لأكون صادقة، لحظة ما بدأت قراءة رواية "رضي أمي بأي ثمن" لماري أش* لم أكن أتخيل مجرد تخيل أنني سأكتب هذه السطور لفائدة قراءنا الكرام.
و قد إحتجت لقراءة هذه الرواية للترفيه، رغبة مني في الإبتعاد عن المسائل و القضايا المؤرقة لعالمنا العربي الإسلامي و التي أخصص لها حيز هام من عملي.
فإذا بي أجد نفسي أزيد إيمانا بالإسلام دينا و دنيا بعد مطالعتي لهذه الرواية و حمدت الله علي آداب الحشمة و عدم الإختلاط بالرجل إلا في حدود محدودة و عدم تكليف المرأة بعبأ القوامة، فقد أكرم الإسلام المرأة بإلزامها البقاء ببيتها مصونة و حقق لها الآمان عند خروجها لتقوم بدورها في نشر الخير و فعله و تمتين الروابط الإجتماعية، فلا تلهث وراء الرزق و لا تزاحم الرجل في رجولته حتي يبدأ يشك في رجولته بحسب إعتراف أحد الرجال الغربيين لي.
حمدت الله علي نعمة تحريم اللواط و السحاق، اي عالم مثالي سحري رائع الجمال نعيشه نحن المسلمين الأسوياء !!!!!!!!!!
في هذه الرواية ناقشت الكاتبة ماري اش، سلطة الكنيسة و سلطة القانون الوضعي و الأعراف الإجتماعية من إباحية و الشذوذ الجنسي و التحرش الجنسي في الإتجاهين و معضلة القيم المادية و قيمة اللذة الحسية و طرحت تصور عبر عملية تمزق نفسية عاشها البطلين الرئيسيين و الأخطار التي تتهدد المجتمع المسيحي الكاثولوكي و كيف أن صاحب العفة في حالة حرب مستمرة ضد شيطان الهوي.
سأقوم بترجمة عفوية للمشاهد من اللغة الفرنسية إلي العربية، فأعذروا عيوب الترجمة.
نبدأ بالمشهد الأول :
"في نهاية الثمانينات من القرن العشرين بروما في كنيسة المسيح المخلص، تقدمت الدوقة ماجدلينا دي ميسارو أرملة دوق جيانلوكا دي سينارو بثياب الحداد و بوشاح أسود علي رأسها، كان إلي جنبها أب الكنسية ليورناردو دي فيل في حضور مهيب لرجال العائلتين النبلاء، وضعت يدها و أيدي إبنتيها روزانا و غابريلا علي تابوت زوجها المتوفي و في حضرة الصمت المهيب/ أقسمت :
اقسم بإسم الرب و يسوع يا أغلي ما أعطاني إياه الرب جيانلوكا أنني لن أتزوج بعدك أبدا و سأسخر حياتي لتربية بنتيك و أزوجهما بزوجين صالحين، ألقاك جيانلوكا يوم البعث عند الرب."
كانت الوجوه دامعة و حزينة/ تنحت جانبا ماجدلينا ثم تقدم الرجال ليحملوا جثمان الدوق الشاب جيانلوكا دي سينارو و أتجهوا إلي خارج الكنيسة نحو المقبرة العائلية."
لنسجل كيف وضعت المسيحية الكاثولوكية الدوقة ماجدلينا دي ميسورا يدها و يدي إبنتيها علي تابوت ابيهما و نوعية القسم التي اقسمته
لا زواج بعد زوجها المتوفي
تربية صالحة لإبنتيهما
و تزويج البنتين زوجين صالحين.
في إيطاليا في العصر الحديث تعيش أقلية نبيلة كاثولكية، البعض منها متزمت دينيا و ينظر لهم من عامة المجتمع الإيطالي كأصوليين دينيين، و يتعرضون إلي نوع من الإزدراء بإعتبار أن تدينهم فيه الكثير من التطرف.
الدوق الشاب جيانلوكا دي سينارو مات في حادث سيارة، مخلفا ارملة شابة في الثامنة و العشرين من العمر مع يتيمتين روزانا ستة سنوات و غابريلا سنتين.
من أعان الأرملة علي تربية البنتين عمهما بيار لويجي و خالهما الأصغر أنزو دي بنفنيتا و بقت معززة مكرمة في قصر زوجها المتوفي. إلا أن عملية التربية للفتاتين كانت اصعب مهمة توكل لإمرأة شابة غنية و نبيلة في مجتمع إيطالي مادي تخلي عن الكثير من تعاليم المسيح.
المشهد الثاني :
في اليوم الذي كان علي الفتاتين الإلتحاق بالنظام الداخلي لمدرسة إيطالية كاثولكية غير مختلطة، إستقبلت ماجدلينا بنتيها في غرفة إستقبال جناحها :
-روزانا إبنتي أنت الكبري فأرجو منك أن تراعي أختك غابريلا و أعدكما بأننا سنلتقي كل نهاية أسبوع في بيتنا و سنسافر إلي الريفيرا في عطلة الشتاء و سنمضي مع خالكم أنزو و عائلته أجمل أعياد الميلاد.
