تعاطي المحللين المسلمين مع قضايا الإستبداد السياسي و الفساد فيه نسبة كبيرة من التسطيح. ما يسمي بالربيع العربي كشف أمر قلما نوقش بعقلانية و موضوعية.
من السهل جدا الخروج إلي الشارع و التظاهر سلميا و الإطاحة برؤساء مستبدين لكن في المقابل من يخرجون إلي الشارع منقسمين حول مشروع المجتمع الذي يتوجب إيجاده و التأسيس له سياسيا ثقافيا إقتصاديا و إجتماعيا، ففشل الثورات في مصر و سوريا و العراق مؤداه سبب وجيه : ليس هناك إجماع بين كل التيارات الفكرية و السياسية و لا توافق حول حد أدني يمكننا من الذهاب إلي نموذج حكم عادل.
طبقا لهذا الإنقسام و التنافر الشديد بين مختلف التيارات و الإتجاهات و القناعات، كيف نريد لمجتمعاتنا الإزدهار و التقدم و التطور في ظل التفتت و التشتت الداخلي، فكل أحد يريد مجتمع علي مقاس فكره القاصر ؟
هذا و الجميع يتجاهل معطي آخر أراه أهم :
لنسئل أنفسنا هل بعد بعثة رسول الحق عليه افضل الصلاة و السلام و نزول القرآن الكريم وحيا و إقامة شريعة الإسلام في دولة محمد عليه و علي آله افضل الصلاة و السلام بقي خيار للمسلمين كي يجتهدوا بشكل مبكي مضحك و يبتكروا لنا قوانين و أنظمة حكم من صنع اهواءهم ؟
كيف نفسر هذا التضارب و هذا التباعد الكبير بين مختلف الطروحات لاغين تماما الرجوع إلي الإسلام كدين و شريعة و منهاج حياة، كيف إذن تصلح أحوالنا ؟
فالذي اقره رب العالمين منذ 1400 سنة صالح لزماننا هذا و للأزمنة القادمة، لا سبيل لنا للإعتراض علي دين الله و لا علي الخالق تعالي. فشلت كل الأنظمة الوضعية في إدارة شؤون الناس بالعدل، لماذا إذن إضاعة مزيد من الوقت و الأرواح في توقيت نحن في امس الحاجة إلي الإهتداء بهدي رسول الحق عليه الصلاة و السلام ؟
لماذا لا يزال العقل المسلم يكابر و يتعالي علي دين الحق و شرع ربنا رافضا حكم الخالق معتبرا نفسه الوضيعة قادرة علي تسيير أموره بدون مرجعية إسلامية صحيحة ؟
نحن لن نفلح إن بقينا نفكر بضمير أنا و بعدي الطوفان، فإن لم نحتكم إلي الضمير الجمعي للمسلمين و تركنا جانبا جنسيات من صنع حقبة ما بعد جلاء القوات العسكرية الإستدمارية و إن لم ندرك ضرورة الرجوع إلي الإسلام كشريعة و منهج حياة، فمركبنا غارق لا محالة...