قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 25 حزيران/يونيو 2014 15:30

قصة الشهيد محمد عبد الناصر فاخوري 1/2

كتبه  موقع أدباء الشام
قيم الموضوع
(0 أصوات)

كنت أتمشى عصر ذلك اليوم في ساحة المزرعة وأجهز نفسي للذهاب لإحضار ولدي تسنيم ومحمد من المعهد المدرسي في بلدة أورم الكبرى إحدى بلدات ريف حلب الغربي.

قاربت الساعة السادسة مساءً سألت أخي طارق وكان موكلاً بإيصالهم وإحضارهم إلى البيت متى تذهب في العادة لإحضارهم، أجابني في الساعة السادسة وعشر دقائق في تلك اللحظات شاهدت طائرة الميغ تحلق في السماء، علّقت زوجتي نور عليها قائلة: جاءت الغولة، رأيتها تحوم في السماء تبحث عن فرائسها وأنا أنظر إليها، قليلاً ما كنت أستطيع تحديدها وفي تلك اللحظة شاهدتها تطلق صاروخ أضاء السماء من نقطتها، قلت لأخي طارق أنها قد ضربت، قال لي: لم تصدر صوتاً، أجبته قائلاً: رأيت النار تخرج منها وبدأت أهم بالذهاب فإذا بباب المزرعة يطرق بشكل غريب وسمعت صوت سيارة مسرعة، أسرعت إلى الباب لأشاهد تسنيم كبرى أولادي تجهش بالبكاء وعلى وجهها آثار الرعب والخوف تكاد كلماتها المتلعثمة والمبعثرة لا تفهم.. "بابا.. بابا.. الحق حمودة ضربته الطيارة في المعهد"، صعدت إلى السيارة وشعرت بالدم الحار يجري في عروق وجنتي ورأسي وعيوني، لم أستطع بالضبط تحديد الصورة، عمدت على تشغيل السيارة وصعد معي زياد وطلب مني القيادة فأصررت على أن أقود بنفسي، وفي طريقي لأورم شاهدت حركة السيارات الغريبة والمسرعة والذعر عند عموم الناس، بدأت أدرك أن شيئاً كبيراً قد حدث، تبعد أورم عن المزرعة 3 كم، وصلت إلى مفرق المعهد، كأن يوم الحشر وكأن الناس يخرجون من قبورهم يبحثون عن ذويهم بين الناس يسيرون حركة السير، أوقفوني يمنعون الناس من الذهاب لموقع الضربة وعندما علموا أن ابني في المعهد قالوا اذهبوا إلى مشفى الأتارب المصابين جميعهم في المشافي، تابعت القيادة باتجاه الأتارب والسيارات تتطاير في طرفي الشارع وصفارات الإسعاف والإنذار تدوي وتطلق في كل مكان والناس على طرفي الشارع يحاولون إفراغه إلا من الإسعاف والمصابين ومع اقترابي من المشفى شعرت بأن شيئاً مهولاً قد حدث وجوه الناس تنطق بالسخط ، حركات أيديهم ترتفع إلى السماء أمام باب المشفى، مئات الرجال والنساء والشباب والبكاء لغة الجميع، كلمة يتناقلها الجميع قولو حسبنا الله ونعم الوكيل دخلت باب المشفى وكأني أولجت لعالم مختلف للوهلة الأولى، تذكرت هيروشيما الأسرة المنقلبة، الوجوه الملتهبة، الأجساد العارية، الجلود المنسلخة، أصوات المصابين والمسعفين والباحثين عن أولادهم وذويهم تختلط مع بعضها، يمتزج الصراخ بالدعاء.. بالبكاء.. بالرجاء ليصوغ لحناً مقاطعة تتأجج بالدماء.

على باب المشفى أراد المسؤول عدم السماح لي بالدخول، وعندما علم أن ابني من بين المصابين، أذن لي على مضض، دخلت قاعة الإسعاف وأحسست بدورة الزمن تتسارع قد ألقاه في هذا السرير، فلا أجده وانتقل إلى السرير الثاني، أتريث قليلاً، الوجوه مشوية والأيدي مسلوخة والأرجل ملتهبة، تمعنت قليلاً أحادث نفسي "أكيد لن يكون بنفس الجمال ولا بنفس الوضاءة وليس بتلك الضحكة والغمازات التي ميزته طيلة حياته ومنذ ولادته" يقذفني سرير ليتلقاني آخر، يصدمني مصاب ليفزعني آخر وأنا في دوامتي أسرع إلي في أحد الغرف طفل من أقران محمد ليناديني "عمو.. عمو.. هل عرفتني أنا ابن جيرانكم ابن أبو الفدا.. الله يخليك يا عمو خبر أهلي أني موجود في المشفى" أجبته "تكرم عيونك عمو بس هل شاهدت حمودة ابني" صمت محمد فدا وبجانبه أخته وضعت يدها على فمها كأنها تريد أن تخفي شيئاً، وأسرعت بالقول أن أخته بخير تعني ابنتي تسنيم، كان محمد فدا يقف على رجليه والنار تلظى جسمه لا أدري ما الذي كان يسيل في جسمه، هل هي طبقات جلده أم أحاسيسه ومشاعره وآلامه، خرجت من الغرفة لأبحث في أخرى بدأت أشعر أني ابتعدت عن محمد وأنه قد بدأت رحلة الفراق خرجت من باب المشفى وأنا أتلفت يمنة ويسرة أسأل وأتوسل وأستجدي وأنادي عن من سمع اسمه أو شاهد رسمه، سمعت في تلك اللحظات زفرة الموت وشهقة الروح وبحة المتوسلين إلى الله وتضرع المظلومين واستغاثة الملهوفين، سمعت صوت السماء وصدى الألم في جنبات الكون.

