الدورة ؟
- -لتقييم مشاركة كل واحدة منكن، لا بد لنا من حوصلة دقيقة و شاملة لعمل كل واحدة من الوفود المشاركة.
فكرت للحظات قصيرة لماذا لا أطلب من الأخت الكريمة امينة إسلامي أن لا أظهر في الشريط المسجل ؟ نظرت حولي فإذا بإحدي الأخوات المرشدات تقول لي :
-طيب، عفاف تحاشي الكاميرا و هكذا حلت المسألة.
إبتسمت لها إبتسامة عريضة و سارعت