قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 26 تموز/يوليو 2012 11:01

النهضة بنت الحرية

كتبه 

 

فى عصر يلعب فيه المسلمون أسوأ الأدوار و هذا من جراء إعراضهم و إبطالهم 


للمهام التى أوكلت لهم بموجب تكليفهم بمهمة الإستخلاف، عملية التموقع فى نظام دولى  متدافع إلي أبعد الحدود يتطلب مجهود ضخم و مركز.

فما يسمي بالربيع العربي أربك خطط الأعداء كما الأصدقاء و غدي هم النخب العربية و المسلمة منصب علي كيفية توظيف إيجابيات هذا الإنفجار الشعبي السلمي و الحضاري لملايين كانوا يخالونها صامتة متخاذلة لامبالية!!

هذا و من جهة اخري إنكب خبراء و واضعي الإستراتيجيات في مراكز الدراسات الجيوسياسية في موسكو و واشنطن علي السواء ليفكوا شفرة هذا الربيع الغير المتوقع و الذي أخلط أوراقهم إلي درجة أصبح الكل متخوف من إنعكاساته علي قضايا حيوية جدا بالنسبة للعالم كالنفط و القواعد العسكرية و ما يسمي بالسلام في منطقة الشرق الأوسط و الريادة الحضارية خاصة أن العالم الغربي يعرف حاليا إنكماش إقتصادي رهيب و ازمة ديون مرعبة!!

فنحن نري  بأن الحرية التي نتجت عن تحرك شعبي ضخم لمحاصرة المستبدين و الفاسدين خلقت حالة فريدة من نوعها، بات كل فرد و جماعة أحرارا في تقديم مطالبهم و تصور مصير متلازم مع شرط الحرية، لأن الحرية كافلة لكرامة الإنسان و هذا ما أسس له الإسلام كدين يكرم في الإنسان ذكاءه قبل كل شيء و لا يتاح للإنسان إعمال فكره دون تمتعه بهامش من الحرية و هذا الهامش الذي كان محروما منه لعقود و منذ جلاء القوات العسكرية الإستدمارية الغربية عن أراضيه ها هو يستعيده عن جدارة من خلال حركة عفوية لم تقودها نخبة أو قائد!!

فهل لنا أن نمعن النظر في مسببات هذا الربيع العربي ؟

لا، لسنا مطالبين بذلك لأننا جميعا نعلم و بصفة عامة ما هي الأسباب التي أدت إلي إسقاط بن علي، مبارك القذافي، عبد الله صالح، و قريبا الأسد و قائمة المستبدين مفتوحة طبعا. ما نود مناقشته، هو ما يلي :

هل الحرية التي تولدت عن إرادة شعبية واعية من المحيط إلي الخليج، تسمح لنا بتحقيق أهم مطلب و هو الإستقلال الحضاري ؟


هل الحرية التي ننعم بها اليوم بفضل تضحيات ملايين علي مدي عقود من الزمن إن لم نقل مئات من السنين، تضمن لنا صيرورة صحيحة للإتجاه الحالي الذي بدأ يتبلور في أذهان البسطاء و الخاصة علي السواء ؟

نحن كنا نناقش ما أثاره بذكاء المفكر الراحل مالك بن نبي رحمه الله، كيف السبيل إلي إستعادة الزخم الحضاري لنعيد بناء صرح الذات الحضارية المسلمة ؟

فهل ما توصلنا إليه من خلال الربيع العربي هو الهدف المنشود أو ما هو إلا بداية محتشمة لكنها أكيدة لإسترجاع زمام المبادرة من الشركاء الكونيين كي نضيف إلي ما هو قائم تلك اللبنة التي تحدد سلامة التوجه الحضاري ؟

نحن علي يقين بأننا نعيش توقيت فريد غير قابل للتكرار لأننا في الوقت الحالي نعيش علي وقع التغيير، ذلك التغيير الذي وضع له شروط صارمة مالك بن نبي رحمه الله و تلك الشروط تستمد من صرامتها ثبات سنة التغيير لدي حضارة الإسلام، فقد آن الآوان لنستلم دفة تصحيح الأوضاع و هذا ما يعترف به حتي الأعداء و علي مضض.

