قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الإثنين, 21 أيار 2012 08:06

صف لي القدس يا أبي

كتبه 

 

من زمن بعيد جدا سألت والدي رحمه الله :

 - صف لي القدس من فضلك يا أبي ؟


فرد علي رحمه الله، قائلا:

-لم أزرها في حياتي يا إبنتي  و عرفتها في معجزة الإسراء و المعراج عبر سيرة رسول الهدي محمد صلي الله عليه و سلم و إن شئت سأصفها لك كما تعرفت عليها من مطالعاتي.

 ثم سكت فقلت له محفزة :

- ها بابا أنتظر وصفك. فأبتسم لي إبتسامة عريضة و قال :

- القدس هي مسجد المليار و نصف المليار المسلم عبر العالم إنها مسجد كبير بكبر مدينة كبيرة مستلقية علي علي تلال و مروج خضراء. لماذا

 مسجد لأنها كانت أولي القبلتين، فإليها كان المسلمون الأوائل يتجهون في صلاتهم و بعدها وقع إختيار الله علي مكة الأقرب إلي مسلمي قريش و المدينة و بقت القدس ثالث الحرمين الشريفين و أحتفظت في ذاكرة الأنبياء الكرام عليه السلام بطابعها المقدس الطاهر النقي.

هناك فوق تلك الأرض التي تحمل عمران القدس و أساسات المسجد الأقصي يشعر المرء أنه أقرب إلي السماء السابعة من أي بقعة أخري فوق الأرض. هناك يجتمع تراث اليهودية و المسيحية و الإسلام التراث الحقيقي الأصيل الذي لم تمسه يد التحريف، في تلك الأرض مشي الأنبياء من سيدنا إبراهيم إلي سيدنا محمد عليهم الصلاة و السلام و هناك و أمام حائط المسجد،  وقف حصان  البراق المجنح معجزة الله و أخذ علي ظهره رسولنا محمد صلوات الله عليه و علي آله و سلم و طار به معرجا إلي السماء السابعة. تصوري إبنتي حجم و نوعية الإكرام الذي كرم به الله مدينتنا القدس، مدينة الصلاة مدينة سلام الإسلام. فهي فتحت بدون سفك دماء حوصرت من طرف أربعة قادة كلفهم الخليفة الثاني رضوان الله عليه بفتح القدس و هم علي التوالي خالد بن الوليد، أبو عبيدة الجراح، عمر بن العاص و شرحبيل بن حسنة  رضوان الله عليهم جميعا و أتي اليوم الذي وقع فتحها سلميا و سار إليها علي بغلته سيدنا عمر الخليفة الراشد رضوان الله عليه و علي كل الصحابة الكرام. في أرض بيت المقدس و بين أعمدة و أقواس المسجد الأقصي أم رسولنا محمد صلي الله عليه و سلم بكل الأنبياء و الرسل من سيدنا آدم إلي سيدنا المسيح عليهم السلام جميعا  فصلي بهم صلاة الجماعة. يا إبنتي من زار المسجد الأقصي سيروي لك شعوره عندما يضع أول ما يضع قدماه علي أرضية باحة المسجد، إنه شعور لا مثيل له و لا يماثله أي شعور آخر سوي الوقوف أمام الكعبة في الحرم المكي. يشعر المرء أنه واقف فوق غيمة سابحة في فضاء السماء السابعة، فتغمره مشاعر لا مثيل لها من التوق و الشوق لله الحق الواحد الأحد. بيت المقدس هي أرض طاهرة بني فيها سيدنا إبراهيم بمعية إبنه إسحاق عليهما السلام المسجد الأقصي و هذا بعد أربعين سنة من بناءه بمعية سيدنا إسماعيل عليهما السلام الكعبة في م

كة، فترين أن الأنبياء الكبار و علي رأسهم سيدنا إبراهيم شرفوا بيت المقدس بمكوثهم فيها و نشرهم لرسالة الإسلام في ربوع الشام و في زقاق بيت المقدس تجول سيدنا عيسي عارضا رسالته علي بني إسرائيل المشككين المغضوب عليهم، فآمن من آمن من أهل المدينة المقدسة برسالة عيسي و كانت له جولات مع حواريه و فيها أنزل الله المائدة المعجزة الحية و أكل من فوقها حواريه و رغما من ذلك كفروا و استحقوا الجزاء المذكور في الآية القرآنية 115 من سورة المائدة:"قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم، فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين..."

 فتلك الأرض تحوي كل جميل كل طاهر  كل ما هو سامي و كل ما هو توحيد و قد دنسها الصليبيون عند إجتياحهم لها محولين، أنهارها إلي شلالات حمراء من دماء شهداءها من السكان المسلمين و عاثوا فيها فسادا و قتلوا حتي الذميين من أهل ديانتهم القاطنين بها و تدور دورة الحياة و بعد ثمانون سنة من الإحتلال الصليبي  و ولادة جيلين من المسلمين  و القدس في الأسر سخر الله لها رجلا مسلما كرديا  السلطان صلاح الدين الأيوبي حررها  بفضل حنكته و بقوة السيف و أعاد للمدينة بهاءها و سكينتها و رونقها كمدينة سماوية. و عرفت المدينة بدورها أيام عزة المسلمين و أيام ضعفهم.

