في يوم ما إلتقيت بتلميذات ثانوية عند مقهي للأنترنت، فسألتهن :
-انتن تستعملن الأنترنت لأي غرض ؟
-للترفيه. أجابتني إحداهن.
-كيف ؟
-بالإستماع إلي الغناء و مشاهدة الأفلام و متابعة أخبار نجوم السينما.
في الحقيقة لم أتفاجأ، هذا و كنت قد إستمعت لشهادة آنسة تشرف علي مقهي للإنترنت، أعطتني فكرة وافية عن كيفية قضاء مراهقينا و شبابنا وقتهم أمام شاشة الأنترنت "آخر ما يوظفونه إلكترونيا الأداة العلمية، كل همهم المشاهدة و فقط."
دخول الأنترنت حياتنا رافقه سيطرة شبه كلية للصورة لهذا بات فعل المطالعة فعل نادر و من يقوم به بطل و رجعي في آن. و كم من مآسي إنجر عنها إستعمال المراهقين و الشباب للأنترنت.
فورا نلمس هذا التوظيف الذي يفقد الفرد براءته و إتزانه و يجعله حبيس أنماط تفكير و معيشة غريبة عن بيئته و محيطه المباشر. فمريد الأنترنت يدمن رويدا رويدا نوع من المعيشة المنفصلة عن هويته و عالمه الطبيعي و الواقعي. فينتج عن ذلك تصادم و أحيانا إنكفاء فتضمر الكثير من مواهب و مهارات الشاب...
كعالم متخلف ليس هناك متابعة للعواقب و لا وجود لأي خطة للوقاية من تبعات اللجوء المكثف للعالم الإفتراضي، هذا و قلة من الأولياء من وظفوا ذكاءهم لوضع حدود لإستعمال ابناءهم للأنترنت.
ثم ليس هناك سقف لإعتماد الأنترنت في حياتنا اليومية، فكل أحد وقت ما شاء بإمكانه الرجوع إليه و هذا أكبر خطأ، فمن دون تحديد مجال إستعماله سيبقي شبابنا نهب الإغتراب الإلكتروني. و قد إنضاف إدمان الإنترنت إلي باقي اشكال الإدمان و صار لزام علينا إيجاد مخرج لمعاناة لا يعيها بعد المراهق و الشاب، فالمشاكل تبدأ منذ اللحظات الأولي عندما يتوقف مدمن العالم الإفتراضي عن التواصل مع محيطه ...لتأتي مرحلة لاحقة و هي القطيعة و هذا ما يتوجب علينا تجنبه إذا ما لا نريد خسارة أبناءنا...