كبري بناتها روزانا إبتسمت إبتسامة عريضة و قبلت أمها علي جبينها :
-جيد ماما سنجتهد لنحصل علي أفضل النقاط هذا العام.
إلا أن غابريلا لم تكن فرحة بإنفصالها عن أمها الحبيبة، تعلقت بها و هي تمتم :
-ماما لماذا لا نذهب إلي المدرسة العادية لنكون إلي جنبك ؟
-غابريلا المدرسة العادية محرمة، فديننا يحرم إختلاطكم بالذكور الغير المهذبين و أنتن بنات مسيحيات مطيعات للرب.
نستنتج ما يلي :
البنت في العرف الكاثولكي لا تطلب العلم في نظام مختلط.
و تشرح الدوقة ماجدلينا ما سبب ذلك لبنتيها : البنت المسيحية المطيعة للرب لا تطلب العلم مع ولد غير مهذب.
المشهد الثالث
عند بلوغ البنت الكبري روزانا سن التكليف، جلست معها الدوقة ماجدلينا ذات صبيحة ربيعية مشرقة و شرحت لها التحولات الفيسيولجية التي بدأت تظهر علي جسمها قائلة لها :
-ستستمرين في إرتداء اللباس المحتشم. سأسمح لك بمتابعة الموضة شرط أن يكون اللباس الذي تختاريه محتشم و طبعا لن اسمح لك بإستعمال المساحيق.
ممنوع عليك خلوة مع أي فتي و لن أتسامح معك و لا عمك و لا خالك في هذه النقطة.
تحتفظي بعذريتك ليوم زفافك.
ممنوع تناول الخمر و إياك أن تأكلي أو تشربي شيء من يد رجل أجنبي عنك إلا عمك و خالك و زوج المستقبل.
و أفهمت بنتها كيف لها ان لا تسمح لأي فتي بأن يلامسها في أماكن حساسة و محرمة من جسمها كالصدر و أعلي الساقين و الفخدين و الفرج أكرمكم الله و محرم عليه تقبيلها علي الفم.
و كانت الفتاة روزانا تستمع بحياء لأمها و في نهاية حديث الدوقة، سألتها :
-ماما إنني اريد أن أكمل دراستي قبل التفكير في الزواج، فهل يحق لي ذلك ؟
-الزواج أهم من الدراسة لهذا بإمكانك أن تتزوجي حينما يتقدم لك الزوج الصالح و تشتطري عليه إكمال دراستك في عقد الزواج، فالرب أوصانا نحن النساء بحسن التبعل و سيكون ثوابنا علي ذلك أكبر من أي شيء آخر. شرحت لها الدوقة ماجدلينا
كم من أم مسلمة تجلس هذه الجلسة مع بنتها ؟
كم من أم مسلمة تحرص علي سمعة بنتها في مجتمع مسلم مختلط حيث إنهارت فيه قيم العفة و الإستقامة الأخلاقية ؟
كم من أم مسلمة تقول لبنتها الزواج أهم من طلب العلم ؟
كم من أم مسلمة تربي بنتها علي الحشمة في الملبس و المظهر.
المشهد الرابع
عند بلوغ روزانا سن الثامنة عشر و غابريلا السادسة عشر نظم العم حفل تعارف في قصره بين خيرة شباب الطبقة الأرستقراطية و بنات أخيه، فقد حان موعد زواجهما و حرصا علي أن يكون التعارف بين الشباب الذكور و بنات أخيه و بناته تحت حراسته.
فقدر الله لروزانا أن تتزوج في أقل من ستة أشهر بعد حضهورها حفل التعارف الذي نظمه عمها بيار لويجي بشاب إيطالي ثري و صاحب نسب طيب و قد قابلها في حضرة امها ليطلب يدها و هكذا طلبها :
-روزانا تتزوجيني ؟
فأحمرت وجنتيها و سعدت بعرضه لأنها كانت تبادله نفس مشاعر الإعجاب و في حضرة ام زوجة المستقبل إشترط عليها هذه الشروط :
-أكملي دراسة الطب لكن بعد نهاية الدارسة، أريدك أن تبقي في البيت فتكوني ملكة جمال، زوجة رائعة و أم مثالية، هل تقبلين بشروطي ؟
-قبلت.
فتقدم حينها رسميا إلي عمها و حرص هذا الأخير علي ان يكون زفاف بنت أخيه في مستوي الطبقة التي تنتمي إليها.
* الرواية غير منشورة و قد حصلت علي إذن خاص لمطالعتها.
البقية في الحلقة الثانية القادمة إن شاء الله