قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الإثنين, 24 أيلول/سبتمبر 2012 10:26

معالم العولمة الحلقة الأخيرة

كتبه 
قيم الموضوع
(1 تصويت)

فحلقة المحلية الضيقة تزول أمام هيمنة الضمير الجمعي الهادف إلي خلق وجود إنساني مؤثر و مفيد، ففي عصر ما بعد الحرب الباردة حيث تلاشت العقائدية (الإيديولوجية) و سعت الشعوب إلي التعرف علي نفسها من خلال تراكمات الماضي، بدت المجموعات مهيأة للنجاح في إطار النظام الإقتصاد العالمي الواسع و ال

 

أكثر تكاملا."[1]

و من بين أهم روافد العولمة، الثورة العلمية التي حملت الفرد إلي آفاق جديدة بحيث أتاح

ت له أن يعيش ضمن نسق علمي متجدد، منميا معرفته بنفسه و بمحيطه و قد غدي التحدي العلمي غاية الغايات عند جميع الشعوب المتحضرة و المراهنة علي العلم تكاد تكون الضمانة الوحيدة لأي مجتمع يرغب في إحتلال مكانة مرموقة بين الأمم و لا يكتفي بوجود ظل.

تتجلي أثار العولمة بوضوح في أبعاد خمسة:

*البعد الأول، الإقتصاد الموحد:

     تعتمد العولمة الإقتصادية علي التجارة، حرية إنتقال السلع و العولمة المالية. فعلي المستوي الإقتصادي تظهر تجليات العولمة أساسا في نمو و تعميق عملية الإعتماد المتبادل بين الدول و الإقتصاديات القومية و في وحدة الأسواق المالية و زيادة المبادلات التجارية في إطار نزعت عنه القواعد الحمائية التجارية وفقا لتطبيقات إتفاقيات التجارة الحرة.[2]


لهذا يعتبر الإقتصاد القطب الرئيسي في النظام العالمي الجديد، إنه الموجه و المؤشر علي التقدم و الإزدهار و هو يقوم علي رأسمالية ليبرالية تحرر الإنتاج، تكثف من وتيرة التبادلات التجارية و من إنتقال رؤوس الأموال مما يجعل القرار السياسي رهن النمو  الإقتصادي و من الأمثلة البينة عن ذلك  عند إرتفاع أسعار النفط تسارع إدارات الشركات العابرة للقارات في الضغط علي الدول المنتجة له قصد الرفع من حصص الإنتاج و التخفيض من الأسعار لتتراجع هكذا مصالح الشعوب أمام النفوذ المتزايد لمدراء و أصحاب الشركات المتعددة الجنسيات.

 و قد سمحت المصالح المشتركة للمتعاملين الإقتصاديين من دخول عدة مشاريع و في مجالات

متخصصة مختلفة و العائد المهم الذي تحصده يحد من نسبة الخسارة الحاصلة عن التوسع في النشاطات و صار ممكنا لمشروع أن يري النور في الفيتنام بتمويل فائض الأرباح لمساهمين في شركة متمركزة برأس الرجاء الصالح، و كما ذكر الدكتور لستروثرو [3] إختفاء الحدود الوطنية أذاب الإقتصادات المحلية في الإقتصاد العالمي و هذا بسبب تحرك الرأس المال إلكترونيا متحررا بذلك من سيطرة الحكومات مما خول الصناعي القطري الخوض في المنافسة الحرة معتمدا علي تفوق قطاعه الملتزم بالشروط المسطرة من طرف المنظمة العالمية للتجارة، التي هي أبرز هياكل العولمة، فالتوسع و الإنتشار الذي تشهده قطاعات عديدة في البرتوكمياويات و الصناعات الدقيقة و قطاع الإعلام غالبا ما يتبعه إمتصاص لليد العاملة و إرتفاع في الجودة و تسمح الليبرالية الرأسمالية لكبار الشركات الخاصة بالتكتل و الإلتحام و قد إرتفع عددها إلي 37 ألف من الشركات العابرة للقارات مع فروعها 170 ألف المنتشرة في جميع أصقاع العالم و الماسكة في مطلع التسعينيات بتلابيب الإقتصاد العالمي، فعلي سبيل المثال يفوق رقم معاملات جنرال موتورز الدخل الوطني الخام للدنمارك و يفوق رقم معاملات فورد الدخل الوطني لجنوب إفريقيا.[4]

