قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 11 أيلول/سبتمبر 2014 10:51

أغاتا كريستي : القلم الفيكتوري الرصين

كتبه  عفاف عنيبة
قيم الموضوع
(0 أصوات)

من ثلاثين سنة، وَضعتُ مجموعة كاملة من سلسلة كتب أغاتا كريستي علي درج مكتبة الحي الجميل، في المنزه السادس بتونس، فأخذت صاحبة المكتبة "كوثر" في قراءة بعض العناوين:

-هل أنت جادة في التخلي عن هذه القصص البوليسية ؟

-نعم كوثر، أريد شراء عناوين جديدة أخرى للكاتبة البريطانية. أما هذه، فلا بأس من بيعها.

-في الوقت الحالي لديّ عنوان واحد جديد، ها هو، ردت الأخت الكريمة.

إشتريت الكتاب و قفلت راجعة إلى البيت العائلي، شخصيا لم أفهم حينها إصراري على التخلص من مجموعة إقتنيتها شهر بعد شهر، و عام بعد عام، خاصة أنني كنت في حاجة دائمة لقراءة أغاتا كريستي، هذا و أول قصة قرأتها لها، أفهمتني، أنني وجدت ضالتي.

أسلوب السيدة كريستي فيكتوري، فهي تكتب بتركيز شديد و إحتشام، و تعلو بعض قصصها نبرة الأرستقراطية البريطانية، تلك التي عادت إلى مرافئ الجزيرة بتثاقل كبير. حرص الكاتبة على الاستعانة بمحقق بلجيكي "هركول بوارو"، يعبر من وجهة نظري على رغبتها في تسليط عين أجنبية ناقدة على مجتمع بريطانيا من الداخل. كأنها كانت تقول للقراء الكرام : "ها هم البريطانيين بسطائهم و نبلائهم، فهم لا يبالون بعيوبهم بقدر ما تحرجهم نقائصهم، و كثيرا ما يبوحون للأجانب ما يتحفظون  عن قوله لبعضهم البعض!" إحدى النقاط التي استرعت انتباهي في السرد القصصي للسيدة كريستي، اعتمادها القراءة النفسية لشخصيات ثانوية و رئيسية في رواياتها، و عنصر الجريمة ليس بالأهمية التي نخالها، فالذهاب إلى جريمة القتل تسبقه أحداث و تتلوه متابعة معقدة لما جرى. فالفرد كان دوره هاما أو ثانويا يؤدي وظيفة ما، مهما تواضعت، فهي ذات قيمة، و هذا ينعكس على الحبكة القصصية ككل.

طريقتي في قراءة قصص أغاتا كريستي كانت على مرحلتين. في الأولى كنت أبحث عن التسلية، و عن الغرابة، فبعض رواياتها أكثر من أخاذة، و في الثانية نضجت، أصبحت أريح أعصابي المشدودة بقراءة مركزة، و لا بأس من تكرار المطالعة لنفس القصة عشرات المرات، و في مطالعتي الأولى للحكاية، أشارك في وضع حل لها.

 فالقارئة المحايدة تركت مكانها لقارئة نبيهة، تتعلم طرح قضية ما عبر عقدة قصصية تبدأ و تنتهي في لحظة ما. مع السيدة كريستي ندرك أن التفاصيل لها أهميتها، و أن أي حركة صامتة أو صاخبة لها وقعها. فهي لا تعمل فقط على جذب انتباه القارئ، إنها ترسم له طريق خاص نحو دراسة البيئة و الطبيعة الإنسانية الواحدة، أكان الأمر يتعلق بجريمة في الحضر أو الريف. فالخير و الشر لدى جميع البشر، لا يختلف اثنان في تقييمهم، و قد اعتبرت زمن قراءة قصة من قصصها تمرين رائع لذكائي و صبري.

