إن كانت الإرادة السياسية صادقة في مسعاها للذهاب إلي الإصلاح الجذري في أساليب عمل الإدارة الجزائرية، لا بد لها من إثبات نيتها تلك بقبول فعليا مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث، هذا و علي الجهاز القضائي أن يجسد فعليا إستقلاليته عن السلطة التنفيذية بفتح ملفات الفساد التي طالت كل المؤسسات بما فيها الجيش الشعبي الوطني، فلا أحد فوق القانون و علي القضاة ان ينسقوا جهودهم مع السلطة التشريعية القادمة.
إذا ما شريحة هامة من الشعب الجزائري تندد بفساد بعض قادة الجيش الشعبي الوطني من كبار و صغار المسؤولين فيه، علينا بإخضاع مؤسسة الجيش للمسائلة و المحاسبة و هذا من السلطتين التشريعية و القضائية، فنحن إذا ما كنا نريد فعلا أن يستعيد الشعب ثقته في مؤسسات الدولة و أولها الجيش الشعبي الوطني، فلنثبت ذلك في الميدان.
عانينا منذ بدايات الإستقلال من ممارسات غير قانونية رسخت مفهوم اللاعقاب و اللامحاسبة لكل المسؤولين اي كانت المؤسسة التي ينتمون إليها و النتيجة اليوم نلتمسها في القطيعة القائمة بين الشعب و دولته.
ليس بإمكان القائمين علي شؤون الدولة اليوم أن يتجاهلوا هذا المعطي الهام في تسيير دواليبها، دون سياسة محاسبة و عقاب رادعة، لن نحصل علي حكم راشد و لن يقدر لهذه الدولة البقاء.
، إذا ما ستبقي ممارسات كالمحسوبية و الصمت عن الفساد و التواطيء مع الفاسدين و التعسف في حقوق المواطنين، فالجزائر ستتعرض إلي موجة لاإستقرار عنيفة كون المواطن سيلجأ للقوة لإنتزاع حقوقه و هذا ما يجب أن نتجنبه، فالفرصة التي أعطيت للرئيس تبون في الإنتخابات الرئاسية في 12 /12 /2019 ليست صكا علي بياض.
هذا و ما يجب أن يحسب له حساب، ان الإستفتاء علي الدستور و الإنتخابات التشريعية القادمة إن لم تقدم ضمانات حقيقية للشعب عن نزاهتها و السماح للشعب ان يشرف عليها مباشرة ليتأكد بنفسه من نزاهتها، فالحكومة القادمة لن ينظر لها علي أنها شرعية و لن استبعد تمرد فئات من الشعب عليها.
علي ولاة امورنا ان يفهموا جيدا ما يلي : أن لا الظرف الجيو إستراتيجي و لا الداخل الجزائري معهم إن لم يدركوا خطورة الموقف الذي نعيشه، فالحلول التي لا تعالج الداء من جذوره لن تؤدي إلي إستقرار أو إزدهار و عليهم أن يعتبروا من مآلات سوريا و اليمن و ليبيا و ...