   

   تبدد العولمة الإقتصادية مفهوم الإنتاج المحلي لتستبدله بمصنوعات مصممة في اليابان، م

صنعة في كوريا الجنوبية، مركبة في تايوان لتسوق أخيرا في الهند، فتتوزع الأرباح و الفوائد عبر الحدود إبتداءا من المبتكرين إلي البائعين و يكون نصيب الدول المستضيفة للرأس المال و للشركات المتعددة الجنسيات محدودا و هذا بسبب إلغاءها أو تحجيمها للتعريفات الجمركية و تخفبضها لنسب الضرائب إزاء المستثمرين الأجانب و مثل هذه القطاعات الصناعية تخلق نموذج جديد للعامل.

   يبقي التكوين العال حكرا علي مجموعة قليلة و الغالبية مضطرة إلي التغيير المنتظم للعمل بموازاة رسكلة، تعين العامل علي مجاراة التطور التقني السريع إلا أن عولمة الإقتصاد تعترضها مشاكل مثل التحايل الضريبي و مضاربات بنوك الواحات الضريبية، تعويم الأسواق بالسلع المقلدة، و التدخل السافر للإستثمار العالمي في صنع القرار السياسي للدول المستضيفة له. فطبيعة تطور العولمة الإقتصادية  لا تعود إلي إحتياجات أو قرارات محلية بقدر ما تستجيب لسياسات المؤسسات الدولية و الشركات المتعددة الجنسيات، غير أن النزعة التفاؤلية للخبراء الإقتصاديين تقضي بأن ديناميكية التطور الإقتصادي ستفضي لا محالة إلي ديناميكية في إيجاد حلول.

*البعد الإجتماعي:مكاسب أم...

  الإرتباط عضوي بين البعدين الإقتصادي و الإجتماعي، حمل المنهج الليبرالي بين طياته مضامين و آفاق خطت بالفرد نحو توازن دقيق فوق فوهة بركان!

صار المواطن يحتبس أنفاسه أمام النمو السريع الذي يترافق بتوزيع غير عادل للمكاس

ب، إنه يعمل بجد من أجل قدرة شرائية مقبولة و دخل معتبر إلا أن المخرج يبقي بعيد المنال في ظل نظام يضخ الأموال و يقلص بشكل رهيب من مناصب  الشغل، فأمام إلتزام الفرد بتسديد فواتيره و دفعه للضرائب و العمل الدؤوب و إعتياده لمستوي معين من المعيشة و أمام إنحسار مهام الدولة و تركز الأموال في أيدي مؤسسات و جماعات محدودة و وتيرة مدهشة للتقدم التقني، بدأ يفهم المواطن أن طبيعة العولمة المتغيرة صارت تهدد وجوده، فحركة التنامي الإقتصادي غيرت الخارطة الإجتماعية أو بالأحري السلم الطبقي لتقسم المجتمع إلي طبقتين أغنياء و فقراء. فلا وجود للطبقة المتوسطة التي كانت تمثل الغالبية، فوجودها كان كفيل بأن يضمن الإستقرار و الإستمرارية، فالأثرياء المسيرون لدواليب الإقتصاد العالمي هم قلة و في المقابل الأغلبية الفقيرة التي تعاني من البطالة و من إنخفاض شديد في القدرة الشرائية و من إرتفاع في نسبة الإجرام.