و قد بين المستشرق الأمريكي المنصف الدكتور جون ل. إزبوزيتو حقيقة مخاوف الغرب المؤسساتي قائلا:

 

:" إستنادا الى  عدد كبير من المعلقين الغربيين : الإسلام و الغرب فى نزاع  مستمر. و بالنسبة لهم  يمثل الإسلام ثلاث تهديدات خطيرة : سياسية، حضارية و ديموغرافية. و تصور المواجهة أحيانا كثيرة على أنها صدام حضارات."[1]

بقدر ما اثبتت أحداث 11 سبتمبر 2001 سذاجة تفكير مدبروها و قلة حيلتهم و إجرامهم هذا إذا ما فعلا كان بن لادن و جماعته خلف هذه الإعتداءات بقدر ما أكد الربيع العربي لكل المنافسين الدوليين أن المستقبل للإسلام و المسلمين إنطلاقا من هذا التصور الذي يوافقه نعوم شاومسكي:" 19 ديسمبر 2010 تاريخ إندلاع أحداث بن بوزيد في تونس أظهر عنفوان شعوب عربية إعتقدنا خطأ، أن روحها العظيمة ماتت بفعل ضربات الإستبداد الموجعة و الهيمنة القاهرة التي مارسناها عليها علي مدي قرون."


فالعالم اليوم من كراكاس إلي واشنطن إلي باريس مرورا ببروكسل و برلين و موسكو و طوكيو و بيجين يعلم أن ساعة الحساب قد دقت لم تدق كما سينفخ في الصور يوم القيامة و إنما صفحة غلبة الجنس الأبيض كما وصفها صاموءيل هاتنغتون قد طويت و بدأت صفحة جديدة يرسم معالمها ملايين من المجهولين في تونس و القاهرة و صنعاء و الرياض إلخ...

فقناعة الغرب المؤسساتي تأكدت بأن هيمنته علي وشك التلاشي في عالم متدافع، فأن تتجه وكالة الإستخبارات الأمريكية إلي رسم معالم عالم إفتراضي تكون فيه الولايات المتحدة الأمريكية قد أصبحت دولة عادية ككل الدول بدون نفوذ أو قوة جبارة هذا دليل ساطع آخر عن بدايات الإستعداد لدي العواصم الكبري في قبول بالترتيب الجديد الذي فرضته إرادة الشعوب المنتفضة.

 نحن نمتلك العوامل الرئيسية المؤسسة للحضارة، و ما علينا إلا إعتمادها و الإنطلاق من الإنسان المعنى الأول و الأخير بفعل البناء الحضارى. إستعمال الخامات و المواهب و الأفكار المطروحة فى أرض الواقع هذه خطوة الذهاب إليها بداية و ما سوف يتبعها دراسة، إستغلال ذكى، إعتماد الأولويات و إحترام السياق العام لعملية التنمية،  كل هذا لا يتم اعتباطا، بل هو نتاج تصور شمولى يأخذ فى الحسبان الممكنات و الوقائع و عامل الزمن. و هذا ما بدأنا نراه يتجلي في الثورات الشعبية هنا و هناك، لا نريد لهذه الثورات أن تغرق في تفاصيل إجراءية كما هو الحال الآن في مصر، فالجدل علي أشده هناك فيما يخص صلاحيات مؤسسات الدولة المتنازع عليها، بينما تلح الحاجة علي الجميع لمراعاة سلم أولويات و أولها تلبية مطالب شعبية بسيطة، كالإقتصاص للمظلومين و هذا ممكن في وجود قوانين صارمة و ليست في حاجة إلي تجديد أو إثراء.