 فأعلمي يا عفاف أنه في 1835 أسس الطالب اليهودي موريتز في براغ جمعية تعني بعودة اليهود إلى فلسطين.

وفي 1847 كتب دي إسرائيلي كتابا بعنوان "تانكريد"، داعيا فيه إلى حكم ديني يهودي مسيحي على العالم كله.

وفي 1853 كتب اللورد شايفتسبوري وهو بروتستانتي :" سوريا هي أرض بلا أمة يجب أن تعطى لأمة بدون أرض وهو شعب الله الذي اختاره الرب."

في 1861 بني أول حي يهودي "مشيكنوت شعنانيم" خارج أسوار القدس.

في 1862 نشر موسي هيس كتاب " روما القدس".

في 1870 أسس ميكفي إسرائيل أول مدرسة فلاحية يهودية في يافا. وهكذا مضت الحركة الصهيونية في نشاطها من أجل الاستيلاء عبر خطوات عملية على الأرض من هجرة وبناء وجود حضاري للمهاجرين اليهود في فلسطين والقدس، حتي دخلها الجنرال إدموند ألنبي في 9 ديسمبر في 1917 أي في نهايات الحرب العالمية الأولي و منذ ذلك التاريخ الحزين، ضاعت منا القدس فهي لم تسقط بين أيدي العدو الصهيوني في جوان 1967 بل قبل ذلك التاريخ بخمسين سنة. فالمسلمون لم يحسنوا المحافظة عليها بالحفاظ علي مجموع الأرض التي تحتوي مساحتها و أضاعوا بعد 1948 و قبل هذا التاريخ فلسطين. ففلسطين ترتبط عضويا بوجود القدس، فالأنظمة العربية لم تكن علي قلب رجل واحد قبل 1948 و بعده و لم يحسنوا التصرف عندما صدر التقسيم في 1947 في الأمم المتحدة فهم عوض أن يأخذوا الجزء الذي أسند للفلسطينيين و حاولوا إسترداد البقية بكل الوسائل المتاحة رفضوا جملة و تفصيلا قرار التقسيم الجائر و دخلوا في حرب مع العدو الصهيوني و هم متفرقين لا توحدهم إستراتيجية حرب واحدة موحدة و النتيجة كانت منطقية : ضاعت فلسطين و معها القدس بيت السلام و الصلاة.

نحن عام بعد عام نبتعد عن القدس و عن واجب إستردادها  بإعتبار أننا أمة متفرقة مشتتة متنافرة تخلت عن دينها و عن شرعها و عن سنة نبيها محمد صلي الله عليه و سلم و أما أن نقيم مناسبات لتذكرها، فهذا لن يجدي نفعا! لأن العدو في القدس هود شوارعها و قراها و سورها و يستعد للإطاحة بأساسات المسجد الأقصي، فتري ماذا نحن فاعلون و شعوبنا المسلمة ترزح تحت نير الإستبداد المحلي بإيعاز من قوي الإستكبار الكافرة ؟

متي ستفهم شعوبنا و نخبنا بأنه آن الآوان لنسترد إحترامنا لأنفسنا، فنكافح سلميا حتي نفوز بأنظمة عادلة، فلا نخاف السجون و لا التضحيات


سكت أبي فنظرت له و أنا أشعر بأنني بين جنبات القدس:
 ، للحرية و الكرامة و العدل ثمن يا إبنتي، علينا بدفعه لتعود إلينا القدس و فلسطين.

- أتدري أبي، متي سنستعيد القدس ؟

- لا ،لا أدري يا إبنتي فالأمر في علم الغيب.

- بلي أنا أعرف متي ستعود إلينا القدس.

بهت والدي رحمه الله و سارع في سؤالي :

- طيب متي يا إبنتي ؟

- في اليوم الذي سنكون بقوة و تطور العدو، سنسترجع فلسطين و هذا لن يحدث اليوم أبي، أظن أنه سيستغرق وقتا طويلا. أجبته بصوت حزين.

فأخذني بين يديه و ربت علي كتفي، قائلا:

- لا يهم متي عفاف، المهم أن ذلك اليوم سيعيشه أحفاد أحفادنا، إن شاء الله.

قراءة 3000 مرات آخر تعديل على الإثنين, 05 تشرين2/نوفمبر 2018 14:59
عفــــاف عنيبـــــة

أديبة روائية إسلامية أحرر ركنا قارا في الصحافة المستقلة منذ 1994 في الصحف التالية: أسبوعية الوجه الآخر، الحقيقة، العالم السياسي، كواليس و أخيرا البصائر لسان "حال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين."

أضف تعليق


كود امني
تحديث