 فالمعايير المتحكمة في إقتصاد السوق همشت أهداف كانت تمثل الأرضية الصلبة للعدالة الإجتماعية، نذكر قضية العمال المسرحين من أحد فروع رينو في بلجيكا و محاولات الدولة البلجيكية لإقناع الشركة الأم في فرنسا بتبني مسلك آخر أكثر إنسانية غير التسريح الفوري دون ضمانات و حتي الحركة النقابية و أمام لامركزية القطاعات الإقتصادية و خضوع الإنتاج و التسويق إلي مستجدات علمية و تجارية بحتة، غدت عاجزة عن الوقوف في وجه مجالس الإدارات و أصحاب رؤوس الأموال المتنقلة أو الدفاع عن مكتسبات شرعية محمية من الدساتير الوطنية كون دولها موقعة لإتفاقيات منظمة التجارة الدولية و ملزمة بها و ببرامج صندوق النقد الدولي. فصاحب المصنع أو المشروع بإستطاعته أن يوظف الآن بواسطة الشبكة العنكبوتية يد عاملة رخيصة ذات كفاءة عالية من أي دولة في العالم دون أن يلزم نفسه بالتوجه أولا إلي مواطنيه. فدائما ما يتقدم الإعتبار المادي ألا و هو الربح علي أي إعتبار آخر. و هكذا يجبر المواطن علي إتخاذ تدابير فردية للحيلولة دون الوقوع ضحية عولمة الإقتصاد و قد بدأ يدرك المواطن العالمي أن مفاهيم كالرخاء العام و العدالة الإجتماعية لم تعد الدولة و شركاؤها الإقتصاديين و الإجتماعيين ملزمين بتحقيقها، لهذا عليه أن يقلل من الإعتماد علي الدعم الحكومي لضمان إحتياجاته الأساسية كالعمل و السكن و الخدمات الصحية و ما إلي ذلك و المثال الآت يدعم ما ذكرته للتو:


في عام 1998 سرح المواطن المكسيكي بيدرو غوميز و هو مهندس في الإعلام الآلي بمدينة إنسينادا في كاليفورنيا من عمله في شركة خاصة تتولي صنع أنظمة حراسة عن بعد و قد جاء تسريحه كنتيجة للتخفيض من ميزانية الشركة ضمن مسرحين آخرين و هذا التوقف عن العمل جعله يعمل لمدة ساعتين في الأسبوع لشركات متفرقة في نواحي إنسينادا و تيجوانا لعدة أشهر و إعطاء ساعات تدريس في جامعة متجولة لقاء مبلغ رمزيي، و الذي أنقذ هذا العامل  المبالغ القليلة التي تحصل عليها بموجب مهاراته في عدة مجالات معلوماتية  و التي أعانته علي العيش لمدة عامين و بعدها وجد وظيفة قارة في شركة بمكسيكالي و أصبح مشرفا علي فرعها في مدينته. هذا نموذج إيجابي لمواطن عرف كيف يتعامل مع الجوانب السلبية للعولمة الإقتصادية.

    في عصرنا تزداد إحتياجات الفرد و أسرته، فهو مطالب بتوفير إلي جانب السكن و مصاريف المأكل و الملبس و أقساط التعليم المكلفة، الخدمات الصحية الإيجار أو شراء البيت العائلي، وسائل الترفيه ضمان حد أدني من المدخرات مع تقدير طيب للطواريء. و لهذا السبب صار العمل الضمان الوحيد الذي يقي الفرد و عائلته شر الفقر و مخاطر الإنحراف إلا أن الأمر يبدو مقلقا و للتصدي للمشاكل الناتجة عن العولمة الإقتصادية يجب التفكير جديا لإيجاد سبل قانونية تحمي حقوق الفرد و الجماعة و الحد من المضاعفات الخطيرة التي تنتج عن التقدم الصناعي و الإقتصادي.

  *البعد الإعلامي:القرية الكوكبية.


     أدي الإندماج بين وسائل الإعلام الجماهيرية و بين تكنولوجيا الإتصال و المعلومات إلي جانب تطور الحاسبات و شبكة الهاتف و شبكة المعلومات مع إستعمال البث الفضائي إلي ظهور تكنولوجيا الإتصال متعدد الوسائط و تكنولوجيا الإتصال التفاعلي بتطبيقاتها المختلفة و أشهرها حاليا الشبكة العنكبوتية[5]. إن ثورة المعلومات و الإتصالات هي الطاقة المولدة و المحركة للعولمة[6] و قد أزالت هذه الثورة المكان و إختصرت الزمن و فرضت الآنية كقانون تعامل. فتوقيت الإنسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان بثته قناة س.ن.ن الأمريكية ساعتين قبل دخوله حيز التنفيذ و قبل تلقي الحكومة اللبنانية رسميا إشعار الإنسحاب!