في باحة المشفى من طرفه الغربي، شاهدت سيارة "بيك أب" وصوت الناس يتهامسون عن وجود أربعة جثث متفحمة لطفل و3 بنات، اقتربت من تلك السيارة ومعي أخي زياد، كشفت الغطاء عن أول جثة وأسرعت بتغطيتها، لم أتصور أن هذا قد يكون وجه إنسان، الصدمة أكبر من العقل والجريمة أكبر بكثير من المجرم والمصيبة لا يمكن أن تتصور بحواسنا ومنظورنا وعقولنا تمتمت بتلك الكلمات لا أدري أصداءها وأبعادها (الله يكون بعون أهله ويصبر أمه على هذا المنظر).

الجثة الثانية، شاهدت عظم الكتف وجمجمته متفحمة وبقايا ثدي تذكرت معنى القول (لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على بال بشر) بحق ثواني من نظرات ولمحة من البصر حفرت في ذاكرتي ما عجزت عنه عشرات السنين.

خرجت من المشفى مع أخي زياد خالي الوفاص صفر اليدين، أبحث عن ألمي.. أبحث عن وجعي.. أبحث عن جرحي.. عن وجداني.. عن ذاتي.

أمني نفسي أن أجدها بين الأسرة المدماة أو بين الجثث المسجاة.

كان أخي زياد يقود السيارة..خرجت من فمي تلك العبارة بعد شرود وذهول (راح الولد يا زياد).

أجابني زياد "وكّل الله يا أبو محمد"

في تلك اللحظات أحسست أني فقدته، أدركت أن يداي أفلتته، في تلك اللحظات بدأ شريط حياته ينساب أمام دموعي من يوم مولده ولساني يحتسب ويحوقل ودموعي تستجدي صوته ورسمه وهمسه وحسه.

محمد يا ينبوع الحب يا معين الطيب.. محمد يا ضحكة الزمان..

محمد يا براءة الأطفال.. محمد يا فرحة الأيام..

محمد يا هدية السماء.. محمد يا أعذب من كل ماء..

محمد يا فرحي يا حزني يا ألمي يا أنسي يا وحشتي يا شقائي يا سعادتي يا بضعته مني ومن دمي يا صرختي يا حسرتي يا زفرتي..

محمد يا وجداني في الأرض ومعراجي إلى السماء.. يا صدى روحي يا طيف ملائكتي يا صوتي في الأرض ودعائي للسماء..

أناديك يا زين الشباب.. أناديك يا زهرة الحب..

أناديك يا طفلي يا صغيري يا عمري يا دمعتي يا عبرتي يا غصتي وشقائي يا أملي وسعادتي يا حبي وفرحي يا لوعتي يا ضحكتي يا جنوني يا تعقلي يا كبدي

أنادي براءتك.. أنادي شقوتك.. أنادي حماقتك.. أنادي جنونك.. أنادي فرحتك.. أنادي حماقتك..

في غمرة الآلام وزفرات الموت شعرت بطيفه حولي يسمعني ويناديني ويشاركني أحزاني وآلامي.

نبضات قلبه تطرق أذني، همسات روحه تداعب عيني، صدى ضحكته يتردد في جنبات الطريق، حركاته نظراته كلماته تتقاذفني من كل صوب.

بدأت رحلة البحث عن الذات، البحث عن أجزائك المبعثرة، البحث عن سكناتك الضائعة عن أحاسيسك الهاربة ومشاعرك التائهة، اركض خلفها ألهث وراءها استجدي خيوطها المتفلتة من مشفى إلى مشفى ومن سرير إلى سرير ومن طبيب إلى طبيب، اسأل الحجر، اسأل الشجر، اسأل القمر، اسأل السماء وأسأل النجوم وقبل كل شيء أسأل الله أن يلهمني الرشاد وأسأل الله ألا أسقط في دوامة الضياع.

 الرابط:
قراءة 2210 مرات آخر تعديل على الإثنين, 13 تموز/يوليو 2015 09:27

أضف تعليق


كود امني
تحديث