هل سأفك شيفرة الجريمة ؟  هل سأبقى مشدودة الصفحة تلو الأخرى، أم أذهب مباشرة إلى الصفحات الأخيرة ؟

هل نجحت الكاتبة البريطانية هذه المرة أيضا في حبك توليفة قصصية غاية في التعقيد ؟

كنت آخذ القصة كمن عثر على كنز. تختلف الترجمة من مترجم لآخر، و لم أختر مترجم واحد على وجه الخصوص، لكن أعمال السيدة كريستي تحمل بين طياتها بصمات اللغة، فهي قلما تستعمل كلمات نابية، و تبتعد تماما عن الألفاظ الوقحة، حتى أنها تبدو أحيانا جادة كل الجد في الحفاظ على الآداب العامة. ذِكرُها للوقائع فيه قدر من الجدية و التبسيط. ففي بعض القصص، شخصية المجرم تبقى عالقة في ذهن القارئ لسنين متوالية، فهي تراهن على عامل الغموض. و كثيرا ما تساءلتُ بين نفسي: "هل كان لزاما على البطل أو البطلة القتل؟"

هذا؛ و هي بارعة في الوقوف على دقائق الطبيعة البشرية، فالمجرم يميل إلى ارتكاب الجريمة الكاملة، و أمنية كل قاتل و كل مجرم الإفلات من العقاب. مع أغاتا كريستي، ليس العقاب الذي يقلق المجرم و إنما تلك الرغبة الجامحة في تحقيق الجريمة الكاملة. كم من مرة، و عند تناولي لأي قصة من قصصها، لا أمتلك إلا الإقرار بذكائها. فهي جعلت من مشاكل الحياة العادية، نقاط لا رجعة فيها. فإزهاق روح أو أكثر، بقدر ما هو فظيع بقدر ما ينم عن لامبالاة القاتل. فسلب الحياة لا يكتسي ذاك الطابع المرعب و لا شيء قادر علي ردع المجرم. فأيا كانت المخاطر، فهو مصمم على الذهاب إلى النهاية بعناده الشرير.

لسنين متوالية، رافقتني قصص أغاتا كريستي. و قد صار الأمر طبيعي لدي، في لحظة إرهاق معنوي شديد، ألجأ إلى إحدى القصص لتتواري أمامي المشاغل، و تأخذ مكانها حبكة قصصية مشوقة للغاية، فترتاح أعصابي لأتدبر مليا السطور، و أسحب إليّ، كل ما من شأنه أن يعينني على فك اللغز المطروح، و هذا في حد ذاته، نوع من الاسترخاء الفكري، فتلك القطيعة التي تحدثها صفحات القصة مع الواقع تمهلني بعض الوقت للراحة.

القصص تعبِّر عن رؤية أغاتا كريستي لمحيطها البعيد و القريب، فهي من خلال ما تكتب، تبدو متأملة، شرودها لا يعني حالة لامبالاة، بل على خلاف ذلك فهي تشعرنا بأن أحوال مجتمعها تهمها، و هي تبذل قصارى جهدها في تحليل الأوضاع الاجتماعية. شئنا أم أبينا، فن القصة لدى السيدة كريستي يرتبط بالدرجة الأولى بمعرفتها لخبايا مجتمعها، فقد وضعت خبرتها و معرفتها قيد التجربة عبر الكتابة و نجحت في ذلك. فلكل واحد كيفيته في التجاوب مع قصص كريستي، بالنظر إلى تعاملي الشخصي ازددت معرفة ببعض الأمور مثل مشكلة الترجمة. لم اقرأ أي ترجمة بالعربية لإحدى قصصها، غير أن ما قرأته لها باللغة الفرنسية يكذب إدعاء بعض المترجمين العرب من أن السيدة كريستي متعاطفة مع العرب و المجتمع المسلم ككل، ليس صحيح، فقارئ "جريمة سريع الشرق" باللغة الفرنسية سيلاحظ نبرة التعالي في أسلوبها.

لا ينبغي أن نتعامل مع كاتبة مثل السيدة أغاتا كريستي بسذاجة، فهي تظل سيدة بريطانية، تنتمي إلى عالم أبيض متعال، صاحب حضارة العبودية و الاستدمار، و أن تتنصل تماما من الإرث الأسود يستلزم قدر كبير من الشجاعة الأخلاقية التي لم ترقى إليها، و هذا ما لمسته في بعض قصصها.

قراءة 1779 مرات آخر تعديل على الجمعة, 19 حزيران/يونيو 2015 21:21

أضف تعليق


كود امني
تحديث