     فتداول العامة لعدد هائل من المعطيات مكنها من ترتيب أعمالها و قراراتها بناءا علي إحاطتها الشاملة بما يجري في الداخل و الخارج و قد تضاعفت بذلك فاعلية الفرد في موقعه. إلا أن التفوق المعلوماتي غدي سلاح خطير في أيدي الجماعان المالكة لوسائل الإعلام ليصبح دور السلطة الرابعة محوري في صنع القرار و من بين الإيجابيات التي دعمت الممارسة الديمقراطية سقوط الحواجز بين المواطن و المسؤول، فرئيس البلدية ديجون ألغي مشروع مطار بعد ما توفرت لديه في إستطلاع رأي نسبة معارضة للمشروع 47% من مواطنيه و في المستقبل لا نستبعد إستعاضة البرلمان بوسائل إتصال مباشرة، فبفضل النمو السريع لتكنولوجيا الإتصالات بات ممكنا علي رجل أعمال أن يدخل مناقصة بواسطة هاتف نقال و صار بإستطاعة الموظف و المسؤول حضور فعاليات ندوة أو مؤتمر من مكتبه و هذا بفضل جهاز تلفزيون و التصويت بمجرد الضغط علي زر في النقال و بتشعب وظائف الأنترنت، إزدادت الحاجة إليه. إنه يتيح لمستخدميه شراء البضائع، حجز تذاكر سفر، إستئجار بيت، العمل عن بعد، المشاركة في مزادات علنية، التعلم عن بعد.

    

    فعملية التواصل الإلكتروني أطاحت بجميع العقبات لتعطي الفرد إمتياز المعرفة الدقيقة و الفورية، و نحن اليوم نشهد بروز نمط جديد من الإتصال و هو ما يسميه الدكتور محمد شومان[7] "بالإتصال التفاعلي القائم علي التفاعل الحر و المباشر بين المرسل و المستقبل و تبادل أدوار الإتصا

ل بين الطرفين علاوة علي إتساع و تنوع حرية المتلقي في إختيار و إنتقاد ما يريد معرفته و توظيفه لصالحه." و من جهة أخري يعتبر الإعلام السند الرئيسي للإقتصاد فتسويق البضائع مرتبط إربتاط وثيق بقطاع الدعاية و الإشهار اللذان فرضا نمط إستهلاك يقولب إحتياجات الفرد و مثل هذا النمط يتعرض لإنتقادات واسعة فتشومسكي[8] يري أن الزيادة الضخمة في الإعلان و الخطاب التوجيهي للمعلن يقابله إنخفاض في التنوع و المعلومات و ما يجدر ذكره أن العولمة الإعلامية تعد أهم أداة للتواصل الإنساني بكل ما يحمل من مضامين و خصوصيات، من ملامح و ميزات من خبرات و مهارات، فتدفق المعلومات و تنوع مصادرها ألغي الخطاب الإعلامي و السياسي الأحادي ليمنح المواطن حق الإطلاع و المتابعة و الممارسة الواعية لمسؤولياته.

 *البعد السياسي: المواطن الدولة.

      تقود العولمة السياسية البشرية إلي مرحلة جديدة يتم خلالها الإنتقال الحر للقرارات و التشريعات و السياسات و القناعات و الخيارات عبر المجتمعات و القارات و بأقل قدر من القيود و الضوابط متجاوزة بذلك الدول و الحدود الجغرافية[9] ، و بذلك يتراجع مفهوم سيادة الدولة لتقتصر مهمتها علي الجانب الإيداري و السهر علي التطييق الصارم للقوانين و هذا التقلص في نفوذ الدولة سيقلل من تدخلاتها في الميدان الإقتصادي. وفق إتفافية المتعددة الجوانب للإستثمار المتفاوض عليها حاليا، يستطيع المستثمر الأجنبي أن يقاضي الدولة في محكمة خاصة عن أي قانون أو إجراء يعرقل حرية الإستثمار و بإمكانه أيضا مقاضاتها إذا ما أضرب عمال أحد فروع الشركة في دولة مستضيفة. فحق الإضراب المعترف به دستوريا، غير مقبول في عرف الشركات المتعددة الجنسيات و قد باتت السلطة السياسية مهددة بالتهميش أمام تعاظم نفوذ المؤسسات الإقتصادية الدولية و لجوءها المتزايد إلي ممارسة الضغوطات و سياسة التوجيه التي تقضي بأن ينحصر دور الدولة في المراقبة و ليس شريكا كامل الحقوق و قد أوكلت مهمة تجسيد السيادة الوطنية عمليا إلي الفرد ليكتفي رئيس الدولة بمرتبة سفير فوق العادة، ممثلا لمصالح بلده في المنتديات الدولية و قد إكتست المصالح الوطنية بدورها أبعاد جديدة، أخرجتها من دائرة المحلية الضيقة إلي ا

لعالمية بمفهومها الأوسع.