نحن قلنا بأن المعني بأمر النهضة و التحول الحضاري هو الإنسان لأنه الرأسمال الحقيقي و الثابت الذي لا يزول إلا بطي السجل، فكيف بنا نذهب إلي قضايا ملها الناس و قد نفذ صبرهم ؟؟؟

 

فيما مضي كان وضعنا كما يلي :

أهمل العالم الإسلامى التجارب الخاصة بنسقه التاريخى، وانصب إهتمامه فى مجرى آخر خارج الإطار الذى حددته ملابسات الواقع و ظروفه، أراد أن يخضع ما هو كائن الى نموذج من التطور القسرى الذى لا يتلاءم و قيمه و مرجعيته الدينية باعتبار أن الإسلام دين يقنن لحياة الفرد و الجماعة بشكل شامل و حكيم. و هذا التعاطى تم بتجاهل العوامل و الشروط التى يفرضها الظرف التاريخى القائم. فالحضارة ليست وليدة ظروف إستثنائية بل هى خلاصة سياق تاريخى، فالأطوار التى تمر بها مناطق و بلدان و مجتمعات تخلق بشكل إرادى حركية حضارية تتيح لأبناءها العمل و اعتماد أسلوب حياة  تنتج عنه حركة علمية نشطة.  لا تتوفر قدرة الخلق و الإبداع  فى مناخ يحكمه التواكل و الكسل و اللامبالاة و التبلد العقلى أو الرداءة و الإنحلال و الإستبداد، فكلما تتقلص مساحة الحرية، و يتمدد الجهل وتستبد الأهواء فى قضايا السياسة و الإجتماع و الإقتصاد و تفتقر المجموعة الإنسانية الى ثقة فى قدراتها الذاتية، كلما تتناقص حظوظ ذلك المجتمع فى النهوض حضاريا. 

 

بينما يقضى التصور الإسلامى للوجود بأن الإنسان مخلوق لتأدية رسالة و هذه الرسالة لها شقين شق مرتبط بالواقع الدنيوى المحسوس و شق آخروى يحدد مصير الإنسان بعد موته. لم يرسخ دين أو أى معتقد وضعى هذا المفهوم كما فعل الإسلام الدين الكامل المكتمل. فالإسلام راعى أول ما راعى  ميل الإنسان الفطرى الى الخير و الفضيلة، فرسخ هذا الميل فى ذات العبد عبر منظومة تشريعية تحقق للمسلم طموحه فى التوصل الى تحقيق المجتمع المثالى الذى لطالما شكل إحدى أهم المواضيع الفلسفية منذ القدم أى منذ أفلاطون الإغريقى و سنيك القرطبى الرومانى الى  إبن رشد الأندلسى، جمال الدين الأفغانى، و مالك بن نبى المسلمين رحمهم الله جميعا. فإيجاد المجتمع المسلم المثالى إمكانية مطروحة أتاحها الدين الإسلامى لأتباعه بتزويدهم بمجموعة كاملة من القوانين و الأدوات و المعايير الأخلاقية التى تمكنهم - على خلاف تجارب الحضارات اليهودية المسيحية و البوذية مثلا - من التحرك فى واقع معلوم دون التصادم معه و تغييره تدريجيا باحترام سنن إلهية و كونية. و أشدد هنا على مسألة عدم التصادم، فحتى و إن كان واقع الأمة الإسلامية  واقعا مهزوما و متخلفا فهو قابل للتغيير كما رأينا في الأعلي و التغيير هذا بإمكانه أن يحصل دون صدام عنيف بما هو كائن على أرض الواقع، و الدليل على ذلك ما أقره مفكرنا الإسلامى الفذ من حوالى نصف قرن " ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد الى هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعى.  و فى كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست فى أن نبرهن للمسلم على وجود الله بقدر ما هى فى أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة." هنا فى هذه الفقرة الإعجازية لخص خير تلخيص ما نحن مطالبين به كمسلمين و وطنيين  و فى رأى المتواضع هذه المهمة ليست بمستحيلة فى بيئة مسلمة جزائرية تنعم بالحرية  رغم أنها تشكو جميع أعراض التخلف و الإنحطاط، فالحرية هى الضمانة التى تتيح للمفكرين و العلماء المسلمين النهوض بهذه المهمة.                               

             لهذا و كون الحرية أصبحت مطلبا شعبيا مكرسا في الواقع بقوة إرادة الشعوب علينا بتحديد هذه الرؤية :

شرط النهضة الحرية أي أن بذرة النهضة هي الحرية و الضامن للحرية هو الشعب و الضامن للشعب هو حريته.

