نحن في العشر الأواخر من شهر رمضان من عام 1444 هجرية و نحن نودع هذا الشهر الفضيل الذي أراده الله لنا منجاة و خلاص، علينا بالإقرار بصدقية شديدة أننا اليوم أبعد ما يكون عن مفهوم العبادة الصحيحة و التوحيد الصحيح و الإيمان الصحيح بعد السماء الأولي عن السماء السابعة.
من يقلب النظر في احوالنا، لن يجد تقوي و خوف من الله و إلتزام برسالة الإسلام بل ما نعيشه علي مدار الأيام و الشهور و السنوات إنصراف شبه كلي عن كنه ديننا الحنيف.
لا نعيش لله، نحن ضيعنا البوصلة التي توجهنا في الإتجاه الصحيح، ذلك الإيمان الفعلي الذي يضبط سلوكنا في الصغيرة و الكبيرة مفقود في زمننا، أجيال تتعاقب و لا تحيا لنصرة دين الحق و لا تعمل علي إحياء معالم حضارة الإسلام. يعيش مسلم هذا الزمان منقطع تماما عن هذه الحقيقة الربانية "ليست الدنيا النهاية، إنما دار عبور لدار القرار"، فالمؤمن الحق يعمل لآخرته من دون إهمال حياة الدنيا لكنه أولا و أخيرا خلق لعبادة الله تعالي و لم يوجد لإشباع غرائز بأي وسيلة كانت...
ترانا نبحث عن السعادة في غير الإسلام، نتقلب في المعاصي و الكبائر، غير آبهين بعين الله المسلطة علينا...نتحسر علي خيباتنا و هزائمنا المتوالية كان علي المستوي الفردي أو الجماعي و تجدنا ناقمين علي الحياة التي لم تعطينا ما نريد...نحن أدرنا ظهورنا لأسباب العزة و المناعة و نتعامل مع الوجود بمنطق اللاحساب اللاعقاب ...
وضع الله عز و جل عند خلقه للكون و آدم عليه السلام نواميس ثابتة غير قابلة للتبدل أو التغير أو الزوال، فمن عبر هذه الدنيا عبور المتكبر عن عبادة الله و إفراده بالعبودية، مآله الخسران في الدنيا قبل الآخرة. و مهما تنكر المرء لحقيقة وجوده و كيف أن هذه الدنيا ما هي إلا إختبار لإيمانه التوحيدي، فهو هالك و الموت حق و الحساب حق..