فالتطور الذي لحق مفهوم المدينة الدولة، الدولة الأمة ثم القرية العالمية أحدث تغيير جذري في فهمنا لمضمون السيادة و جاءت الصياغة الجديدة لتحدد مهام الدولة في الحفاظ علي الأمن العام. هذا و الإحاطة بموارد الدولة و حدودها يعد مهما لضبط طبيعة تعاملها مع شركاءها الوطنيين و الدوليين.

فمن الطبيعي أن يؤدي إنحسار القوة العسكرية كعنصر أساسي في تقرير الموقف الإقتصادي إلي تقليل الإعتماد علي القوة التقليدية المتمثلة في كيان الدولة الأمة التي أستخدمت لزمن طويل كثقل مضاد للشمولية العالمية.[10]

و بإنتفاء عنصر الحكم يأتي مفهوم الإدارة المدير الذي يدرك أن عمله هو توضيح "الرؤية" و رسم"السياسة"و"تحديد الأهداف" ثم العمل علي تحقيقها بالمنافسة الواعية لا بالصراع الدموي.[11]

فالمطلوب من الآن و صاعدا إداريين ممتازين ليختفي تدريجيا نموذج المسؤول السياسي المتسلط، فالبقاء مشروط بكفاءة إدارية عالية و الديمقراطية كنظام سياسي تشجع الإدارة المسؤولة القائمة علي الحوار و الشفافية و العمل الجاد و ينتقل بذلك العالم من أسلوب السلطة الهرمية المطلقة إلي أساليب جديدة تفاوضية أفقية تبدو أكثر تحضرا.

[12]

ليقترن الإستقرار السياسي بحجم التبادلات الإقتصادية و بمستوي التقدم الصناعي و العلمي للبلاد.

*البعد الثقافي: المواطن العالمي.

  لأول مرة في تاريخ البشرية تتاح للإنسان فعليا فرصة تجاوز فرديته بكل ما تتضمنه من خصائص ذاتية و خصال، من إستعدادات و مواهب لينطلق إلي فضاءات جديدة مستبدلا بطاقة هوية محلية بأخري ذات أبعاد عالمية تمكنه من التفاعل الخلاق مع هويته الجديدة كمواطن عالمي، فيتعلم الإنسان التعايش مع ما هو أصيل ثابت و جديد متغير، معبأ طاقاته، ملتمسا الحوار، مطورا لتجاربه بالنظر إلي معطيات علمية تقنية متجددة. فالثقافة  التي تبشر بها العولمة ثقافة أكثر تفتحا و أكثر تواصلا مع الآخر، فتختزل المسافات لتقارب بين الناس و بالتعارف علي بعضنا البعض تنضج رؤيتنا لوحدة العنصر البشري و يتمدد شعورنا بالحياة ليمنح هذا التمدد الجماعة التوازن النفسي الصحي و كما كتب داريوش شايغان[13] " إن المجتمع الأمريكي المكون من مجموعات أو جماعات ذات إنتماءات أو هويات مختلفة في اللون و الثقافة و الدين... لكنها متعايشة تشارك جميعا من ال

داخل رغم إختلافها من الخارج: تسهم في التصويت و إتخاذ القرارات لكن كلا منها يعيش حياته الخاصة من تقاليد و عادات و أزياء و طرق مأكل و مشرب و إجتماع...إلخ".

تبقي العولمة علي الهوية المتميزة من دين و لغة و أصول و ثقافة منمية الشعور بوحدة المصير مزيلة أمراض كالعنصرية، العنف، و التطرف لتوطد علاقة الإنسان بالإنسان، متغلبة علي الرواسب السلبية الكائنة بين الأنا و الآخر و يترتب البعد العالمي للشخصية عن مدي نجاعة تكيفها مع المتغيرات لتظل الخصوصية الثقافية و الروحية عنصر ثراء و جمال و عامل إختلاف بديع.