هكذا نكون قد رسخنا مفهوم تلازم شرط الحرية بالنهوض الحضاري لأمتنا و بما أننا نعيش إرهاصات عالم عربي إسلامي مغاير للنموذج الذي كان سائدا، علينا بفهم جيدا المعضلة المطروحة أمامنا اليوم :

هل هذا التغيير الذي نشهده علي أهم المستويات يبشر حقا بصحوة وعي عامة ؟ و هل مثل هذه الصحوة ستؤدي لا محالة إلي فعل التغيير الذي ننشده في فضاءنا ؟ و هل التغيير سيرتكز علي العوامل التي أبدع في توصيفها المفكر الراحل مالك بن نبي بحيث يصبح فعل التغيير ذاته محرك لعجلة الحضارة إنطلاقا من زخم الأفكار التي تتولد في أجواء من الحرية ؟

المخول وحده علي الرد علي مثل هذه الأسئلة هي الشعوب بالدرجة الأولي. فأهم عنصر إستقلال بالنسبة لسيادة قرار الدول و الشعوب علي السواء يبقي في زمن العولمة الشاملة هو الإقتصاد و قوته و مناعته. فتحقيق مطلب النهوض الحضاري بربط المجال الإقتصادي بشروط الحرية و التنمية، نعده ضمان للتغيير المرغوب فيه و في نفس الوقت وسيلة تحرر كبيرة جدا في ايدي الشعوب و حكوماتها المنبثقة من صناديق الإقتراع. و نحن رأينا كيف أن مطالب هذه الأخيرة في الآونة الأخيرة تمحورت حول أساسيات العيش الكريم في دول ترزح تحت وطأة تبعية إقتصاداتها إلي دائنيها و المستثمرين و شركاتهم العابرة للقارات.

لهذا يتعين علي النخب المسلمة أن ترتفع إلي مستوي مسؤولياتها بسد الفجوة بين الشارع و قياداته و إيصال صوتها إلي من يهمهم الأمر، فلا شك أن زعماء الشعوب حاليا جاؤوا من رحم الثورات الشعبية لكن بين الإنطلاق من الواقع و العمل في إطار النظام السياسي المتآكل و الذي خلف واقعا لم يطلع بعد عنه رجل الشارع، سيعقد مهمة القائمين علي التغيير خاصة في ميدان السياسة.

       

         إلا أن ما خبرناه حديثا عبر الإنتفاضات الشعبية يؤكد لنا أن التغيير حتمية و أن التعاطي مع هذا المبدأ سيكون وفق ظروف و إمكانات و إرادات و وعي الشعوب و نخبها، لهذا يتعين علينا تثبيت ثابت الحرية الملازمة للنهضة كشرط حيوي يصح التحرك أو يبطل بإنعدامه. و الإقرار بضرورة ربط الحرية بإرادة التغيير هو المفتاح الذي ضمن لشعوب و حضارات أخري أن تعتلي منصة الريادة الحضارية و ها أن دورنا قد حان خاصة أننا سنستعيد ما ضاع منا و ما أنتزع منا ظلما و عدوانا. فلننظر ما سوف تأتي به الأيام و السنوات القادمة و لنلتزم الحذر، فالمعركة في بداياتها و الأعداء التقليديين لن يستسلموا بسهولة. صاحب النفس الطويلة هو المنتصر في النهاية و ليس هذا ما ينقصنا و لله الحمد.

 

 

 



جون.ل.إزبسبوزيتو من كتابه " التهديد الإسلامى هل هو أسطورة أم حقيقة ؟ "  طبعة 1995 دار نشر أوكسفود .                 [1][1]

قراءة 2949 مرات آخر تعديل على الإثنين, 22 حزيران/يونيو 2015 20:01
عفــــاف عنيبـــــة

أديبة روائية إسلامية أحرر ركنا قارا في الصحافة المستقلة منذ 1994 في الصحف التالية: أسبوعية الوجه الآخر، الحقيقة، العالم السياسي، كواليس و أخيرا البصائر لسان "حال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين."

أضف تعليق


كود امني
تحديث