يعطي السلوك الفاعل محتوي لمفهوم الإنسان الكزمبوليتاني الذي يعرفه مازن حامد كما ي

لي :"الكزمبوليتاني هو العالمي المتحرر من الأحقاد القومية أو المحلية و الذي يعتبر العالم كله وطنا له. و المجموعات الكوزمبوليتانية لا تسلم إحساسها بالهوية العرقية المميزة إلي مذبح التكنولوجيا أو العلم و لكنها تستثمر قيمها و معتقداتها التي صنعها التاريخ للتأقلم بنجاح مع معطيات التغيير."[14]

و تتمثل مقومات النجاح هذه في الشعور بوحدة المصير من جهة، في إيجاد سبل التكامل، في الحفاظ علي الأنا منسجما مع نحن، في الإجتهاد و في السعي إلي تحقيق توازن نفسي و إجتماعي بالحث علي ثقافة التعاون و بالإعتماد علي رافد عظيم و الذي يمثل لوحده مفتاح التقدم و النجاح ألا و هو العلم.



10بتصرف فقرة مأخوذة من كتاب:" القبال دور العرق و الدين و الهوية في نجاح الإقتصاد العالمي لجويل كوتكن، ترجمة مازن حماد.

فقرة مأخوذة بتصرف من مقالة:" العوملة و تهميش الثقافة الوطنية" للدكتور أحمد مجدي حجازي، مجلة عالم الفكر المجلد 28 عدد 2، 1999.[2]

 فقرة مأخوذة بتصرف من مقالة لمكز افمارات للبحوث الإستراتيجية أبو ظبي، مجلة العربي عدد 463ن عام 1997.[3]

 فقرة مأخوذة من مقالة :"ظاهرة العولمة الواقع و الآفاق.د الحبيب الجنحاني مجلة عالم الفكر، المجلد 28 عدد 2 عام 1999.[4]

 الفقرة مأخوذة من مقالة "عولمة الإعلام و مستقبل النظام الإعلامي العربي للدكتور محمد شومان، مجلة عالم الفكر الع


دد 2 ،1999.
[5
]

   //                       //                                          //                                                 //.[6]

 فقرة مأخوذة من مقالة عولمة الإعلام و مستقبل النظام الإعلامي العربي" د. محمد شومان، مجلة عالم الفكر، المجلد 28، العدد 2، 1999.[7]

 فقرة مأخوذة من مقالة" العولمة جذورها و فروعها و كيفية التعامل معها"د. عبد الخالق عبد الله مجلة عالم الفكر، المجلد 28، عدد2،1999.[8]

 فقرة مأخوذة من مقالة"العولمة[9]

 الفقرة مأخوذة من كتاب " القبائل دور العرق و الدين و الهوية في نجاح الإقتصاد العالمي "للمؤلف جويل كوتكن، ترجمة مازن حامد.[10]

 فقرة مأخوذة بتصرف من مقالة "الإدارة بالمعرفة(التكنولوجيا تقود العالم)" د. عبد الرحمان توفيق مجلة العربي، عدد 452 فبراير 1996.[11]

 فقرة مأخوذة بتصرف من مقالة" العولمة الواقع و الآفاق"د. الحبيب الجنحاني مجلة عالم الفكر المجلد 28، عدد 2، 1999.[12]

 الفقرة مأخوذة من مقالة "الهوية، الجماعة و الجماعات" داريوش شايغان مجلة ماقف العدد 65، خريف 1991.[13]

 فقرة مأخوذة من كتابة " القبائل دور العرق و الدين و الهوية في نجاح الإقتصاد العالمي" جويل كوتكن دار البشير طبعة 1995.[14]

قراءة 3164 مرات آخر تعديل على الخميس, 08 تشرين2/نوفمبر 2018 14:58
عفــــاف عنيبـــــة

أديبة روائية إسلامية أحرر ركنا قارا في الصحافة المستقلة منذ 1994 في الصحف التالية: أسبوعية الوجه الآخر، الحقيقة، العالم السياسي، كواليس و أخيرا البصائر لسان "حال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين."

أضف تعليق


كود امني
تحديث